الاسرائيليون يطفئون نور المسيح
نشر بتاريخ: 19/01/2008 ( آخر تحديث: 19/01/2008 الساعة: 11:25 )
أريحا- معا- تقرير فتحي براهمة- ليست الصدفة هي التي أوجدت نغم رشماوي في موقع عماد السيد المسيح على الضفة الغربية لنهر الأردن، ربما الشوق للأهل في ظل تلاشي فرص اللقاء والذي انقطع منذ اثني عشر عاما بسبب إجراءات سلطات الاحتلال والقاضية بمنع إصدار تصاريح الزيارة إلى الأراضي الفلسطينية ، مما ترتب على هذا القرار مشكلات كبيرة حرمت الأب من رؤية أبنائة وحرمت الزوجة من رؤية زوجها.
وبالرغم من الاتصالات الهاتفية المتواصلة بين نغم وأسرتها إلا أنها لم تحل محل دفْ اللقاء والشوق لاحتضان نغم لوالدتها ، لذا كان لابد من التريث حتى تأتي الفرصة المناسبة فجاء موسم عيد الغطاس والذي يطلق علية أيضا عيد النور أو الظهور الإلهي في النهر المقدس والذي تحتفل بة طائفة الروم الأرثوذكس وسائر الطوائف المسيحية الشرقية الأقباط والسريان على مدار ثلاثة أيام والذي صادف اليوم الجمعة.
وتصف نغم المناسبة قائلة بالأمس تلقيت اتصالا هاتفيا من أهلي في الأردن اخبروني فيه عن نيتهم المشاركة في احتفالات عيد الغطاس واتفقنا على أن نجعل من المناسبة فرصة كي أرى فيها والدتي وأفراد أسرتي المقيمين في الأردن ولو حتى من خلف الأسلاك الشائكة, وصباح اليوم وصلت مع جموع الحجاج إلى الضفة الغربية لنهر الأردن وها هي أمي تلوح لي بمنديلها الأبيض وأنا ألوح لها بمنديلي الأزرق حاولت الوصول إلى حافة النهر لكن الجنود المتربصين بالزوار منعوني من الاقتراب.
وتضيف وبجوارها أطفالها ما أصعبها من لحظات بضعة أمتار تفصلني عن أسرتي هناك فكان الحديث موثرا فطلبت منها أن تستخدم شريحة هاتفي الأردني كي تتحدث لأسرتها لكن الحظ لم يحالفها بعد أن جاء الرد الآلي رقم الهاتف المطلوب لايمكن الاتصال بة بسبب انخفاض المنطقة المتاخمة للضفة الشرقية لنهر الأردن، تدخل زميلي مصور تلفزيون فلسطين وسمح لها من خلال صورة مكبرة بواسطة عدسة الكاميرا رؤية والدتها وأسرتها والذين واصلوا وبالتناوب التلويح لها ولأولادها بالمنديل الأبيض.
زوج نغم قال أتمنى أن تنتهي هذه المعضلة ويعم السلام وتعود زوجتي لرؤية أهلها في الأردن ، وبصعوبة تنم عن تحسر وشعور بالمسؤولية قال لابد من تدخل الرئاسة وكل العالم لإنهاء مأساة كل المتزوجين من الأردن، تدخلت صديقات نغم وقريباتها وشاركنها التلويح والتمني على أمل اللقاء.
لم تكن قصة نغم القصة الوحيدة التي تعبر عن عمق الماسي التي سببها استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بل ففي ذات المكان الذي يحج إلية ألاف الحجاج والمؤمنين، تأخذ الماسي صور متعددة ومختلفة الأبعاد، ولعل الكارثة البيئية التي يتعرض لها نهر الأردن لخير شاهد على استهتار سلطات الاحتلال بالحقوق الوطنية الفلسطينية والتي ترمز لسيادته على أرضة وبقاءه عليها، فالنهر والذي كانت تقدر كمية المياه المتدفقة فية قبل عام 1967 بمليار متر مكعب من المياه الصالحة للزراعة وتربية الأسماك تحول إلى مكب للمياه غير الصالحة والعادمة بل وفقد الكثير من مخزونة بسبب الاستنزاف الجائر لمياة الصالحة من قبل المستوطنين وشركة المياه الاسرائلية شمالا عند بحيرة طبريا، وهذا ربما سر عدم سماح الجيش الإسرائيلي للحجاج ورجال الدين من النزول إلى وسط مياه النهر، فقد وضعت يافطات تمنع الزوار من السباحة في وسط النهر خلافا لما اتبع في السنوات السابقة، مما اسقط فكرة الجار الصالح والتي تعمل عدة منظمات دولية على نشرها بين المدن المتاخمة للنهر ( أريحا- الشونة - طبريا ).
فيما حفر الزمن على جدران الكنائس والمواقع الدينية المختلفة والتي تعود ملكيتها للطوائف الشرقية والغربية على حد سواء أخاديد من الحزن والبؤس والتي كبلها الاحتلال بأسلاك شائكة وأثقلت كاهلها يافطات من الحديد المطلية بالون الأصفر والذي تسلل الصدأ إلى أطرافها ومكتوب عليها احذروا الألغام، ولعل المنظر الأكثر حزنا وتحسرا هو الحال السيْ لكنيسة القديس يوحنا المعمدان والتي أقيمت في القرن الخامس عشر والتي ترمز لعظمة الزيارة وقداسة المكان والتي أتت غوائل الدهر على بنيانها وجدرانها والتي أصبح قسما منها أيلا للسقوط بفعل المماطلة الإسرائيلية وعدم الرد على مطالب الكنيسة الارثوكسية بالسماح لها بترميم مبنى الكنيسة، والتي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الدمار والانهيار، وبذلك تسجل سلطات الاحتلال خرقا جديدا لها لبروتوكولات واتفاقيات الإشراف على المواقع الدينية الموقعة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
لقد حاول البطريرك ثيوفلوس الثالث بطريرك القدس والأراضي المقدسة تذكير الضباط الاسرائليين بان العيد وغيرة من الأعياد المسيحية والإسلامية يرمز للسلام ،فأطلق حمامة ناصعة البياض، فهل أدرك المحتلون الرسالة.