الحسيني: هدفنا أن تبني الحكومة سياسة وطنية عامة لقطاع الطاقة
نشر بتاريخ: 25/11/2017 ( آخر تحديث: 25/11/2017 الساعة: 14:17 )
رام الله- معا- أوصى المشاركون في المؤتمر السنوي الذي عقده الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان تحت عنوان " قطاع الكهرباء في فلسطين.. تحديات الحوكمة " بضرورة تبني الحكومة سياسة اكثر حزما مع الهيئات المحلية وشركات التوزيع للكهرباء والمياه غير الملتزمة، من أجل ضمان عدم تراكم الديون وخصمها من مستحقات الشعب الفلسطيني تحت بند صافي الإقراض، بالتوازي مع العمل على انهاء مشكلة تخلّف المخيمات عن دفع بدل اثمان الكهرباء، والتوجه نحو إنتاج الكهرباء من المصادر البديلة لتقليل الاعتماد على اسرائيل في الحصول على الطاقة الكهربائية، مع التشديد على أهمية أن لا تقبل السلطة بتفاوضها مع الجانب الإسرائيلي بالتعامل معها كمستهلك، وأن تتفاوض على سعر من شأنه ان يخفض التعرفة على المواطن، مع عدم القبول بأية شروط تمنع السلطة من إيصال الكهرباء لأي مواطن فلسطيني في أي منطقة.
وشدد المشاركون أيضا على أهمية تفعيل الرقابة والمساءلة والمحاسبة على شبكات الكهرباء واتخاذ الإجراءات القانونية الحازمة بحق المخالفين، مع وضع سياسة واضحة لتبني قانون عام لمنح الامتياز، وأخرى لقطاع الطاقة يتم ادماجها في اجندة السياسات الوطنية، إضافة إلى تمكين مجلس تنظيم قطاه الكهرباء بما يضمن استقلاليته ماليا واداريا والتزامه بقواعد الشفافية، فضلا عن الحاجة لتفعيل دور سلطة الطاقة في قطاع غزة بما يشمل دور شركة النقل الحكومية، الى جانب زيادة كمية الكهرباء الخاصة بالقطاع وإصلاح البنية التحتية للشبكة بالتوازي مع بدء التخطيط لتشغيل محطة توليد الطاقة العاملة بالغاز.
من جهة ثانية، أكد المشاركون على ضرورة تقليل معيقات الاستثمار في الطاقة المتجددة وعمل خطة وطنية شاملة لتحديد المناطق الانسب لتوليدها، إلى جانب اعادة دراسة هيكلية تعرفة الكهرباء بما يضمن حقوق المستهلك وتعزيز ثقافة المسؤولية والمساءلة إضافة إلى مراجعة التكاليف التشغيلية لشبكات التوزيع، وتفعيل دور البلديات وعدم تحييدها عن مشاريع الاستثمار، فضلا عن وضع خطة استراتيجية لمدة 5 سنوات لتصويب وضع الشبكات الكهربائية لتستطيع تحمل عبء توصيل انظمة الطاقة المتجددة.
الحسيني: الهدف هو خلق سياسة وطنية خاصة بقطاع الكهرباء تضمن وصولها للمواطن بأفضل جودة
رئيس مجلس إدارة ائتلاف أمان عبد القادر الحسيني أشار في كلمته الافتتاحية إلى أن هذا المؤتمر يأتي انطلاقاً من أهمية قطاع الطاقة الكهربائية باعتباره من القطاعات الحيوية التي تحتاج إلى خطة وطنية شاملة تضمن استمرار تقديم الخدمات المتصلة بها للمواطن وتحسين جودتها، انسجاما مع ما هو وارد في أجندة السياسات الوطنية وما تضمنته من خطوات لتحسين جودة الخدمات وخلق حكومة مستجيبة للمواطن، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وكفاءة وفعالية إدارة المال العام.
وأكد الحسيني ان الهدف من المؤتمر يتمثل في الدفع باتجاه تبني الحكومة سياسة وطنية عامة مكتوبة ومقرة ومنشورة خاصة بقطاع الطاقة الكهربائية، تضمن النزاهة والشفافية ونظام مساءلة فعال في ادارته، بما يشمل كل الجهات المؤثرة على هذا القطاع والاتفاقيات الفلسطينية الموقعة بشأنه، مرورا بواقع عملية تزويد المواطن بالخدمة الكهربائية وحجم الانفاق عليها انتهاءً بآفاق استغلال الطاقة الشمسية والطاقة المتجددة والتحديات التي تواجهها مستقبلا.
