مدينة أسدود في بيت البطراوي بغزة
نشر بتاريخ: 29/11/2017 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:10 )
غزة- معا- عبد الله أبو كميل- تقف نور أمام شاشة العرض الكبيرة, لشرح تصميمها الهندسي بمدخلاته ومخرجاته لمدينة اسدود في أراضي عام 1948؛ الناظر لما يعرض من تجسيدٍ لمبانٍ وأقواسٍ ومعابدٍ يُصاب بالدهشة، فمن لقطة لأخرى تشعر وكأنّك تعيش داخل المدينة بشوارعها وحاراتها.
الشابة نور البطراوي (25 عامًا) من مدينة غزة, كان مشروع تخرجها من جامعة فلسطين قسم الهندسة يحمل عنوان "إحياء الهوية الفلسطينية في التجمعات العمرانية المحتلة".
يُجسد مشروع نور إعادة بناء تصويري لمدينة اسدود، الواقعة في الشمال الشرقي لمدينة غزة, فتعمل على تطوير المدينة الحديثة بما يتناسب مع الثقافة والعادات الفلسطينية، وإعادة ترميم وبناء الأحياء القديمة التي دمرها الاحتلال.
تقول نور: "استغرق تنفيذ المشروع أكثر من عامٍ دراسي كامل، ما بين جمع المعلومات، والبحث عن وثائقٍ لملامح أسدود القديمة التي تجاهلها الاحتلال ومنع السكان من الإقامة بها".
وحول سبب اختيار المدينة، تضيف: "جاءت الفكرة لتكريس حق العودة عند الأجيال الصاعدة، واخترت مدينة أسدود كون أصولي تعود لها".
تعدل جلستها وتبدأ بشرح مشروعها: "تذكرت حكاية جدي عندما كان يحدثني عن رسمه للمدينة وأزقتها بثناياها التفصيلية، شدّني الحنين لها وقرّرت أن تكون في مشروعي".
وتستكمل: "حصلت على الخرائط التي رسمها جدي، ووضعها في مكتبة الراحلين محمد وعايدة البطراوي في رام الله، فساعدتني على تصور المدينة وحصر مساحتها القديمة, والتي تقدر بحوالي 47 الف دونم".
وأشارت إلى أنها قبل البدء بتنفيذ المشروع أجرت مقابلات مع 11 من كبار السن ممن هجروا المدينة لمعرفة رأيهم في مدى تقبل فكرة إنشاء مدينة يحاكي تصميمها المدينة القديمة.
تتابع نور: "لم يكن سؤال من هجر المدينة سهل عليهم, فأعادهم للذاكرة, مقام أحمد أبي الاقبال, بوابة الدار وساحة القعدة، أجران الحبوب -تصمت عن الحديث لبرهة من الزمن- كْتِفَت أعينهم من الدمع بحلمهم للعودة".
وأردفت: "عملت على إعادة بناء البلدة القديمة التي تختفي ملامحها من آثار الدمار الذي لحق بها من العصابات الإسرائيلية، بتصميم عمراني أخذت فيه بعين الاعتبار مخرجات المقابلات".
تستطرد: "بينما المدينة الحديثة التي عمل اليهود على تشييدها على مساحة تفوق 70 ألف دونم طوّرت معالمها بما يتناسب مع الثقافة الفلسطينية من خلال اقتباس المثلثات الموشحة على لباس المرأة الفلسطينية".
وطورّت نور المباني في أسدود الحديثة مستخدمة المثلثات المقتبسة من "الثوب الفلاحي"، ونقشتها على المباني والمقرات في المدينة، فغيّرت واجهات الأبراج والمقرات الأساسية، وطوّرت الفن العمراني للمركز الثقافي لأسدود كما المسميات والرموز المعبرة.
"عملت على ربط المدينة القديمة بالجديدة, من خلال تعبيد طريق بطول 7 كيلو متر يكسوه مقتنيات جميع العصور التي مرت بها اسدود". اضافت نور.
وحول الصعوبات تقول: "لم يكن الأمر بسيط, خاصة وأن المشروع يحتاج إلى برامج تكنولوجية متعددة, لكن بمساعدة مهندسة من الضفة الغربية ادرجت المشروع على برنامج الاوتوكاد والاسكتش اب وتلاها توزيع العناصر على الخريطة".
التفاصيل لا تختفي من ذاكرة الأجداد، ولا حتى زوارها الذين وثقوا بقايا المدينة القديمة، ونشروها عبر منصة التواصل الاجتماعي اليوتيوب, تبدّدت ملامحها وحجبت عن Google بفعلة إٍسرائيلية، بسبب العداء الأبدي معها وهي في اعتقادهم أنّها أرض ملعونة ولا مجال للعيش فيها.. وفق معتقداتهم.