القدس -معا- نظمت عمادة كلية العلوم الإدارية والاقتصادية بفرع جامعة القدس المفتوحة في رام الله والبيرة، ندوة علمية حول "الحوكمة ومكافحة الفساد في مؤسساتنا الفلسطينية"، وقد عقدت الندوة تحت رعاية رئيس الجامعة أ. د. يونس عمرو، بحضور مدير فرع رام الله والبيرة د. حسين حمايل، وعميد كلية العلوم الإدارية والاقتصادية د. يوسف أبو فارة، وبمشاركة واسعة من طلبة الكلية وأعضاء هيئة التدريس.
ورحب مدير فرع رام الله والبيرة د. حسين حمايل بالحضور، ناقلاً إليهم تحيات رئيس الجامعة أ. د. يونس عمرو وتقديره واهتمامه بموضوع هذه الندوة. وأكد أن الجامعة تبدي اهتماماً كبيراً بعقد الأنشطة والفعاليات التي تعزز العلاقة بين الجامعة والمجتمع المحلي، مشجعاً الطلبة على المشاركة الفاعلة في تنظيم هذه الأنشطة، موضحاً انعكاسات ذلك على بناء شخصية الطالب وزيادة مهاراته وقدراته على الانخراط بنجاح في أسواق العمل. ثم تناول أهمية الحوكمة وأهدافها وتأثيراتها المختلفة على الشراكات والمجتمع.
وأشار د. أبو فارة إلى أن الجامعة أبدت خلال السنوات الأخيرة اهتماماً ملحوظاً بالحوكمة ومكافحة الفساد ونشر ثقافة الحوكمة، من خلال تضمين موضوعات الحوكمة ومكافحة الفساد ضمن المناهج الدراسية للجامعة، حيث تم اعتماد مقرر "حوكمة الشركات"، ومقرر "النزاهة والشفافية والمساءلة لمكافحة الفساد" ضمن مقررات كلية العلوم الإدارية والاقتصادية الإجبارية والاختيارية، كما تم إدراج مقرر "مكافحة الفساد: التحديات والحلول" ضمن المقررات الاختيارية لجميع طلبة الجامعة.
واستعرض د. أبو فارة في كلمته التطور التاريخي للحوكمة والأسباب التي أدت إلى نشوء الحوكمة وتبنيها في المؤسسات، وتناول العلاقة الوثيقة بين الحوكمة والتنمية ودور الحوكمة في جذب الاستثمارات إلى البلدان الأكثر تطبيقاً لمبادئ الحوكمة ومضامينها.
وتحدث في الندوة كذلك د. عبد الرحيم طه من مؤسسة (أمان)، مؤكداً في الورقة التي عرضها أن الفساد جريمة وآفة لا يقتصر انتشارها على قطاع معين دون غيره، فالفساد كما قد يكون القطاع العام مجالاً له قد يطال القطاع الخاص والقطاع الأهلي، كما أن جريمة الفساد لا يقتصر انتشارها على دولة معينة بذاتها لكنه موجود في جميع دول العالم ولكن بنسب متفاوتة.
وتطرق د. طه إلى مفهوم الفساد من الناحية اللغوية والاصطلاحية، إضافة إلى تعريف الفساد كما جاء في المواثيق الدولية والتشريعات الفلسطينية، ثم استعرض أشكال الفساد المتعددة، مشيراً إلى أن الفساد ينقسم بشكل عام إلى فساد إداري وفساد مالي وفساد أخلاقي وفساد سياسي، ويتخذ الفساد الإداري عدة صور كالواسطة، والمحسوبية، والمحاباة، واستغلال النفوذ الوظيفي، والتهاون في أداء واجبات الوظيفة، أما الفساد المالي فينطوي تحته مجموعة من الصور كالرشوة، والكسب غير المشروع، وغسيل الأموال، واختلاس المال العام، وهدر المال العام، وغير ذلك. أما عن أسباب انتشار الفساد فهي متعددة، ومنها ضعف سيادة القانون، وضعف الجهاز القضائي، وغياب أو ضعف الإرادة السياسية، وضعف أجهزة الرقابة، وغياب الشفافية، وتضارب المصالح، وضعف الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني، والفقر، والجهل، وتدني الرواتب والأجور مع ارتفاع مستوى المعيشة، وغير ذلك من الأسباب.
