نشر بتاريخ: 18/10/2017 ( آخر تحديث: 18/10/2017 الساعة: 17:06 )
الكاتب: تحسين يقين
ونحن نبحث عن معلومات حول هذا اليوم العالمي، استرعى انتباهنا صورة ثور معدني تواجهه فتاة معدنية صغيرة، لعل الرمز فيها هو ما أثار الانتباه وهو الذي سكن لوحة الفنانة التشكيلية السورية عبير أحمد، التي وضعت في لوحتها امرأة أمام ثور آخر.
بالتدقيق بمجسم الثور المعدني، علمت أن شركة في الولايات المتحدة الأمريكية، لجأت إلى أسلوب مغاير بغرض لفت الانتباه إلى دور المرأة الأمريكية في سوق العمل، ووضعت تمثالا من البرونز لفتاة أمام تمثال برونزي شهير لثور يقع في شارع وول ستريت وهي تنظر إليه بتحد واضح.
المتحدثة باسم شركة "ستيت ستريت جلوبال أدفايزورز"، ذكرت إن وضع التمثال الذي يصور تلميذة صغيرة أمام تمثال الثور الضخم عشية الاحتفال بيوم المرأة العالمي ما هو إلا طريقة لجذب الانتباه لغياب المرأة عن مجالس إدارة الشركات والفجوة في أجور العاملات في الخدمات المالية.
في العمل الفني الأول، وجد الثور الهائج، في سياق تراثي، حيث كثيرا ما توجد مثل هذه الثيران والبقرات المعدنية في الولايات المتحدة، كإشارة للحياة الزراعية الأمريكية، كالتمثالأمام المركز الثقافي في شيكاغو التي اشتهرت بالزراعة. فكانت إضافة الفتاة المعدنية إضافة فنية معبرة عن جرأة المرأة، بل الفتاة في مواجهة المجتمع، خصوصا في ظل فجوات الأجور وغيرها، وصولا إلى مراكز صنع القرار.
في العمل الفني الثاني، للفنانة السورية عبير أحمد، والتي حين أبدعت في رسم امرأة تواجه ثورا، فإنها أظهرت المرأة قوية متماسكة، وهي برمحها المواجه للثور كأنها تهدده، فظهر مترددا وخائفا، يود لو اقترب لينطحها، لكن أنى له وهذا الرمح في يد هذه الواثقة بنفسها إلى آخر مدى!
ما بين الولايات المتحدة، وبين سوريا مسافات طويلة، لكن قضية المرأة فيهما واحدة، وقد أجاب الفن عن هذه القضية الإنسانية، حيث لا بد من التحدي والجرأة من أجل تحصيل الحقوق، التي يبدو انها لن تقدم على طبق ذهب ولا فضة، فلا بد من حركة نسوية حقوقية ومجتمعية تؤمن بحقوق المرأة، تؤسس لها بالاهتمام مبكرا بالطفلات والفتيات.
لقد اختارت الأمم المتحدة شعار "كوني جريئة من أجل التغيير" هذا العام 2017 كقضية هامة للاحتفال بالفتيات؛ فالإنسان يعتاد على نمط معين، يشكل منطقة أمان له، لها، وللمجتمع ككل ولنظام الحكم. لذلك فإن الجرأة هنا شرط للتغيير.
- والفتى؟
- والفتى!
- ...........؟
- ونحن نبني كل عمود، أو ننوي البناء، لعلنا نؤكد عليه كأن لو كان العمود الوحيد؛ فهذا سيمنح البناء قوة، حيث أن التقصير أو الأهمال بأحدها، سيقوّض باقي الأعمدة! هو سياق الفتاة سياق اجتماع المرأة ونظام الحكم، أي هو سياق المجتمع بشكل عام. لذلك ليس هناك أي تناقض؛ فاتفالنا بالزهر لا يعني إهمال الورود.
- ويوم المرأة؟
- هو غير يوم الفتاة؛ لخصوصية العمر!
- وهل هناك خصوصية للمكان هنا؟
- سأحاول!
أولى حقوق الفتيات والفتيان الكرامة والمساواة الحق في الحياة، وحماية هذا الحق تحت الاحتلال، لذلك ونحن نشارك العالم إحياء هذا اليوم، فإننا نؤكد على حق شعبنا في التحرر والسلام وإقامة دولتنا المستقلة.
