الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

انعقاد المؤتمر الثاني للسلم الاهلي وسيادة القانون

نشر بتاريخ: 06/12/2017 ( آخر تحديث: 06/12/2017 الساعة: 18:06 )
رام الله- معا- بمبادرة الائتلاف المدني لتعزيز السلم الأهلي، وتحت رعاية الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين التأم مؤتمر السلم الاهلي وسيادة القانون في دورته السنوية الثانية تحت شعار "نحو سياسات عامة مستجيبة وداعمة للسلم الأهلي" في مدينة البيرة، يوم الاثنين، في ظل مؤشرات دالة على بدء انهاء الانقسام الفلسطيني بعد اتفاق أجري في القاهرة بين حركتي فتح وحماس، وفي الوقت نفسه ما زال هذا الاتفاق هشا ومعرضا للانتكاس جراء الصعوبات والعقبات التي تواجه عملية انهاء الانقسام وإعادة ترتيب المؤسسة الفلسطينية ومحاولة الأطراف الفلسطينية تفسير المصطلحات الفضفاضة لكل طرف لصالحه. وكذلك غموض مصطلح تمكين الحكومة في قطاع غزة وعدم الاتفاق على ملفات وموضوعات مركزية تتعلق بالبرنامج السياسي والبرنامج الوطني "النضالي" بما فيه ما يتعلق بالسلاح وطرق التعامل معه.
وفي هذا الصدد، رحب المجتمعون بالاتفاق الموقع بين حركتي فتح وحماس في الثاني عشر من شهر تشرين أول/أكتوبر، وبيان جلسة الحوار الوطني في شهر تشرين ثاني/ نوفمبر الماضيين بالعاصمة المصرية. وشدد المجتمعون على ضرورة استمرار الأطراف الفلسطينية في تجاوز التحديات وتضليل العقبات التي تعترض انجاز ملفات المصالحة كافة بالحوار.
كما رحب المجتمعون كافة بالجهود المصرية لرعاية الحوار الوطني الفلسطيني والاشراف على تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين حركتي فتح وحماس، ويشيد المجتمعون كذلك بالحرص العالي الذي تبديه القيادة المصرية لإنهاء الانقسام وبلورة الأفكار لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الفلسطينيين.
افرزت حالة الانقسام السياسي على مدار الاحد عشر عاما الماضية مناخا اصطفافيا ساهمت فيه وسائل الاعلام الفلسطينية ما أضر بالنسيج المجتمعي، وبرزت حالات خرق للقانون بانتشار الأسلحة في يد بعض المواطنين وانتشار المخدرات في مناطق متعددة من الأراضي المحتلة خاصة الواقعة خارج الولاية الجغرافية للدولة الفلسطينية مهددة بذلك السلم الأهلي وسيادة القانون. فيما بقيت الخطط التنموية للحكومات الفلسطينية غير قادرة على الاستجابة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي والتي تواجه المواطنين الفلسطينيين في المناطق المهمشة سيما المناطق المصنفة "ج" والمخيمات. كما بقيت السياسات الفلسطينية قاصرة عن ادماج الشباب في سياساتها التنموية وعن الانفتاح باتجاه مشاركة أعمق لهم في الحياة السياسية. وفي الوقت نفسه بقيت سياسات تمكين المرأة غير قادرة على تجسيم نضالات المرأة الفلسطينية ومكانتها في المؤسسات السياسة أو حضورها في مراكز صنع القرار في المؤسسة الفلسطينية. الامر الذي يتطلب، أكثر من ذي قبل، تعزيز الجهود والمساعي لتطوير ركائز الدولة الفلسطينية الديمقراطية الضامنة للمواطنة الفاعلة وتعزيز المشاركة للشباب والمرأة، وتطوير أدوات العمل في مواجهة التحديات التي واجهت المناطق المهمشة والعناية بشكل خاص بالسلم الأهلي في مدينة القدس للحفاظ على النسيج الاجتماعي الفلسطيني فيها.
ويأتي هذا المؤتمر في إطار تأكيد مشاركة مؤسسات المجتمع المدني، عبر مؤسسات الائتلاف المدني لتعزيز السلم الأهلي، في صياغة اطارٍ لتعزيز السلم الأهلي بالشراكة مع الاجهزة الرسمية للدولة، وتأطير دورها الريادي في تعزيز قيم المواطنة والمشاركة الفاعلة في حفظ السلم الأهلي، وكذلك تجسيد دورها الوطني في تطوير الوسائل المختلفة للحفاظ على القيم الحامية للترابط المجتمعي، وتأكيد دورها في حماية الإرث الحضاري والإنساني للشعب الفلسطيني وتعزيز احترام القانون.
