المالكي: القرار يجرد أميركا من أهليتها كراعية لعملية السلام
نشر بتاريخ: 09/12/2017 ( آخر تحديث: 10/12/2017 الساعة: 00:08 )
القاهرة-معا-أكد وزير الخارجية وشؤون المغتربين رياض المالكي، إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل والبدء بإجراءات نقل السفارة الأميركية إلى القدس يُمثّل مكافئة للاستعمار ولانتهاكات القانون الدولي الجسيمة وعلى إساءة للقانون الدولي بما فيه ميثاق الأمم المتحدة والذي يُؤكد على عدم مَشروعية حيازة الأرض بالقوة، موكدا إنه لن يكون هناك سلام بدون اقامة الدولة الفلسطينية، والدولة الفلسطينية لن تقوم بدون أن تكون القدس الشرقية عاصمتها.
وطالب المالكي في كلمته أمام الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب والذي انطلقت أعماله في مقر الجامعة العربية اليوم برئاسة وزير خارجية جمهورية جيبوتي – رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري العربي محمد علي يوسف، وحضور الامين العام للجامعة العربية أحمد ابو الغيط، كافة الدول تحديد موقفها من قضية القدس بما ينسجم مع قرارات الشرعية الدولية.
ودعا، بتكليف وزاري عربي للتحرك السريع تجاه عواصم الدول بما فيها الاوروبية ومطالبتها بالاعتراف الفوري بدولة فلسطين باعتباره الوقت الأنسب لحماية حل الدولتين ولحماية فرصة السلام، وتعبيراً عن موقفهم الرافض لأي تغيير على حدود العام 1967، بما في ذلك ما يخص القدس، عملاً بقرارات الأمم المتحدة ومبادئ هذه الدول.
وقال، إن دولة فلسطين لَتعربُ بكل قوةٍ عن رفضها القاطع للإعلان الذي أدلى به الرئيس الأميركي والذي اعترف فيه بالقدس الشريف كعاصمة لإسرائيل، تلك السلطة القائمة بالاحتلال وإن هذا الاعتراف إنما يُشكل اعتداء على كل الشعب الفلسطيني وعلى حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف، مضيفا إننا نعتبر الاعلان إساءة للقانون الدولي بما فيه ميثاق الأمم المتحدة الذي يُؤكد على عدم مَشروعية حيازة الأرض بالقوة، بما فيها الحقوق الأصيلة والثابتة وغير القابلة للتصرف، بما فيها حق تقرير المصير.
وأوضح المالكي، أن هذا التغيير في سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاهنا هو خرق صريح لرسالة الضمانات التي أكدت الولايات المتحدة من خلالها لمنظمة التحرير الفلسطينية التزامها بعدم الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل عام 1993م، بالإضافة إلى العديد من قرارات مجلس الأمن التي لا تعترف بأي من قرارات الاحتلال الاسرائيلي غير القانونية، والتي تسعى لضم القدس الشرقية.
وقال وزير الخارجية، إن إعلان الرئيس ترامب يُمثّل مكافئة للاستعمار ولانتهاكات القانون الدولي الجسيمة، بالإضافة للخرق الممنهج لحقوق الانسان التي تم من قبل دولة الاحتلال وعلى مر اي من دول العالم خاصة الولايات المتحدة وعلى مدار سنوات الاحتلال الطويلة وانه يُجرّد الولايات المتحدة الأميركية من أهليتها للعب دور الوسيط في عملية السلام، وفي العمل لإنهاء الصراع في المنطقة، ويُظهر مدى تحيّز الولايات المتحدة الأميركية وعدوانيتها تجاه حقوق الشعب الفلسطيني والقانون الدولي، كما ويقُصي بل ويعزل الولايات المتحدة عن بقية دول المجتمع الدولي، ويُجرّدها من أهليتها لاتخاذ أي دور قيادي في عملية السلام في المنطقة حيث ان اجتماعاتنا هذا يجب ان يعتمد الموقف الذي يؤكد ان الولايات المتحدة واقرارها هذا قد عزلت نفسها كاملا عن لعبة اي دور في عملية السلام والتي يجب ان تستمر بدونها كما شاهدنا ذلك ليلة امس في مجلس الأمن ، أكانت خطيئة تنم عن جهل أو تجاهل فهذا سيان، فلا الجهل مقبول مع القدس ولا التجاهل مُحتمل.
