السبت: 14/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

مركز بيسان: المؤسسات المالية الدولية أسهمت في استشراء الفساد

نشر بتاريخ: 28/09/2017 ( آخر تحديث: 28/09/2017 الساعة: 11:28 )
رام الله -  معا - نظم مركز بيسان للبحوث والإنماء يوم أمس الاربعاء، ورشة عمل، حضرها ممثلو عدد من المؤسسات الأهلية، والمجموعات الشبابية والطلابية والمراكز الثقافية وباحثون ومهتمون، لنقاش فصل رئيسي في إصداره البحثي الجديد الذي يتناول "دور المؤسسات المالية الدولانية ونظام "المعونات" وأثرهما على السياسات التنموية والعدالة الإجتماعية".
في بداية الورشة رحب مدير برامج المركز وميسر الورشة إعتراف الريماوي بالحضوروالمشاركين جميعا، موضحا اهمية الدراسة وأبعادها، ومن ثم قدم الباحث الرئيسي جبريل محمد، ملخصا مقتضبا عن الفصل البحثي، ومن ثم تحول مسار الورشة للمداخلات والملاحظات القيمة والغنية التي أبداها المشاركون والمشاركات.
من الجدير ذكره، أن مضمون الدراسة يتناول الموضوع أعلاه من خلال دراسة اربع حالت لدور المؤسسات المالية الدولانية وتدخلاتها في كل من: مصر، تونس، الاردن وفلسطين المحتلة. حيث كان من النتائج البحثية:
اولا: رغم وجود عوامل مشتركة في قضايا "المساعدات الخارجية" وأوجه استخدامها، إلا أن هناك فروقات بين هذه الدول في التعامل مع دعم السلع داخليا، فالمشترك ناتج عن انتهاج سياسة نيو ليبرالية قائمة على وصفات ميثاق واشنطن التي وضعها صندق النقد الدولي ونفذتها السلطة السياسية حسب ظروف كل بلد، لكن نتائج هذه السياسة، تظهر فشلا في تحقيق التنمية، كما تظهر استشراء للفساد واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء. فيما تم تخليق طبقة اجتماعية كاملة تستفيد من "المساعدات الخارجية".

ثانيا: لم تسهم كل المساعدات الخارجية في سد العجز في الموازنة بشكل حقيقي، اذا تم تغطية العجز في الغالب من جيوب الفقراء عبر سياسة رفع الدعم الكلي او الجزئي عن السلع، وتقليص الخدمات الاجتماعية، واطلاق حرية السوق اضافة الى توسيع القاعدة الضريبية.

ثانيا: الأوضاع السائدة في العالم العربي لم تسهم في جذب الاستثمارات الخارجية، بالعكس، فان من نتائج "ثورات الربيع العربي" كان تقلص الاستثمار سواء الداخلي او الخارجي، الأمر الذي أسهم في تراجع النمو الاقتصادي والركود احيانا.

ثالثا: في مصر وتونس، لعبت خصخصة القطاع العام دورا هاما في تفكيك البنية الإنتاجية المحلية والاعتماد على الاستيراد من الخارج، الأمر الذي أضعف من تراكم الثروة المحلية، كما خلق مظاهر فساد عديدة نتجت عن عمليات الخصخصة، التي لم تسهم في سد العجز أو المديونية.

رابعا: عدا الاراضي الفلسطينية التي تقع تحت ظرف احتلالي استعماري، فإن أسباب الاضطرابات الاجتماعية في البلدان الأخرى لا زالت قائمة وهي في تنام بسبب استمرار السياسات القديمة، والسياسات النيوليبرالية، وعدم الانتقال الى سياسات اخرى تحافظ على النسيج الاجتماعي وحقوق المواطن.

خامسا: ثبت أن الدعم الموجه للسلع الأساسية لا يشكل عبئا كبيرا على الموازنات في هذه الدول، حيث لم يستطع رفع الدعم وكل السياسات النيوليبرالية بتقليص دور الحكومة في الاقتصاد واطلاق يد السوق في سد العجز، ولا زالت هذه الدول تسعى لمزيد من الاقتراض لسد هذا العجز مما يثبت فشل السياسات التي ترى في دعم السلع عبئا على الموازنة والاقتصاد الوطني.

سادسا: رغم ذلك، ليس الحل في بقاء الدعم الداخلي للسلع أو فرضه أو رفعه، بل الحل يكمن في سياسات اقتصادية تأخذ بالأثر الاجتماعي لها من خلال توفير شبكة الأمان الاجتماعي التي تسعى السياسة الاقتصادية النيوليبرالية الى تقويض ما وجد منها أو تحويلها إلى مجرد أعمال خيرية، وليس حقوقا اقتصادية واجتماعية تفرضها المواطنة.

ان ما أظهرته حقائق البحث في المجال السابق تفترض من صانع القرار اعادة النظر في السياسات القائمة، واذا كان صانع القرار غير مستعد لاعادة النظر في سياساته فان وظيفة المجتمع المدني هنا ان يضغط لأجل سياسات اقتصادية اجتماعية عادلة، ان ذلك لا يمكن دون التسلح برؤية نقدية شاملة للوضع الاقتصادي الاجتماعي القائم وسياسات الحكومات، ودون وعي للأهداف المتوخاة، وفهم للأساليب الموجهة للضغط. ورغم كل الدلائل التي تشير ليس فقط الى فشل سياسات البنك الدولي النيوليبرالية، بل الى الأثار المدمرة لها، لا زال العالم بحاجة لرفع الصوت من أجل سياسات اقتصادية كونية عادلة بعيدة عن تحكم المؤسسات التمويلية الدولية فيها. إن ذلك مرهون بخلق كتلة اجتماعية عالمية قادرة على وقف التدهور الحاصل في منطق العدالة الاجتماعية في العالم، وهذه مهمة ضرورية وحيوية أمام الحائق التي فرضتها النيوليبرالية.