مجلس الأمن.. الجميع باستثناء أمريكا ضد قرار ترامب
نشر بتاريخ: 09/12/2017 ( آخر تحديث: 11/12/2017 الساعة: 11:11 )
نيويورك -معا - بطلب من ثمانية من أعضائه، عقد مجلس الأمن برئاسة اليابان اجتماعا طارئا اليوم الجمعة، وذلك على أثر قرار الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل والاعلان عن عزمها نقل السفارة الامريكية من تل أبيب الى القدس.
وأثناء المداولات أعادت أربع عشرة دولة من أصل خمس عشرة هي مجموع الأعضاء في مجلس الأمن التأكيد على مواقفها الثابتة من القدس وفقا لقرارات مجلس الأمن والتي كان آخرها القرار 2334 والذي تم تبنيه العام الماضي.
السفير الدكتور رياض منصور، المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك القى كلمة استهلها وباللغة العربية بتقديم تحية اعزاز واكبار للشعب الفلسطيني العظيم الذي يدافع عن القدس اليوم في أحيائها وشوارعها ومعابدها، والصامدون المدافعون عن باب العامود وفي كافة المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية وفي جميع أنحاء العالم، وكذلك حيا الشرفاء والمدافعين عن القانون الدولي والحق وقرارات مجلس الأمن الذين يدعون، ونحن معهم الإدارة الأمريكية بالتراجع عن قرارها غير القانوني واللامسؤول والاستفزازي والذي ليس له أي هدف غير إرضاء سلطة الاحتلال، مشيراً الى أن جلسة اليوم تأتي وقد عم الاستفزاز الجميع في ظل ما يتعرض له الوضع التاريخي والقانوني والسياسي للقدس وحقوق الشعب الفلسطيني وطموحاته الوطنية من انتهاك واضح وفاضح وذلك اثر اعلان الرئيس الامريكي المؤسف، والذي اعترف فيه بالقدس عاصمة لاسرائيل ووقع على قرار نقل السفارة الامريكية اليها بما يتنافى مع قرارات مجلس الامن، والذي من شأنه زيادة حدة التوترات وزعزعة الاستقرار الى جانب تبعات سلبية بعيدة المدى.
واشار الى اننا سبق وحذرنا مرارا من ان سياسة الافلات من العقاب هي التي ادت وتؤدي الى تدهور الاوضاع والوصول الى ما وصلنا إليه اليوم، وان ما اقدمت عليه الولايات المتحدة اليوم هي مكافأة لاسرائيل على سياسة الافلات من العقاب الأمر الذي يقوض دورها القيادي في السعي الى تحقيق السلام ويؤكد عدم اهليتها للعب هذا الدور، وان الرفض العالمي المطلق لهذا القرار الاستفزاري خير دليل على رفض العالم لهذه السياسات والتدابير غير القانونية.
كما اشار منصور الى ان توافق الاراء العالمية واضح بهذا الصدد وانه يجب احترام القانون الدولي وقرارات مجلس الامن ذات الصلة بما في ذلك القرارين 478 (1980) و 2334 (2016)؛ مؤكدا ان وضع القدس لا يمكن تغييره من جانب واحد أو تحديده من قبل أي دولة؛ وعليه فانه ينبغي على الولايات المتحدة إعادة النظر في هذا القرار وإلغاؤه. مشيرا كذلك الى ان الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ما زال يشكل تهديدا للسلم والامن الدوليين وقد تأكد ذلك مرارا من خلال الحساسيات والعواطف الوطنية والدينية والسياسية التي أثارتها تطورات هذا الصراع، وأنه لا يمكن التقليل من أهمية القدس بالنسبة للشعب الفلسطيني، مسلمون ومسيحيون، مؤكدا أنه لا يمكن ان يكون هناك حل عادل وشامل دون القدس، فالقدس كانت ولا تزال وستظل قلب الفلسطينيين النابض، الى جانب اهمية القدس لجميع العرب والمسلمين في كافة ارجاء المعمورة فهي اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ولذا فان الوضع التاريخي القائم في القدس يجب ان يُحترم وان يتم المحافظة عليه كما اكدت على ذلك النداءات المتكررة من قبل المجتمع الدولي برمته على النحو المبين في قرارات مجلس الامن وقرارات الجمعية العامة الى جانب الدور الخاص للمملكة الاردنية الهاشمية بصفتها الوصي على المواقع الدينية المقدسة.
