سيناء.. حرب متواصلة واسرائيل على خط الانتظار
نشر بتاريخ: 17/07/2017 ( آخر تحديث: 19/07/2017 الساعة: 13:13 )
بيت لحم- معا- خلافا وعلى عكس المعارك الطاحنة الجارية في عمق شمال سيناء المصرية تبدو هذه الايام الحدود الاسرائيلية المصرية هادئة اقرب الى المشهد السريالي الذي لا يعكر صفوه شيء لكنه يجب ان لا يخدع احد فمسألة تنفيذ داعش عملية عسكرية ضد اسرائيل مسألة وقت اعتبارات استراتيجية لا غير فالمصريون والإسرائيليون يعرفون تمام المعرفة هذه الحقيقة حسب تعبير مراسل صحيفة "يديعوت احرونوت" وموقع "ynet" للشؤون العربية "روعي كايس".
وجاء في القرير المطول الذي نشره هذا المراسل اليوم الاثنين كخبر رئيسي على موقع ynet تحت عنوان "داعش خلف الحدود وانجازات الجيش المصري غير كافية".
"قال مصدر عسكري في الجيش الاسرائيلي: في حال نفذت داعش عملية ارهابية قوية ضدنا فانه سيتعرض لضغط كبير من قبل مصر وإسرائيل ولا اعتقد ان هذا الوضع يناسبهم حاليا في ظل الهزائم التي يتلقونها في مناطق اخرى مثل العراق وسوريا".
بنظرة سطحية تظهر الحدود المصرية الاسرائيلية كما كانت امس وامس الاول شاحنات محملة بالبضائع تصل معبر "نيتسانا" كالمعتاد دون اية عوائق وما زال سكان الكيبوتسات القريبة من جدار الحدود يزرعون الطماطم وهناك حاخام رئيسي لأحد هذه الكيبوتسات يعتني بكرمه دون ان يقلقه شيء لكن الواقع ان الوضع اكثر تعقيدا وهشاشة.
نفذت داعش يوم الجمعة الماضية عملية كبيرة ضد الجيش المصري في قرية "البرث" الى الجنوب من رفح وعلى مسافة 20 كلم فقط عن معبر نتسانا وخمسة تجمعات سكنية اسرائيلية تقع بالقرب من هذا المعبر قتل فيه 23 جنديا مصريا بينهم ضابطا في القوات الخاصة وجرح العشرات في الهجوم الذي استخدمت فيه داعش سيارتين مفخختين تبعهما بهجوم مباشر على حاجز عسكري.
وعلى الجانب الاخر من الحدود لا توجد خطة خاصة فبعد عدة كيلومترات هوائية يمكن للناظر مشاهدة البدو وهم يعملون في تربية مواشيهم وزراعة حقولهم وعلى رأس هؤلاء مضارب قبيلة الترابين المسيطرة والمهيمنة التي دخلت قبل فترة في مواجهة مباشرة قوية مع تنظيم داعش في سيناء ورؤية شاحنة التموين وقد خرجت من احد مواقع حرس الحدود المصري لتسير على طول المحور المحاذي لخط الحدود من الجانب المصري دون وقوع أي خلل او عارض لكن تحت الرماد ما تحته حيث يمكن لمس حالة التأهب القصوى السائدة.
من محاربة المتسللين الى المسؤولية عن الحدود:
تولى لواء "ساغي" التابع للفرقة "ادوم" المنضوية ضمن قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الاسرائيلي مسؤولية الاعداد والاستعداد ليوم "قدوم داعش".
اقيم هذا اللواء عام 2007 بهدف محاربة ظاهرة المتسللين الاجانب عبر الحدود مع مصر لكن هذا الهدف تغير خلال العامين الماضيين مع تصاعد قوة تنظيم داعش في سيناء الذي كان يحمل سابقا اسم "انصار بيت المقدس" وكان مرتبطا بتنظيم القاعدة وخضع هذا اللواء الى تغيرات تنظيمية وبنائية وأصبح جزء من الحدود مع مصر تحت مسؤوليته بما في ذلك التجمعات السكنية الخمسة القريبة من معبر نيتسانا فيما تقوم قوة من حرس الحدود المصري بذات المهمة على الجانب الاخر المقابل لمنطقة انتشار اللواء المذكور ولحق بالقوة المصرية على مدى السنوات الماضية خسائر جسيمة خلال القتال والمعارك التي تخوضها ضد داعش وتفرعاتها المصرية.
خضعت مواقع حرس الحدود المصري لعمليات تحصين غير مسبوقة ويبعد الموقع عن الاخر حوالي 500 متر وهناك شيئا لا يمكن تجاهله وهو ان مداخل هذه المواقع توجد باتجاه المنطقة الاسرائيلية حيث يدير الجنود المصريين ظهورهم ويوجهون عيونهم وأسلحتهم باتجاه عمق سيناء المصرية "يدير الجنود المصريون ظهورهم لنا وينظرون الى داخل سيناء" قال ضابط اسرائيلي رفيع.
وقال مصدر عسكري اسرائيلي رفيع لموقع ynet العبري ان تنفيذ داعش لعملية ارهابية ضد اسرائيل مجرد مسالة وقت فقط وان الجيش الاسرائيلي يركز جهوده على احباط مثل هذه العملية.
