نشر بتاريخ: 07/03/2018 ( آخر تحديث: 07/03/2018 الساعة: 11:36 )
رام الله- معا- نظمت المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح"، مؤتمرها للعام الجاري في مدينتي رام الله وغزة عبر الفيديو كونفرس، بدعم من الممثلية النرويجية.
وناقش المؤتمر تأثيرات التطورات الإقليمية والدولية على مستقبل القضية الفلسطينية، وطرح الخيارات والبدائل أمام الفلسطينيين من رؤية نسوية وشبابية.
والتأم المؤتمر بمشاركة وحضور مختلف الفئات والقطاعات المجتمعية، حيث عقدت جلسة أعقبت جلسته الافتتاحية، عرضت فيها عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د.حنان عشراوي إجمالا لطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية، وتأثيرها على الوضع الفلسطيني وخياراته، فيما عرض عضو اللجنة المركزية لحركة فتح د.ناصر القدوة الخيارات السياسية المطروحةوالممكنة.
وتوزعت محاور المؤتمر على جلستين منفصلتين، تناولتا الرؤيتين النسوية والشبابية لمواجهة التحديات السياسية، وجمود جهود المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام. وذلك من خلال محورين:
الأول: تمتين الجبهة الداخلية، حيث لاحظ المؤتمرون غياب شرائح عريضة من المجتمع الفلسطيني عن حوارات المصالحة، بالرغم من أن تداعيات الانقسام يدفع ثمنها النساء والشباب، بالاستناد إلى دراسات وأوراق عمل أنجزتها "مفتاح" مؤخراً، وتناولت غياب منظومة الحماية والمشاركة للفئتين.
وتناول المحور الثاني الخيارات المطروحة أمام الفلسطينيين على المستوى الدولي، وتحديد الأولويات الوطنية من منظور الحركة النسوية والقيادات الشابة، ورؤيتَيْهِما للبدائل الممكنة.
ورأى المشاركون أنّ مواجهة التحديات الداخلية والتطورات الإقليمية والدولية، خاصة مواقف الإدارة الأمريكية الحالية، تتطلب فتح الآفاق للتفكير خارج محددات العمل السياسي الفلسطيني الحالي وضغوطه وارتباطاته؛ بإطلاق جهد وطنيّ تساهم فيه القطاعات المختلفة للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، وفي مقدمته الحركة النسوية والشباب، وبناء تحالفات مع تجمعات دولية ومنظمات المجتمع المدني الأمريكية لمناهضة سياسات الإدارة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية.
وأكد المشاركون حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على الأرض الفلسطينية والتمتع بكامل السيادة عليها، ومنح الشعب الفلسطيني المشاركة الفعلية والحقيقية في السعي إلى تقرير مصيره، والتأكيد على عدم مصادرة حقه في اتخاذ القرار، بشأن قضاياه المصيرية من خلال عرض أي إجراء أو أي قرارٍ متعلقٍ بالحقوق أو الثوابت الوطنية على استفتاء، والتأكيد أيضاً على حقه في اختيار ممثليه من خلال إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
وأكد المؤتمر ضرورة بلورة استراتيجية نضالية موحدة بمشاركة جميع القوى السياسية والاجتماعية في مواجهة التحديات الراهنة، وتبني كل الخيارات الوطنية، وعدم حصرها في التجاذب بين نهجَي المفاوضات والمقاومة المسلحة، ما يستدعي الحرص على تبني أشكالٍ نضاليةٍ جديدةٍ تُحاكي تحديات المرحلة الراهنة، والتأكيد على نهج المقاطعة باعتباره خياراً وطنياً وشكلاً من أشكال المقاومة على جميع المستويات الرسمية والشعبية.
كما دعا إلى تفعيل وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، من خلال استئناف اجتماعات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني، ومتابعة ما تم الاتفاق عليه في اجتماعها بالعاصمة اللبنانية بيروت في كانون الثاني/ يناير 2017، وتحديد جدول زمني بما لا يتجاوز نهاية العام 2018 لإجراء انتخاباتٍ شاملةٍ تشريعيةٍ ورئاسيةٍ وللمجلس الوطني وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل حيثما أمكن، وتكريس التعددية السياسية وبناء نظام سياسي ديمقراطي يكرس سيادة القانون وفصل السلطات، ويضمن الحريات العامة، والتأكيد على مبادئ النزاهة والشفافية في إدارة الشأن العام،وضرورة استعادة الأجسام الشبابية، خاصة الاتحاد العام لطلبة فلسطينلدورها، وإعادة النظر في تشكيل ومهام المجلس الأعلى للرياضة والشباب، والدعوة إلى ذهاب الاتحادات الشبابية لعقد مؤتمراتها بما يضمن تمثيل المرأة والشباب في هيئاتها الإدارية.