انتظم المشاركون والمشاركات في المؤتمر، على مدار يوم كامل، جرى خلاله عرض خمس دراسات في جلسة عامة ثم انتقل المشاركون والمشاركات لمناقشة معمقة لهذه الدراسات عبر خمس مجموعات مركزة بهدف الاستفادة من الخبرات والتخصصات للمشتركين في المؤتمر، بهدف استخلاص الدروس والتجارب والعبر وصولا لتوصيات مستجيبة لمواجهة التحديات وقابلة للتنفيذ.
ناقشت المشاركات والمشاركون بعمق في المجموعة الأولى؛ واقع استجابة خطط التنمية الفلسطينية لاحتياجات المناطق المهمشة في فلسطين والمتمثلة في المناطق المسماة "ج" والقدس التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وانعكاسات ذلك على الاستقرار والسلم الأهلي. وفي المجموعة الثانية؛ تأثير الإعلام على حالة السلم الأهلي الفلسطيني من خلال التغطية الإعلامية للأحداث التي رافقت الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني وبعض الأحداث التي تطلبت تدخل قوى الأمن في بعضها مثل التجمع السلمي، الاعتقال السياسي، الانتخابات المحلية، والأحداث التي وقعت في بعض المخيمات الفلسطينية.
أما المجموعة الثالثة؛ فقد نظر المشاركون والمشاركات بتفسير أسباب غياب المشاركة السياسية للشباب الفلسطيني في صنع القرار السياسي والتنموي الفلسطيني، والعوامل البنيوية المؤثرة في إعاقة الشباب من القيام بتولي دورهم الريادي والطليعي بإحداث التغيير. كما استعرض المشاركون في المجموعة الرابعة؛ أثر غياب الولاية القانونية الفلسطينية في مدينة القدس على السلم الأهلي الفلسطيني، والمعيقات والتحديات التي تواجه الحفاظ على النسيج الاجتماعي في مدينة القدس. توقف المشاركون في المجموعة الخامسة؛ على مدى انعكاس دور المرأة ومشاركتها في صناعة القرار على السلم الأهلي، من خلال مشاركتها السياسية وفي عمليات مراكز صنع القرار.
أكد المجتمعون ضرورة إيجاد إطار محفز على تعزيز السلم الأهلي ضمن قواعد ناظمة تؤسس للتعاون مع المؤسسات الرسمية لمواجهة هذه التحديات، ولتوحيد الجهد الشعبي لمواصلة معركة التحرر الوطني والانعتاق من الاحتلال.
وعلى ضوء مداخلات المشاركات والمشاركين ونقاشاتهم، خلص المؤتمرون إلى التوصيات التالية:
أولا: في واقع المخيمات الفلسطينية والمناطق المصنفة "ج" في الخطط الوطنية للتنمية أقر المشاركون والمشاركات ما يلي:
• على السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها المختصة إعطاء المناطق المهمشة (المخيمات، المناطق المصنفة "ج"، القدس الشرقية) الأولوية في عمليات التنمية والتطوير وتحسين مستوى المعيشة وتخفيف حدة الفقر والبطالة بهدف الحفاظ على تماسك النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي. وذلك من خلال الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في معالجة أوضاع المناطق المهمشة والفئات المهمشة كونهم الأكثر عرضة للخروج على القانون نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشونها.
• على الحكومة الفلسطينية الإشارة للمخيمات كمناطق أولوية وتركيز في خطط التنمية الفلسطينية لتطوير البنية التحتية المتهالكة في مخيمات اللاجئين ولتضمين احتياجاتها في هذه الخطط من خلال مشاركتهم في وضعها لتحقيق الحياة الكريمة لسكانها. وتعزيز التنسيق مع وكالة الغوث ودائرة شؤون اللاجئين في هذا المجال.
• ينبغي زيادة الموازنات المخصصة لدائرة شؤون اللاجئين والخاصة بمشاريع المخيمات بشكل جدي، وتقديم الدعم لوكالة الغوث سياسياً ومعنوياً والضغط لزيادة موازناتها والتبرع لها من الدول المانحة.
• تعزيز ثبات المواطنين على أراضيهم في المناطق المسماة (ج) وفي القدس ومناطق جدار الفصل العنصري من خلال توفير الخدمات المختلفة لهم وتعزيز البنية التحتية الفلسطينية في هذه المناطق.
• تقديم الدعم لمؤسسات المجتمع المدني العاملة داخل المخيمات الفلسطينية للمساهمة في تعزيز المشاركة المدنية الفاعلة للمواطنين القاطنين في المخيمات.
