السبت: 11/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

الهيئة المستقلة تقدم تحليلا للموازنة العامة من منظور حقوقي

نشر بتاريخ: 25/10/2017 ( آخر تحديث: 25/10/2017 الساعة: 19:41 )
رام الله - معا - أجرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" تحليلاً للموازنة العامة للعام 2017 من منظور حقوق الإنسان، وأبدت ملاحظاتها وتوصياتها التي تقدمت بها للدكتور رامي الحمد الله رئيس مجلس الوزراء والدكتور شكري بشارة وزير المالية، حول الحق في الصحة، الحق في التعليم، حقوق الفئات المهمشة، تمكين المرأة.
وانطلقت الهيئة من تحليلها للموازنة كم مبدأ تأصيل العمل التعاون واسداء النصح والمشورة لصانعي القرار،ولضمان تحقيق العدالة في توزيع الأعباء والموارد، بغية تحقيق الأهداف التنموية الواردة في أجندة السياسات الوطنية 2017-2022وتعزيزاً لانتفاع الفئات المختلفة من الموارد المتاحة.
وفيما يتعلق بالإطار العام للموازنة، لاحظت الهيئة انخفاض مساهمة الخزينة العامة في النفقات التطويرية، الأمر الذي لا يتلاءم مع الاحتياجات التطويرية، ولا يتناغم مع الزيادة في النفقات الاخرى مما ينعكس بشكل سلبي على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وجودتها وخصوصا في مجالات الصحة والتعليم وتمكين الفئات المهمشة، وفي تحسين بنية تحتية اقتصادية واجتماعية لتحفيز المساهمة الاجتماعية للقطاع الخاص.
كما لاحظت عدم تضمين الموازنة لخطة التقشف وترشيد النفقات العامة التي أعلنت عنها الحكومة علما ان الفجوة التمويلية بلغت ما مقدراه (1,838) مليون شيكل، ومع تدني نسبة النفقات على الفئات المهمشة والنفقات التطويرية فإن الهيئة تخشى أن يأتي تقليل الفجوة التمويلية على حساب إعمال الحقوق الاقتصادية في مجالات عديدة.
وفيا يتعلق بالحق في الصحة، لاحظت الهيئة أن موازنة وزارة الصحة لم تبنى انطلاقاً من منظور الحقوق وغياب مؤشرات لقياس الحق في الصحة، ولا سيما عنصري توافر الخدمات والجودة في الرعاية الصحية، الأمر الذي لم يمكن الهيئة من تحليل البرامج في الموازنة المذكورة لمعرفة مدى إعمال الموازنة لحق الإنسان في الصحة، ومدى استجابتها للمعايير الدولية لهذا الحق.لا سيمافيما يخص انخفاض نصيب الموازنة التطويرية من اجمالي موازنة وزارة الصحة، وانخفاض نسبتها من الموازنة التطويرية في الموازنة العامة ككل.
وفيما يتعلق بالحق في التعليم، فقد أشادت الهيئة بانسجام الخطة الاستراتيجية لقطاع التعليم 2017-2022 وأجندة السياسات الوطنية ومواءمتها مع معظم المتطلبات التي وضعتها المعايير الدولية للحق في التربية والتعليم كما ورد في التعليق العام رقم 13 للعام 1999، وذلك فيما يخص مبدأ التوافر، ومبدأ إمكانية الالتحاق، ومبدأ إمكانية القبول، ومبدأ قابلية التكيف. وتعتبر الموازنة المخصصة لبرنامج التعليم الموازي غير كافية لإعمال الحق في التعليم لبعض الفئات، فهي لا تستهدف الأشخاص ذوي الإعاقة، وبخاصة أن بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام 2011، تشير إلى أن 53% من الأشخاص ذوي الإعاقة أميون، كما لم تتطرق الأهداف إلى زيادة عدد مراكز محو الامية وتعليم الكبار في المناطق المحرومة وفي المناطق المسماة (ج).
وحول حقوق الفئات المهمشة،لاحظت الهيئة أن عدد الأسر المستهدفة في برنامج التمكين ومكافحة الفقر ومساعدة الأسر الفقيرة والمهمشة على توفير احتياجاتها الأساسية (111,860) أسرة، سيتم تقديم مساعدة نقدية منتظمة لها بقيمة 750 -1800 شيكل، حسب معادلة الاستهداف-كل ثلاثة شهور. الامر الذي يعتبر تراجعاً عن عدد الأسر التي كانت مستهدفة في موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية سنة 2016، والذي كان محدداً بـ (120) ألف أسرة. من جانب آخر لا يعكس هذا العدد حجم الأسر الفقيرة التي يتوافر لدى وزارة التنمية الاجتماعية بيانات تفصيلية لها والمقدر عددها بـ (200,000) أسرة، وهذا يعني أن هناك حوالي (80) ألف أسرة فقيرة، لن تحصل على مساعدات نقدية منتظمة. ويرجع ذلك في جزء منه إلى تقليص موازنة وزارة التنمية الاجتماعية من قبل وزارة المالية بالمقارنة مع الاحتياجات الفعلية، والتي حددتها الوزارة نفسها.
