السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

فوز المتوكل طه والياس نصر الله بجائزة "إحسان عباس"

نشر بتاريخ: 22/10/2017 ( آخر تحديث: 22/10/2017 الساعة: 12:56 )
فوز المتوكل طه والياس نصر الله بجائزة "إحسان عباس"
عمان- معا- أعلن رئيس وأعضاء مجلس إدارة ملتقى فلسطين الثقافي، يوم أمس، عن فوز الشاعر المتوكل طه والكاتب الياس نصرالله بجائزة إحسان عباس للإبداع والثقافة، بدورتها الرابعة للعام 2017، بناء على قرار مجلس أمناء الجائزة، الذي انعقد مؤخراً في العاصمة الأردنية عمان.
ويتكون مجلس أمناء الجائزة من عدد من الأساتذة الكبار في مجال الثقافة والادب والبحث والإبداع، من فلسطين والأردن ولبنان وتونس والسودان وهم: " د. ابراهيم شبوح من تونس، ود. ابراهيم السعافين ود. محمد عصفور ود. حسين بكار من الاردن، ود. وداد القاضي من مصر، ود. عز الدين عمر موسى من السودان، ود. إسامة احسان عباس، والروائي يحيى يخلف من فلسطين" ، إضافة إلى د. إبراهيم أبو هشهش باعتباره منسقاً للجائزة.
وجاء في تقرير المجلس عن الكتابين الفائزين "شهادات على القرن الفلسطيني الأوّل" تأليف إلياس نصر الله و" أيام خارج الزمن" تأليف المتوكل طه، فإن كتاب " أيام خارج الزمن " للمتوكل طه الذي صدر مؤخراً عن دار فضاءات في الأردن، ويقع في أكثر من ثلاثمائة صفحة تناولت جوانب مختارة من حياة الكاتب، تناولت دراسته وتأهيله العلمي وما تعرّض له من تحدّيات، وأشار إلى سيرته الأدبية والمهنية والنقابية، وقد توقّف طويلاً عند اعتقاله وما تعرّض له من إهانة وتعذيب في سجون الاحتلال. وجعل تجربة سجنه نموذجًا مصغراً لما يتعرّض له الفلسطينيون في الأراضي المحتلة من عسف وبطش وتعذيب. وتوقّف عند مدينة رام الله وتحوّلاتها خلال أربعين عامًا راسمًا لوحة دقيقة لتحوّلات الزمن والعمل والصداقات، وتحدّث عن زواجه من فتاة مقدسية ليقف عند مدينة القدس طويلاً ، وتحدث عن الانتقاضة حديث الفخر بمنجز قلّ نظيره، وتوقّف طويلاً عند بعض الأصدقاء الشعراء مثل عبد اللطيف عقل وحسين البرغوثي وفدوى طوقان وعلي الخليلي وسميح القاسم، وعند أُمّه الحاجة عفيفة وصلته بها وبقلقيلية ، التي نبتت من الرماد بعد أن كاد يبتلعها الاحتلال، وقرسم صورة بالغة التأثير لعلاقته بأُمّه في حياتها وموتها. وختم هذه السيرة برؤية وتأمّل للنصّ والعالَم، كيف يرى النصّ وكيف يكتبه وكيف يرى العالم من خلال وطنه الصغير ، الذي يقف على حدّ السكين. وقد أظهرت هذه السيرة قدرة الكاتب الأدبية حين لوّن الوقائع والأحداث والتأملات بإحساسه الفني العميق.