• تعزيز التنسيق مع المؤسسات الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة والجهات الممولة الأخرى لتطوير المناطق المسماة (ج) والقدس ولمواجهة سياسات الاحتلال تجاه هذه المناطق.
ثانيا: في إطار دور الإعلام في السلم الأهلي في فلسطين
• الدعوة لعقد مؤتمر وطني يضم كافة الأطراف الرسمية وغير الرسمية ذات العلاقة بالإعلام، لمناقشة آليات العمل الإعلامي المهني، ودور الإعلام الفلسطيني في تعزيز الوحدة الوطنية والانسجام الأهلي، للخروج بوثيقة شرف من كافة الأطراف بالتزام وسائل الإعلام بدورها الوطني الوحدوي وتكريس السلم الأهلي.
• دعوة الحكومة إلى إيلاء اهتمام أكبر لتنظيم قطاع الإعلام، وتضمينه في أجندة السياسات وسن التشريعات ذات العلاقة وخاصة فيما يتعلق بالحريات العامة وحق الحصول على المعلومات.
• دعوة الأحزاب إلى التحلي بالحس الوطني والمسؤولية الاجتماعية والعمل على النهوض بحالة السلم الأهلي من جديد من خلال التوقف عن تكريس وسائلها الإعلامية لإقصاء الآخر وبث الفتنة بين أبناء الشعب الواحد.
• دعوة نقابة الصحفيين للقيام بدورها في متابعة وسائل الإعلام وإطلاق حملة توعية عامة للإعلاميين والمواطنين على حد سواء، بماهية حماية السلم الأهلي وضرورة المحافظة عليه أثناء تناقل الأخبار بين المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي، وأثناء التغطية الإعلامية للأحداث عن طريق الصحافيين والتركيز على خطورة عدم التحلي بالحياد وتوخي الحذر في استخدام المفردات الإعلامية.
• دعوة مؤسسات المجتمع المدني لأخذ دورها بالضغط والتأثير على جهات القرار وعلى الأحزاب والقوى السياسية ووسائل الإعلام لتبني إعلام مناهض للعنف والأدلجة ومساند للسلم الأهلي.
ثالثا: في إطار المشاركة السياسة للشباب
• توفير السلطة الفلسطينية مساحات شبابية تستطيع القيادات الشبابية من خلاله التعبير عن مصالح الشباب واحتياجاتهم وذلك من خلال الالتزام بدورية الانتخابات. وخفض سن الترشح إلى سن 24 سنه.
• تفعيل الاتحاد العام لطلبة فلسطين والاجسام التمثيلية للشباب في منظمة التحرير الفلسطينية.
• على مؤسسات المجتمع المدني إتباع برامج تمكينية للشباب كبرامج المحاكاة أو ومجالس الظل لرفع مستوى الوعي السياسي والاهتمام بقضايا الشأن العام. وتمكين الشباب الفلسطيني من سلوكيات الممارسة السياسية؛ كتشكيل القوائم الانتخابية، والقيادة السياسية، والعمل السياسي، ضمن برامج تكاملية، هدفها صناعة الجسم القيادي.
• تركيز المجتمع المدني على البرامج التي تعزز وتحافظ على السلم الأهلي.
• على المؤسسات التعليمية زيادة حصة المساقات ذات العلاقة بالوعي السياسي الشبابي والشعور بالفضاء العام، وتشجيع العمل النقابي في الجامعات الفلسطينية وقدسيته وبالذات في مجالس الطلبة.
رابعا: محدودية الولاية القانونية في محافظة القدس
• تحمل القيادة في منظمة التحرير والسلطة والفصائل والمجتمع المدني والقطاع الخاص لمسؤولياتهم تجاه المدينة المقدسة ووضع علاج عاجل للقضايا التي لا تحتمل التأجيل، والشروع في حوار وطني شامل بهدف بلورة رؤية شاملة واستراتيجية عمل مشتقة منها لتعزيز السلم الأهلي وسيادة القانون.
• دعم التوجه للقضاء البديل في حل النزاعات الداخلية الفلسطينية مثل الوساطة والتحكيم، دون الاخلال بالقضاء النظامي وسلطانه، بغية وقف التعامل مع المحاكم الإسرائيلية من جهة، وفتح آفاق تمكن فرض سيادة القانون الفلسطيني في مناطق الدولة الفلسطينية وحدودها حسب الشرعية الدولية من جهة أخرى.
