نشر بتاريخ: 03/10/2017 ( آخر تحديث: 03/10/2017 الساعة: 12:50 )
القدس- تقرير معا- ميساء ابو غزالة- الطفلان المقدسيان يزن الحسيني وبلال غتيت من حي الشيخ جراح بمدينة القدس، حرمهما الاحتلال من حق التعليم وحق اللعب وحق حرية الحركة، حقوق كفلتها الأعراف والقوانين الدولية، الا انهما وغيرهم الآلاف من الأطفال الفلسطينيين محرومون من أبسط حقوقهم بسبب القوانين المجحفة بحقهم.
فالطفل يزن 13 عاماً حبيس مؤسسة داخلية في مدينة عكا شمال فلسطين، أما بلال 14 عاماً فحبيس منزله مقيد باسوارة الكترونية مثبتة على قدمه، فمنذ شهر نيسان/ ابريل الماضي تحولت حياتهما لتكون بين مداهمة منزليهما وانتزاعهما من سريرهما والاعتداء عليهما بالضرب والتحقيق معهما ثم تقديم لوائح اتهام ضدهما.. واليوم بانتظار الأحكام ضدهما بتهمة "تصنيع أسلحة وإلقاء زجاجة حارقة باتجاه بؤرة استيطانية في حي الشيخ جراح".
يزن محمد الحسيني: "مشتاق للقدس"
قالت والدة الطفل يزن الحسيني :"عندما اعتقل يزن في شهر نيسان الماضي، كان بالصف الثامن، وقد منع من إكمال دراسته، رغم أن السنة الدراسية كانت قد أوشكت على نهايتها، حيث حول بعد اعتقاله والتحقيق معه عدة ساعات للحبس المنزلي، وخوفا من أن تضيع سنته الدراسية ولم يكن أمامنا سوى المؤسسة الداخلية التي يمكث بها منذ نهاية أيار الماضي".
وأضافت :"يزن نفسه ورغبته ونحن أن يعيش بين أهله.. لكني محتارة بين أن يبقى حبيسا داخل منزله يمنع من الخروج لأي مكان أو أن يكون في عكا بعيدا عنا لكنه يستطيع الدراسة، فأنا أتعذب وهو بعيد عني لكن ما يخفف عني هو انه يدرس".
وتتذكر والدته صعوبة بُعد يزن عن العائلة في شهر رمضان وتقول :"كان يزن أول ولد يُبعد عن المنزل، وأول يوم رمضان كان له داخل المؤسسة كنا على مائدة الإفطار نتذكره باستمرار".
وأوضحت مدى خوفها عليه لأن المؤسسة الداخلية تأوي أشخاصا محتجزين في قضايا وتهم امنية وجنائية، لكنها ووالده يتابعانه باستمرار من خلال الزيارات والسؤال الدائم عنه.
وأضافت والدته :"أن العائلة تقوم بزيارة يزن كل شهر، رغم أن الزيارة مسموحة كل أسبوعين الا أن بعد المسافة تصعب من زيارته، مضيفة أنها تشعر بالضيق بعد كل زيارة عندما تغادر المؤسسة، خاصة عندما يقول لها أنه يحب ان يكون بينهم وأنه يريد العودة".
وقالت انها تفتقده كل يوم وبخاصة في المناسبات، مشيرة الى حرمان يزن من مشاركة وحضور حفل خطوبة شقيقه الأكبر في مدينة الخليل، كنت أبكي قهرا يومها لعدم حضوره حفل الخطوبة، - أضافت الأم.
محمد الحسيني – والد يزن– قال :"أن الاطفال في حي الشيخ جراح يعانون من استفزازات المستوطنين اليومية، فهناك العشرات من المستوطنين يعيشون داخل الحي بعد استيلائهم على عدة منازل من أصحابها الفلسطينيين، كما يعانون كأطفال فلسطين من الأخبار والاعتداءات المختلفة وأكثر ما أثر بهم حادثة حرق الطفل محمد أبو خضير وحرق منزل عائلة دوابشة".
وأضاف الحسيني:" أن المؤسسات الداخلية التي يحول لها أبناؤنا ليست سهلة، فهي أشبه بالسجون من حيث القيود على الحركة والمراقبة الدائمة ووجود الحراس والتقارير الدائمة التي تكتب وتسلم للمحكمة والمخابرات باستمرار"، لافتا الى أن خروجه من المؤسسة يكون بتقديم طلب الى المحكمة وفي حال موافقتها يبقى بالحبس المنزلي ويمنع من الخروج لأي مكان.
