الدجاج الفاسد.... والحاجة الى اجراءات ناجعة!!!
نشر بتاريخ: 12/03/2018 ( آخر تحديث: 12/03/2018 الساعة: 18:50 )
الكاتب عقل أبو قرع
اثار الاعلان عن ضبط واتلاف حوالي ثلاثة اطنان من الدجاج الفاسد في مدينة رام الله قبل عدة ايام قلقا شديدا عند غالبية الناس، لان استهلاك الدجاج وفي ظل ارتفاع اسعار اللحوم الحمراء اصبح الملتجأ الاسهل والايسر لاستهلاك اللحوم، ورغم أنه قد تم الاعلان عن ضبط واعتقال من قام بتهريب أو بأيصال الدجاج غير الصالح الى الاسواق في رام الله، ألا أن طبيعة العقاب أو الاجراءات هو من سوف يحدد مدى نجاعة الردع وبالتالي التقليل من ايصال مواد فاسده سواء أكانت دجاج أو غيرهها من المنتجات الى الاسواق ومن ثم الى افواه المستهلك في المستقبل.
ورغم الانجاز المتمثل في ضبط الدجاج الفاسد من قبل الاجهزة المعنية، الا أن الخوف من أن جزءا من المنتجات الفاسده سواء أكانت من الدجاج أو من غيره ما زالت في الاسواق، أو ان جزءا قد وصل بالفعل الى افواه المستهلك، ما زال هذا الخوف قائما، وما زال هذا الهاجس موجودا، وما زال الناس يتساءلون عن انجع الطرق للحد من هذه الظاهر المقلقه.
وفي الدول، سواء اكانت الدول المجاورة اوالدول البعيدة توجد هيئات مستقلة وفعالة وموحدة للتعامل مع امور سلامة الغذاء والدواء، التي وبدون مبالغة تهم كل الناس، ومن أمثلة الدول القريبه الينا الاردن، حيث تعمل الهيئة بفعالية وبحزم، ومن الامثلة البعيدة عنا، "وكالة الغذاء والدواء الامريكية"، وما تتمتع به من امكانيات وكفاءات وميزانيات واستقلالية واحترام عند الناس، حيث أن موضوع سلامة الغذاء والدواء من الامور المصيرية للناس.
حيث انه وحسب منظمة الصحة العالمية، فإن حوالي 2 مليون شخص يموتون سنويا، بسبب الاغذية الملوثة او الفاسدة، والتي تشمل الماء والغذاء، ومنهم حوالي مليون ونصف المليون من الاطفال الذين يموتون بسبب امراض الاسهال، الناتجة في غالبيتها عن الطعام الملوث، وحسب المنظمة فإن الاطعمة الفاسدة هي المسبب الرئيسي لحوالي 200 نوع من الامراض المختلفة، سواء بسبب البكتيريا، الفيروسات، الطفيليات، اوبسبب تلوثها بالمواد الكيميائية والاشعاعية، حيث يمكن ان يحدث التلوث في المزرعة، او خلال السلسلة التي من خلالها يصل الطعام الى المائدة ومن ثم الى الانسان، والطعام الملوث كيميائيا، يمكن ان يؤدي الى امراض مزمنة او الى تداعيات صحية بعيدة المدى، مثل امراض السرطان، والتغيرات العصبية والخلقية، وان الاستخدام المكثف للادوية البيطرية قد ادى الى تكون سلاسل من البكتيريا، تقاوم اشد انواع المضادات الحيوية فعالية، وما لذلك من عواقب صحية وخيمه.