وأكد المشاركون ضرورة فتح حوارٍ وطنيٍّ شاملٍ لمناقشة قرارات المجلس المركزي، ووضع آليات تنفيذٍ لما يتم التوافق عليه،وتطوير خطواتٍ عمليةٍ وإجرائيةٍ تُعلَن أمام الشعب، واستعادة الوحدة الوطنية كأولويةٍلمواصلة معركة إنهاء الاحتلال، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وإزالة العقبات التي تعترض جهود المصالحة، ومعالجة القضايا المتعلقة باحتياجات شعبنا اليومية والإنسانية في القطاع.
وأكدت الحركة النسوية ضرورة تشكيل لجان للرقابة على عمل لجان المصالحة، وأن تعلِن أيضاً مواقف واضحة للتفاهمات التي تتمخض عن لقاءات المصالحة، إضافة إلى إعداد قائمة سوداء بالجهات المعطلة للمصالحة.
وخلص المؤتمر إلى مجموعة من التوصيات من أبرزها:
أولا: متابعة إجراءات الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، والانضمام إلى المنظمات الدولية، خاصة ألـ 22 منظمة التي تعهدت السلطة للإدارة الأمريكية بعدم الانضمام إليها، والتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية بتقديم ملف الاستيطان.
ثانيا: بلورة استراتيجية عمل نضالية موحدة بمشاركة جميع القوى السياسية والاجتماعية، بما يضمن مشاركة القيادات الشبابية والنسوية والنقابية والشخصيات الوطنية في إطار منظمة التحرير، ولضمان مشاركة أبناء شعبنا في جميع أماكن وجوده في قيادة النضال الوطني.
ثالثا: استنهاض دور الجماهير لحماية المنجزات الوطنية والدفاع عن برنامج الإجماع الوطني، وإفشال مخططات تصفية القضية الفلسطينية، وذلك عبر التعبئة الوطنية، ويمكن في هذا المجال إعادة إحياء الندوات السياسية، ولجان الأحياء واللجان العمالية كأداة تعبئة سياسية.
رابعا: تعزيز العلاقة مع الجاليات الفلسطينية، وضمان ممارستها دوراً فاعلاً في التشبيك والتفاعل مع المجتمعات التي يعيشون فيها للمساهمة في الضغط على حكوماتهم لدعم الحقوق الفلسطينية، وحشد طاقات الجاليات من أجل نشر الرواية الفلسطينية، والتأكيد على ثوابت القضية، وتشكيل جبهة ضغط واستنهاض واقع السفارات والمُمثليات الفلسطينية في الخارج.
خامسا: فحص البدائل والخيارات المتاحة من قبل الباحثين ومراكز الدراسات والسياسيين لإمكانية فك الارتباط بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، بما فيها اتفاقية باريس، والارتباط بالمنظمات الدولية بشكلٍ مباشرٍ في محاولات فتح السوق الفلسطيني للحيلولة دون خضوعه لحصار الاحتلال، وفتح باب الحوار أمام الملفات المختلفة ذات العلاقة، بحيث تتضمن وجود تمثيل نسوي وشبابي في هذه الحوارات، وفحص البدائل والخيارات أمام الشعب الفلسطيني عن الرعاية الأمريكية الحصرية للعملية السياسية.
وكان المؤتمر افتُتح بكلمة ترحيب من د. ليلي فيضي، المدير التنفيذي لمؤسسة "مفتاح"، شددت فيها على أنّ حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان.
كما دعت فيضي في كلمتها إلى إعادة الاعتبار لقضية القدس، وقالت في هذا الصدد إن القدس ليست مسألة مقدسات فقط، بل مواطنون ومؤسسات وحضارة، وينبغي دعمها والعمل على إعادة فتح مؤسساتها المغلقة، وفي مقدمتها بيت الشرق.
في حين، أكدت هليديهراد ممثلة النرويج في فلسطين، دعم الممثلية النرويجية لحقوق المرأة الفلسطينية والشباب، مشيرة إلى دعم بلادها حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية من خلال المفاوضات.
وأشادت بالدور المهم الذي قامت به فلسطين بالتوقيع على اتفاقية "سيداو"، مثمنة قرارات مجلس الوزراء الفلسطيني الأخيرة، بتعديل في القوانين ومنح حقوق للمرأة، مشيرةً إلى أن النرويج تشعر بالمسؤولية تجاه متابعة الأولويات المتعلقة بقضايا النوع الاجتماعي والشباب، ودعم الحوارات.
وقالت إن دولة النرويج بصفتها رئيس لجنة تنسيق المساعدات للشعب الفلسطيني تعمل على التحضير لعقد اجتماع للمانحين في العشرين من الشهر الجاري، والذي سيركز على آليات المساهمة في تحسين الأوضاع الصعبة في قطاع غزة.
وفي ختام كلمتها، قالت ممثلة النرويج إن بلادها مستمرة في دعم المؤسسات الفلسطينية، الحكومية والأهلية.
وفي الجلسة الأولى للمؤتمر، استعرضت د.حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، التطورات الإقليمية والدولية وتأثيرها على القضية الفلسطينية، مشيرة إلى أنه لا يوجد حل سياسي عادل في المدى القريب، ما يتطلب تعزيز الصمود الفلسطيني الداخلي، وإنهاء الانقسام، ومواجهة السياسات والمخططات العنصرية الإسرائيلية.
