نشر بتاريخ: 01/11/2017 ( آخر تحديث: 01/11/2017 الساعة: 15:42 )
رام الله- معا- اختتمت وزارة الحكم المحلي، أعمال المنتدى الحضري الفلسطيني الثاني والذي عقد على مدار يومين، في حرم جامعة بيرزيت، برعاية وحضور رئيس الوزراء، ووزير الحكم المحلي حسين الأعرج، ورئيس جامعة بيرزيت د. عبد اللطيف أبو حجلة، وممثلين عن الشركاء برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، ومؤسسة التعاون الألماني.
جاء ذلك بمشاركة خبراء ومختصين من دول المانيا، وهولندا، وسويسرا، وايطاليا، بالإضافة إلى رؤساء البلديات والمختصين والمهتمين بشؤوون التخطيط، وعدد من الشخصيات الاعتبارية، وطلبة وأساتذة جامعيين، كما وعقدت الوزارة ورشة تحضيرية في قطاع غزة سبقت أعمال المنتدى وتناولت محاوره وخرجت بعدد من التوصيات.
ففي جو من البيئة الأكاديمية وبمشاركة وطنية ودولية فاعلة وفي إطار من الجدية والمسؤولية في معالجة كافة القضايا المثارة، أنهى المنتدى الحضري الحضري الفلسطيني الثاني أعماله، وتضمن المنتدى 10 جلسات متخصصة تناولت محاور المنتدى الأربعة بالإضافة إلى ثلاث جلسات متخصصة وجلستين تدريبيتين، وقد قدمت في هذا المنتدى 57 ورقة بحثية من قبل مختصين دوليين ومحليين تناولت مختلف المحاور.
وعكست الأوراق والنقاشات مدى التطور الحضري في فلسطين من جانب، ومن جانب آخر حجم التحديات التي تواجه هذا التطور، حيث برز من خلال فعاليات المنتدى فكر وتجربة فلسطينية يمكن الاعتماد عليها وقادرة على توطين خطة التنمية المستدامة 2030، والأجندة الحضرية الجديدة، كما وعكست النقاشات أن التحديات الحضرية والتي تواجهها فلسطين تتشابه إلى حد ما مع الكثير من التحديات العالمية وبالذات في موضوع التنمية الحضرية، إلا أن فلسطين تواجه تحديا فريدا في هذا المجال وهو السياسات الاسرائيلية والتي تؤثر بشكل مباشر على القدرة الوطنية للتخطيط الحضري، وقد أشارت العديد من الأوراق الى ذلك بشكل مفصل.
وخرج المشاركون في أعمال المنتدى برزمة واسعة من التوصيات والقرارات التي سيتم وضعها أمام الجهات المتخصصة كل في مجاله، وهنا يتوجه المؤتمرون الى دولة رئيس الوزراء ووزير الحكم المحلي بالتحية والتقدير حيث عبروا عن تصميمهم على العمل على تنفيذ ومتابعة التوصيات الخاصة بنتائج المنتدى، مما يعبر عن إرادة حقيقية في التطوير والبناء.
وأوصى المشاركون بضرورة استكمال العمل على اعداد المخطط الوطني المكاني ليجسد وحدة الوطن الفلسطيني والتكامل الوظيفي بين المحافظات الشمالية والجنوبية، بما فيها الممر الامن الواصل بين المحافظات الشمالية والجنوبية، والعمل على تحديث المخطط الاقليمي لقطاع غزة في ضوء مشارفة المخطط الحالي على الانتهاء وبالنظر إلى المتغيرات المتعددة على أرض الواقع، بالإضافة إلى الاهتمام بإنشاء مناطق صناعية وتجارة حرة لخلق فرص عمل والحد من البطالة وزيادة الدخل القومي وخصوصاً مع الجارة الشقيقة جمهورية مصر العربية.