أما كتاب "شهادات على القرن الفلسطيني الأول " فيقع هذا الكتاب في 700 صفحة من القطع الكبير صادر عن دار الفارابي في بيروت، وهو يسجل سيرة الكاتب الذاتية على ضوء حياة الأسرة وقرية شفا عمر مكان ولادة الكاتب. وقد توقّف عند طفولته وصباه في الخمسينيات والستينيات، ثم امتدّ إلى ما بعد ذلك راسمًا صورة زاخرة للحياة السياسية والاجتماعية وما جرى فيها من نشوء المقاومة على صعيد الأراضي المحتلة عام 1948، أو في الشتات. وتناول حقبة عمله في الصحافة في صحيفة الطليعة في القدس ثم عمله صحافيًا في العاصمة البريطانية. وكان يرفد سيرته الشخصية بسيرة وطنه معتمدًا الوثائق التاريخية والكتب ذات الصلة، وتوقف عند بعض الأحداث المهمة في ظل انعدام حرية الرأي واختطاف المعارضين والنشطاء السياسيين واعتقالهم وتطرق للمعارك الصحفية وما جرى لأصحاب الرأي الحر مثل رسام الكاريكاتير ناجي العلي. وتزخر السيرة بالمواقف الوطنية وبالرؤية العميقة للقضية الفلسطينية وما تتعرض له من أخطار في المستقبل.
ورأى مجلس الأمناء أنّ هذين العملين اللذين يرصدان تحوّل المشهد الفلسطيني في الأرض المحتلة ويعبّران بصدق عن حياة كل من الكاتبين على ضوء حياة الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطسنية وما يجري من تحوّلات يستحقان نيل جائزة إحسان عباس للثقافة والإبداع (مناصفة).
حول الكتابين :
لقد كشف المتوكل طه في هذا الكتاب أسراراً وخفايا تُقال لأول مرّة، مثلما قدّم تفسيرات وتوضيحات جلت العديد من الأسباب الكامنة وراء ما جرى في فلسطين، وولج إلى أخصّ الخصوصيات في غير مرحلة من السنوات الخمسين التي غطّاها الكتاب. باختصار إنه كتاب" كاشف ومفاجئ وجريء .. وغير متوقَّع !
وقد اعتمد الكتاب على قاعدة أن السِيرة الحقّة هي غير المُنقّاة أو المُغربلة أو المُنْتقاة، بل تلك التي تفرد بساطها وتضع كل بضاعتها، ليرى المُتلقّي المشهد من أوّله إلى آخره، وليتمكّن من تفكيك الأسباب والمرجعيات والدوافع، التي كانت وراء كلّ فعل، مهما بلغت غرابته وحدّته، والصدمة التي يُحدِثها، خصوصاً أنّ لدى كلِّ واحدٍ منا من الأسرار ما لا يُعدّ، وما لا يُمكن قوله .. ما جعل هذا الكتاب وثيقةً تعكس الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والفكري، في فلسطين من 1967 إلى 2017.. كما عمل على تأصيل روايتنا، التي مهما كانت شخصيةً ذاتيةً، فإنّها تظلّ سيرةً عامةً؛ لصعوبة فصم الخاص عن العام، وتداخلهما في وضعنا المعيش، وحتى لا تظلّ ذاكرتنا عُرْضةً للفناء والعذرية والعدم، ولأن المعاناة بصمتٍ تُعمّقها، وعلى العالَم أن يعرف" كما قال المؤلف.
ولم يتقيد الكاتب بنمطٍ كتابيٍّ جاهز، ولم ينتهج مسرباً متوقَّعاً، بقدر ما كتب ما ورِد على خاطره، دون التزامٍ مُبرمَجٍ بالتتابع الزمنيّ ، أو بتسلسل الأحداث، لأنه كما أشار" لا أؤمن بشكلٍ أدبيٍّ نهائي ينبغي اعتماده عند كتابة السيرة، فلكلّ سيرةٍ نكهتها وحمولتها وطرائقها في القول. وأعتقد أنّ السيرة تحتمل شيئاً من الفنتازيا والخيال، مثلما يصحّ كتابتها بأسلوبٍ أقرب إلى الشِّعر أحياناً، وأن تستعين بكلّ الأشكال الأدبية، من مقالٍ وقصةٍ وسردٍ وحوارٍ وسيناريو وتشكيلٍ، وتعجنها بعضها في بعض، وتقدّم مُنتَجك الخاص."