وفي بلادنا، وفي ظل مواصلة ضبط ومصادرة مواد فاسدة متعددة، فالمطلوب اجراء عملية تقييم لعمل الجهات العاملة في هذا المجال، وهذا امر روتيني عادي تقوم بة جهات كثيرة وذلك لتقييم عملها ولتبيان النقاط الايجابية ومن ثم تدعيمها، وكذلك لتبيان السلبيات ومن ثم العمل على تجاوزها، وحتى تتم عملية التقييم، ومن اجل طمأنة المستهلك، فالمطلوب من الجهات الرسمية وغير الرسمية المهتمة بسلامة الغذاء والدواء ولمنع وصول المواد الفاسدة للناس، وضع برنامج منظم ومتكامل من اجل سحب عينات عشوائية، سواء اكانت من الخضار او من الفواكة، او من الدواء، او حتى من الخبز والكعك، والحليب ومشتقاتة، واجراء الفحوصات الروتينية لهذه العينات، في مختبرات تم اعتمادها، وتم التأكد ومن خلال مختصين بجاهيزتها، سواء طاقمها او اجهزتها، والاهم كذلك نشر نتائج الفحوصات من خلال الاعلام، لكي تصل الى المستهلك
وكان قد تم الاحتفال في يوم الصحة العالمي قبل اعوام، تحت شعار" سلامة الطعام من المزرعة الى المائدة"، وبدون شك ان اهمية هذا الموضوع تتجلى بوضوح في بلادنا، حيث لا يكاد يمر يوم والا نسمع عن اكتشاف او عن ضبط ومصادرة واتلاف اطعمة ومنتجات فاسدة وبأنواعها، وهذه الدوامة اصبحت مكررة ومملة، وتحتاج الى تدخل نوعي، يهدف الى ايجاد حلول جذرية لموضوع الاطعمة الفاسدة او غير الصالحة في بلادنا، ومنها تشكيل هيئة تمثيلية وموضوعية وعلى اساس علمي، كمرجعية او كاطار موحد، يعمل من اجل الحفاظ على سلامة الغذاء والدواء في بلادنا.
وفي بلادنا، ورغم الجهود والخطوات التي قامت وتقوم بها، الجهات الرسمية وغير الرسمية للتعامل مع ظاهرة الاطعمة الفاسدة، وبالتحديد في ظروفنا او في واقعنا الخاص، الا ان هذا الموضوع، ما زال يثير القلق والارباك والحيرة، عند المواطن الفلسطيني، وبالاخص انة يدرك ان ما يتم اكتشافة او ما يتم الاعلان عن ضبطة واتلافة، لا يمثل الا الجزء البسيط، من تلك المواد الموجودة في السوق، والذي وبدون شك، جزء لابأس به، يصل الى المائدة، ومن ثم الى ايادي وبطون المستهلك، وما لذلك من اثار وتداعيات، ان لم نلمسها الان، فأنة قد يكون لها انعكاسات بعيدة المدى.
وبالاضافة الى الاطعمة غير الصالحة، فأن موضوع سلامة الادوية يضاهي بالاهمية موضوع الاطعمة الفاسدة، حيث تتحدث الاخبار، بين الفينة والاخرى، عن وجود ادوية غير فعالة او مهربة او منتهية الصلاحية في السوق الفلسطينية، ، وعن وجود مستحضرات تجميل مهربة او غير مسجلة، وبالتالي غير خاضعة للتفتيش والفحوصات، وما لهذه الانباء من تبعات ومن اهمها حالات القلق والارباك وعدم الوضوح عند المواطن الفلسطيني، وكذلك الاثار الصحية والبيئية والاقتصادية المترتبة على ذلك، وهذا يؤكد على اهمية وجود هيئة مستقلة تملك الامكانيات من كفاءات بشرية ومختبرات وبرامج عمل لحماية المواطن الفلسطيني من الادوية والمستحضرات الاخرى والمتداولة في السوق الفلسطينية، و التي قد تكون في احيان عدة خطيرة.
وفي ظل حالة القلق المؤقت التي اثارها الاعلان عن ضبظ الدجاج الفاسد في مدينة رام الله، وفي ظل واقع وجود جهات متعددة عندنا، سواء اكانت رسمية او غير رسمية، تعمل او تتدخل في مجال سلامة الطعام والدواء في بلادنا، والذي قد يؤدي في احيان عديدة الى تضارب او الى غياب التنسيق بين هذه الجهات، او حتى تحميل المسؤولية حين يكون هناك اشكال او مشكلة، لذا فأنة من الاحرى المبادرة من اجل انشاء جسم واحد يضم كافة الجهات العاملة في مواضيع سلامة الطعام والدواء، تعمل على تحديد الاولويات وتوفير الامكانيات البشريه والماديه تحت مظلة واحدة، وتكون العنوان الاوحد الذي يتعامل مع أمور مصيرية تهم كل الناس، وتعمل على التخفيف من القلق ومن الخوف مثل ما حدث في قضية الدجاج الفاسد وقبله في قضايا منتجات فاسده او غير صالحه اخرى!!!