الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

قراءة تحليلية لقصيدة "دموع في حرم الخليل"

نشر بتاريخ: 15/11/2017 ( آخر تحديث: 15/11/2017 الساعة: 12:13 )
قراءة تحليلية لقصيدة "دموع في حرم الخليل"
المجالس مدارس- قراءة تحليلية لقصيدة الشاعر محمد خالد النبالي -دموع في حرم الخليل كتبها: أ.خليل صلاح-الخليل
حظيت مرة بلقاء الشاعر محمد النبالي عند صديقي أ. عباس مجاهد نادي أحباب اللغة) ومعية الدكتور ادريس محمد صقر جردات ( مركزالسنابل للدراسات والتراث الشعبي) وجمع من المهتمين بالأدب وأهله، واستمعنا يومها الى الشاعر الانسان والى الشاعر الأديب، فوجدته عاطفيا للحد الذي ترى الطيبة في سكناته وحركاته وفي كلماته وألفاظه، يحمل في صدره هم الوطن ولا يبرح الفكر فيه، فجعله محط اهتمامه ومحور اشعاره، وكلما سمعنا منه شيئا رأيناه يدندن حول الوطن ويدور في فلك احداثه حيث دارت.
وبالأمس القريب وصلتني قصيدة له بعنوان (دموع في حرم الخليل)، بث خلالها الشاعر اهاته على ما حل بالحرم حيث وقف امام مشهد اغلاقه بالسواتر الحديدية ووقوف مئات الجنود مانعين العبادة فيه ومضيقين على كل زائر مسلم يريد الصلاة فيه فيقول بكل أسى: ان الحكايات التي اعرفها عن الحرم المقدس تغني عن أي قول مهما كثر فحاله اليوم يرثى له ولا يبخل عليه بالبكاء و الدموع الثقال حتى لو كلف الأمر التضحية لأجله بالأهل و الخلان وذلك في سبيل عودته لسالف عهده كما كان فهذا الإرث الحضاري التاريخي المقدس لنا ولا حق لغيرنا فيه, فكيف به محاط بالسفهاء الغاصبين الذين لا يراعون للمقدس أي حرمة وشرعة دين, وكيف لهم ان تتعالى هاماتهم علينا ونحن اولو العزة و الكرامة دنيا و دين.
وفي لحظة الوصف لواقع الحال نجد الشاعر لا ييأس ويرى أن سنة الكون لا تستقيم لظالم ومهما طال الزمان فلا بد للظالم من مآل وخيم قادم لا محالة, فالرجال المؤمنون لحقهم يتربصون, ولمقدسهم يطالبون ويعرِّض الشاعر لزيارة له في الحرم فصلى فيه ولم يتوقف عن السؤال كيف لصهيونية ماجنة ان تستبيح المكان بسلاحها و قد مدت بأسباب السقوط التاريخي فلا عوة لظالم او فاجر وأن كرم الوفادة الذي تلقاه ينبئ عن رجولة لأهل المدينة ستنفض الكيان عنها يوما ما .
جاءت لغة الشاعر واضحة ومقروءة كما الوجع الفلسطيني الظاهر الأثر, وعبارات الأسى والألم لم تفارق القصيدة مغلفة بالحنين والشوق, واتسمت الجملة الشعرية بانسيابها رقراقة سلسة كاشفة مضامين المعاني ومقصد الشاعر بلا غموض أو تأويل ورؤية الشاعر لمسار الأمور وتحولها جاءت منساقة مع البحر الذي نظم فيه القصيدة (الوافر) لوفرة حركاته ونقلاته, وهذا يعبر عن رؤية الشاعر في التحول وعدم الثبات, فحتام سيأتي يوم تتبدل فيه الأشياء ويعود الذليل في فيها عزيزا والعزيز ذليلا, سنة الكون التي لا تجد لها تبديلا, فكثرت في القصيدة جملة فعلية للدلالة على عدم الثبات و حتمية التغيير.
دُمُوْعٌ في حَرَمِ الخَلِيْلْ
-------
وَخَلْفِي مِنْ أمَامِي ألْفُ حَوْلِ
وَألْفُ حِكَايَةٍ مِنْ ألْفِ قَوْلِ
على حَرَمِ الخَلِيْلِ نَثَرْتُ دَمْعِي
وَآخَيْتُ البِنَاءَ بِفَدِيِّ خِلِّي
لِيَرْجِعَ عَنْ مُقَدَّسِنَا سَفِيْهٌ
يُقَسِّمُ في تُراثِي في مَحِلِّي
وَيَسْكُنُ فَوْقَنَا زَهْوَاً وَفَخْرَاٌ
وَنسْكُنُ أسْفَلَ الوَغْدِ المُضلِّ
بِغَضْبَةِ مُؤْمِنٍ ذَكَّرْتُ نَفْسِي
بِأنَّ الشَّمْسِ لَمْ تَرْكَنْ لِظِلِّ
وَأنَّ الأرْضَ يَحْرُسُهَا إيَابِي
وِيَمْلَؤُهَا بِتَقْبِيْلٍ وَشُغْلِ
أشْقْرَاءٌ تُطِلُّ وَفي يَدَيْهَا
سِلاحٌ كَيْ يُشَاعَ بِصَدْرِ أهْلِي
ألَمْ يَكُنِ المَكَانُ لِصَدِّ غَازٍ
لِيُصْبِحَ مَرْتَعَاً لِبُغَاةِ قَتْلِي
بُلِيْتُ بِرْحْلَةٍ فِيْهَا عَدِوِّي
وَأسْعَدَنِي بِرِحْلَتِيَ التَّجَلِّي
فَرَائِحَةُ الحَضَارَةِ لَمْ تُفَارِقْ
لِثَانِيَةٍ على الأنْفِ التَّحَلِّي
وَذَكَّانِي الفَلَسْطِيْنِيْ وَلاءً
وَحُبَّاً بَلْ وَإكْرَامَاً لِمِثْلِي
هُنَا صَلَّيْتُ .. فِي نُسْكِي سُؤَالٌ
جَوَابُ هُطُوْلِهِ أضْحَى بِشَكْلِي
مَتَى تَنْزَاحُ عَنْ أرْضِي خُطُوْبٌ
تُؤَرِّقُ مَجْدَنَا في كُلِّ سُبْلِي
~~~~~~~~~
بحر الوافر
بقلم الشاعر محمد خالد النبالي