كما أوصوا بإعادة بناء مطار غزة الدولي وانشاء الميناء كرموز سيادية للدولة الفلسطينية ولتسهيل حركة الناس والبضائع، وتطوير آبار الغاز الطبيعي على شاطئ غزة بما يحقق التنمية المستدامة للشعب الفلسطيني، إلى جانب استكمال عمليات اعادة البناء في قطاع غزة للفئات المتضررة من الحروب الاخيرة، والحفاظ على المصادر الطبيعية المحدودة في قطاع غزة وحمايتها من التعديات كرصيد للأجيال القادمة وكمناطق استجمام وترفيه وبالخصوص وادي غزة ومناطق الكثبان الرملية في جنوب وشمال القطاع، والعمل على تجميل الشاطئ وتطويره كمتنفس لأبناء القطاع واستغلال البحر كمورد اقتصادي هام لإقامة المنتجعات والمنشآت المجتمعية المختلفة، بالإضافة إلى زيادة التنسيق والربط بين شطري الوطن بما يحقق الغايات الوطنية وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني في ترسيخ الوحدة الوطنية.
وفيما يتعلق بالتخطيط الحضري التكاملي، أوصى المشاركون بضرورة الخروج من السيطرة الاستعمارية التخطيطية في مناطق القدس ومحيطها من خلال تعزيز المعرفة، وفهم تكوين الحيز الفراغي الاقصائي، والتركيز على تخطيط محيط القدس "الطوق الفلسطيني للقدس"، ودعم المبادرات التخطيطية على مستوى الاحياء والمجاورات السكنية فيها، إلى جانب ضرورة فهم أن الاحتمالات المطروحة للتنمية العمرانية 2050 هي احتمالات تكاملية لا تحتمل التجزئة، ويجب أن تتحقق بتوافق وانسجام استنادا إلى رؤية واضحة ومتعمقة لاحتياجات التنمية العمرانية في الأراضي الفلسطينية، وتتفعيل دور المشاركة المجتمعية في التخطيط المكاني (المحلي والاقليمي) والاخذ بعين الاعتبار متطلبات الفئات المهمشة من المجتمع وخصوصاً فئة النساء والاطفال وذوي الاحتياجات الخاصة.
وبينوا بضرورة تطوير واستحداث قوانين وأنظمة عمرانية عصرية لجميع الاراضي الفلسطينية، وادراج آليات حقوق الانسان في الأنظمة والقوانين الخاصة بالتخطيط، والاستمرار في تطوير تجربة التخطيط في المناطق المسماة ج، وتعميم استخدام الأدوات لحماية حقوق الانسان في المناطق المهمشة، وتعزيز التخطيط المشترك وضرورة التنسيق على مستوى المؤسسات وبين البرامج لتنفيذ المشاريع، وتفعيل استراتيجيات التخطيط الآمن والصديق للبيئة والموفر للطاقة، والتأكيد على أن التخطيط يجب أن يكون على أساس العدالة الإجتماعية وتوفير فرص للسكان بصورة عادلة لجسر الهوة بين الأحياء الأكثر حظا والأقل حظا، بما فيها المراكز التاريخية، والدعوة الى إشراك المؤسسات والبلديات والوزارات والمواطنين في عملية التخطيط الاستراتيجي للمدينة، وأن التخطيط الاستراتيجي التشاركي للمجاورات يشكل العنصر الرئيسي لتطوير مخطط مكاني مكمل للمستويات الوطنية والإقليمية والحضرية، بحيث توضع في متناول يد شريحة كبيرة من المجتمع (اسعار معقولة).
ودعا المنتدى إلى إدخال التقييم البيئي الاستراتيجي، والاعتبارات البيئية الصحية في التخطيط التنموي الحضري كخطوة اساسية نحو اقتصاد فلسطيني أخضر، إلى جانب الدعوة الى زيادة الوعي بالمتطلبات والمعايير القطاعية على المستوى الوطني، والتوجه نحو البرامج بدلا من المشاريع، والعمل على تمكين وتطوير الكوادر العاملة، وإدماج العناصر الخضراء في التصميم بالاضافة الى الدعوة لتجنيد الموازنات ودعم مشاريع تطوير المخيمات.