وأشار إلى انه استسهل القرار فرفضه العالم وبرر خطيئته ببدع دينية وادعاءات تاريخية خاطئة فعزل نفسه وبلده عن لعب أي دور محتمل في عملية السلام، أكان اليوم أو في المستقبل، موكدا اننا لم نستثنيه وإنما استثنى نفسه وبلده من لعب دور الوسيط في إيجاد حل للصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، والعربي – الاسرائيلي وانه فشل في الامتحان قبل أن يبدأ وأثبت عدم إدراكه لخطورة خطوته وانعكاساتها على فرص السلام، وعلى الأمن والاستقرار، ليس فقط في منطقتنا وإنما في العالم أجمع، فلهذا القرار توابع سياسية جسيمة وواسعة النطاق، ولن تبقى محصورة في الأرض الفلسطينية المحتلة، أو حتى في المنطقة، فهذا القرار يُضعف من مكانة المجتمع الدولي ككل، ويضرب عُمق القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وهكذا وقف العالم برمته ضرورة كما وقفت الملايين تحر قرار ترامب في كافة بقاع العالم وقاراته.
وقال، إننا نلتقي في هذا الاجتماع الطارئ لمناقشة كيفية التعاطي الجمعي العربي مع خطيئة أقدم عليها الرئيس الأميركي عن سبق إصرار بحق القدس أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى النبي الكريم، وعاصمة دولة فلسطين الابدية والعاصمة الروحية للمسيحيين وللمسلمين سواء موكدا انها خطيئة تخطت المحتمل عربياً، وتعدت المقبول به أو المسموح له، مهما كان أو على شأنه.
وشدد المالكي، إنها القدس أقدس الأقداس ودرة التاج، وقلب العرب النابض، مدينة السلام، مدينة كنيسة القيامة وقبة الصخرة، عاصمة دولتنا الابدية الخالدة، المدينة التي إن قالت تحرك القاصي والداني من كل صوب، وإن نادت لبى لها النداء كل عربي ومسلم، وإن أنّتْ تداعى لها العالم أجمع، وإن غضبت فلا مُتسع لغضبها في هذا الكون، موكدا ان القدس غاضبة اليوم.
وأضاف، إننا نأسف على الوضع الذي وصلت إليه الادارة الأميركية من رؤية ضيّقة لطبيعة الصراع وامكانيات الحل، فهناك انقياد أعمى من قبل الموقف الاسرائيلي واختطاف لموقفها كدولة راعية لعملية السلام من قبل العرّاب الاسرائيلي، الذي ما انفك يتعهد ويعمل على القضاء على كل فرص السلام مهما كلّفه ذلك من جهد.
وقال اننا نأسف فيه لهذا الوضع، وهناك من يحتفل بالقرار، حيث يلتقي المتطرف اليهودي الذي يدّعي أن وعد ترامب يأتي مُكملاً لوعد بلفور، والذي جاء مكملاً لوعد الرَّبْ، يلتقي مع المتطرف الداعشي الذي يرى في القرار فُرصة يتكئ عليها في مواصلة ارهابه.
وأضاف، انه كما قال الرئيس محمود عباس في خطابه الأخير، فإن هذا الوعد يُمثّل مكافئة لإسرائيل على تنكرها للاتفاقات وتحديداً للشرعية الدولية وتشجعاً لها على مواصلة سياسة الاحتلال والاستيطان والأبارتهايد والتطهير العرقي، كما وتصب هذه الخطوة في خدمة الجماعات المتطرفة التي تحاول تحويل الصراع في منطقتنا إلى حرب دينية تجر المنطقة التي تعيش أوضاعاً حرجة في أتون صراعات دموية وحروب لا تنتهي.
وقال المالكي، إن هذا القرار إنما يُشجع منتهكي القانون الدولي، بما في ذلك الخروقات الصارخة لمبادئ حقوق الانسان على الاستمرار باتباع هذه السياسات، كما ويستخف القرار بموقف وقرارات دول المجتمع الدولي بما في ذلك ما عبّرت عنه الأمم المتحدة، وهو سيوحي للدول المارقة بأنه بإمكانها خرق القانون الدولي وفرض وتغيير الحقائق بالقوة، وهذا سيُطلِق العنان لحقبة جديدة من العنف وعدم المبالاة بالقانون الدولي ومبادئه.
