الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الإعلام الفلسطيني والعربي..هل نجح في حل أزمة كهرباء غزة؟ صحفيون يثنون على التغطية واخرون يحذرون من الارتجال

نشر بتاريخ: 22/01/2008 ( آخر تحديث: 22/01/2008 الساعة: 17:29 )
بيت لحم -معا- رصد موقع فلسطين اليوم من خلال لقاءات اجراها مع عدد من الصحفيين ومراسلي وكالات الانباء والفضائيات ردود فعلهم ازاء التغطية التي قامت بها تلك الفضائيات لازمة قطع اسرائيل للتيار الكهربائي عن قطاع غزة .

ففي حين راى البعض ان التغطية كانت جيدة ومجدية فقد حذر اخرون من الارتجال والمبالغة في التغطية وفق ما جاء في هذا التقرير :

كثيرة هي الأزمات التي تلاحق الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، ولكنها تتفاوت في أهميتها وتأثيرها على حياة السكان، وبقدر ما تكون ملحة وتفرض نفسها يتناولها الإعلام الفلسطيني والعربي وحتى الدولي.

فأزمة الكهرباء والظلام الذي عاشه قطاع غزة خلال الأيام الثلاثة الماضية ألقت بظلالها على كافة وسائل الإعلام المرئية والمقروءة على الصعيد المحلي والعربي، وأخذت حيزا كبيرا من التغطية الإعلامية لدى الفضائيات المختلفة.

ويرى صحفيون أن سبب اهتمام وسائل الإعلام بهذه الأزمة ينبع من كونها تمس كافة مناحي الحياة لدى سكان قطاع غزة، فبدون كهرباء لا يمكن ضخ المياه للمنازل، وتتوقف أجهزة المستشفيات، وتتسبب بأزمات صحية، ولا تعمل المخابز، وتتوقف السيارات، فلا طالب يصل لجامعته، ولا موظف يداوم في مؤسسته.

وكانت إسرائيل قد فرضت طوقا شاملا على قطاع غزة أغلقت بموجبه كافة معابر القطاع، ومنعت دخول الوقود اللازم للسيارات وتشغيل محطة توليد الكهرباء، ما تسبب بأزمة إنسانية طرحت نفسها بقوة لتكون في واجهة صفحات الجرائد، وفي مقدمة الأخبار الرئيسية لدى الفضائيات والإذاعات، وأحدثت رأيا عاما عالميا ترجم في كثير من العواصم على شكل مظاهرات منددة ومطالبة بالالتفاف حول الشعب الفلسطيني والوقوف بجانبه.

شبكة فلسطين اليوم الإخبارية تناولت تغطية الإعلام الفلسطيني والعربي لأزمة انقطاع الكهرباء عن قطاع غزة، حيث أجمع عدد من الصحفيين ومراسلي الفضائيات العربية والإذاعات المحلية والدولية على أن التغطية الإعلامية لأزمة الكهرباء كانت متميزة وساعدت ولو يسيرا في حلحلة الأزمة.

تغطية عشوائية

الصحفي ناصر اللحام، رئيس تحرير وكالة معا الإخبارية كان له رأي مخالف لكافة من حاورهم مراسل فلسطين اليوم، حيث رأى أن تغطية وسائل الإعلام لأزمة الكهرباء كانت عشوائية وانفعالية مبنية على العواطف.

وقال اللحام إن تناول الإعلام للأزمة كان غير دقيق ولم يشرف عليه أخصائيون، بحيث كان التقاط الصور وعمل المقابلات في الشوارع بشكل عشوائي وغير منظم، لدرجة أن تلفزيون فلسطين أطلق على إحدى موجاته المفتوحة اسم "غزة تموت بعد ساعات"، وهذا جنون، بينما أحد المذيعين في إحدى الفضائيات المحلية كان محتارا، تارة يستغيث بالدول العربية، وأخرى يهددهم".

وأوضح اللحام أن هذا الأسلوب لدى وسائل الإعلام مبالغ فيه لدرجة أنه يفسد الخبر كله "فإذا كان هناك مريض في المشفى لا داعي للقول إنهم ثلاثة مرضى، وإذا أصيب شخص لا يجوز القول أن الجرحى ثلاثين" بحسب قوله.

ووصف رئيس تحرير وكالة معا فضائية الأقصى المقربة من حركة حماس بأنها أكثر الفضائيات انفعالا وارتجالا.

ودعا اللحام الجهات الفلسطينية كافة وعلى رأسها حركة حماس والحكومة المقالة للتعامل مع الصحفيين بصورة أكثر شفافية وإعادة دراسة نهجها بهذا الصدد، "بحيث لا تحترم الصحفي عندما ترضى عن تغطيته لحدث هي من يشرف عليه، وتضطهده في مواقف أخرى".

أزمة مختلفة

الصحفي وائل الدحدوح، مراسل قناة الجزيرة الفضائية، قال إن أداء وسائل الإعلام والفضائيات كان أكثر من رائع، ووصفه بأنه عمل مرتب وموضوعي.

وأضاف الدحدوح أن الفضائيات بثت على مدار الساعة موجات تغطية مباشرة وتقارير إنسانية مؤثرة ، وتم النزول للميدان والتعرف على المشكلة عن قرب".

وقال الدحدوح إن التغطية الإعلامية لأزمة الكهرباء في غزة لا تخالف الواقع، ولا تضخمه أو تقلل من شأنه، فكل ما نقلته الكاميرا هو جزء يسير من معاناة الشعب الفلسطيني" مشيرا إلى أن سبب اهتمام الإعلام العربي والمحلي بأزمة قطع الكهرباء يعود لكونها ذات تأثير على أكثر من صعيد في حياة الفلسطينيين.

