الثلاثاء: 24/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

"بكدار": القطاع الزراعي الفلسطيني مهمش- أقل من 1% من موازنة السلطة

نشر بتاريخ: 27/01/2008 ( آخر تحديث: 27/01/2008 الساعة: 15:54 )
نابلس - معا - أعدّ المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والاعمار "بكدار" دراسة حول القطاع الزراعي الفلسطيني ومظاهر التهميش والتشويه التي تعتريه.

فقد ناقش خلال الدراسة واقع ومعطيات الزراعة في فلسطين عبر طرح المشاكل والصعوبات التي تواجه الزراعة الفلسطينية مع الاشارة الى اهمية القطاع الزراعي في فلسطين وابرزها مظاهر التهميش والتشويه التي تعتريه، حيث استخلصت الدراسة في نهايتها عدداً من النتائج والتوصيات لتطوير واحياء دور قطاع الزراعة.

حيث اعتبرت الدراسة في مقدمتها أن الزراعة شكلت وما تزال أهم دعائم الاقتصاد الوطني وكانت على الدوام مصدر الرزق لنسبة كبيرة من أبناء شعبنا حيث قيل "إذا كانت الزراعة بخير فان الوطن بخير" وقد تعرضت الزراعة وعانت من العديد من الإجراءات والتشوهات نتيجة الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967 ولغاية الآن.

ومنذ قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية فقد طغت الاحتياجات والقضايا السياسية والأمور الحياتية والخدماتية العامة على الاهتمام بالقطاع الزراعي ومثل ذلك بشكل أساسي في محدودية الموازنات والمخصصات التي تضعها السلطة الوطنية الفلسطينية للزراعة حيث لم تتجاوز موازنة وزارة الزراعة 0.65 من مجموع موازنة السلطة خلال السنوات السابقة، ومحدودية الدعم الداخلي لمدخلات ومخرجات الإنتاج الزراعي وضعفه إن لم يكن غياب مؤسسات الإقراض والتمويل وصناديق التامين والتعويض في حالة الكوارث.

وهذا لا يعكس بأي حال من الأحوال أهمية ودور الزراعة والإمكانات والدور المستقبلي للزارعة وخاصة في ظل الظروف الحالية التي تشهد ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار النفط والغذاء حيث انه من المتوقع تصاعد قيمة فاتورة الغذاء بنسب أعلى من نسب ارتفاع فاتورة النفط، والذي سيؤدي الى أن يصبح أنتاج السلع قليلة الجدوى حاليا ذات جدوى كبيرة وبشكل خاص الحبوب والبقوليات والأعلاف واللحوم الحمراء.

وكان من البديهي والمنطقي أن يحظى القطاع الزراعي بأهمية وأولوية متقدمة لدى الدول والمؤسسات المانحة وصناديق التمويل، ولكن الذي حدث هو عكس ذلك تماما حيث كان تعامل تلك المؤسسات مع الزراعة بكثير من التخوف والتردد وذلك لاعتبارات سياسية لها علاقة مباشرة بتشابك وتداخل مواضيع الأرض والمياه والاستيطان. هذا ناهيك عن ضعف كفاءة الإنجاز وضعف أن لم يكن غياب التنسيق مع مؤسسات السلطة عند تنفيذ الدول المانحة لمشاريعها.

وأخيرا فان هذا الإهمال والتهميش إن استمر فان النتيجة والعاقبة واضحة، فاتورة غذاء تضاهي فاتورة النفط أو تزيد، أراض مهملة ومتروكة وسينجم عن ذلك مشاكل اقتصادية واجتماعية وبيئية وسياسية قد لا يمكن التعامل معها أو أن التعامل معها وإصلاحها سيكلف أضعاف ما يتطلبه تطوير وتنمية هذا القطاع حاليا.

