نشر بتاريخ: 20/03/2018 ( آخر تحديث: 20/03/2018 الساعة: 16:49 )
كتب د.نبيل عمرو- الخطاب الأخير للرئيس محمود عباس أشبه بقنبلة شديدة الانفجار قوّضت بقايا المعادلة القائمة، ووضعت الحالة الفلسطينية في اشتباك شامل. علينا ان نراقب التفاعلات بدقة حتى نعرف الى اين ستتجه الامور في الأيام او الشهور القادمة.
أولا...
يهم الفلسطيني ان يعرف مصير المصالحة، ومع أنني كنت من المتشككين في إمكانية إنجازها، بالطرق والاليات التي فشلت على مدى السنوات العشر الماضية، إلا أنني كنت في الوقت ذاته أفتش عن مسالك ولو ضيقة للغاية، يمكن إن لم تحقق المصالحة كما نرغب، فعلى الأكثر تلطف الأجواء وتبعدنا عن حالة يتعمق فيها العداء ويتكرس فيها الانفصال.
لقد تفجرت المصالحة رغم الجهد المصري المكثف لانجازها، مع الانفجار الذي استهدف رئيس الوزراء الفلسطيني ومدير المخابرات العامة. بعد هذا التفجير عادت الغيوم السوداء تتلبد بكثافة في الأجواء الفلسطينية عموماً، وأطلّت فتنة دموية برأسها مهددة البيت الفلسطيني بالتقويض في أخطر وادق الأوقات السياسية ولنصفها بمرحلة التمهيد لصفقة القرن.
خطاب الرئيس عباس في هذا الاتجاه مهّد لبدء مرحلة جديدة في التعامل مع معضلة غزة، التي لا تنفصل اطلاقاً عن حقيقة سيطرة حماس المطلقة على كل الأمور بالجملة والتفصيل هناك.
ثانيا ..
منذ اعلان ترمب عن اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، وما سبق هذا الاعتراف وما لحقه من إجراءات أمريكية انتقلت العلاقة الفلسطينية مع الإدارة الامريكية الى واقع جديد، وبالامكان القول غير مسبوق، انه واقع القطيعة المطلقة، وهو أمر لم يتعود الفلسطينيون عليه منذ اتفاق أوسلو وحتى أيامنا هذه.
وفي مرحلة القطيعة تحرك عرب واوروبيون لتلطيف الأجواء وإعادة المياه الى مجاريها كما كانت قبل قرارات ترمب، واقترنت محاولات الوسطاء بطروحات واقتراحات تؤدي الى احداث توازن جديد في الموقف الأمريكي يسمح للفلسطينيين بتعديل موقفهم.
لم تكن هنالك نتائج ملموسة لجهد الوسطاء، غير ان التريث في اعلان صفقة القرن، اوجد خيطا ولو ضئيلا من أمل بتعديل الموقف الأمريكي، هذا الامل تبدد بصورة نهائية لحظة اعلن الرئيس عباس اتهامه الصريح لادارة ترمب المتحالفة مع نتنياهو بمسؤوليتها المباشرة عن تردي الأوضاع على صعيد عملية السلام والكارثة في غزة.
ثالثا..
الإسرائيليون لم يكونوا بحاجة الى سماع عبارة "ابن الكلب" للتحريض على الرئيس عباس وتأليب الأمريكيين عليه، وحين قرأت رد الفعل الإسرائيلي على الخطاب وجاء هذه المرة سريعا على لسان بنيامين نتنياهو، ايقنت انه اذا كان صعبا وقف التدهور المتسارع في العلاقات السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين فقد اضحى ذلك مستحيلا، ليس الامر بفعل ما ورد في الخطاب من عبارات وتوصيفات ولكن بفعل تسارع الترتيبات الإسرائيلية لفرض امر واقع على كل الضفة وليس على القدس وحدها.
حتى ريفلين الذي يوصف عادة بالعاقل والمعتدل، تحدث عن ضم الضفة مشترطا لذلك مستحيلا اسمه الحقوق المتساوية بين كل المواطنين ويقصد بذلك اهل الضفة.
رابعا..
بعد هذا التفجير الشامل ماذا بوسع العالم ان يفعل؟ واطرح أسئلة اكثر صراحة وملامسة للواقع.
ماذا سيفعل المصريون في ملف المصالحة بعد هذا الذي حدث؟
وماذا سيفعل الأوروبيون الذين تطوعوا للعب دور الاطفائي محدود الكفاءة والفاعلية في الحريق الفلسطيني الإسرائيلي ؟
وماذا سيفعل ذلك الجسم المبهم المسمى بالمجتمع الدولي حيال هذا الركام الذي انتشر كما لو أنه يتصل بركام الربيع العربي؟
وأخيرا ماذا سنفعل نحن بعد أن حدث ما حدث؟ حيث اشتباك صعب وشامل وأخطر ما فيه ان قدرة الاشقاء والأصدقاء على المساعدة تبدو ضئيلة للغاية؟.
لن نتسرع في اصدار الاحكام لأننا بحاجة الى رؤية القرارات القادمة، ومراقبة تداعياتها وآثارها.