الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

"أمان" و"مدار" يعقدان ندوة حول السياسة ورأس المال والفساد في إسرائيل

نشر بتاريخ: 11/07/2017 ( آخر تحديث: 11/07/2017 الساعة: 17:51 )
"أمان" و"مدار" يعقدان ندوة حول السياسة ورأس المال والفساد في إسرائيل
رام الله- معا- عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان والمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار ندوة بعنوان "السياسة ورأس المال والفساد في إسرائيل" بهدف تعميق فهم ميكانزمات عمل النظام الإسرائيلي وتأثير "الحيتان الكبيرة" على الساحة الإسرائيلية وانعكاسات الفساد الإسرائيلي على المجتمع الفلسطيني، خاصة وأنه قد أصبح واضحا أن اسرائيل تستغل الفساد في الجانب الفلسطيني من اجل ابتزاز بعض المسؤولين والضغط على السلطة الفلسطينية لتحقيق مكاسب ومصالح سياسية.
إسرائيل فاسدة ومُفسدة
مستشار أمان د. عزمي الشعيبي أشار إلى أن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" هو نافذة أساسية لدراسة ما يجري في إسرائيل وتحليله، وأن ائتلاف أمان يرى في الشراكة مع مدار فرصة مهمة للعمل على مشاريع مستقبلية استراتيجية. وأكد الشعيبي على أن أمان يرى في الاحتلال الاسرائيلي ليس فقط شكلا من اشكال الفساد والافساد بل ومعيقا لأية عمليات اصلاح ومكافحة الفساد في المجتمع الفلسطيني. وعلى ضوء التداخل السياسي والاقتصادي ما بين السلطة الفلسطينية والجانب الاسرائيلي وبشكل خاص فيما يتعلق برأس المال في الجانبين يصبح تأثير الفساد الاسرائيلي على المجتمع الفلسطيني أكثر خطورة.
انقلاب استراتيجي في العلاقة بين رأس المال والحكم في إسرائيل
قدم الباحث في مدار برهوم جرايسة مداخلة مستمدة من دراسة اعدها وحدثّها لصالح مركز مدار قبل ثلاث سنوات مركزا فيها على العلاقة بين حيتان المال ومؤسسة الحكم الإسرائيلي، مؤكدا على أن فساد الحكم مرتبط بحجم ما هو متاح داخل النظام السياسي في إشارة إلى أن لا حدود للعلاقة بين فساد الحكم والنخب وحيتان المال. واستعرض الباحث التاريخ الإسرائيلي في الحكم مبيناً ان بداية إسرائيل كانت كجهة مؤسساتية تتكون من أحزاب واضحة باستراتيجياتها وأهدافها وفي ذلك الحين كان اتحاد نقابات العمال يسيطر على حوالي 30% من الاقتصاد الإسرائيلي، وأن الأزمات التي مرت بها إسرائيل عبر العقود منذ السبعينيات قد زادت الوضع سوءاً إلى أن وصل إلى الشعرة التي قصمت ظهر البعير ألا وهي الانتفاضة الأولى عندما فرض حصاراً دولياً فعلياً "اقتصادياً" على إسرائيل وبدأت رؤوس الأموال بالهجرة من إسرائيل، عندها بدأت الأوضاع تتغير في إسرائيل مع وصول رابين للحكم أي في بداية التسعينيات حيث بدأت عملية خلق وضع سياسي جديد، فضلا عن الانفراج الذي تبع مؤتمر مدريد ومن ثم اتفاقية أوسلو، وثم زادت الانفراجات مع فتح المفاوضات مع الدول العربية، وهنا حدث تدفق للهجرة بشكل كبير ما فتح فرصا وآفاقا جديدة للمستثمرين لإعادة الاستثمار في إسرائيل.
أشار جرايسة إلى ان في هذه الفترة قد حدث تداخل كبير بين السياسة وحيتان رأس المال، حيث بدأت الأحزاب تخرج من تقليديتها السابقة إلى النمط الأمريكي للأحزاب وتنفتح نحو نظام عولمة أكبر، وهنا بدأت الحيتان تتحكم في شكل الأحزاب وعددها وتحالفاتها تنفيذا لأجنداتها، وعليه، أصبح الولاء الأكبر لأعضاء الكنيست هو الولاء لمن يدفع الأموال ويصرف على الدعاية الانتخابية وليس الولاء الحزبي الكلاسيكي.