وأما فيما يتعلق بمحور الاقتصاد الحضري، فقد أوصى الحضور بضرورة العمل على تأطير القطاع غير المنظم، وذلك للوصول إلى تحسين في الانتاجية وتكامل القطاعات الاقتصادية، بالاعتماد على دراسات حقيقية في هذا المجال، وضرورة التفاعل والتكامل بين القطاع الحكومي والبلديات والمجتمع المدني بما يسهم في التنمية الحضرية بشكل أفضل، ويحد من التشوهات التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني، والعمل على اعادة رسم العلاقة القانونية بشكل أكثر وضوحا بين البلديات والقطاع الحكومي، لضمان التطبيق الامثل للاجراءات والقوانين، وتحديث قوانين وأنظمة البناء بما يتلائم وشح الأراضي وتخفيض تكلفة القروض العقارية وتسهيل الاجراءات القانونية لتسجيل العقارات.
وأكد المؤتمرون على ضرورة التركيز على السياسات الميدانية المحفزة لاصحاب المشاريع، للحد من التهرب في تسجيل المشاريع، ولرفع مستوى انتاجيتها وتنافسيتها، إلى جانب مساهمة الهيئات المحلية في تطوير البنية التحتية وانشاء المناطق الصناعية بما يسهم في تشجيع الاستثمار في تلك المناطق، وأن تخرج من دورها التقليدي ضمن رؤية تخطيطية استراتيجية واضحة، بالإضافة إلى شراكة الهيئات المحلية والقطاع الخاص بما يسهم في تحسين الموارد المالية لتلك الهيئات وتحسين جودة الخدمات التي تقدمها، وضرورة إيجاد حلول قابلة للتطبيق لتنظيم قطاع الأعمال في القدس والمناطق المسماة ج والمخيمات.
كما وأوصى المؤتمرون بالعمل على خلق بيئة سياساتة مواتية وحاضنة للزراعة الحضرية، وتحسين سياسات تتعلق بالأراضي الفراغ في البيئات الحضرية لدعم الزراعة، وتطويع التراث المبني للبلدات التاريخية لتلبية احتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع ضرورة اشراك اصحاب العلاقة في كافة اعمال التخطيط، وبناء قدراتهم، وحماية الموروث الحضاري والتاريخي للمجتمع الفلسطيني ومنع كافة أشكال التعديات عليه، وضرورة تطوير مسارات السياحة البيئية في فلسطين.
أما بخصوص محور المدن الشمولية "المدينة للجميع" فقد أوصى المشاركون بضرورة التوجه نحو شفافية أعلى مع المواطنين من خلال مشاركتهم في العملية التخطيطية لزيادة مدى تقبل القرارات التخطيطية، وتبني اليات وأدوات واضحة لاشراك المجتمع للإرتقاء بواقع المشاركة المجتمعية، وضمان إدراج مبدأ المشاركة المجتمعية في القوانين، وتعزيز الشراكات المجتمعية مع الهيئات المحلية، ووجوب تطبيق السياسات الوطنية للإسكان لتلبية حاجات الإسكان بما يضمن تكافل القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع المؤسساتي على إختلاف المستويات المكانية في الضفة الغربية، القدس وقطاع غزة.
كما أشاروا الى ضرورة العمل على إعداد خطة وطنية شاملة ودقيقة تضع نصب أعينها التنمية المستدامة بفلسطين، وتشمل كافة المؤسسات لحل إشكاليات الحصول على السكن الملائم لجميع فئات المجتمع، حيث أنه من المسلم به أن الملكية تشكل أحد أهم مكونات الاستقرار للانسان وخصوصا الانسان الفلسطيني، وضرورة إعادة تعريف المكان والعلاقات ما بين المدن والقرى من أجل القدرة على تقييم الوضع ووضع منهجية وخطط تسمح بتطور حضري يعطي الحق في المدينة لجميع فئات المجتمع، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز مفهوم مركز خدمات الجمهور (النافذة الموحدة) لدى الهيئات المحلية والقطاع الخاص والمؤسسات، بما يضمن إدارة المعلومات بكفاءة وجودة أعلى وتفعيل نظام الشكاوى وتعزيز اليات المتابعة والتقييم لرفع مستوى رضى الفرد في البيئة الحضرية.
