الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الثقافة: إرث سميح القاسم ومواقفة الوطنية تعكس حقيقة أن الثقافة مقاومة

نشر بتاريخ: 20/08/2017 ( آخر تحديث: 20/08/2017 الساعة: 18:58 )
الثقافة: إرث سميح القاسم ومواقفة الوطنية تعكس حقيقة أن الثقافة مقاومة
رام الله- معا- شددت وزارة الثقافة، في بيان لها، اليوم، ولمناسبة الذكرى الثالثة لرحيل الشاعر الكبير سميح القاسم، على ضرورة استلهام تجربته التي تشكل علامة فارقة في مسيرة الثقافة الفلسطينية، واستحضارها بما تحمله من معاني الصمود، والإرادة، والمقامة بالثقافة، فصاحب "منتصب القامة أمشي" لطالما أكد "وطني ليس حقيبة، وأنا لست مسافر"، هو الذي حرّك بشعره ولا يزال أجيالاً وأجيال في سبيل الإصرار على الحق الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الغاصب المحتل.
وقال وزير الثقافة د. إيهاب بسيسو: من هناك .. من رغبة نجمة في أن تكون قصيدة عن الأرض، ومن سر سنديانة لم تقتلعها العواصف نبتت أبجدية سميح القاسم لتصبح وطنا في قصيدة وأغنية نأتي اليها بأحلامنا الكبرى عن الحرية لنستمد من إشعاعها نورا ملهما في الأدب والحياة، مضيفاً: لقد برز سميح القاسم كأحد أهم قامات الإبداع الفلسطيني، كما شكلت قصائده علامة بارزة في الشعر الحديث وحضورا مميزا في الثقافة الفلسطينية والعربية. فقدرة سميح القاسم الإبداعية وتميزه الشعري جعله في مقدمة القامات الأدبية، التي اتخذت من الأرض والانسان شعاراً للحياة، وعنوانا لنضال الثقافة بتثبيت الرواية الفلسطينية والابداع الفلسطيني، أمام كل محاولات الطمس والإبادة الثقافية والتهجير والاقتلاع.
وأكد بسيسو: لم ينفصل شعر سميح القاسم عن دوره النضالي، بل شكل حالة فلسطينية ملهمة لأجيال لاحقة تناضل بالإبداع والقصيدة، ففي سيرته الابداعية والوطنية من المواقف والدروس، التي جعلت من فلسطين مساحة لنضال انساني يتجاوز سياسات عزل الجغرافيا عن محيطها وعمقها الثقافي، ليواجه عنف المستعمر وغطرسة الاستعمار.
وشكلت تجربة سميح القاسم الشعرية إضافة تكاملية لشعر المقاومة في مرحلة ما بعد النكبة، الى جانب محمود درويش، وتوفيق زياد، وراشد حسين، ومعين بسيسو، وغيرهم من فرسان القصيدة على امتداد التاريخ الفلسطيني، الذين كرسوا قصيدة المقاومة في الأدبيات النقدية والإبداعية كإحدى ركائز النضال الوطني الفلسطيني.
وجاء في بيان وزارة الثقافة: رحل جسد سميح القاسم غير أن أشعاره لم تغادرنا لتشكل لغة مجبولة بتحدي الاستعمار الاستيطاني، والانتصار للفلسطيني إنساناً ومناضلاً، متسلحاً بالأمل .. في ذكرى رحيله الثالثة نؤكد على أن القاسم بما تركه من إرث شعري ونثري غني، ومواقف صلبة سيبقى "عاشقاً من فلسطين"، يكرس بالفعل أن "الثقافة مقاومة".
وكان وزير الثقافة أكد على الأهمية الكبيرة لإرث القاسم الإبداعي، وأهمية المراكمة عليه وتعميمه بما يحمله من ملامح ون بأكمله للأجيال الشابة، عبر أثير صوت فلسطين، وتحديداً في برنامج "البناء والوطن" مع الإعلامي وليد نواف.
وولد القاسم في مدينة الزرقاء الأردنية في 11 أيار 1939 لعائلة فلسطينية من قرية الرامة القريبة من مدينة عكا، ودرس في الرامة والناصرة واعتقلته سلطات الاحتلال الإسرائيلي عدة مرات وفرضت عليه الاقامة الجبرية لمواقفه المعارضة لسياسة الحكومة الاسرائيلية كما قاوم التجنيد الذي فرضته اسرائيل على الطائفة الدرزية التي ينتمي اليها.

وتنوعت اعمال الراحل الكبير بين الشعر والنثر والمسرحيات ووصلت لأكثر من سبعين عملا، وصدرت أعماله الناجزة في سبعة مجلدات عن دور نشر عدّة في القدس وبيروت والقاهرة، ترجم عددا كبيرا من قصائده إلى الإنكليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخرى.

وسجن القاسم أكثر من مرة كما وضع رهن الإقامة الجبرية وتعرض للكثير من التضييق بسبب قصائده الشعرية ومنها (تقدموا) التي اعتبرت تحريضا ضد السلطات الإسرائيلية وتسببت في أزمة داخل إسرائيل بعد تحولها إلى ما يشبه البيان الشعري السياسي.
وأسهم القاسم في تحرير "الغد" و"الاتحاد" ثم رَئِسَ تحرير جريدة "هذا العالم" العام 1966، ثُمَّ عادَ للعمل مُحرراً أدبياً في "الاتحاد" وآمين عام تحرير "الجديد" ثمَّ رئيس تحريرها وأسَّسَ منشورات "عربسك" في حيفا، مع الكاتب عصام خوري العام 1973، وأدارَ فيما بعد "المؤسسة الشعبية للفنون" في حيفا وترأس الاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين، وترأس اتحاد الكتاب العرب، وترأس تحرير الفصلية الثقافية "إضاءات"، التي أصدرها بالتعاون مع الكاتب الدكتور نبيه القاسم.

وللقاسم قصائد حظيت بشهرة في عموم العالم العربي ومنها "منتصب القامة أمشي" التي غناها الفنان اللبناني مرسيل خليفة وتحولت إلى ما يشبه النشيد الشعبي الفلسطيني.

وحظي القاسم بتقدير المثقفين في العالم العربي وخارجه، ونال كثيرا من الجوائز من إسبانيا وفرنسا وآخر تكريماته حصوله العام 2006 من القاهرة على جائزة نجيب محفوظ التي يمنحها الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، و"غاز الشعر" من إسبانيا، وعلى جائزتين من فرنسا، وجائزة البابطين" الشهيرة، وجائزة "وسام القدس للثقافة" و"جائزة السلام" و"جائزة الشعر" الفلسطينية.