واقع ومعطيات الزراعة في فلسطين:
-------------------------------------
تبلغ مساحة الأراضي الفلسطينية حوالي(6,020) كم2، و تبلغ مساحة الأراضي التي تستغل بالزراعة حوالي 1,830 مليون دونم، 91% منها موجودة في الضفة الغربية و 9% موجودة في قطاع غزة، وتبلغ مساحة الأراضي المزروعة بالأشجار المثمرة حوالي 1,147 مليون دونم معظمها بعلية وتبلغ مساحة الزيتون حوالي 83% منها، بينما تبلغ مساحة الأراضي التي تزرع بالخضار 178 ألف دونم ومساحة المحاصيل الحقلية والحبوب حوالي 507 ألف دونم.

أما بالنسبة للثروة الحيوانية فقد بلغ عدد الاغنام (803) ألف رأس والماعز (371) ألف رأس منها حوالي 92% في الضفة الغربية و8% في قطاع غزة، أما عدد الابقار فقد بلغ(33.7) ألف رأس منها 83% في الضفة الغربية و17% في قطاع غزة وقد بلغ عدد الدجاج اللاحم(40) مليون دجاجة 60% منها في الضفة الغربية و40% في قطاع غزة، أما عدد الدواجن البياض فقد بلغ (2.55) مليون دجاجة منها 71% في الضفة الغربية و 29% في قطاع غزة، هذا بالإضافة الى وجود حوالي(66) ألف خلية نحل، 72% منها في الضفة الغربية

ويستهلك قطاع الزراعة حوالي 60% أو ما مجموعه (160) مليون متر مكعب للري والتي تأتي في معظمها من المياه الأرضية.

وتبلغ قيمة الانتاج الزراعي الفلسطيني(932) مليون دولار منها (524) مليون هي تكاليف مدخلات الانتاج بينما بلغت القيمة المضافة(408) مليون دولار لعام 2005.

المشاكل والصعوبات التي تواجه الزراعة الفلسطينية
-------------------------------------------------------
أ- المشاكل والمعوقات بسبب الاحتلال الإسرائيلي :
------------------------------------------------------
بالرغم من انه لا يمكن حصر وتحديد المشاكل والمعوقات التي تواجه الزراعة الفلسطينية بسبب تأثير الاحتلال وممارساته اليومية ولكن سيتم تحديد أهمها وهي:

. انشاء الجدار وما نجم عنه من عزل للأراضي الزراعية وصعوبات وتدمير للزراعة والبنية التحتية.

. عدم تمكين الشعب الفلسطيني من إدارة موارده الطبيعية نتيجة لقيام إسرائيل بمصادرة الأراضي وإغلاق جزء كبير منها كمناطق عسكرية وإقامة المستوطنات و شق الطرق الالتفافية بالإضافة إلى عمليات النهب المتواصلة للمياه الفلسطينية.

. الحد من حرية حركة السلع والخدمات بين المناطق الفلسطينية من جهة، وبينها وبين العالم الخارجي من جهة، إضافة الى القيود المفروضة على التجارة الخارجية مما أدى الى ارتفاع كلفة الإنتاج والتسويق الزراعي، وانخفاض في أسعار السوق المحلية للإنتاج.

. منع الصيادين في غزة من الصيد في المياه الفلسطينية
. منع الرعاة من الوصول الى المراعي الطبيعية
ب- المشاكل ذات العلاقة بالموارد الطبيعية والبيئية :
. محدودية المياه والأراضي الزراعية وزيادة المنافسة عليها من قبل القطاعات الأخرى.
. انجراف التربة وتدهور خواصها وتدني إنتاجيتها.
. الاستعمال غير السليم للكيماويات، وبشكل خاص المبيدات.
. تدهور نوعية المياه المستعملة في الري بسبب الضخ الزائد.
. تدهور الغطاء النباتي ومواطن الأحياء البرية النباتية والحيوانية نتيجة للرعي الجائر.
. الزحف العمراني والحضري والتوسع العشوائي في الإنشاءات على حساب الأراضي الزراعية.