- لعلك دخلت في خصوصية المكان؟
إننا من فلسطين نضم صوتنا، ونؤكد على عملنا من أجل حماية حقوق الفتيات، وتوفير المزيد من الفرص لحياة أفضل، ودعم حقوق القانونية، والرعاية الطبية لهن، وحمايتهن من التمييز والعنف. إن فتياتنا كما فتيات العالم تستحق جميعهن التمتع بالمساواة والكرامة.
ولكن لعلنا هنا نؤكد على أولوية الحياة والكرامة والأمان!
إن الفتيات يعانين من الصراعات كما يعاني الفتيان وباقي قطاعات شعبنا، كما أن الجزء الأكبر من فتياتنا يعانين اللجوء والتهجير الذي توارثنه على مدار 69 عاما، مما يجعل الفتيات بشكل خاص يتعرضن لظروف سيئة، منها التزويج المبكر، حيث أن كثيرا من عائلات اللاجئين يزوجون فتياتهم من أجل سلامتهن مثلما يحدث فى مخيماتنا في فلسطين وسوريا ولبنان.
واعتمدت منظمة "أنقذوا الطفولة"، فى تقييمها على خمسة مؤشرات؛ زواج الأطفال والحمل فى مرحلة المراهقة، ومشاركة المرأة فى البرلمان، ووفيات الأمهات، وإتمام الفتيات تعليم المرحلة الثانوية.
ويكشف تقرير منظمة "أنقذوا الطفولة"، أن الفتيات يعانين من الصراع حيث أن كثير من عائلات اللاجئين يزوجون فتياتهم من أجل سلامتهن مثلما يحدث فى سوريا ولبنان.
وكنا متوقعين أن تذكر المنظمة المذكورة فلسطين، من بين هذه الدول التي عانت وما زالت تعاني، فقد تعرضت اللاجئات الفلسطينيات لمثل ما تعرضن باقي اللاجئات، كذلك الحال للفلسطينات داخل فلسطين المحتلة، واللاجئات منهن، وعلى وجه الخصوص من اكتوين وأسرهن من ويلات الحرب على غزة.
إننا ونحن نقدر دور المنظمة فى تقييمها لوضع الفتاة في العالم، اعتمادا على خمسة مؤشرات: زواج الأطفال والحمل فى مرحلة المراهقة، ومشاركة المرأة فى البرلمان، ووفيات الأمهات، وإتمام الفتيات تعليم المرحلة الثانوية، فإننا موضوعيا نجد أن هناك ضرورة دائمة للتذكير بأثر الاحتلال على المجتمعات والشعوب، خصوصا أن النساء هن من يدفعن الثمن، ولعل الصفعة الي يتلقينها هي الأكثر إيلاما.
هناك شعوب تعاني من جوانب وشعوب أخرى لها متاعب معقدة وصعبة، فإن كانت مشاكل كثيرة في طريقها الى الحل في مجالات التقييم الخمسة المذكورة أعلاه، فإن مشكلة الاحتلال ما زالت قائمة وتزداد تعقيدا، وألما.
لقد انتبه شعبنا منذ عقود طويلة لأهمية التعليم، وتعليم الفتيات بشكل خاص، كونه يشكل أولا استجابة لحقوقهن كما الفتيان، وكونه الأداة الفعالة لنهضة المرأة، وحمايتها، وتشجيع مشاركتها في المجتمع، وتفعيل دورها الوطني والعلمي الذي نفخر به جميعا.
والآن، من المهم أن يفعل العالم ومؤسساته العاملة في مجالات حقوقية شيئا باتجاه إنهاء الاحتلال، ولعل تلك المؤسسات العاملة هنا، تؤكد من خلال رسائل للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وللمؤسسات الدولية، وعلى رأسها المؤسسة الأممية، بضرورة إنهاء الاحتلال في أقرب فرصة، حماية للإنسان هنا، رجلا كان أو امرأة أو فتاة.
لتكن هذه المؤسسات جريئة أكثر في اليوم العالمي للفتاة، الذي جعل الطلب من الفتاة ان تكون جريئة شعارا لهذا العام.
[email protected]