ملحم: نعتزم مقاضاة كهرباء إسرائيل ونبذل جهودا لبناء وتطويع موارد الطاقة بهدف تقليل الاعتماد على الاحتلال
القائم بأعمال رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية م. ظافر ملحم أشار الى الجهود التي تبذلها سلطة الطاقة والحكومة الفلسطينية لتجاوز كل المعيقات القانونية والفنية لضمان استمرار وتطوير الخدمة، واهمها استراتيجية الطاقة للأعوام 2017-2022 التي اخذت بعين الاعتبار أهمية سد العجز في الكهرباء وضمان وصولها الى كافة لمحافظات، فضلا عن التوصل الى اتفاقية مؤقتة لشراء الطاقة الكهربائية لمحطة الجلمة بهدف إقامة سوق فلسطيني للكهرباء يدمج نقاط الربط المتناثرة ، بالإضافة إلى التحضير الجاري لبناء خمس محطات تحويل إضافية.
وأشار ملحم الى ان الجهود المذكورة اسفرت أيضا عن إقرار عدد من التشريعات والقوانين التي من شأنها تطوير وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، فضلا عن العمل على تحويل قطاع الطاقة الى قطاع منتج يدر دخلا للخزينة من خلال تعزيز الاستثمار فيه بعد نقل صلاحيات ملكية وإدارة خطوط التزود بموجب اتفاقية الشراء المبرمة مع الجانب الإسرائيلي، إضافة إلى تنمية مصادر الطاقة وتوفير شبكات نقل تمكن من الربط والشراء من أي مصدر كان وفي أي وقت بهف تقليل الاعتماد على الشركة القطرية الإسرائيلية.
وتساءل ملحم عن الشكل الذي يوصى باعتماده لمجلس تنظيم قطاع الكهرباء، مطالبا الحضور بالخروج بتوصية قابلة للتطبيق تتعلق بهذا الشكل واعدا بأنه في حال التوصل اليها فإنه سيقوم بتبنيها. وأكد ملحم أن سلطة الطاقة تعتزم مقاضاة شركة الكهرباء الاسرائيلية نتيجة عدم التزامها بالاتفاق المبرم مع السلطة في العام 2016 حول تسديد ديون الفلسطينيين، واستمرارها بخصم فواتير الكهرباء من أموال المقاصة التي تجبيها نيابة عن السلطة.
إشكاليات نجمت عن تأخر اصدار قانون الكهرباء وأخرى تخلل تطبيقه
مدير الجلسة الأولى د. سمير عبد الله أشار إلى وجود تحديات كثير تحكم قبضتها على قطاع الطاقة، تتعلق بجودة الكهرباء غير المستقرة وغياب الاستدامة عن قطاع الكهرباء الذي اعتبره بمثابة نزيف في الموازنة العامة بحكم تخلف اطراف كثيرة عن دفع ما يترتب عليها، إضافة إلى أهمية الإسراع في اصلاح قطاع الكهرباء تلافيا لما يترتب عليه من اثار على إدارة المال العام، انطلاقا من واقع قطاع الطاقة الكهربائية في فلسطين والقوانين الناظمة له، اضافة الى واقع الحوكمة في مجلس تنظيم قطاع الكهرباء والسياسة المالية لإدارته وأثرها على الموازنة، مشددا على الإسراع في خطوات اصلاح قطاع الطاقة الكهربائية بعد أن تأخرت هذه العملية لأكثر من عشرين عاماً وبعد ان أصبحت اكثر تعقيدا مقارنة بالسنوات الأولى لتأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية.
الباحث والمستشار القانوني لائتلاف أمان بلال البرغوثي، أشار إلى وجود إشكاليات متعددة يعاني منها قطاع الكهرباء نتيجة التأخر في اصدار قانون كهرباء فلسطيني حديث تتمثل بتركيز ادارة القطاع بيد سلطة الطاقة كمؤسسة واحدة، الامر الذي ادى الى عدم وجود جسم رقابي مستقل منظم لقطاع الكهرباء، إضافة إلى سوء الخدمة ووجود تباين كبير في اسعار الكهرباء نتيجة غياب تعرفة موحدة للأسعار.