ج- المشاكل والمعوقات الفنية :
--------------------------------
. ضعف البنية الأساسية للبحوث الزراعية وعدم تأهيل محطات التجارب بدرجة كافية والنقص الحاد في وجود المختبرات والمعدات والأجهزة اللازمة بالإضافة إلى نقص الباحثين المدربين لتغطية المجالات الزراعية المطلوبة.
. قلة إمكانيات جهاز الإرشاد ووقاية النبات والخدمات البيطرية.
. ضعف البنية التحتية الخاصة بقطاع التسويق الزراعي.
. ضعف أنشطة التصنيع الزراعي والغذائي.
. قلة البيانات والمعلومات المتوفرة حول الزراعة وتضاربها في بعض الأحيان.
. ضعف القدرات الفنية الزراعية.
د- المشاكل والمعوقات ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي:
. صغر وتشتت الحيازات الزراعية وشيوع ملكيتها مما قلل الكفاءة الإنتاجية.
. قلة العائد من الزراعة وارتفاع عنصر المخاطرة مما أدى إلى عزوف الكثيرين عن العمل في هذا القطاع بالإضافة إلى قلة الاستثمارات الزراعية.
. عدم وجود نظام للتمويل الزراعي والريفي.
. ضعف العمل الجماعي والتعاوني.
هـ المشاكل والمعوقات المؤسسية والتشريعية
. عدم موائمة القوانين والتشريعات الزراعية.
. عدم وجود نظام للتأمين الزراعي وتعويض المزارعين ضد الكوارث الطبيعية .
. التضارب والازدواجية بين المؤسسات ذات العلاقة في القطاع الزراعي وضعف قدراتها.

مظاهر التهميش والتشويه في الزراعة الفلسطينية
-----------------------------------------------------
بالرغم من الأهمية والدور الذي يقوم به القطاع الزراعي الفلسطيني، فان ذلك لم تعكسه أولويات السلطة الوطنية الفلسطينية والمؤسسات والدول المانحة منذ إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية حيث يعاني هذا القطاع من التهميش والتشويه والذي تتمثل مظاهره في ما يلي:

أولا: تواضع ومحدودية الموازنات المخصصة للزراعة في موازنة السلطة الوطنية الفلسطينية

حيث أن ما يزيد عن 90 % من مجموع الموازنة يذهب للرواتب والأجور ومصاريف التشغيل ويبلغ ما يخصص للجوانب التطويرية أقل من 10% فقط من مجموع الموازنة ويبين الجدول (3) الموازنات المخصصة لوزارة الزراعة مقارنة بالوزارات الاخرى لعام 2005

وهذا لا يتلائم بأي شكل من الأشكال مع الأهمية والدور الذي يلعبه القطاع الزراعي وكذلك حجم المشاكل والصعوبات والمنافسة غير العادلة التي يتعرض لها في الأسواق الداخلية والخارجية.

وينعكس ذلك بشكل مباشر على نوعية وطبيعة الخدمات المقدمة للمزارعين سواء كانت إرشادية وبيطرية ومخبرية أو معلوماتية والتي تشكل بمجموعها أدوات رئيسية في مساعدة المزارع على خفض التكاليف وزيادة العائدات وبالتالي تحسين الربحية والتي تشكل العامل الأساسي في العملية الزراعية.

ثانيا: تهميش الزراعة في خطط التنمية
-----------------------------------------
كانت الزراعة وما تزال تشكل احد القضايا التي يتم التطرق لها في كافة خطط التنمية الفلسطينية سواء كانت تلك الخطط عادية أم طارئة، ولكن الإهمال والتهميش كان يحدث عند رصد وتخصيص الموازنات من قبل السلطة والمانحين، والذي مرده ضعف الآليات المتبعة من قبل السلطة في التأثير على توجيه المساعدات وكذلك الفرق الكبير بين ما يلتزم به المانحين وبين ما ينفقونه فعلا، ناهيك عن عدم وجود أي مخصصات ضمن موازنة السلطة للمشاريع التطويرية الزراعية وعلى سبيل المثال فانه عند استعراض الخطة متوسطة المدى 2006-2008 نجد أنها تشمل على (38) مشروعا زراعيا من (546) مشروعا تشكل مشاريع الخطة وهذا يشكل 7% من مجموع مشاريع الخطة، وتبلغ موازنة تلك المشاريع (240) مليون دولار وهذا يشكل 3.3% من مجموع موازنة الخطة والبالغة (7225) مليون دولار، ولكن عند استعراض المشاريع نجد إن المشروع الأساسي ذات العلاقة بالتامين الزارعي وتبلغ موازنتة (50) مليون دولار بالإضافة الى مشروع إنشاء صندوق تمويل ب (20) مليون دولار، وتطوير الأغوار ب (57) مليون وكذلك مشاريع إعادة تأهيل القطاع الزراعي والمساعدات الطارئه وتبلغ موازنتها (25) مليون دولار فانه لم ينجز منها أي شيء وتشكل موازنات هذه المشاريع أكثر من 50% من الموازنة الكلية للمشاريع الزراعية هذا طبعا لا يعني أن ما خصص لباقي المشاريع مجتمعة قد تجاوز 10% في أحسن الأحوال.

