معا - عن تقرير واشنطن- محمد المنشاوي
لم يتوقع أحد من الخبراء في واشنطن أن تصل تكلفة الحرب في العراق إلى ما وصلت إليه بعد ما يقرب من عامين ونصف على احتلال العراق. وخلال الفترة الماضية استمرت تكلفة الحرب المالية والبشرية في الارتفاع سواء في الجانب العراقي أو في الجانب الأمريكي. وجاءت اتهامات زعيم المعارضة الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي هاري ريد (ولاية نيفادا) يوم الأربعاء للأغلبية الجمهورية بالكونغرس الداعمة لإدارة الرئيس جورج بوش بأنها تخفي حقيقة ما يحصل في العراق، لتلقي بالضوء على أهمية حقيقة تكلفة الحرب في العراق حتى الآن. وقال ريد إن" أمريكا تستحق أفضل من هذه الطريقة لتجنب المسائل الشائكة وعدم إعلام الكونغرس والشعب الأمريكي بما يحصل فعلا ....وإن الرئيس جورج بوش ما زال يرفض أن يكون صريحا مع الشعب الأمريكي حول الحرب في العراق، والكونغرس الجمهوري ما زال يرفض القيام بمهمته الأساسية وهي مراقبة عمل الحكومة.
التكلفة البشرية للحرب
عراقيا: كلفت الحرب في العراق حتى نهاية يوم 4 أكتوبر الحالي الآن الشعب العراقي ما بين 26323 و29653 ضحية طبقا لبيانات موقع
http://www.iraqbodycount.net المستقل على شبكة الانترنت الدولية.
ويوثق الموقع الضحايا العراقيين منذ بدء المعارك وحتى يومنا هذا.
غير ان الموقع لا يقوم بتوفير بيانات عن أعداد الجرحى العراقيين، حيث يري أنه من الصعب بمكان تحديد حالات لم يتم فيها وفاة الشخص. وهذه الحالات تتشعب من الشعور بصدمة نفسانية وصولاً إلى فقدان جزء من الجسم يتمثل في مفهوم الإصابة بجروح يمكن الشفاء منها، بالإضافة لصعوبة تصنيف العدد الكبير من الجرحى لما يحتاجه هذا العمل من موارد كثيرة.
أما القتل فهو أمر لا رجعه فيه و لا يمكن تغييره، وهو قمة الكتلة الجليدية التي تخلق الخبر، وهو كذلك أخطر جريمة ضد الأبرياء.
أمريكيا: بلغ عدد الضحايا الأمريكيين بنهاية السادس من أكتوبر من هذا العام نحو 1947 ضحية وذلك بناء على بيانات صحيفة واشنطن بوست، وهي الصحيفة التي تقوم بتوثيق دقيق لعدد القتلى الأمريكيين منذ بدء المعارك.
من ناحية أخري يوثق معهد بروكينجز Brookings Institution للأبحاث بواشنطن في دراسه مستمرة، ضحايا الحرب في العراق، ويقوم بتحديث هذا التوثيق يوميا. وتسمى الدراسة "فهرس العراق "Iraqi Index وتعرض تفاصيل القتلى من الأمريكيين، من خلال عرض فئاتهم، وأسلحتهم، بالإضافة إلى أصلهم العرقي والولايات التي أتوا منها.
أعداد القتلى الأمريكيين حتى 2 أكتوبر إجمالي 1931
قتلى بنيران معادية 1504
قتلى بنيران صديقة 425
الأشهر الأكثر دموية
نوفمبر 2003
ابريل 2004
يونيه 2005- 137 قتيل
135 قتيل
107 قتيل
الأشهر الأقل دموية فبراير 2004
يونيه 2003
سبتمبر 2003-20 قتيل
30 قتيل
31 قتيل
ويبلغ عدد القتلى من الذكور 1786 قتيل و 41 قتيلة من الإناث. وهناك 1645 من الجنود، مقابل 192 ضابطا. وتبلغ نسبة الضحايا من ساكني المدن 26.2% مقابل 40.4% من ساكني الضواحي و33.3% من سكان القرى.
التكلفة المالية للحرب 204.6 مليار دولار حتى نهاية سبتمبر 2005
لم يتوقع الخبراء الأمريكيون أن تكون تكلفة الحرب المالية ونتائجها مخالفة لجميع التقديرات التي وضعوها قبل نشوب المعارك في شهر مارس (آذار) 2003.
وكانت الإدارة الأمريكية قد قدرت ميزانية الحرب بنحو 75 مليار دولار في مراحلها الأولى. ولكن من المتوقع أن تكون الكلفة الحقيقية أضعاف هذا المبلغ الذي خصص للحرب في البداية، وهذا بدوره سيؤدي إلى رفع فاتورة التكاليف النهائية.
وجاء تحليل مركز "مشروع الأولويات الوطنية" الأمريكي الساعي لتقدير ما تم إنفاقه على الحرب في العراق حتى الآن، ليشير إلى وصول هذا المبلغ إلى 204.6 مليار دولار بناء على تحليل ما يقوم الكونغرس بالموافقة عليه من اعتمادات مالية للحرب في العراق.