وتابع: هذه الأزمة مختلفة نوعا ما عن بقية أنواع المعاناة التي يمر بها الفلسطينيون، فهي تمس كل بيت وكل مؤسسة، وكل طفل وامرأة وشيخ، فكل مناحي الحياة لها علاقة بالكهرباء" معربا عن اعتقاده بأن أي أزمة يجب أن تكون لها انعكاسات حتى تتمكن وسائل الإعلام من التقاط الصور لها ومن ثم الاهتمام بها أكثر".

قضية ذات أولوية وطنية

بدوره، قال الصحفي صالح المصري، مدير إذاعة صوت القدس إن الإعلام الفلسطيني وخاصة الداخلي المتمثل في الإذاعات والمحطات الأرضية والمواقع الإلكترونية كان له دور فعال في تسليط الضوء على أزمة الكهرباء.

ورأى المصري أن هذا الاهتمام بمثل هذه القضية من الأولويات الوطنية، حيث أن دور وسائل الإعلام يتمثل في تسليط الأضواء على هموم المواطن وحلها.

وأشار المصري إلى أن وسائل الإعلام أيضا تأثرت بفعل انقطاع الكهرباء "لذلك كان هناك مسؤولية عالية من الجميع، وأنا أعتقد أن هذا النجاح يجب أن يدفع الصحفيين الفلسطينيين للتركيز على قضايا هامة كثيرة يمكن من خلالها فضح جرائم الاحتلال، فقضايا الجدار والاستيطان واللاجئين والمجازر واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا واستهداف الصحفيين والطواقم الطبية وقتل الأطفال جميعها جرائم حرب تحتاج لتسليط الأضواء عليها".

وأردف بالقول: كانت هناك مسؤولية عالية، والجميع قدم بلا استثناء، وأنا اعتقد أن هامش الحرية يفتح أفاقا للعمل بشكل مهني وحر لأي صحفي، لذلك يجب أن يحترم الصحفي الفلسطيني ولا يلاحق بالسب والشتائم إذا ما سها أو ذل لسانه، لأن الصحفيين الفلسطينيين كانوا دوما يحملون على عاتقهم الهم الفلسطيني ويخدمون بطريقتهم الوطن والمواطن".


العالم لم يدرك حجم الأزمة

الصحفي زكريا التلمس، مراسل التلفزيون الألماني من قطاع غزة أشار إلى تفاعل إعلامي كبير مع قضية أزمة الكهرباء، إلا أنه رأى أن العالم لم يدرك بعد حجم الأزمة.

ووصف التلمس الإعلام الفلسطيني في تعاطيه مع الأزمة بأنه "جيد"، والتعاطي الإعلامي العربي "معقول"، أما الإعلام العالمي برأيه لم يكن بحجم المأساة، لسبب أن حجم سيطرة إسرائيل على وسائل الإعلام العالمية كان أكثر اتساعا.

وانتقد التلمس ما سماه "احترام الصحفي حسب الحاجة له" في إشارة لتقلب المواقف لدى بعض الجهات تجاه الصحفيين.

وسائل الإعلام ساهمت في حل الأزمة

ويؤكد نائب مدير البرامج في فضائية الأقصى سمير أبو محسن أن وسائل الإعلام وتفاعلها المتميز هي صاحبة الفضل في تحريك موضوع أزمة الكهرباء، حيث أدركت تلك الوسائل حجم الحدث وتحركت لنقله إلى العالم.

وأثنى أبو محسن على قناة الجزيرة الفضائية مثمنا دورها الكبير في نقل معاناة الفلسطينيين خلال أيام الظلام الثلاثة الماضية.

كما قال إن فضائية الأقصى بذلت جهودا جبارة في هذا الإطار، حيث قطعت برامجها وخصصت موجات مفتوحة لأزمة الكهرباء، كما ساهمت عشرات المواقع الالكترونية بنفس الجهود، مؤكدا أن الأقصى ستستمر في حشد الدعم حتى رفع الحصار بشكل كامل.

وانتقد أبو محسن أداء تلفزيون فلسطين، وقال إنه أدخل الحسابات السياسية في صلب الأزمة دون دراسة حجم المخاطر الحقيقية التي خلفتها.

ورفض أبو محسن وصف التغطية الإعلامية للأزمة بأنه غوغائي، موضحا أن القضية إنسانية تمثلت في قطع الوقود وما ترتب عليه من مشاكل في كافة مناحي الحياة، مدللا على ذلك بحجم التحرك العربي والإسلامي والدولي.

وشدد أبو محسن على أن تركيز وسائل الإعلام على أي قضية يمكنها من تحقيق الهدف الذي تسعى إليه، حيث بمقدور هذه الوسائل أن تؤلب الرأي العام وتوقظ همته.

تغطية مكثفة

الصحفية ألفت الحداد، مراسلة إذاعة سوا رأت أن التغطية الإعلامية لأزمة الكهرباء كانت مكثفة جدا من قبل المحطات والإذاعات العربية والمحلية والدولية، حيث أعطوا مساحات واسعة لهذه القضية من كافة الجوانب، وأظهر الإعلام قضايا كانت مخبأة عن العالم، كمشاكل الصرف الصحي ونقص الأدوية في المشافي ونقص مياه الشرب الصالحة، ما خلق تعاطفا عالميا وعربيا وتحركا شعبيا واسعا.

وقالت الحداد: تجييش الإعلام لهذه القضية ناجح جدا، أدى للضغط على الحكومات للتحرك" رافضة الحديث عن عشوائية أو غوغائية في التغطية.

جدير بالذكر أن إسرائيل سمحت اليوم بدخول كمية ضئيلة جدا من الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء وغاز المنازل والسولار، إلا أن جمعية أصحاب شركات البترول رفضت تسلم السولار، وأخذت فقط وقود محطة الكهرباء.