ولفتت عشراوي إلى أن الانحياز الأميركي تطوَّر إلى شراكة مع الاحتلال خاصة مع وجود الإدارة الأميركية الحالية بقيادة دونالد ترمب، داعية إلى تعزيز التعاون والتشبيك مع المؤسسات والشخصيات الأميركية والدولية المعارضة لسياسات الرئيس الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية.
وأكدت أنّ مسؤولية القيادة الفلسطينية داخلياً إعطاء شعبها القدرة على الصمود، وتوفير متطلبات الحكم الصالح، ليستطيع مواجهة التحديات المحدقة بحقوقه المشروعة.
كما أكدت على محورية الحقوق والقيم ذات الصلة بحقوق الإنسان، داعية الشباب إلى استشراف المستقبل وأبعاده ووضع الأمور في سياقها.
وأشارت إلى أن المرحلة الحالية تشهد تغيرات مفصلية سلبية تمنع احتمالات الوصول إلى حل عادل، في حين أن العنصر المؤثر هو الاحتلال وطبيعة إسرائيل ونظامها العنصري وهيمنة الأصولية الصهيونية التي تقوم على إزالة هوية ومصادرة ثقافة شعب وتاريخه، والتوسع الاستيطاني وتهويد القدس والتطهير العرقي وسيطرة الفكر الأيديولجي المطلق تجسده الحكومة الحالية بعقليتها الاستعلائية الاستثنائية. وقالت:" يمكننا إزاء التغير السلبي في الموقف الأميركي أن نرفض التعامل مع الصيغ القديمة، أي الوجود الأميركي المنفرد في العملية السياسية، ولا بد من المطالبة بآلية تجبر أميركا على تنسيق مواقفها مع أطراف دولية أخرى توفر أساسا مقبولا لأي عملية سياسية قادمة".
بدوره، قال د. ناصر القدوة عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" إنه في ظل انسداد الأُفق السياسي والتوصل إلى حلٍّ عادل، يجب تركيز الجهود في تعزيز المركز القانوني لدولة فلسطين، وخلق وقائع وحقائق سياسية لا يمكن التراجع عنها.
وأكد ضرورة التصدي للاستعمار الاستيطاني ومقاتلته، كونه يمثل التهديد الوجودي للشعب الفسطيني في وطنه.
وانتقد اجترار الحديث ذاته عن إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، داعياً إلى عملٍ جديٍّ ومسؤول لتحقيق ذلك. وقال:" هناك تغيرات مهمة في الولايات المتحدة تتمثل بغياب الأولويات والسياسات الواضحة، وهناك أيضا انكفاء عن لعب الدور التقليدي، في مقابل حالة صعود غير مخطط في العالم مثل روسيا والصين وحتى أوروبا، لكن التغييرات الأهم ربما تحدث على المستوى الإقليمي، وحالة ضعف شديد على المستوى العربي، وانزياح كبير في إسرائيل إلى اليمين وربما إلى الفاشية والأصولية الدينية ما يضعنا في وضع صعب جدا".
ودعت سمر عوض الله، مستشارة الاعلام والتواصل السياسي في دائرة شؤون المفاوضات إلى اعتبار قضية المرأة جزء من منظومة حقوق الإنسان، وتعزيز دور المرأة على المستوى الدولي، وضرورة التعريف بالمشروع الوطني الفلسطيني وتوضيح نقاط الاتفاق والاختلاف، وطرح قضايا الاجماع الوطني، معتبرة أن الانتخابات الديمقراطية هي المدخل الرئيس والصحيح لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة، وتجديد المؤسسة الوطنية وإصلاحها وعلى رأسها النظام السياسي ومنظمة التحرير، وإزالة الفجوات الاجتماعية والاقتصادية بين فئات المجتمع كافة، إضافة إلى إزالة جميع العقبات أمام مشاركة الشباب في المواقع القيادية. كما دعت إلى أعادة النظر في العلاقة الاقتصادية وليس السياسية فحسب مع الإدارة الأميركية، والعمل على خلق حقائق دولية تدعم الشعب الفلسطيني، وتعزيز أدوات الدبلوماسية الشعبية في مختلف أنحاء العالم.
وفي تعقيبٍ ختاميٍّ، أكد د.عزمي الشعيبي، مستشار مجلس الإدارة للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، على ضرورة استثمار نقاط القوة في المجتمع الفلسطيني، داعيا إلى صيغةٍ تتيح استخدام هذه القوة في مواجهة المشروع الصهيوني؛ في إطار خطةٍ واضحةٍ تستلزم من الشباب طرح رؤيةٍ تتيح لهم مواجهة هذا المشروع وإفشاله، ما يتطلب استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام.
ودعا الشباب إلى بلورة رؤية موحدة وواضحة تعزز من دورهم على جميع الأصعدة، وعدم اقتصار الأمر على المطالبة بنسب تمثيلية، معتبراً أن تمثيلهم يكون عبر النضال وطرح رؤى محددة.