بيت لحم- معا- " زاغت اعين قادتنا من فرط ما اهتموا بتافه الامر ونافلة القول والعمل عن رؤية الخطر الشامل الذي يواجه دولة اسرائيل ويقف ليس بعيدا عن ارنبة انوفهم فكل من يحمل في رأسه عينيين وعلى معرفة اساسية بالعمليات والتغيرات التاريخية وخصائص الشرق الاوسط لا يمكن سوى أن يشعر بشديد القلق من مستوى الغطرسة والتكبر التي يظهرها اصحاب القرار " استهل رئيس الموساد خلال الفترة الزمنية 1986 – 1996 وخريج جامعة تل ابيب في علوم الشرق واللغة العربية ودراسة استكملها في جامعة هارفرد " شبتاي شافيت " مقالته المنشورة اليوم " الاحد " على موقع "هأرتس" الالكتروني الناطق بالعبرية قال فيه :
لم يعد الشرق الاوسط الذي رسمت معاهدة سايكس- بيكو حدوده عام 1916 قائما وتجري مكانه عملية تاريخية ديناميكية جديدة يشارك فيها الكثير من اللاعبين المحليين والاقليميين والدوليين وستحدد نتائجها للحدود المستقبلية الجديدة في المنطقة .
وينشط كل لاعب من هؤلاء ضمن العملية التاريخية الجارية للحفاظ على مصالحه الحيوية باستثناء اسرائيل وهي اللاعب الوحيد الذي لم يندمج بالعملية التاريخية التي باتت تكتسي لحما وجلدا امام اعيننا .
تبنت الحكومة الاسرائيلية سياسة علنية تقول بعدم التدخل فيما يجري في الشرق الاوسط من خلال اعتقاد قائم على امكانية اجتياز اسرائيل كل ما يجري في المنطقة دون ان يمسها ضرر او سوء بل هناك من يعتقدون بان اسرائيل ستخرج من هذه اللعبة اقوى واشد عزيمة.
اللاعبون الاساسيين في الميدان:
روسيا- كانت ولا زالت معادية لإسرائيل ومن البديهي أن تبقى كذلك في المستقبل وكل ما يسعى اليه فلاديمير بوتين منذ ان اعتلى منصب رئاسة روسيا اعادته كقوة عظمى كما كانت سابقا تتعامل معها الولايات المتحدة على هذا الاساس .
قال يفغيني بريماكوف الذي وقف في الفترة ما بين 1990 – 1991 على رأس جهاز المخابرات السوفيتية كي-جي بي لكاتب هذه اسطور "ارجوك ابلغ زعماء بلادك وقولهم بان روسيا كانت دولة عظمى وتمتلك كل مقدرات الدول العظمى وكل ما يؤهلها للعودة كدولة عظمى وهي ستعود دولة عظمى " في هذه الفترة كانت رفوف المحال التجارية في موسكو خالية من البضائع وباع سكان المدينة ادواتهم المنزلية وملابسهم لتوفير النقود التي تمكنهم من شراء الخبز .
ووسعت روسيا منذ تلك الايام الفترة نطاق سيطرتها في منطقة القوقاز وإعادة سيطرتها على شبه جزيرة القرم، وزحفت نحو السيطرة على اجزاء واسعة من اوكرانيا، واستأجرت لمدة 49 عاما قاعدة بحرية وأخرى جوية في سوريا التي تمتلك فيها ايضا بنية استخبارية الالكترونية وفضائية وبشرية كبيرة .
يوجد تنسيق جوي بين اسرائيل وروسيا لكن اهم نتيجة فعليه لهذا التنسيق فقدان سلاح الجو الاسرائيلي حرية التحليق والعمل في الاجواء السورية وبات مكشوفا للمخاطر والتهديد في اجواء لبنان وسوريا على حد السواء .
تاريخيا، كانت روسيا معادية لايران، لكنها تحولت مؤخرا الى حليفتها على الاقل فيما يتعلق بالساحة الشرق اوسطية .
ووفقا للمنطق الذي بنيت عليه الاستراتيجية الروسية، طالما استمرت امريكا برفضها الاعتراف بروسيا كقوة عظمى متساوية معها في الموقع والمكانة ستعمل روسيا كل شيء ممكن للوصول الى هذه المكانة بقواها الذاتية، ولن تستثني اية وسيلة او امكانية للوصول الى اهدافها .