واعاد التذكير بالقرار 181 لعام 1947 والذي اُعتبرت القدس بموجبه ذات مكانة خاصة، يجب المحافظة على حرية الوصول لجميع اتباع الديانات التوحيدية الثلاثة والقوميات المختلفة اليها، وان القدس تظل جزءا لا يتجزا من الارض المحتلة منذ العام 1967 التي ينطبق عليها القانون الدولي بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة وهو ما أعادت الجميعة العامة التأكيد عليه مرارا وتكرارا في قراراتها المتعلقة بالقدس، إلى جانب القرار 476 ( 1980 ) والذي أكد على أن جميع التدابير والاجراءات التشريعية والادارية التي اتخذتها اسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال والهادفة الى تغيير الطابع القانوني والاداري في المدينة ليس لها أي شرعية قانونية وتشكل انتهاكا صارخا لاتفاقية جنيف الرابعة وانه يجب الغاؤها فوراً، وكذلك فان القرار 478 (1980) كان قد رفض محاولات إسرائيل ضم القدس الشرقية قسرا، واعتبر أن سن اسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال "قانونها الأساسي" يشكل انتهاكا للقانون الدولي، وفيه دعا المجلس أيضا جميع الدول الأعضاء إلى عدم الاعتراف "بالقانون الأساسي" وأي إجراءات تسعى إلى تغيير طابع القدس ومركزها، ودعا القرار "الدول التي أقامت بعثات دبلوماسية في القدس الى سحب هذه البعثات من المدينة المقدسة"، وكذلك فان المجلس في قراره 2334 (2016)، أعاد التأكيد بشكل قاطع أنه "لن يعترف بأي تغييرات على خطوط 4 يونيو 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، الا في حدود ما يتفق عليه الطرفان من خلال المفاوضات".
منصور قال انه لا يمكن للقرار الأمريكي أن يغير هذه الحقائق، وأن الإجراءات المخالفة لقرارات مجلس الأمن ليس لها أي أثر قانوني ولا يمكن أن تغير من انطباق القانون الدولي على هذه الحالة، بما في ذلك منع اكتساب الأراضي بالقوة. وإن الأراضي المحتلة لدولة فلسطين بما فيها القدس الشرقية، حقيقة قانونية وسياسية راسخة ولا يمكن لأي إعلان سياسي أن يغير هذا الواقع، كما لا يمكن أن ينفي حقوق الشعب الفلسطيني، مشددا على وجوب ان يعيد مجلس الامن التأكيد على موقفه الواضح بشأن القدس منوها إلى الرسائل السلبية التي ارسلها هذا العمل الامريكي المتهور لشعبنا والمتعلق بقناعتنا بالقانون الدولي والنظام الدولي وسعينا الذي لا نهاية له لتحقيق السلام وتعاوننا مع جميع مبادرات السلام، كلها جميعا من دون جدوى وان من يلتزم بالقواعد والقوانين هو الخاسر بينما يفوز الذي يدوس على القانون، وأكد على ضرورة أن يعمل مجلس الأمن على استعادة قناعة الشعب الفلسطيني بالقانون الدولي، واستعادة إيماننا بأن السلام لا زال ممكن، مذكراً بتحذيرات الرئيس عباس بأن على المجلس أن يعمل على تفادي مخاطر زيادة تفاقم الحساسيات الدينية التي تهدد بتحويل هذا الصراع السياسي القابل للحل إلى حرب دينية لا تنتهي يستغلها المتطرفون، ويغذي العنف والنزاع في المنطقة وفي أماكن أخرى.
ودعا المجلس إلى التنديد بالقرار الأخير بشأن القدس والتصرف بمسؤولية وتأكيد سلطته في الجهود الرامية إلى حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. واضاف بأننا سنعمل مع الشركاء للسعي الى التوصل إلى قرار، منوها الى انطباق المادة 27 (3) من ميثاق الأمم المتحدة على هذه الحالة. ودعا ايضاً الولايات المتحدة مرة أخرى إلى إلغاء هذا القرار وتصحيح هذه المسألة الخطيرة، وفقا للقرارات ذات الصلة، وبطريقة تنقذ آفاق التوصل إلى حل سلمي وتكفل، عاجلا وليس آجلا، مستقبل السلام والأمن، والرخاء والكرامة للشعبين، الفلسطيني والإسرائيلي.
وبعد ختام الجلسة الطارئة، عقدت خمسة دول اوروبية وهي السويد وفرنسا والمانيا وبريطانيا وايطاليا مؤتمرا صحفيا أكدوا فيه على معارضتهم للقرار الأمريكي واعادوا التأكيد مرة أخرى على مواقفهم الثابتة من مدينة القدس. ولاحقا لذلك، تحدث السفير منصور للصحفيين حيث حيا مرة أخرى الشعب الفلسطيني المرابط على الآرض، وشكر الدول الاربعة عشر في مجلس الامن على مواقفهم المبدئية والقانونية بشأن القدس.