وحتى الآن طلبت الإدارة الأمريكية اعتماد أموال إضافية أربع مرات. وتم الموافقة من جانب الكونغرس على هذه الطلبات في مجملها، وإن ادخل الكونغرس تعديلات طفيفة عليها.
الطلب الأول أبريل 2003 54.4 مليار دولار
الطلب الثاني نوفمبر 2003 70.6 مليار دولار
الطلب الثالث ميزانية وزارة الدفاع لعام 2005 21.5 مليار دولار
الطلب الرابع أبريل 2005 58 مليار دولار
وتمثل هذه الأرقام تكلفة العمليات الحربية وتكلفة عمليات إعادة بناء العراق. وتشمل الأموال المخصصة فقط تكلفة العمليات العسكرية المتعلقة بالحرب في العراق. أما الأموال التي يتم إنفاقها بصورة تقليدية، فلا يتم إدخالها في هذه الحسابات. ومن أمثلة هذا الأنشطة التي لا تتضمنها هذا الحسابات مرتبات الجنود، وتكلفة الرعاية الصحية المستقبلية للجنود، هذا بالإضافة إلى عدم حساب الفائدة على الدين الأمريكي العام الذي يرتفع باطراد نتيجة استمرار الحرب.
من ناحية أخري تظهر بعض الدراسات ما كان يمكن أن يتم إنجازه بالمبالغ التي تم إنفاقها في العراق. وطبقا لدراسات مركز "مشروع الأولويات الوطنية"، كان يمكن لمبلغ 204.6 مليار دولار أن يوفر ميزانية أحد المشاريع أو الأفكار التالية:
. تمويل برامج مكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة "الإيدز AIDS" في كل أنحاء العالم لمدة 19 سنة.
. تمويل كل البرامج الدولية لمكافحة الجوع في كل أرجاء العالم، لثمانية أعوام، وهذا يتضمن إطعام كل جياع العالم، وعدم بقاء أي شخص يعاني من الجوع على سطح كوكب الأرض.
. توفير الأمصال الرئيسية اللازمة لتطعيم الأطفال في كل أنحاء العالم لمدة 66 سنة.
. توفير الأموال اللازمة لتعليم 26.4 مليون طالب مدرسي في الولايات المتحدة لمدة سنة كاملة.
. توفير تامين صحي لأكثر من 119 مليون طفل في الولايات المتحدة لمدة سنة كاملة.
وذكرت دراسة صادرة عن "مركز التقدم الأمريكي Center for American Progress" بناء على بيانات مستقاة من سلطة التحالف المؤقتة السابقة أن تكلفة الجندي الأمريكي الشهرية في العراق تبلغ 35 ألف دولار أمريكي.وتجدر الإشارة إلى ان عدد القوات الأمريكية في العراق يبلغ 138 ألف عسكري.
بعض تفاصيل التكاليف المتعلقة بإدارة المعارك في العراق
. وصلت كلفة إرسال الجنود إلى المنطقة 2.5 مليار دولار.
. تبلغ تكلفة الوجبة الغذائية للجندي الواحد أكثر من ستة دولارات.
. تتراوح تكلفة إلقاء القنابل ما بين عشرة آلاف الى 15 ألف دولار في الساعة.
. تبلغ تكلفة حاملة الطائرات الواحدة ثلاثة ملايين دولار يوميًّا.
ويشير خبراء الاقتصاد في الولايات المتحدة إلى أن كل أسرة أمريكية ستتحمل عبئا قدره أكثر من 5,000 دولار من نفقات الحرب في العراق ولا يستبعد هؤلاء الخبراء أن تؤدى هذه الحرب إلى متاعب اقتصادية على مدى حقبة كاملة وان يزداد العجز التجاري وتزداد نسبة التضخم.
وكان العجز في الموازنة الأمريكية خلال العام الحالي قد وصل إلى 159 مليار دولار. ويرى المحللون أن هذا العجز سيستمر في الارتفاع خلال عام 2006، وأن استمرار الحرب يزيد الموقف الاقتصادي سوءا وتعقيدا أكثر مما هو عليه، بالإضافة إلى ان المبالغ التي صرفت على حرب العراق كان يمكن أن تغطى العجز الاقتصادي الذي تشهده البلاد.
التكلفة غير المقدرة ماليا
من المعترف به دوليًا أن الحرب لها آثار على المدنيين لا يمكن تصورها أو ترجمتها إلى أرقام، فليس بعدد القتلى والجرحى فقط يتم حساب تكلفة الحروب.
وحرب العراق تحديدا سببت وما زالت تسبب جروحًا و أمراضًا مزمنة تحتاج علاجًا طويلاً مثال على ذلك تدمير المنازل، وتقويض البنية الأساسية للدولة، بالإضافة إلى انهيار نظام سيادة القانون، واثر أصوات الانفجاريات وزئير الطائرات على الأطفال والبالغين وكبار السن على المدى الطويل. هذا إلى ما سيعانيه العراق من اشتداد لوتيرة النعرات الطائفية لأعوام طويلة.
ناهيك عن عدم إمكانية استعادة ما خسره الشعب العراقي نتيجة سرقة تراثه الموجود بالمتحف القومي الذي نهب عشية دخول القوات الأمريكية بغداد، والذي تعود بعض مقتنياته إلى أكثر من ثلاثة آلاف عاما مضت.