لماذا دعت مصر لحوار وطني دون ان تعد له جيدا ؟
نشر بتاريخ: 30/01/2008 ( آخر تحديث: 30/01/2008 الساعة: 17:53 )
بيت لحم - تقرير وكالة معا - بداية الحوار الوطني الفلسطيني الذي دعت اليه مصر في القاهرة لم تكن موفقة ، ولربما لم يجر الاعداد لهذا الحوار جيدا ، بل لم يجر الاعداد له أصلا .
وبعكس حوارات سابقة في القاهرة ودمشق ومكة ، فان بداية الحوار كانت خشنة ، وقد أعلن الرئيس ابو مازن منذ وصوله القاهرة انه لن يفاوض حماس طالما لم تتراجع عن الانقلاب العسكري الذي نفذته في حزيران العام المنصرم ، وسارعت حماس وعلى لسان ابو زهري ووجهت كلاما خشنا للرئيس حتى ان ابو زهري لم يقل كلمة الرئيس بل اكتفى بالقول " محمود عباس " ما أظهر للجمهور عكس ما يحلم به . وحطّم امال الحالمين بعودة الحوار لا سيما بعد محادثة الرئيس مع القيادي الزهار عقب استشهاد نجله قبل اسبوعين والامال التي سرت في المدن الفلسطينية عقب الكلام اللين الذي أظهره خالد مشعل الاسبوع المنصرم.
الرئيس ( أكد مرة اخرى كما اكد خلال الفترة الاخيرة اننا مستعدون للحوار في حال قبلت حماس بالشرعية الدولية وانتخابات مبكرة، وستكون قلوبنا وعقولنا مفتوحة لهم ) .
ويشارك في الوفد أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم، ورئيس الطاقم الفلسطيني المفاوض أحمد قريع، والمبعوث الخاص للرئيس لدى جمهورية مصر العربية د. نبيل شعث، والسفير الفلسطيني لدى القاهرة منذر الدجاني، ومن الجانب المصري وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، والوزير عمر سليمان.
وبدوره، أكد د. محمود الزهار القيادي في حركة حماس ورئيس وفد الحركة إلى الأراضي المصرية، أن ملف الحصار والمعابر على رأس الملفات التي سيتم طرحها خلال اللقاءات التي ستعقد مع عدد من المسؤولين المصريين هناك.
وقال الزهار للصحافيين اثناء مغادرته صباح الاربعاء على رأس وفد ضم سعيد صيام وزير الداخلية السابق والقيادي بحماس جمال ابو هاشم، ان اللقاءات لن تتمحور حول المعابر فقط بل ستتناول ملف الحصار المفروض على قطاع غزة.
وحول معبر رفح، قال الزهار في كلمة ألقاها امام الصحافيين على المعبر:" يجب ان يكون تحت سيطرة فلسطينية مصرية فقط"، مضيفاً:" اذا ما اعيد فتح معبر رفح مرة اخرى فلا مبرر لبقاء الحدود مفتوحة بين قطاع غزة ومصر ".
هذا وسيلتقي وفد غزة مع وفد عن الحركة من الخارج قيل ان خالد مشعل رئيس المكتب السياسي سيرأسه.
ولربما ان ما قاله مسؤول الجهاد الاسلامي محمد الهندي يعكس شيئا مهما فقد ( اكد الهندي عدم وجود اتفاقة 2005 وانها مجرد برتوكول وانتهت مدة صلاحياتها, وقال ان الشعب الفلسطيني يرفض اعادة الامور الى ما كانت عليه في المعبر سابقا".
كما دعا الهندي الى الغاء اتفاقية باريس الاقتصادية وادخال البضائع عبر معبر رفح, واضاف الهندي ان قطاع غزة لا يزال تحت الاحتلال وانها تتحمل المسؤوليه الكاملة عما يجري في القطاع.
اذن هناك فريقان في فلسطين : فريق يريد الغاء اتفاقية اوسلو واتفاقية باريس واتفاقية رفح باعتبارها اتفاقيات ظالمة تنصل منها الاحتلال ولا يزال يجبر الفلسطينيين على استهلاكها ، وفريق لا يريد المغامرة السياسية والقفز اكثر مما قفز في المجهول ، وهو لا يزال يتمسك بما اتفق عليه ويسعى لاجبار اسرائيل على الالتزام بها .
وقد حان الاوان للقول ان الخصام لم يعد بين حماس وفتح وانما بين م ت ف من جهة ( على تناقضاتها الداخلية ) وبين أصحاب مؤتمر دمشق وعلى رأسهم حماس والجهاد والالوية ولجان المقاومة ( على تناقضاتها الداخلية ) .
الطرفان يمتدحان مصر ويشتمان بعضهما البعض ، الطرفان يمتدحان السعودية وقطر وسوريا وتركيا ويشتمان بعضهما البعض ، والطرفان يمتدحان الجماهير والارادة الحرة للشعوب ويشتمان بعضهما البعض .
ومن الواضح ان الجهة المصرية التي أعدت للحوار الوطني الجديد لم تكن موفقة أبدا ، او ربما انها ارادت ان تهدئ من الرأي العام المصري تجاه أزمة رفح فهربت للامام ودعت الى حوار لم ينضج اعداده ولم يطب ثمره بعد .
مصادر مطلعة تؤكد ان الفشل هو سيد الموقف في الحوار الوطني الجاري ، والذي أضاف الى قائمة الهموم الفلسطينية هما جديدا وطازجا .
فالسلطة تصر على ان تعيد استلام المعابر في غزة ، دون ان يعرف احد بعد كيف لها ان تستعيد نشر قواتها هناك في ظل اكتساح حماس العسكري الجارف للقطاع !!
وحماس التي ادارت المعركة ميدانيا بشكل محترف وذكي تعيد ترتيب صفوفها من جديد وتنشر قواتها على طول حدود رفح ولسان حالها يقول لمصر : نتفاهم معكم على الجدار بالتراضي دون حصار ودون شروط اسرائيلية او ان الصحراء بيننا وبينكم مفتوحة .
واذا يعود كل وفد الى قواعده منتصرا على الخصم - سيبقى الفلسطينيون يقفون على حدود رفح وفي رأسهم يدور السؤال : غزة- لمصر أم لربوع الشام تنتسب ؟