وحول كيفية قضاء يزن يومه داخل المؤسسة الداخلية أوضح يزن أنه يسير وفق برامج محددة تبدأ منذ الصباح حتى ساعات المساء، الدراسة وتعلم مهنة الحدادة وصناعة الحلي وغيرها من الفعاليات والأنشطة المختلفة."
وقال الطفل يزن :"مشتاق كتير للقدس، مشتاق للأقصى ولوالدي وأخوتي، أحب العودة الى المنزل".
بلال خليل غتيت.. ضغط نفسي وآثار سلبيةلا يختلف وضع الطفل بلال عن يزن.. بلال كان يجلس في منزله وفجأة أصبح وكأنه بصندوق مغلق، لا مناسبات اجتماعية ولا مدرسة يشارك فيها.
وتذكر والدته يوم اعتقاله وقالت :"اقتحمت القوات منزلنا ولم تنتظرنا لنوقظه من نومه بل اقتحمت غرفته وقاموا بضربه على رأسه، فيما وقف شقيقه الأكبر محمد وحاول إيقاظه ومنع ضربه مجدداً، إلا أن الجنود ضربوه هو الآخر وأبعدوه بالقوة واحتجزوه بغرفة بمفرده ثم اعتدي عليه بالضرب المبرح، ولم يسمحوا لبلال بارتداء ملابسه وحذائه أصيب حينها بحالة إغماء وتعب شديد".
وأضافت :"عرض على المحكمة عدة مرات، ثم قدمت لائحة اتهام ضده في المحكمة المركزية، وقضى أسيرا متنقلا بين سجن المسكوبية ومجدو، ثم أفرج عنه نهاية شهر أيار الماضي، بشرط الحبس المنزلي المفتوح بمرفقة "أسوارة الكترونية".
وقالت :"منعنا من زيارة ورؤيته مدة شهر ونصف وذلك في الفترة الأولى من اعتقاله".
وأشارت أن فترة بداية الاعتقال كانت صعبة خاصة وأنه كان يعاني من أوجاع في يده إثر تعرضه لحادث وكان بحاجة للعلاج، إضافة الى معاناته من أوجاع في بطنه، إضافة الى عدم السماح لهم بإدخال "الكنتين" في المسكوبية.
وقال والد الطفل بلال أنه مطمئن لوجود يزن بينهم، رغم أن الحبس المنزلي صعب للغاية للأسير ووالديه، وتتم مرافقته من قبل احد الوالدين على مدار 24 ساعة، يمنع الخروج من منزله لأي سبب، باستثناء جلسات المحاكم ولقاء "ضابط السلوك" بموعد محدد، حتى مدرسته لم يكملها "أعتقل وهو بالصف التاسع".
وأضاف :"يعاني بلال من ضغط نفسي فهو أكثر عصبية ولا ينام ليلا ولا يمكنه الخروج من المنزل، وفي عيد الأضحى عانى بشكل كبير خاصة عند رؤية أصدقائه وأهله والجيران يخرجون ويشاركون في فرحة العيد".
وأوضح بلال ان العائلة تعيش في سجن مع بلال، حيث يمنع هو وزوجته "الكفلاء " ترك بلال لوحده بالمنزل، وكذلك لا يشاركون بالمناسبات سويا.
وأشار أن قوات الاحتلال تداهم المنزل بين وقت وآخر للتأكد من التزام بلال بالحبس المنزلي، وقال:"أي خلل بالاسوارة الالكترونية أو الجهاز الملحق لها فإن القوات تداهم المنزل، حيث أنهم قاموا مرة بإيقاظه الساعة الثالثة فجرا، واذا انقطعت الكهرباء عن المنزل فإنهم يقومون بالاتصال الفوري بنا".
وأوضح والده أنه يقوم بدفع مبلغ 180 شيكل شهرياً لشركة الاتصالات "بيزك" عن الاشتراك في الجهاز والاسوارة، مضيفاً :"في حال مرض وبحالة للعلاج نقوم بالاتصال بالشرطة لأننا نمنع من أخذه الى العيادة القريبة ويسمح فقط بسيارة إسعاف الى مستشفى معين".
أما بلال فيقول :"مخنوق وزهقان حابب العب واطلع من الدار .. أرى الأولاد يلعبون وانا لا استطيع ذلك، زي السجن فالوقت لا يمر".
الطفلان يزن وبلال قالا وفي عيونهما حزن طفولي عميق :"الحرية حلوة"، حيث لا تزال قضيتهما بأورقة المحكمة المركزية في مدينة القدس، والتي أجل النظر بها لنهاية العام الجاري، وما يقلق عائلة الحسيني وغتيت أن يتم تحويل طفليهما للحبس الفعلي في سجون الاحتلال بعد هذه الفترة من المعاناة من الابعاد والحبس المنزلي.