أن هذا الواقع والاستمرار به أصبح يشكل عامل إحباط لدى كافة القائمين على القطاع الزراعي ففي كل سنة يطلب الإعداد لمشاريع لخطط بمسميات مختلفة وما يحقق منها أو ما يلتزم به منها أصبح لا يبرر وجودها نتيجة للآثار السلبية والإخفاقات وعدم الالتزام بها من قبل المانحين عند التنفيذ.

ثالثا: قلة الدعم والمساعدات الخارجية:
------------------------------------------
من المنطقي والبديهي أن يحظى القطاع الزراعي بمعطياته ومكوناته وأوضاعه باهتمام ودعم الدول المانحة والمؤسسات الدولية ومنحه أولوية متقدمة على سلم أولوياتها، ولكن ما حدث فعلا هو عكس ذلك، وكان القطاع الزراعي وبشكل خاص وزارة الزراعة تبذل جهودا مضاعفة للحصول على تمويل أو مساعدة فنية والتي كانت في الغالب قليلة، متأخرة وليست بالضرورة وفقا للأولويات التي تضعها الوزارة ويعزي ذلك للأسباب التالية:

- علاقة الزراعة المباشرة بالأرض والمياه والحساسية السياسية لهذين العنصرين من حيث السيادة، المصادرة، الاستيطان.
- اعتبار المانحين الزراعة قطاعا مستنزفا للمياه وان كفاءة وعائد الاستعمال للمياه في الزراعة لا يبرر دعمه، وأولوية تخصيص المياه للاستعمالات الأخرى وخاصة للشرب.
- التوجه العام لدى المانحين في مرحلة معينة بتركيز الدعم خارج إطار مؤسسات السلطة وخاصة الجوانب ذات العلاقة المباشرة بالخدمات والدعم.
- رغبة المانحين بتنفيذ المشاريع من خلال مؤسسات وسيطة (أمم متحدة، منظمات غير حكومية أجنبية .....الخ) والتي في العادة تتوخى تحقيق أولوياتها وتعظيم الفائدة العائدة عليها، وتجنب المشاريع التي تشكل بالنسبة لها مخاطرة أو صعبة التنفيذ، أو أن أثارها الإعلامية والدعائية ليست سريعة.
- ضعف المتابعة من قبل مؤسسات السلطة الوطنية وبشكل خاص وزارات التخطيط والخارجية على المساعدات والمنح واليات تخصيصها وصرفها.
- ضعف كفاءة الإنجاز والتنفيذ للمشاريع الممولة من قبل المانحين وذلك كون تلك المشاريع لا تنفذ مباشرة وإنما من خلال العديد من المؤسسات الوسيطة الفلسطينية والأجنبية والذي يؤدى بالتالي الى تآكل تلك المخصصات وتدني الكفاءة.

ولم يتجاوز مقدار الدعم الدولي للمشاريع الزراعية وتوزيعها خلال الفترة 1999-2005 من مساعدات وقروض" 135 مليون" دولار أي بمعدل عشرين مليون دولار سنويا، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار كفاءة الإنجاز وأوجه الصرف، فان ما يصل من هذه المبالغ للمزارعين هو نسبة متواضعة جدا.

