نشر بتاريخ: 27/09/2017 ( آخر تحديث: 27/09/2017 الساعة: 14:55 )
رام الله- معا- عقدت كلية الحقوق والإدارة العامة في جامعة بيرزيت بالتعاون مع المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات)، لقاء بعنوان "كلفة الانقسام وأثره على الفلسطينيين"، بحضور عدد من الأساتذة وطلبة الكلية.
افتتح اللقاء بكلمة من عميد كلية الحقوق والإدارة العامة، الدكتور ياسر العموري، شكر فيها الحضور، ورحب بالضيوف المتحدثين، مؤكداً على أهمية الحديث حول موضوع الانقسام، وانعكاساته على المجتمع الفلسطيني على مختلف الأصعدة والمستويات.
ومن جهته، أكد الأستاذ هاني المصري مدير عام مركز (مسارات) على أن الانقسام بات خطراً محدقاً يهدد القضية الفلسطينية، وأن الحاجة الملحة لإنهائه باتت ضرورية، وأن تحقيق الوحدة بين حركتي حماس وفتح لا يمكن أن تتحقق عبر إدارة الانقسام، بل من خلال الاتفاق على أسس المشاركة والشراكة السياسية الكاملة، وعلى أسس وطنية وديمقراطية، وعبر تخلي حركة حماس عن سيطرتها الانفرادية على قطاع غزة، مقابل التزام فتح بإنهاء هيمنتها على السلطة ومنظمة التحرير.
ومن ثم تحدث خليل شاهين مدير البرامج في مركز مسارات، وهو كاتب ومحلل سياسي، حول كلفة الانقسام في مجال السياسة والحريات، من خلال البدء بالإشارة إلى وجود إشكالية في تعريف الانقسام لدى الباحثين.
كما تحدث شاهين عن أسباب وبنية الانقسام الذي شهدناه بالعام 2007، مؤكداً أن الضحية الأهم للانقسام هو النظام السياسي الفلسطيني؛ وأن الانقسام يُشكل استجابة فلسطينية بطريقة غير واعية للخطط الاسرائيلية الاستعمارية.
وبين بالأرقام أن نحو (1218) شكوى قدمت خلال سنوات الانقسام جراء استمرار الاعتقالات والاستدعاءات والمصادرة في غزة والضفة، وأنه وقع نحو (100) انتهاك "كارثي" جراء التعدي على وقفات سلمية، وأن التفرد بالقرار وإصدار قوانين فلسطينية أديا إلى حل وتعطيل وتعليق عمل (1269) جمعية من قبل وزارة الداخلية في الضفة والقطاع، ومن جهة أخرى أصدر الرئيس عباس نحو (162) قانوناً ولم تعرض هذه القوانين على المجلس التشريعي، كما أصدرت كتلة "حماس" البرلمانية في غزة (58) قانوناً.
وأشار إلى أن استمرار الانقسام أدى إلى تراجع منظومة الحقوق والحريات الفلسطينية في الضفة والقطاع، حيث شهدت الحياة السياسية تراجعاً على مستوى الديمقراطية والحريات ومستويات الفقر والبطالة.
ومن ثم تحدث سلطان ياسين عضو مجلس أمناء مركز مسارات ومنسق برنامج تطوير ودعم الحوار الفلسطيني، حول كلفة الانقسام في المجالات الاجتماعية الثقافية، إذ بيّن أن قضية التحرر الوطني الفلسطيني والمقاومة لم تعد ضمن أولويات الشباب الفلسطيني، بل أن الهم الأول للشباب اليوم هو الخلاص الفردي من الإجراءات المتخذة، سواء في الضفة أو قطاع غزة، وهذا الهمّ أصبح ظاهرة اجتماعية في ظل استمرار الانقسام بين "فتح" و"حماس".
وأوضح أن الأزمات السياسية وما أنتجته من تناحر وتراجع في الدور التنموي لدى الأحزاب، أدت إلى ظهور مجموعة من السلوكيات الشاذة عن المجتمع الفلسطيني، والتي تعززت وارتفعت وتيرتها بعد الانقسام، وتركت آثاراً عميقة من خلال تشتت الأسر الفلسطينية وتفكك النسيج الاجتماعي الذي أدى إلى تدمير الطاقات الشابة، وتراجع روح الوطنية الفلسطينية، وانتشار ثقافة العنف واتساعها على مستوى العلاقات الاجتماعية. كما ظهرت نخب جديدة في الساحة الفلسطينية مستفيدة من الانقسام، ولها مصلحة في استمراره، مطلقاً عليها مصطلح "جهات مصالح الانقسام".
وأشار إلى أن دراسته عالجت انعكاسات الانقسام على المشهد الثقافي والهوية الفلسطينية، معتبراً أن الانقسام "بيئة طاردة للثقافة والإبداع"، مشيراً إلى أن الحركة الثقافية شهدت تراجعاً كبيراً في الجامعات الفلسطينية، كما أن غياب المشهد الثقافي طال الأحزاب نتيجة انشغالها في جهود إنهاء الانقسام.
ومن ثم تحدث رازي نابلسي، باحث ومنسق برنامج دراسة المشروع الصهيوني في مركز مسارات، حول كلفة الانقسام على الفلسطينيين في أراضي (48)، مؤكداً على أن الانقسام أثر وبشكل عميق على الهوية الفلسطينية في الداخل المحتل، وأثّر على نضال الفلسطينيين في الداخل لمجابهة سياسات الأسرلة والتشويه التي تمارسها إسرائيل، مشيراً إلى أن الفلسطينيين في الداخل لا يؤثرون على النظام السياسي الفلسطيني في غزة والضفة، وهم في المقابل لا يؤثرون على النظام السياسي الإسرائيلي، وهم باختصار يعيشون على هامش النظامين المتناحرين" واقع إسرائيل الإداري والقانونيّ من جهة؛ والهويّة الفلسطينيّة الوطنيّة من جهة أخرى".
وأكد نابلسي على أن الفلسطينيين في الداخل شعروا منذ الانقسام بالغربة عن امتدادهم الوطني والتاريخي الفلسطيني، حين اصطدموا بالاقتتال الفلسطينيّ- الفلسطينيّ، ما أدّى إلى بروز توجّهات تؤيّد واقع الدولة على حساب الهويّة والانتماء نظراً لانهيار الحالة السياسيّة الفلسطينيّة، بالإضافة إلى حقيقة أنهم غائبون عن أي تأثير في أي سياق سياسي يستهدف هويتهم الوطنية والقومية التي تُصاغ عبر منظّمة التحرير والفصائل الفلسطينيّة.
وأنهى العموري اللقاء بالتأكيد على ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني، وبناء النظام السياسي الفلسطيني بما يشمل الكل الفلسطيني، لتحقيق الوحدة الوطنية، والخروج من حالة الانقسام الممتدة منذ 10 سنوات؛ متأملا أن تكون هذه الندوة البداية ويتبعها العديد من النشاطات المشتركة، المتعلقة بمختلف القضايا الفلسطينية.
وفي نهاية اللقاء، تم فتح باب النقاش أمام الحضور، وأجاب المتحدثون على أسئلة الحضور.
وعبر الجميع عن أهمية عقد مثل هذه النشاطات؛ التي تساهم بشكل أساسي في زيادة التوعية والمعرفة القانونية والسياسية لدى الجميع.