"التحدي المركزي هنا يتمثل بغياب العمق ونحن نرى ان الجدار ونحن والمصريين لا يمكننا شل حركة الارهابيين والعملية التي نفذوها يوم الجمعة الماضية بواسطة سيارات مفخخة وهجوم مباشر ما كان لأي وحدة عسكرية خاصة ان تخجل من مثل هذه العملية" قال المصدر العسكري الاسرائيلي في اشارة الى نوعية وجرأة الهجوم الذي نفذته داعش ضد الجيش المصري.
يشكل قرب التجمعات السكنية من الحدود والمواقع الحيوية الموجدة في المنطقة مثل معبر نتسانا الذي يمثل رمزا للسلام والتعاون بين مصر وإسرائيل مصدرا للقلق.
تمر من خلال معبر نتسانا 80-90 شاحنة محملة بالبضائع يوميا غالبيتها تذهب في النهاية الى قطاع غزة عبر معبر كرم ابو سالم الذي شهد بالقرب منه عام 2012 عملية قاسية جدا نفذتها "النسخة القديمة" من داعش ضد الجيش المصري.
"احد سيناريوهات رعبنا يتمثل بإمكانية تهريب شاحنة مفخخة الى داخل معبر نتسانا ما يجعل قضية التسلل بعد ذلك الى اسرائيل امرا غير مستبعد" قال المصدر العسكري الاسرائيلي مستذكرا مسؤولية داعش عن اطلاق بعض القذائف الصاروخية خلال السنوات الماضية باتجاه اسرائيل وفي اجد المرات تبنى عملية اطلاق صواريخ فاشلة اتجاه معبر "نتسانا".
20 كتيبة مصرية مقابل المئات من مقاتلي داعش:
تدير الحكومة المصرية برئاسة عبد الفتاح السيسي منذ الاطاحة بحكم الرئيس السابق محمد مرسي في تموز 2013 حربا لا هوادة فيها ضد المنظمات الارهابية في سيناء.
وكما هو معروف، سمحت اسرائيل لمصر بتجاوز الشق الامني من اتفاقية السلام المتعلق بنوعية ومكان نشر القوات العسكرية الذي يسمح بنشر 3-4 كتائب فقط ليصبح عددها الان 20 كتيبة وهذه قوة عسكرية ذات مغزى تشمل جنود مشاة، عربات قتالية مدرعة قطع مدفعية، طائرات حرية وغيرها.
ويقف امام هذه القوة الكبيرة وفقا لأقل التقديرات ما بين 700-800 مقاتل من داعش او 2000 مقاتل وفقا لأعلى التقديرات.
"يبذل الجيش الاسرائيلي مؤخرا جهودا كبيرة ويستثمر الكثير من الموارد وقام بشراء طائرات صينية دون طيار ذات نوعية جيدة" قال المصدر العسكري الاسرائيلي مشيرا الى ما اسماه الى تواضع الانجازات والنتائج التي حققها الجيش المصري في الحرب الدائرة في سيناء.
ورغم "النتائج المحدودة " التي حققها الجيش المصري في الحرب في سيناء ما زالت الطريق نحو تحقيق الهدف المرجو طويلة وشاقة وعملية يوم الجمعة الماضية خير دليل على ذلك.
"يجب علينا ان ندرك ان محاربة بدوي من قبل شخص غير بدوي امرا غاية في الصعوبة فالحديث هنا عن سكان جرى اهمالهم طيلة عقود خلت من قبل الدولة المصرية فهم لا يحملون حتى بطاقات هوية شخصية وتشكل كل قبيلة سلطة مستقلة بذاتها وأصبحت سيناء مهدا لنوع جديدة من القبيلة البدوية قبيلة متدينة نمت وخرجت من صلب القبائل القائمة وما يحدث في سيناء يشبه تماما ما يحدث في الضفة الغربية ما زال التحدي المثال امام الجيش المصري منع هؤلاء السكان من الانضمام لداعش " قال المصدر العسكري الاسرائيلي.
من المهم القول ان الجهات ذات العلاقة على الطرف المصري تحلل الصورة بطريقة مختلفة وتظهر معطيات تشير الى صورة اكثر وردية ويؤكدون وفقا لمعطياته م تراجع دراماتيكي في قدرات داعش وتفرعاتها في سيناء فعلى سبيل المثال قالوا ان عملية يوم الجمعة الاخيرة وخلافا لما سبقها من عمليات لم تكن تهدف الى السيطرة على المنطقة بل كانت عبارة عن عملية "انتحار جماعي" نفذها رجال داعش لتحقيق اهداف معنوية وإعلامية .
شهد الفترة الاخيرة تحولا مهما في موازين القوى شمال سيناء فقد دخلت قبيلة "ترابين" المسيطرة والتي تعتاش من عمليات التهريب وزراعة المخدرات الى دائرة الدم وفي صراع دموي ومرير مع داعش بعد ان اقدمت "شرطة داعش الدينية" على توقيف ابناء القبيلة وحرق بضائعهم لاعتبارات دينية مواجهة قادت الى معركة حقيقية لم يقل فيها أي طرف حتى الان كلمته الاخيرة حسب تعبير صاحب هذا التقرير .
وينظر الجيش المصري لهذه المواجهة كفرصة للتعاون مع قبيلة "ترابين" التي تحتفظ بقوة شبهة عسكرية تابعة لها ومحاربة داعش سويا لكن مصدر رزق القبيلة نشاطها الجنائي يطرح علامات استفهام تتعلق بهذا التعاون.