ايران- لم تتراجع ايران عن تطلعاتها امتلاك اسلحة نووية وتعمل على تطوير كل مكون من مكونات القدرات الامنية لم يتطرق له الاتفاق النووي الذي وقعته مع الدول العظمى .
وحسب اعتقادي واستنادا لمعرفتي العميقة بالإيرانيين، فإنهم يخرقون الان الاتفاق النووي بشكل سري في كل نقطة يعتقدون بان القوى العظمي يمكنها ان تستوعبها وتهضم خرقها. ايران نووية تشكل خطرا وجوديا على اسرائيل فهل يمكن العيش مع "اصبع الله " على زناد السلاح النووي ؟
لقد نجحت ايران بتحويل العراق الى جزء من دائرة نفوذها وتأثيرها حيث يسيطر الاسلام السياسي الشيعي على الدولتين ويوجد لإيران وجود وتواجد فعلي كثيف على الاراضي العراقية بما في ذلك وحدات عسكرية وأخرى تابعة للحرس الثوري والكثير من المستشارين العسكريين وما حزب الله سوى كتيبة عسكرية ايرانية منتشرة على طول الحدود الاسرائيلية الشمالية وتملك صواريخ قذائف صاروخية تهدد كل انحاء اسرائيل .
هناك تحالف ايراني روسي في سوريا وخارجها ما يعني اننا بتنا الان نعيش في ظل ومقابل "الهلال الشيعي " الذي خلق تواصلا جغرافيا ايرانيا من حدود ايران الغربية الى لبنان عبر العراق وسوريا.
تركيا- تركيا دولة ذات نظام حكم اسلامي معادي لا يمكن الوثوق به ويأمل رئيسه اوردغان بإعادة ايام الامبراطورية العثمانية وقد نجح بتحويل تركيا الى نظام رئاسي وتقييد و "خصي" كل القيود والحدود والتوازنات السياسية التي كانت قائمة في تركيا سابقا وينظر الى تركيا كقوة اقليمية لا تقل شأنا عن ايران لهذا يجب ان نضيف شيئا هاما هو ان الفضاء السني في الشرق الاوسط من الناحية العددية اكبر بما لا يمكن مقارنته مع افضاء الشيعي لذلك يرى اوردغان بان من حقه ان يتبوأ مكانة اعلى او المكانة الاعلى .
اوروبا- رغم كل الصعاب التي تعيشها وتواجهها فان هذه القارة لم تغير موقفها المعادي لإسرائيل خاصة فيما يتعلق بالموقف من الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني والاحتلال .
الصين- تنظر الى اسرائيل على انها مجرد مشروع للتكنولوجيا المتقدة "هاي تيك " معروضا للبيع وهي "الصين " تنفذ رؤيتها هذه بهدوء وبشكل تدريجي واثق . فحسب وجهة نظري واعتقادي لم يحدد صانعو القرار عندنا "الاسرائيليين " الاشياء التي لا يمكن بيعها للصين .
الولايات المتحدة الامريكية- الاخيرة في القائمة لكنها الاولى من حيث اهميتها . اذا اعتقدت ان الرئيس ترامب سينفذ كل ما يتعلق برسالته الخاصة بالعمل الجاد لإنقاذ اسرائيل من نفسها فان هذا الاعتقاد تبخر ولم يعد موجودا لدي بعدما شاهدته من زيارة ترامب الى السعودية وأوروبا .
وفقد ظهر ان مفتاح ترامب لبناء رؤيته للأمور يمر عبر "ثقب القرش " فيمكن ان يلقي بأوروبا التي تعتبر اهم حليف للولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الاولى وكذلك الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو في مهب الريح لأنهم لم يدفعوا الاموال لهذا فهو يرى السعودية المستعدة لتوقيع اتفاقيات سلاح خيالية مع الولد الجيد في الحي ، والنتيجة هنا واضحة هي يجب عدم الثقة والاعتماد على ترامب.