وفيما يتعلق بواقع تطبيق قانون الكهرباء فلفت البرغوثي إلى عدم فعالية دور سلطة الطاقة في قطاع غزة، وما ترتب على ذلك من اثار سلبية يتحملها المواطن الغزي، مرورا بحاجة مجلس التنظيم الى المزيد من التمكين لممارسة دوره المرسوم له قانونا مع توضيح طبيعة العلاقة ما بين سلطة الطاقة ومجلس التنظيم بعيدا عن صراع الصلاحيات، وانتهاءً بعدم انضمام العديد من الهيئات المحلية لشركات الكهرباء، والسيطرة على بعض شركات الكهرباء في ظل عدم امتثالها للتعليمات والسياسات المقرة وترافق ذلك مع عدم استكمال البناء المؤسساتي لقطاع النقل في ظل انشاء شركة النقل الوطنية بشكل متأخر وعدم سيطرتها على كامل خطوط ونقاط الربط.
مجلس تنظيم قطاع الكهرباء يعاني من غياب الاستقلالية وتقويض الصلاحيات
في سياق آخر طرح الباحث معين البرغوثي قضية الجسم المنظم لقطاع الكهرباء بهدف فحص ومراجعة التجربة الفلسطينية في انشاء وتفعيل دور هذا الجسم والتحقق من وجود بيئة محوكمة قانونيا ومؤسساتيا تساعد في قيامه بكافة المسؤوليات المنوطة به وخاصة فيما يتعلق بجودة وسعر الكهرباء وتنظيم وصولها للمواطن وفق إجراءات سليمة.
وأشار البرغوثي إلى وجود عدد من المعيقات تحول دون قيام الجسم المنظم للكهرباء بمهامه أهمها عدم توفر نظام إداري خاص بالمجلس فضلا عن عدم وجود هيكلية مقرة معتمدة للمجلس او عدد كاف من الكادر الوظيفي يتناسب مع مهام ودور المجلس، ومن جهة أخرى فإن الجسم المنظم لقطاع الكهرباء لا يتمتع بالاستقلالية الكافية التي تمكنه من أخذ قراراته دون تأثير من المستويات السياسية والاقتصادية، فضلا عن الحرية في إدارة موارده، وعلى الرغم من أن للمجلس دورا رقابيا على كافة أنشطة قطاع الكهرباء وفقا للقانون، فإنه لا يملك سوى التوصية في موضوعي الأسعار والرخص في نشاطات الكهرباء، مع ضعف في دوره في تحصيل الموارد المالية المتأتية من رخص التشغيل لشركات توزيع الكهرباء، بينما تواجه المجلس إشكالية أخرى تتمثل بعدم نشر التقارير المالية والإدارية، وعدم اعتماد آلية دورية لنشر وإعلان أهم القرارات التي يتخذها المجلس للجمهور، إلى جانب عدم نشر إجراءات متابعة الشكاوى التي يتلقاها المجلس وغياب اية لقاءات منتظمة مع الجمهور للتوعية بدور المجلس وخدماته.
صافي الإقراض: سكين في خاصرة الموازنة الفلسطينية
في سياق نفس الجلسة عرض الباحث مؤيد عفانة ابرز المعلومات المتعلقة ببند صافي الإقراض واثره على الموازنة الفلسطينية، مشيرا إلى ان قيمة صافي الإقراض _الذي يشكل المبالغ المخصومة من إيرادات المقاصة من قبل اسرائيل لتسوية ديون مستحقة للشركات الإسرائيلية المزودة للكهرباء والمياه وخدمات الصرف الصحي للبلديات ولشركات وجهات التوزيع الفلسطينية، وغيرها من البنود_ بلغت بين عام 2003_2016 ما قيمته 15.7 مليار شيقل تستحوذ اثمان الكهرباء على 45% منها، في حين قدّر بند "صافي الاقراض" في موازنة العامة 2017 بمبلغ (244) مليون دولار ، (950) مليون شيكل، الا ان المؤشرات المالية تشير الى ان المتحقق سيكون اعلى من ذلك في ضوء التقارير الشهرية للموازنة العامة 2017.
عشوائية وتشتت سببها غياب منظومة وطنية فلسطينية واحدة لموزعي الكهرباء
المهندس سلام الزاغة افتتح الجلسة الثانية التي خصصت للبحث في واقع قطاع الكهرباء والتحديات التي تواجهه مشيرا الى أهمية تحديد المعيقات ووضع حلول بناءة لها تضمن النهوض بالقطاع ورفع مستوى جودة الخدمة المقدمة فيه.