• تشكيل لجان أحياء، في إطار تنظيم داخلي للفلسطينيين في أحياء مدينة القدس المختلفة، منتخبة (يمكن وضع الية خاصة للانتخاب) بهدف الحصول على شرعية شعبية من ناحية، والقدرة على فرض أو تفعيل حكم القانون في هذه الاحياء.
• وضع اطار جامع للمؤسسات المرجعية والخدمية العاملة في مدينة القدس من خلال وجود جسم تنسيقي (مجلس استشاري أعلى) بالتنسيق مع محافظة القدس ووحدة شؤون القدس في الرئاسة يقوم على اساس مركزية المعلومات واللامركزية في التنفيذ في اطار تكامل الادوار وحفظ الاختصاصات، بحيث تحافظ المرجعيات والمؤسسات الفلسطينية العاملة في مدينة القدس على استقلاليتها من ناحية لكنها تقوم بالتنسيق فيما بينها وتقديم المساعدة والخبرة والخدمة لمصلحة المواطن المقدسي، فيما يتم امتلاك المعلومات من قبل الجميع لتفادي الازدواجية في العمل، والقدرة على الوصول للمعلومات بشكل منسق، وخلق فاعلية للمؤسسات الفلسطينية في مدينة القدس، على قلة الامكانيات، خاصة في تقديم المساعدة والخدمات لتعزيز تكامل الجهود والأدوار بين القطاع العام والأهلي والخاص من خلال شراكات قطاعية (تعليم، صحة، قانون، إسكان...الخ). وذلك من خلال توضيح صلاحيات المرجعيات الرسمية والقانونية المتعلقة بالقدس والمهام المناطة بكل جهة لغاية تنسيق الجهود في هذا الإطار.
• الدعوة لبناء وتطوير قدرات هيئات الحكم المحلي للإسهام في تجسير الولاية الفلسطينية في مناطق المصنفة "ج".
• تطوير برامج تجسير اجتماعية قادرة على استعادة ضوابط الهوية الوطنية الجامعة للفلسطينيين، ومناهضة لعزلة مدينة القدس.
• تكريس استخدام الوسائل البديلة في ادماج الشباب المقدسي مناهضة لأدوات الفصل القائمة.
• توسيع نطاق الولاية القضائية الفلسطينية في المناطق المصنفة ب و ج في محافظة القدس من خلال دعوة مؤسسات قطاعي العدالة والأمن لممارسة هذه الولاية فعلياً
خامسا: في إطار استجابة السياسات العامة لاحتياجات تعزيز مشاركة المرأة في صناعة القرار
• ضرورة تعديل التشريعات الفلسطينية وبالأخص قانون الانتخابات رقم (9) لسنة 2005، ورفع التمثيل النسوي فيه لتعزيز مشاركة المرأة الفلسطينية في العملية الانتخابية.
• تعزيز مشاركة المرأة في أطر صناعة القرار والنهوض بواقع تمثيلها في الأطر القيادية المحلية والوطنية سيما في المناطق الصعبة الوصول، والقدس، ومخيمات اللاجئين، والمناطق المصنفة(جيم).
• توفير الحماية للمرأة الفلسطينية من أشكال العنف والتهميش وتسهيل وصولها لنظام العدالة الفلسطينية، وكذلك زيادة مشاركة المرأة في الحياة العامة بما فيها النشاطات المجتمعية والثقافية.
• العمل على تطوير افاق شراكة المرأة في صناعة السياسات العامة في الدولة الفلسطينية.
وأخيرا: أوصى المؤتمرون بما يلي:
1. التأكيد على سيادة القانون، وتوفير الحماية لاستقلال القضاء وضمان توفر الدعم اللازم لتطوير امكانياته وقدرته على البت في القضايا المنظورة أمام المحاكم تعزيزا للسلم الأهلي.
2. التأكيد على ضرورة انضباط الأجهزة الأمنية، والتشكيلات الأمنية المختلفة للإجراءات القانونية السليمة في التعامل مع مختلف القضايا.
3. دعوة الأطراف الفلسطينية لإشراك النساء في الحوار الوطني لإنهاء الانقسام بشكل فاعل.
4. يدعو الدول المانحة والمنظمات الدولية لتشكيل هيئة تنسيق المساعدة المقدمة لمخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
5. توسيع الائتلاف المدني للسلم الأهلي بضم منظمات ومؤسسات جديدة للائتلاف، وتطوير إطار مرجعي لهذا الائتلاف.
6. إطلاق الائتلاف المدني للسلم الأهلي للمرصد الوطني للسلم الأهلي وسيادة القانون لمتابعة السياسات والاجراءات والتحديات التي تواجه السلم الأهلي.