القول ان اسرائيل وأمريكا حليفتان تاريخيتان والى الابد لم تعد مقولة قابلة للتنفيذ والتطبيق طالما بقي في البيت الابيض رجلا متقلبا وغير متوقع لذلك فان اسؤال الان والى الابد : اذا هدد بوتين وعلى ضوء طريقة الانتشار الامريكية باستهداف كل طائرة اسرائيلية تحاول تدمير ارساليات السلاح المتجهه الى حزب الله هل سيواصل سلاح الجو الاسرائيلي هجماته ؟؟
يمكن الخلوص من كل ما سبق الى نتيجة مفادها ان سيل واتجاه التهديدات التي تواجهها اسرائيل تسير نحو الارتفاع بسبب عدم امتلاك اسرائيل اية سيطرة او ادوات تؤثر من خلالها على هذه التهديدات والاستقطاب السياسي الداخلي يزيد من وتيرة ارتفاع مستوى التهديد فاذا تواصلت الحالة السائدة ما بين اليمين الذي انتصر في معركة الصراع والاحتلال واليسار الاخذ بالضعف والتلاشي حتى نهاية ولاية ترامب فإننا سنعود الى نقطة الضياع التي سبقت حرب الايام الستة 1967 وخطر استخدام اسلحة استراتيجية .
ولإيضاح ذلك اليكم سيناريوهين مختصرين الاول يتحدث عن تحقيق تسوية سلمية والثاني عبارة عن سيناريو " يوم القيامة " .
تقف مبادرة السلام العربية المطروحة من عام 2002 في صلب السيناريو الاول وتشكل قاعدة للمفاوضات حيث يمكن للولايات المتحدة واسرائيل ان تتوصلا سرا الى تفاهات على اساس المبادرة العربية حتى وان بقيت خلافات بين الطرفين وهنا ستجند امريكا دعما سعوديا واردنيا ومصريا خليجيا "مع احتمال دعم المغرب وتونس " .
وسيتولى "محور الاعتدال" قيادة السعودية عملية تسويق وشرح الاتفاق واقناع او فرض التفاهمات المذكورة على الرئيس ابو مازن "تذكروا كيف اهان الرئيس المصري السابق حسني مبارك ياسر عرفات على الهواء مباشرة حين حاول الامتناع عن توقيع اتفاق القاهرة عام 1994 حين قال له وقع يا...." والحديث هنا لكاتب هذه السطور .
وعلى ضوء الخيار الثاني "يوم القيامة " سيضم نتنياهو المعسكر الصهيوني وأحزابا اخرى مؤيدة لحل الدولتين الى حكومته وفي مرحة ثانية يلتقي الاسرائيليون والفلسطينيون سرا للعمل على تفاصيل الاتفاق النهائي وسيجري ذلك بمرافقة ومتابعة امريكا ومعسكر "الاعتدال ".
وفي السيناريو الثاني ستواصل حكومة اسرائيل زحفها نحو اليمين وستواصل تطوير المستوطنات وستطبق قانونها تدريجيا وبشكل زاحف على الضفة الغربية متجهة نحو ضمها وهنا ستظهر اسرائيل كدولة تمييز عنصري "ابرتهايد " تدار وفقا لنظام العقوبات والمقاطعة وسيتصاعد التهديد العسكري وستتصاعد العمليات " الارهابية " من الضفة الغربية وغزة مندفعة ومعززة بعمليات تهريب اسلحة ايرانية وأخرى من حزب الله فيما تهدد روسيا اسرائيل باستهداف طائراتها اذا حلقت في الاجواء اللبنانية والسورية وتسارع ايران الى الاعلان عن استئنافها عمليات تخصيب اليورانيوم وتقوم سرا بإرسال مستشارين عسكريين الى غزة لدعم حماس وهنا تصرخ اسرائيل طالبة العون الامريكي وهنا يخبر ترامب رئيس وزراء اسرائيل بانه يتعامل مع الصراع تماما مثل الصفقة العقارية وان تجربته في هذا المجال اظهرت عدم وجود أي صفقة لا يمكن ابرامها وهنا يشترط ترامب تدخل امريكا للجم روسيا وإيران باستعداد اسرائيل الى الانسحاب حتى حدود 1967 وموافقتها على اقامة دولة فلسطينية .
يمارس اصحاب الرؤس الساخنة من القوى اليمينية ضغوط شديدة على رئيس الوزراء كي يجهز صواريخ ارض – ارض الاستراتيجية التي تملكها اسرائيل ".