الباحث د. زياد جويلس اشار الى خصوصية قطاع الكهرباء كأحد القطاعات ذات الصلة بإحدى الخدمات الأساس والأهم التي يحتاج اليها المواطن، حيث بلغ عدد مشتركي خدمات الكهرباء حوالي 650,000 مشتركاً في الضفة و220,000 في غزة عام 2016، بينما يبلغ اجمالي نقاط الربط مع الجانب الاسرائيلي 250 نقطة ربط ، منها 90 نقطة ربط مع شركات التوزيع في الضفة، و 10 نقاط ربط مع شركة توزيع غزة، بينما تتوزع 150 نقطة ربط موزعة على مجالس قروية و بلدية وتجمعات أخرى في الضفة الغربية بشكل مباشر، ما يؤدي إلى عدم القدرة على ضبط التعرفة الكهربائية وتحديد الية تسديد المستحقات لجهة التوريد، وما ينعكس عنها على صافي الاقراض والخزينة العامة، خاصة وان الكهرباء تشكل حالة خاصة بحكم اعتماد الحكومة الفلسطينية على الاحتلال كمزود رئيس في معظم المناطق بنسبة 88% تقريباً من الشركة القطرية الإسرائيلية، حيث تصل فاتورة الكهرباء السنوية الى ما يقارب 700 مليون دولار سنوياً.
وأشار جويلس إلى أنه ولعدم وجود مؤسسة او منظومة وطنية فلسطينية واحدة ينضوي تحت لوائها جميع موزعي الكهرباء، فإن ما يحكم العملية هو الاتصال المباشر بين كل من الموزعين والشركة الكهربائية الإسرائيلية ما يؤدي إلى نوع من العشوائية في استقبال وتوزيع الكهرباء. ومن جهة اخرى، فإن ارتفاع وتراكم الديون على جهات التوزيع باختلاف انواعها، نتيجة عدم التزام المواطنين بدفع ما عليهم من مستحقات، يثقل كاهل جهات وشركات التوزيع ويؤثر على جودة واستقرار الخدمة المقدمة.
وفي سياق الجلسة عرض د. أيسر ياسين معلومات حول واقع الطاقة المتجددة في فلسطين والتحديات الماثلة امامها، مشيرا إلى ان ابرز هذه التحديات تتمثل بعدم وجود ضمانات سيادية من طرف الحكومة للتشجيع الاستثمارات في مجال انتاج الطاقة، وعدم استقرار الشبكة ووجود قيود على مشاريع الطاقة المتجددة التي يمكن توصيلها مع الشبكة ولا يجب ان تتجاوز 6 ميغاواط في نقطة اتصال واحدة، وأشار ياسين الى وجود تحد آخر يتمثل بكون وزارة المالية لا تؤيد سيادة صندوق "ضمان الأولويات" لتغطية المخاطر، فضلا عن المخاطر السياسية ومشكلة تصنيف الاراضي وخصوصا في منطقة "ج"، إضافة إلى عدم تسهيل امكانية الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة من قبل بعض شركات، وعدم اعطاء الفرص للاستثمار بالتساوي) ومن امثلة ذلك الاتفاق الذي تم مع صندوق الاستثمار الفلسطيني من جهة ووزارة التعليم العالي من جهة اخرى لاستغلال الطاقة الشمسة من على أسطح المدارس.
حاجة ماسة لخطة واضحة للنهوض بقطاع الكهرباء ضمن سقف زمني
الجلسة الختامية تركزت على الخروج بعدد من التوصيات القابلة للتطبيق فيما يتعلق بالقضايا التي ناقشها المؤتمر، خاصة تلك المتعلقة ببنود الاتفاقيات الخاصة بالكهرباء مع الجانب الإسرائيلي، والمعيقات امام تطوير قطاع الطاقة المتجددة فضلا عن تفعيل دور مجلس تنظيم الكهرباء وخفض بند صافي الإقراض.
وشدد مدير الجلسة د. عزمي الشعيبي على ضرورة قيام الحكومة بإعداد خطة واضحة مبرمجة ومحدودة بسقف زمني للنهوض بقطاع الكهرباء وتعالج كافة العراقيل الماثلة امامه، بوجود كافة الأطراف الحكومية ذات العلاقة بما ينسجم مع أسس الحوكمة ويساهم في التأسيس لبنىً تحتية للدولة الفلسطيني تتحرر من السيطرة الإسرائيلية، وتوقف السرقة من المال العام تحت عنوان صافي الإقراض.
يذكر ان ائتلاف أمان عقد مؤتمره هذا العام ليكون متخصصا بقضية محددة رصدها تقرير "واقع النزاهة ومكافحة الفساد في فلسطين" بحضور مختصين من الجهات الحكومية والأهلية والخاصة إضافة إلى عدد من الخبراء في قطاع الكهرباء، ممن شددوا على أن الخطوة الأهم نحو النهوض بهذا القطاع هي تبني الحكومة لسياسة واضحة المعالم ترتقي بمستوى الخدمة المقدمة وتؤسس لمرحلة من التحرر من السيطرة الإسرائيلية.