كما وانه من الملاحظ أن مستوى التنسيق ليس ضعيفا بين المؤسسات الدولية ومؤسسات السلطة في المجال الزراعي فحسب ولكن ذلك أيضا أكثر وضوحا بين المؤسسات الدولية نفسها ويبدو ذلك جليا من خلال عدم فاعلية اجتماعات مجموعة عمل القطاع الزراعي والصعوبات التي واجهت العمل في نظام معلومات المشاريع الزراعية والذي تطلب جهد سنوات لتزويد وزارة الزراعة بالمعلومات اللازمة عن أنشطة ومشاريع المانحين في القطاع الزراعي.

ومن الجدير ذكره انه كلما أثير النقاش مع المانحين عن سبب عدم إيلائهم الزراعة الأهمية التي تستحق، فان لا احد منهم يشير الى أن الزراعة في الواقع الفلسطيني ليست أولوية، ولكن كان يشار في الغالب الى عدم إعطاء السلطة الوطنية الفلسطينية نفسها الاهتمام للزراعة وتركيز أولوياتها على أمور أخرى، كانوا دائما يعبرون عن ذلك بنسبة ما تخصصه السلطة الوطنية الفلسطينية في موازناتها للزراعة. وذلك بالرغم من ان الزراعة قد تكون أول القطاعات في فلسطين التي تم اعداد سياسات واستراتيجيات واضحة بأسلوب تشاركي من قبل كافة الجهات ذات العلاقة بشكل خاص الدول والمؤسسات المانحة وكذلك الحال بالنسبة للبرنامج التنفيذي للسياسة الزراعية والتي تم اعتمادها جميعا في مؤتمر الخليل عام 1999.


رابعا:غياب الدعم الداخلي
--------------------------
في ضوء تطبيق اتفاقيات التجارة الدولية والشراكة والاتفاقيات مع التجمعات الإقليمية، فقد تمخض عن ذلك فرض العديد من القيود على الدول، وبشكل خاص ما يتعلق بدعم قطاعاتها الزراعية، بشكل مباشر أو غير مباشر، إنتاجا أو تسويقا أو تصديرا، وكذلك فرض الرسوم والقيود الجمركية أو الكمية على الاستيراد. وقد شكلت الزراعة على الدوام احد اعقد الموضوعات في المفاوضات الدولية حول الزراعة، وكان موضوع الدعم الزراعي هو العقدة الكأداء أمام تقدم الجولات المختلفة للجات وما بعدها، وذلك مرده أن الدول وبشكل خاص الغنية منها تحاول دعم وفرض حماية على الإنتاج الزراعي المحلي لاعتبارات عدة، والذي بدوره يشكل تشويها للاقتصاد وبشكل خاص عدالة المنافسة واستفادة دول العالم الثالث من ميزاتها النسبية وخواصها التنافسية. وبالرغم من كل الضغوطات الداخلية والخارجية على الدول الغنية لتقليل دعم الزارعة والذي نجم عنه تراجع في الدعم الزراعي بالنسبة للدخل المحلي الإجمالي في معظم دول العالم ما عدا تركيا كما يبين الجدول (7) فان ذلك لم يرافقه بالضرورة تراجعا في قيمة الدعم الكلي حيث أنها ازدادت بنسب متفاوتة في معظم الدول حيث زادت في كندا بنسبة 46% وفي الاتحاد الأوروبي بنسبة 8% والمكسيك 96% وتركيا بنسبة 223% والولايات المتحدة بنسبة 61% وذلك خلال السنوات 1995-2005

خامسا: إجراءات الاحتلال الإسرائيلي:
---------------------------------------
بالرغم من التهميش والاستهتار والتشويه الأخلاقي والإنساني والحضاري الذي يمثله الاحتلال فقد رافق الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته ونتج عنها مجموعة من النتائج والمظاهر السلبية التي ساهمت في تهميش وتشويه الزراعة الفلسطينية وتمثل ذلك فيما يلي:

1. عدم الاستثمار في البنية التحتية الزراعية وبشكل خاص محطات البحوث والتسويق والمختبرات والطرق الزراعية
2. الدعم المكثف للمزارعين الإسرائيليين والمستوطنين مما جعل منافسة المزارع الفلسطيني في السوق الإسرائيلي محدودة ومقتصرة على بعض السلع المستهلكة للمياه والمكثفة للعمالة وإغراق السوق الفلسطيني بالسلع الزراعية الإسرائيلية المدعومة
3. مصادرة المياه والأراضي الزراعية وإجراءات الاستيطان والمصادرة والاعتداءات المستمرة وترهيب المزارعين من قبل المستوطنين
4. إنشاء الجدار وما نجم عنه من عزل مساحات زراعية كبيرة خلف الجدار بالإضافة الى الأراضي التي أقيم عليها الجدار
5. الحد من حرية حركة السلع والأفراد والخدمات الزراعية
6. قلع الأشجار والتي تعتبر مصدر رزق أساسي للعديد من صغار المزارعين بالإضافة لكونها ثروة طبيعية ومصادر للتنوع الحيوي
7. منع الرعاة وأصحاب الماشية من الوصول الى مصادر الرعي الطبيعية وخاصة في المناطق القريبة من المعسكرات والمستوطنات

كل ذلك يؤدي بطريقة مباشرة وغير مباشرة الى تشويهات وتكاليف إضافية يتحملها المزارع الفلسطيني وتساهم في تقليل القيمة المضافة والربحية للمزارعين وتحول الزراعة الى عمل غير مجد اقتصاديا وتهميشها والحد من دورها ومساهمتها في الاقتصاد الوطني.

سادسا: التعويضات والقروض وتمويل الاستثمار والتأمين الزراعي
-------------------------------------------------------------------
قد تكون فلسطين الدولة الوحيدة التي تخلو من أي مؤسسات أو صناديق متخصصة لدعم الزراعة في أوقات الكوارث أو توفير القروض والتمويل الزراعي الموسمي أو قصير أو طويل الأجل، وكذا بالنسبة للاستثمار الزراعي وينسحب ذلك أيضا على التامين الزارعي كل ذلك يؤدي بالضرورة الى الحد من الاستثمار ليس في الزراعة كإنتاج ولكن يؤثر ذلك أيضا على الصناعات الزراعية والغذائية وكذلك على صناعة المدخلات وترابطات القطاع الزراعي الأمامية والخلفية والذي يساهم بدوره في تهميش الزراعة لأنه يقلل ويحد من الطلب على السلع الزراعية ويساهم في ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج الزراعي.

النتائج والتوصيات:
------------------
في ضوء العرض والتحليل السابق يتضح ضرورة إنجاز العديد من الإجراءات لتصحيح التشوهات وتعديلها من اجل وضع الزراعة في مسارها الصحيح وموقعها المناسب على سلم أولويات التنمية الفلسطينية وهذا يتطلب ما يلي.

أولا: إعادة النظر في السياسات الوطنية والكلية بما يعكس الواقع والحاجات والأولويات الفلسطينية خاصة وان العديد من الدول والمؤسسات المانحة والصناديق وعلى رأسها البنك الدولي قد بدأت تعيد الاعتبار للزراعة حيث أصبحت تتصدر أولوياتها.

ثانيا: تحديث وتطوير السياسة الزراعية الفلسطينية والبرنامج التنفيذي واعتمادها كإطار ومرجعية إلزامية وبشكل خاص في ضوء الارتفاع الكبير في أسعار مدخلات ومخرجات الإنتاج المستوردة.

ثالثا: إعادة النظر في تنسيق آليات العمل وتخصيص المساعدات والدعم والتمويل من قبل المؤسسات والدول المانحة.

رابعاً: هناك حاجة كبيرة لمزيد من الشفافية والوضوح من قبل الدول المانحة والمؤسسات الدولية من حيث آليات عملها وقراراتها وموازنات المشاريع وأوجه الصرف والإنفاق.

خامساً: ضرورة تشكيل مجموعات دعم ومساندة للقطاع الزراعي وذلك من اجل استقطاب مزيد من الدعم الداخلي والخارجي للزراعة الفلسطينية.