أما في مجال المحور الرابع "الابتكار ومدن المستقبل" فقد تركزت التوصيات حول السعي لوضع تأثيرات تغير المناخ على المدن وإدارة مخاطر الكوارث على راس قائمة الاولويات لدى المؤسسات الرسمية، وبناء القدرات في هذا المجال، وتبني منهجية المناعة وتعميم تجربة المبادرة الوطنية لمدينة رام الله كمدينة منيعه على باقي التجمعات الحضرية والريفية الفلسطينية. وفي مجال المدن الذكية حث المؤتمرون على ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا بما فيها GIS و BIM المتوفرة لخدمة انجاز المخططات الهيكلية، والحث على تطوير وتطبيق مفهوم المدن الذكية بما يحسن من جودة الحياة مستفيدين من التجربة الدولية في مجالات المنعة والمدن الذكية.
هذا وقد تخلل المنتدى جلسات خاصة حول تعزيز ايرادات الهيئات المحلية لدعم التنمية الحضري، و دور الجامعات الفلسطينية في التنمية الحضرية بالاضافة لجلسة المساواه بين الجنسين في التنمية الحضرية، والتي خرج فيها المحاورون بمجموعه من التوصيات أهمها: تعزيز عملية الافصاح عن الموازنات وتوفير قاعدة بيانات وأنظمة معلوماتية محوسبة لمتابعة عمليات الجباية وجدولة الديون مع توفير اليات فعالة للجباية، وتوفير بيئة تشاركية معززة للثقة بين القطاعين الخاص والعام، والتأكيد على تطبيق القانون والنظام فيما يخص الايرادات من ضرائب ورخص ورسوم. كما ودعت الجامعات الفلسطينية الى إيجاد آليات عملية ومنصة إلكترونية للتواصل بينها وبين الوزارات ومؤسسات القطاع العام للتنسيق وتبادل المعلومات حول الدراسات والأبحاث والمسوحات والإستشارات المطلوبة وانفاذها بواسطة خبرات محلية وتبادلها بين الأطراف المعنية بالبحث العلمي خصوصا في مجالات التنمية. ودعت الى ضرورة تشكيل لجنة مشتركة وعبر وزارية (التربية والتعليم العالي، الحكم المحلي، وزارة الإقتصاد الوطني، سلطة جودة البيئة، ديوان الموظفين العام، جامعات فلسطينية من الضفة وقطاع غزة، نقابة المهندسين، الاتحاد الفلسطيني للهيئات المحلية) لتوجيه وتقييم وإقتراح السياسات المطلوبة لتحديث وتوجيه التخصصات الاكاديمية وربطها بالممارسات العملية والسياسات الحكومية القطاعية وحاجة السوق. مع التأكيد على ضرورة تأسيس مركز وطني للرصد الحضري ومكتبة وطنية تابعة له لتجميع وتوثيق وأرشفة الدراسات والأبحاث والممارسات الناجحة ومخرجاتها وذات العلاقة بالمدن والتنمية الحضرية والإقليمية.
كما ودعت الى البحث عن وإيجاد الآليات للتنسيق والتعاون وعقد شراكات بين الجامعات الفلسطينية ومؤسسات القطاع الخاص ذات العلاقة لإيجاد وخلق التكاملية بين سياساتهما ودورهما في دعم وتنشيط ودفع عجلة التنمية في مجالاتها المختلفة. أما في مجال النوع الاجتماعي فقد تركزت التوصيات حول ضرورة تعزيز مشاركة النساء في رسم السياسات الحضرية بما يضمن العدالة الاجتماعية في التخطيط والتنفيذ. وتعزيز التشبيك ما بين عضوات الهيئات المحلية من خلال تشكيل شبكات على المستويات المحلية والدولية لتبادل الخبرات وبناء القدرات في موضوع ادماج النوع الاجتماعي في التخطيط الحضري سواء لعضوات المجالس المحلية او المهندسين والمهندسات داعين إلى تعزيز فهمهم لإدماج الاحتياجات من منظور النوع الاجتماعي في عملية التخطيط الحضري وبمستوياته المختلفة مع البناء على التجارب الناجحة والعمل على تعميمها لتطوير مفهوم ادماج النوع في التخطيط الحضري.