أما كتاب الياس نصر الله فإنه يروي سلسلة من القصص والأحداث المهمة في تاريخ فلسطين الحديث كان الكاتب شاهداً على القسم الأكبر منها أو كان طرفاً فيها، وأخرى سمعها مباشرة من أصاحبها فدوّنها بأسلوب التحقيق الصحافي الشيق. وهي مادة أولية لم يسبق لها أن نشرت، وهي أشبه ما تكون بسجل وقائع تاريخية لفترة زمنية محددة.
فالكتاب ليس مذكرات شخصية أو سيرة ذاتية، بل هو أوسع من ذلك بكثير. فمن خلال إعطائه فكرة عن خلفيته العائلية والاجتماعية والسياسية قدم نصرالله على سبيل المثال صورة عن الحياة في مدينة حيفا ومنطقة الجليل في فلسطين خلال الفترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية وعن سقوط فلسطين عام 1948.
كذلك يعرض الكاتب قصة تشرده وعائلته ولجوئهم إلى لبنان ومغامرة عودتهم إلى فلسطين، وقدم شهادة دقيقة على تلك الفترة وعلى تشريد مئات آلاف الفلسطينيين من ديارهم.
ويرى نصرالله أن نكبة الشعب الفلسطيني لم تنته عام 1948، بل لا تزال مستمرة إلى اليوم، والدليل على ذلك الشهادات الحية التي قدّمها في الكتاب، حيث يقول إن العالم لم يسمع بعد قصة البقية الباقية من الشعب الفلسطيني في الوطن الذي احتلته إسرائيل عام 1948 والحياة التي عاشها أفراد هذه البقية في ظل الحكم العسكري الإسرائيلي، فيقدم لنا نصرالله روايته ورواية أفراد عائلته نموذجاً لهذه التجربة المريرة والمؤلمة.
ويرسم لنا نصرالله صورة نادرة عن الأجواء التي سادت في إسرائيل عشية حرب حزيران/يونيو 1967 وقصة التحاقه بالجامعة العبرية في القدس الغربية وانتقاله مباشرة للعيش في مدينة القدس بعد انتهاء الحرب ومشاهدته آثار الفظائع التي ارتكبها الإسرائيليون في القسم الشرقي من مدينة القدس الذي احتلته إسرائيل في تلك الحرب، ويقدم صورة عن الحياة في الأراضي الفلسطينية التي أصبحت بكاملها محتلة، وعن الحياة التي عاشها الطلاب العرب في الجامعة العبرية في تلك الفترة، وانخراطه في العمل السياسي وتعرفه على المحامية الإسرائيلية فليتسيا لانغر التي تطوعت للدفاع عن الفدائيين وغيرهم من المعتقلين السياسيين الفلسطينيين، ويلقي الضوء على معاناة المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال. ويتوقف مطولاً عند دخوله معترك العمل الصحافي، حين عمل في البداية مراسلاً لصحيفة “الإتحاد”، أقدم جريدة في فلسطين التي تصدر في حيفا، ثم محرراً في جريدتي “الشعب” و”الفجر” الفلسطينيتين اللتين صدرتا عام 1972 في القدس المحتلة ولاحقاً محرراً مسؤولاً لجريدة “الطليعة” الأسبوعية. من خلال تجربته في تلك الصحف قدم لنا عرضاً مهماً وتوثيقياً لجزء أساسي من تاريخ الصحافة الفلسطينية في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
تعريف بالكاتِبين :
وُلِد إلياس بطرس نصرالله سنة 1947 في شفا عمرو، بالجليل الفلسطيني، ومنذ بواكير شبابه برز في ساحة النشاط السياسي، وهو ما قاده إلى ميدان النشر والإعلام، فالتحق بجريدة "الاتحاد" في حيفا، ثم جريدتي "الشعب" و"الفجر" في القدس المحتلة، وفيها أسس أيضاً جريدة "الطليعة" قبل أن ينتقل للعيش في بريطانيا منذ عام 1979.
