الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مبتور القدم وبعيدا عن أبنائه هكذا هو محمد القيسي

نشر بتاريخ: 21/03/2018 ( آخر تحديث: 21/03/2018 الساعة: 14:35 )
مبتور القدم وبعيدا عن أبنائه هكذا هو محمد القيسي
سلفيت- معا- في إحدى زوايا منزله القديم والذي يفتقد لأبسط المقومات، يتخذ محمد القيسي (57 عاما) وهو والد لثلاثة أسرى، من بلدة دير استيا شمال غرب سلفيت مجلسا له، يرثي حاله البائس، ما بين الفقر والمرض والحرمان من فلذة أكباده.
"معا" توجهت لزيارته للوقوف عند معاناته، والتي تاهت في دروب الحياة، ليستقبلنا بجسده المرتجف ودموعه الحارقة، وبنبرة صوته الهزيلة، تحدث قائلا: "منذ شهور لم أر الدنيا، ولم أر الشمس، أجلس بالقرب من النافذة، علني أكسر وحدتي والتي أصبحت أعيشها منذ أن إعتقل الاحتلال أبنائي منتصر ويوسف وأحمد".
توقف عن الحديث، وأجهش بالبكاء، الى أن خرجت دموعه الحارقة وأخذت تنساب على وجنتيه، وبطرف كمه مسحها، ليعود لمواصلة حديثه: "الاحتلال والمرض هما سبب مشاكلي جميعها، وبدأت منذ أن كنت مقيما في مخيم بلاطة وكان عمري 15 عاما، عندما تم إصابة يدي اليمنى برصاصة أثناء المواجهات مع جنود الاحتلال، مما سبب لي إعاقة فيها، وكانت تشكل لي صعوبة في العمل، وأكملت الحياة بصعوبة الى أن تزوجت، ورزقني الله بأربعة اولاد وبنتين، ولكنني بقيت أنا وزوجتي وولد لوحدنا، ننتظر رحمة ربنا، البنتان تزوجتا وثلاثة من الاولاد تم إعتقالهم، ليحرمني الاحتلال من نظر عيوني، حيث كنت أرى الدنيا بهم، ومن خلالهم، لأنني لم أستطع التحرك دون الإتكال عليهم، بسبب مرض السكري الذي أدى الى بتر قدمي، وهم من كانوا يتكلفون برعايتي، وكانوا يحملونني بين ايديهم لكي أرى ضوء النهار، لم أشعر بيوم من الأيام بألم، وبعدهم عني أصبح الألم والوجع كله يسكن بداخلي". 
وعن اعتقال أولاده يكمل حديثه: "منتصر وعمره 26 عامت، أعتقل أربع مرات، حيث كانت الاولى عام 2005، والمرة الثانية 2008، والاعتقال الثالث كان عام 2016، والرابع كان بتاريخ 6.2.2018 دون معرفة الاسباب، أما يوسف 24 عاما فتم إعتقاله مرتين، الاولى عام 2016، والثانية 22.2.2018، واحمد 20 عاما تم إعتقاله بتاريخ 29.1.2016 وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، وبقي علي وعمره 17 عاما ترك مدرسته من أجل المساعدة في إعالتنا.
تحشرج صوته ولم تعد كلماته تخرج، لتخونه دموعه مرة أخرى، لننتقل للحديث مع زوجته، حيث بشرتها المصفرة، ونظراتها تحكي واقعها الحزين، وتبكي حال أبنائها لتتحدث بنبرة صوت حزينة قائلة: "اعتقال أبنائي وحرماني منهم زاد من معاناتنا كثيرا، فأنا لم أستطع التحرك بسهولة لأنني أعاني من مرض يعرف "بالدوالي"، لم أستطع نزول وصعود الدرج، وأمراض أخرى أعاني منها".
وعن ليلة اقتحام جنود الاحتلال لمنزلهم للمرة الثانية بعد أيام من إقتحامه وإعتقال منتصر، تواصل حديثها: "لم يتركوا لنا المجال لفتح الباب، حيث أن طبيعة المنزل يحتاج الوقت لفتح بابه، فقاموا بتكسيره وخلعه، ومداهمة الغرفة بطريقة شرسة، ولم يعطوا مجالا لأحد فينا لإرتداء ملابسه، وقاموا باعتقال يوسف.
صمتت واخذت تنظر الى صور أبنائها المعلقة على الحائط، وتبكي بحرقة عليهم، مردة بين شفتيها أحمد لم يحضر عرس أخته، ولم يفرح معنا".
وفي اللحظة التي صمتت فيها عاد محمد في حديثه لـ معا قائلا: "كان أبنائي يخططون لبناء غرفة صغيرة أسفل المنزل في حال تيسرت أمورهم المادية، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، طرقت عدة أبواب ولكن ما من أحد يسمعني، وكل ما أتمناه تجهيز غرفة صغيرة في ساحة المنزل، كي تسهل علي الحركة بسبب وضع قدمي المبتورة".