القاهرة -معا - أكد الدكتور عباس شومان وكيل الازهر الشريف في مصر ان القرار المتهور الذى اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اثار كثيرا من المآسى وبعضا من ردود الفعل العربية والإسلامية على المستويين الشعبي والرسمي هي أقل بكثير مما يقتضيه هذا الحدث الجلل.
واضاف ان ما شجع ترامب على اتخاذ هذا القرار المتغطرس، بهذا التحدى والاستفزاز هو حالة التفكك والتشرذم والهوان التي تمر بها أمتنا العربية والإسلامية على المستويات كافة، ومثل هذه الحال البائسة تجعل أعداءنا لا يحركون ساكنًا لاجتماعاتنا الباهتة، ولا يلقون بالا لقراراتنا وردود فعلنا التى أصبحوا على يقين أنها ستكون أرحم بهم من بعض بنى جلدتهم الغاضبين من قراراتهم المجحفة وممارساتهم الظالمة.
جاءت اقوال شومان في مقالة نشرتها العديد من وسائل الاعلام العربية التي اوضح فيها ان العرب والمسلمين، وصلوا إلى حالة من الهوان والتشرذم والفُرقة أطمعت فينا أعداءنا وجعلتهم يتداعون علينا كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها كما أخبر رسولنا، صلى الله عليه وسلم.
وذكر شومان ان ترامب على يقين أننا الأمة التى قالت عنها جولدا مائير حين حُرق الأقصى عام 1969م: لم أنم طوال الليل ترقبًا لجيوش العرب التى ستأتى إلينا من كل حدب وصوب قبل أن نصبح، فلما أصبحت ولم أجد شيئًا أدركت أنهم أمة نائمة ، ما كان ترامب ولا غيره ليجرؤ على اتخاذ قرار أرعن كهذا لو كان يتوقع أكثر من قرارات الشجب والإدانة والاستنكار وبعض صيحات تنديد من متظاهرين هنا أو هناك سرعان ما تختفى ليمر القرار سالما ويضاف إلى غيره من القرارات التى تعبث بمصائر شعوبنا ومقدساتنا، والعجيب أننا نحفظ ونردد صباح مساء قول ربنا: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ !
وأشار وكيل الازهر الشريف أن هذا القرار العدائى ليس مقصودًا لذاته، لأنه لم يغير شيئًا على الأرض، فالقدس محتلة بالفعل، وهى تحت سيطرة الصهاينة من عقود طويلة، وإنما هو بالون اختبار وقنبلة دخان لجس نبض العرب والمسلمين على المستويين الشعبى والرسمى، والتأكد من أننا مازلنا نغط فى نوم عميق أم تجاوزناه إلى غيبوبة أقرب للموت، مما قد يدفعه لاتخاذ قرارات أخرى تجاه عواصم أخرى ليست تحت الاحتلال!
وأكد شومان ان عروبة القدس وإسلاميتها مسألة محسومة تاريخا ودينا وواقعا، فنحن الأحق بجميع الأنبياء والمرسلين وليس هؤلاء الصهاينة الذين لا يتبعون نبيًّا من أنبيائهم الذين يزعمون أنهم هم من أعطوهم الحق فى القدس، مضيفا ان قرار ترامب ما هو إلا امتداد لوعد بلفور المشؤوم، وترسيخ لاحتلال المحتل الغاصب أرضنا، وتكريس لانتهاكه مقدساتنا، تلك الأرض التى لم يرثها البريطانيون ولا الأمريكان عن أجدادهم ليمنحوها للصهاينة، ولا هى من ممتلكات ترامب الخاصة ليقرر إنشاء مستوطنة عليها وإن سماها سفارة.
وذكر شومان ان القدس قبل قرار ترامب وبعده وإلى آخر يوم فى دنيا الناس عربية إسلامية عاصمة أبدية لدولة فلسطين، ويجب أن تبقى مفتوحة لأتباع الديانات كافة، يصلى المسلمون فى مساجدها، ويتعبد المسيحيون فى كنائسها، مطالبا في نفس الوقت العرب والمسلمين ان يستفسقوا من غفلتهم وان يعيدوا فى أذهان أولادهم وأحفادهم قضية القدس، لاعداد جيل التحرير لقبلة المسلمين الاولى وإن طال الزمن.