وتحدث د. طه عن الجهود الدولية لمكافحة الفساد، بالإضافة إلى التعرض للبنية القانونية والمؤسساتية لمكافحة الفساد في فلسطين، وكذلك تم عرض دور حوكمة الشركات في مكافحة الفساد، وأشار إلى أن غياب النظم والإجراءات وضعف الرقابة والشفافية والنزاهة والإفصاح عن المعلومات لدى الشركات المساهمة العامة من شأنه أن يؤثر على أداء تلك الشركات ويشكل بيئة مواتية لانتشار الفساد بجميع أشكاله وصوره.
وقدم عضو هيئة التدريس في فرع جنين أ. د. فتح الله غانم ورقة أخرى حول الإطار العام لحوكمة الشركات، والحوكمة السليمة، ونقاط الفشل في تطبيق الحوكمة، والنموذج الأساسي للحوكمة الجيدة، ومبادئ الحوكمة. وتناولت الورقة الحوكمة في الشركات التي يغلب عليها طابع العائلية، بالإضافة إلى عرض نتائج مقارنة لسبع شركات صناعية وسبع شركات خدمية، للكشف عن سير العمل في تلك الشركات من واقع التقارير السنوية التي تصدر عن تلك الشركات، كما تطرقت الورقة للحديث عن ما جاء في مدونة الحوكمة الصادرة عن هيئة سوق رأس المال الفلسطينية، والمعايير التي وضعتها للشركات الفلسطينية ومدى التزام الشركات الفلسطينية في تطبيقها، وكان من أهم النتائج وجود تباين واضح في أداء الشركات الصناعية. وأشار الدكتور غانم إلى أن شركة الزيوت النباتية كانت من أفضل الشركات من حيث الأرباح، والعائد على حقوق الملكية، في حين كانت شركة الاتصالات الفلسطينية من أفضل الشركات الخدمية من حيث الأداء، إلا أنه تبين وجود إخفاقات في أداء بعض الشركات الأخرى كارتفاع نسبة المديونية، والخسائر التي تتكبدها هذه الشركات منذ سنوات متتالية.
وقدم عضو هيئة التدريس في فرع رام الله والبيرة د. مروان أبو هلال ورقة أخرى حول دور حوكمة الشركات في الحدّ من ممارسات المحاسبة الاحتيالية (الإبداعية)، مشيراً إلى أن المحاسبة الاحتيالية تمارسها شركات كثيرة من خلال معالجة الأرقام باستغلال الثغرات والمعايير المحاسبية والبدائل التي تتيحها بغرض تحويل القوائم المالية من الحالة التي يجب أن تكون عليها إلى حالة أخرى غير صحيحة وغير واقعية، إذ إن المحاسبة الاحتيالية تستخدم في تجميل صورة المؤسسة تجميلاً صورياً من خلال إظهار ربحية غير حقيقية أو مركز مالي غير حقيقي بهدف الحصول على تسهيلات ائتمانية من البنوك ولاستقطاب المستثمرين وزيادة رضا المساهمين ولأهداف أخرى كثيرة. وأوضح الدكتور أبو هلال أهمية حوكمة الشركات في الحدّ من ممارسات المحاسبة الاحتيالية المخلتفة.
وفي ختام الندوة، قام مدير الفرع د. حسين حمايل وعميد كلية العلوم الإدارية والاقتصادية د. يوسف أبو فارة والمساعد الأكاديمي للفرع د. معتصم مصلح بتوزيع شهادات اجتياز مساق "حوكمة الشركات" على حوالي (160) طالباً وطالبة، وهي شهادات صادرة عن هيئة سوق رأس المال الفلسطينية ومؤسسة التمويل الدولية.