وولد الشاعر الكاتب المتوكل طه في مدينة قلقيلية العام 1958، ويحمل شهادة الدكتوراة في الآداب . صدر له قرابة الخمسين كتاباً في الشعر والسرد والنقد والفكر.
وقد اعتقلته سلطات الاحتلال الإسرائيلي غير مرّة. وانتخب لأربع مرات رئيساً لاتحاد الكتّاب الفلسطينيين ، كما انتخب رئيساً للهيئة العامة لمجلس التعليم العالي الفلسطيني ، وشغل منصب وكيل وزارة الإعلام الفلسطينية ، وأسّس "بيت الشعر" في فلسطين العام 1998، مع عدد من المبدعين الفلسطينيين ، وترأسه لمدة ثمانية أعوام . عمل محاضراً في غير جامعة فلسطينية . وهو عضو مجلس أمناء جائزة فلسطين الدولية للإبداع والتميّز ، ويعمل سفيراً بوزارة الخارجية . وحاز على العديد من الجوائز ، منها جائزة " الحرية " و" القدس " و"الإبداع المقاوم " .
عن الجائزة وصاحبها :
وقال رئيس ملتقى فلسطين الثقافي رئيس اتحاد الناشرين فتحي البس؛ إن جائزة إحسان عباس تمنح لعمل نقدي يتعلق بالإبداع الفلسطيني في الأدب والثقافة على شرط أن تتوفر فيه سمات الأصالة والجدة والابتكار والعمق لكاتب فلسطيني أو عربي أو أجنبي، وأن يكون العمل مطبوعاً خلال السنتين الأخيرتين أو قيد الطباعة، وأن لا يكون العمل المرشح قد قدم للحصول على درجة علمية أو أكاديمية أو سبق حصوله على جائزة أخرى.
من جانبه، قال رئيس مجلس أمناء الجائزة البروفيسور إبراهيم السعافين" تحتفي الجائزة بإحسان عبّاس لأنه قامة شامخة لها خصوصية في التأسيس لكل هو جمالي وإبداعي وإنساني، مشيراً إلى أن عباس تأسس ليكون مثقفا وعالما وهو نتاج الصناعات الكبيرة، وهذا ما مكّنه ليكون في طليعة المثقفين، أديبا ومثقفا ومترجما وناقدا فذا، لافتا إلى أن عباس لو استمر في كتابة الشِعر لكان من أهم شعراء العربية في العصر الحديث".
واشار د.السعافين إلى أن عباس الناقد الأول للشِعر الحديث، واستطاع ان يضعه في مكانه، وقد احتفت جامعة شيكاغو بمكانته الإبداعية، مؤكدا في الوقت نفسه أن هذه الجائزة تأخذ قيمتها من شخصية إحسان عباس، هذه القيمة أتصورها خالصة للثقافة والعلم وللقضية الفلسطينية والانسانية عامة.
وقد ولد شيخ أدباء فلسطين إحسان عباس ، الذي حملت الجائزة اسمه ، في فلسطين في قرية عين غزال في حيفا بفلسطين سنة 1920م، وفيها أنهى المرحلة الابتدائية ثم حصل على الاعدادية في صفد، ونال منحة إلى الكلية العربية في القدس، ثم عمل في التدريس سنوات، التحق بعدها بجامعة القاهرة عام 1948م حيث نال البكالوريوس في الأدب العربي فالماجستير ثم الدكتوراة.
كان غزير الإنتاج تأليفاً وتحقيقاً وترجمةً من لغة إلى لغة؛ فقد ألّف ما يزيد 25 مؤلفا بين النقد الأدبي والسيرة والتاريخ، وحقّق ما يقارب 52 كتاباً من أمهات كتب التراث، وله 12 ترجمة من عيون الأدب والنقد والتاريخ.