وحول الموازنة الخاصة بتمكين المرأة،بلغت موازنة وزارة شؤون المرأة في العام 2017، مبلغ (6,321,400) شيكل، من اجمالي النفقات الجارية والبالغة (15,197,000,000) شيكل. أي ما نسبته (0.04%) من اجمالي النفقات الجارية، مما يعكس تدني نسبة الانفاق الحكومي على برامج المرأة مقارنة بالبرامج الأخرى التي تعتمدها الموازنة العامة، على الرغم من اتساع الفجوات التي ترصدها المؤشرات الخاصة بأوضاع النساء في فلسطين. ويشكل بند الرواتب والاجور في الموازنة النسبة الاكبر (63.94%)، من نسب الانفاق في البنود الاخرى، مما يدل على أن مصاريف الانفاق على تقديم الخدمة أكبر من مصاريف الانفاق على ذات الخدمة، كما لاحظت الهيئة أن جميع المشاريع التطويرية المرصودة في موازنة شؤون المرأة لعام 2017، ممولة بالكامل من قبل المانحين والممولين الدوليين، حيث لم تدرج الوزارة اية مشاريع تطويرية خلال عام 2017 من الخزينة العامة. مما يقدم مؤشرا ضعف تبني الحكومة لتمويل المشاريع التطويرية للمرأة، ومن جانب آخر ينتج عنه ربط تنفيذ مشاريع الوزارة التطويرية بناء على توجهات الممولين.
وقد أوصت الهيئة بضرورة الانطلاق في اعداد الموازنة من اعتبارها كبرنامج اصلاح مالي الى اعتبارها أداة في تحقيق الاهداف الاقتصادية والاجتماعية على مبدأ العدالة في توزيع الاعباء والموارد. وضرورة ربط الموازنة العامة للعام 2018 بأولويات أجندة السياسات الوطنية 2017-2020، ووضع مؤشرات قياس لتقييم متغيرات الموازنة في تحقيق الاهداف التنموية. وضرورة توقف الحكومة عن الاقتراض من صندوق التقاعد والمعاشات، وعدم المساس بمستحقات الموظفين المتقاعدين لضمان استدامة الصندوق. وضرورة اخراج صافي الاقراض من النفقات العامة، وأن تقوم الحكومة بجملة من الاجراءات لوقف هذا النزيف منها إلزام البلديات وشركات التوزيع بدفع مستحقاتها، وتنظيم قطاع الكهرباء بما يضمن العدالة وحقوق كل من المواطن والشركات والبلديات والحكومة على حدٍ سواء. وضرورة ان تقوم الحكومة بالإعلان عن اجراءاتها لترشيد النفقات لتقليل الفجوة التمويلية، وضرورة الاخذ بعين الاعتبار ألا يكون ذلك على حساب النفقات التطويرية والمساس بالخدمات المقدمة للمواطنين. وضرورة ان يتوافق الانفاق الفعلي في موازنة وزارة الصحة مع النفقات المخصصة لها في الموازنة العامة، وان لا يتم سد الفجوة التمويلية او اية مشاكل مالية اخرى في الموازنة بعامة على حساب حق المواطن في رعاية صحية ذات جودة عالية وشاملة. وضرورة تحديد الموازنة العامة لحجم الموازنة التطويرية المخصصة لوزارة الصحة في مشروع قانون الموازنة من جهة، ورفع هذه الموازنة التطويرية من اجمالي الموازنة التطويرية المخصصة لكافة مراكز المسؤولية في الموازنة العامة، بما يساهم في توطين الخدمات الطبية، وانسجام موازنة وزارة التربية والتعليم العالي مع البرامج المخصصة بما يؤدي إلى تحقيق أهدافها وفق المعايير الدولية للحق في التعليم، والعمل زيادة حصة وزارة التنمية الاجتماعية في موازنات الأعوام القادمة، على نحو يجعلها قادرة على الاضطلاع بمهامها وتحقيق أهدافها ذات المساس المباشر بحقوق الفئات المهمشة، واستبعاد موازنة وزارة التنمية الاجتماعية من أي خطط ترشيد نفقات أو تقشف، وزيادة نسبة الانفاق المالي لموازنة شؤون المرأة، الخاصة ببرامج تمكين وحماية المرأة، بما يتناسب مع مؤشرات أوضاع حقوق المرأة في فلسطين، وضرورة مساهمة الخزينة العامة في تمويل البرامج التطويرية الخاصة بوزارة المرأة وعدم الاعتماد الكامل على التمويل الخارجي.