واوضح انه لا بد من كلمة لكل مَن ابتهج لهذا القرار واحتفى به وتَسرَّعَ بالقول أن هذا القرار يضمن لإسرائيل أن أيَّة مفاوضات مستقبلية ستنطلق من حقيقة جديدة أن القدس هي عاصمة لدولة اسرائيل، هنا لا بد من القول وبكل وضوح وثبات، أن أي اعلان يأتي من اسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، أو من الولايات المتحدة الأميركية، بخصوص واقع مدينة القدس لن يُغير من حقيقة أن الأرض الفلسطينية المُكونة من قطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، هي أرض محتلة وفق القانون الدولي، وهي حقيقة راسخة قانونياً، كما نتوقع منكم تفويض المجموعة العربية للتحرك الفوري لتقديم مشروع قرار في مجلس الأمن يرفض القرار الأميركي .
واكد أن الحقوق الوطنية الفلسطينية وحقوق الانسان للشعب الفلسطيني هي حقوق غير قابلة للتصرف، وهي أيضاً حقائق قانونية وسياسية راسخة بموجب القانون الدولي، واجماع ودعم من المجتمع الدولي، ولن تتغير هذه الحقيقة بالإعلان غير القانوني للرئيس ترامب بنقل السفارة أو بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل.
وأردف، يجب أن نؤكد بمجال لا يدعُ للشك أنه ليس لهذا القرار أو الاعلان أو الوعد أي توابع على المكانة القانونية لمدينة القدس التي هي جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، أو لحقوق الشعب الفلسطينية المكفولة في القانون الدولي.
وقال، إن دولة فلسطين لتقدّر وبشدة الرفض والمعارضة المدوية عالمياً لهذا القرار غير القانوني، وتشكر شقيقاتها الدول العربية على هذا الموقف المشرف واتصالاتها مع دولة فلسطين لتأكيد دعمها وتضامنها وتحركها السريع في عديد المستويات دعماً للموقف الفلسطيني، وطبعاً نخص بالذكر المملكة الأردنية الشقيقة ممثلةً بجلالة الملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي، التي شاركتنا في الدعوة لهذا الاجتماع وتحركت معنا في كافة المجالات وأنبرت في التصدي لتداعيات هذا القرار، كما ونشكر خصيصاً كل من جمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية، والمملكة المغربية، ودولة الكويت، ودولة قطر والجمهورية التونسية ولبنان الذين تواصلوا معنا خلال الأيام الماضية.
وأكد إننا نتابع في دولة فلسطين ردود فعل العواصم في كافة أنحاء العالم، ونرحب بالتزام المجتمع الدولي تجاه حقوق الشعب الفلسطيني المكفولة في القانون الدولي، موكدا أنه يقع التزاماً قانونياً وسياسياً على كافة الدول برفض قرار الإدارة الأميركية غير القانوني، وفي حماية حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير غير القابل للتصرف، وسيادته على الأرض التي تحتلها اسرائيل بشكل غير قانوني منذ عام 1967، بما في ذلك قلبها العاصمة الأبدية القدس، وسواء بما نشاهد ونقرأ ونسمع من ردود فعل مسؤولية من قبل العالم الصديقة الذي اجمع على رفض هذا القرار وابتعاده عنه، واشار اننا نتوقع من الدول الصديقة التي تعترف بدولة فلسطين، أن تؤكد على اعترافها بالدولة وعاصمتها الابدية القدس الشرقية، علاوةً على رفضها وادانتها لهذا القرار غير القانوني، معربا عن تمنيه ان يعمل العرب امام هذا الصلف الاسرائيلي الذي تحدى ليس فقط العرب والمسلمين وإنما العالم أجمع ان يسارعوا لزيارة القدس وعدم تركها اسيرة امام التهديد الاسرائيلي فهذا يعزز من صمودها ويقوي عزيمة ابنائها في مواجهة تحديات هذا القرار والقرارات الهادفة لتهويد القدس فلنسارع الى زيارة القدس عبر المؤسسات الرسمية في فلسطين لرفع شأنها عربيا ولإرسال رسائل واضحة لكل من يدعي ليس للعرب من مسلمين او مسيحيين حق فيها، وفِي الختام قال المالكي، نأمل تبنيكم لمشروع القرار المقترح دعماً لفلسطين والقدس