واستطرد الباحث مشيرا إلى تفاقم الوضع في إسرائيل؛ حيث كبر القطاع الاقتصادي، وازداد عدد السكان بشكل كبير بسبب الهجرات من روسيا وأمريكا وفرنسا وغيرها من دول العالم، ما فتح المجال أمام استقطاب رؤوس الأموال اليهودية إلى إسرائيل للنهوض بها ما عزز انفتاح آفاق الاستثمار.
الحيتان الكبيرة تُحكم سيطرتها
ومع ازدياد تداخل السياسة والاقتصاد، تعزز تغلغل حيتان رأس المال في الحكم ما ساعدهم على فرض قوانينهم الخاصة التي تستجيب لآفاقهم وتطلعاتهم، وساعد على فتح مجال أكبر لعملية الخصخصة وتخفيف الضرائب عليهم وتسهيل إجهاض قانون قيود الاحتكار، ومطالبات بقوانين وتعديلات قوانين وسياسات اقتصادية تضمن حرية النشاط الاقتصادي ما ساهم في جعل إسرائيل دفيئة متهربي الضرائب من العالم.
ارتفعت حصة الصادرات الإسرائيلية بين عامي 1999-2016 بنسبة 270% وحدث توازن في الميزان التجاري، وهنا تضخمت حصة الصادرات من تركيبة النمو الاقتصادي الإسرائيلي ما أدى الى تراجع الاعتماد على الاستهلاك الفردي، كل ما سبق أثر في جعل الاقتصاد الإسرائيلي غير مكترث بالحروب وما يحدث سياسياً، واستدل الباحث على هذا من خلال المحطة الأبرز لإسرائيل في عام 2006 عندما شنت إسرائيل الحرب على لبنان وغزة سوياً، حيث اعترف مسؤول وزارة المالية الإسرائيلي بالنمو الاقتصادي المالي بنسبة 7% خلال شهر 8 لعام 2006 أي أن إسرائيل لم تتأثر بالحربين اللتين شنتهما في ذات العام، ما مكننا من القول بثقة كاملة إن الاقتصاد الإسرائيلي لم يعد يتأثر بالقلاقل والأحداث الحربية أو السياسية كما كان سابقا، وهذا يعكس تغلغل حيتان المال وسيطرتهم على الاقتصاد.
اضافة لكل ما سبق فإن لسيطرة حيتان رأس المال على الإعلام دور مهم في بلورة الرأي العام في إسرائيل ومساندة جهود التغلغل السياسي الاقتصادي. وكل هذا ساهم في تراجع جهاز القضاء في السنوات الأخيرة ما أدى إلى زيادة الفساد، حيث تحتل إسرائيل المرتبة 28/176 عالميا في الفساد، وخضع 35 عضو كنيست ومسؤول كبير للتحقيق خلال 20 عاما، يقبع 15 منهم في السجون، وثلاثة أحكام رمزية بالإضافة إلى اثنين توفيا قبل الحكم.
وقد لفت كل من رئيس مجلس إدارة أمان عبد القادر الحسيني والدكتورة هنيدة غانم مديرة مركز مدار إلى دور المقاطعة وتأثيرها على الفساد في إسرائيل، حيث لا تتعامل إسرائيل مع ملف المقاطعة بشكل اقتصادي وانما تراكمي لخوفهم من نزع الشرعية، وهذا يشكل أحد اهم مصادر القلق في إسرائيل.
محاولات لفهم العلاقة بين الفساد والسياسة هنا وهناك
أكد الشعيبي في النهاية؛ على تخوف أمان من آثار الفساد في إسرائيل على المجتمع الفلسطيني وما يحدث به، حيث نوه إلى إمكانية تعزيز جرائم الفساد الاقتصادي في السوق الفلسطيني، وزيادة ابتزاز السياسيين الفلسطينيين من قبل إسرائيل وذلك بناء على تهديد نتنياهو الصريح بالصندوق الأسود مشيراً إلى أن هذا الابتزاز لا يظهر إلا في أوقات التوتر مع إسرائيل، أي أن الفساد الفلسطيني تتم حمايته والتستر عليه من الإسرائيليين طالما لم يكن هناك أي توتر سياسي بين الجانبين، فضلا عن ان الفساد الإسرائيلي يخلق بيئة خصبة للفساد في فلسطين. اختتم الشعيبي مشيرا الى أن ائتلاف أمان بصدد التحضير لإعداد دراسة حول العلاقة بين الفساد في فلسطين والفساد في إسرائيل من ناحية، وكيفية تعامل واستغلال الطبقة السياسية في إسرائيل للفساد الفلسطيني.