السبت: 21/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

ابو حليمة يحلق في سماء رام الله- مسرحية فلسطينية تختزل مأساة "النكبة والغربة" في الوطن

نشر بتاريخ: 08/02/2008 ( آخر تحديث: 08/02/2008 الساعة: 21:01 )
رام الله -معا- تختزل مسرحية فلسطينية على مدار 55 دقيقة حكاية الفلسطينيين منذ اللجوء وحتى قيام السلطة الفلسطينية.

حيث يقدم الممثل المسرحي الفلسطيني اسماعيل الدباغ منفردا هذه الحكاية في مونودراما مسرحية «الاحداث الاليمة في حياة ابو حليمة» عن قصة الشاعر الفلسطيني طه محمد علي «ما يكون» ومن اخراج المخرج الاسباني جاكوب امو.
وبدأ الممثل الدباغ عرضه المسرحي الليلة قبل الماضية على خشبة مسرح وسينماتك القصبة في رام الله على وقع نشرة اخبار تقدمها مذيعة لا يسمع سوى صوتها وهي لديها مشكلة في نطق الحروف " الجيش الفلسطيني يجتاح ناتانيا بسبب استمرار شاس اطلاق الصواريخ على رام الله."

ويطل الدباغ على جمهوره بملابس داخلية لتبدأ الحكاية التي تحمل المسرحية اسمها «الاحداث الاليمة في حياة ابو حليمة» التي تقدم صورة سوداوية للواقع الفلسطيني منذ النكبة الى اليوم.

يروى ابو حليمة «الدباغ» حكايته في المخيم بعد هجرة اسرته عام 1948 وكيف بقي حتى بلغ عشر سنوات من العمر دون ان تكون اسرته قادرة على شراء حذاء له.
ويضحك ابو حليمة الجمهور كثيرا من خلال تمكنه من استخدام كل حركات عينيه ويديه ورجليه وهو يروي اول قصة حب له مع حذاء شاهده في فاترينة احد المحلات في المخيم ولم تكن لديه القدرة على شرائه.

ويقول ابو حليمة "ثاني يوم شفت ابن المختار لابسها /الحذاء/ حسيت انو اغتصبها مني."

ويواصل ابو حليمة سرد حكايته مع الحذاء مقدما صورة بائسة لاوضاع الفلسطينيين في المخيمات وكيف اشترى حذاء بعشرين قرشا حيث كانت فردتا الحذاء لنفس القدم اليمين.

وينتقل ابو حليمة بعد ذلك في عرض درامي لا يخلو من التراجيديا والكوميديا يوضح كيف التحق بصفوف الثورة من اجل ان يحقق حلمه بالعودة الى فلسطين.
ويروي ابو حليمة بعض المواقف عن معاملة اللاجئين الفلسطينيين الذين توزعوا على مخيمات في الاردن وسوريا ولبنان وكيف كان الجميع ينظر اليهم نظرة دونية على انهم هجروا بيوتهم.

ويستبق ابو حليمة الاحداث بعد ان يلبس بزته العسكرية قبل عودته الى ارض الوطن كما الالاف من الفلسطينيين بعد توقيع اتفاقية «اوسلو» ليعرف الجمهور انه كان يمسح حذاء احد الضباط في الجيش الذي كان به دون الاشارة الى ذلك الجيش باي دولة "نكسونا نكس بعد الحرب" في اشارة الى ما يطلق عليها النكسة اثر هزيمة العرب عام 1967 .

وعندما يعود الى ارض الوطن يقول عنه ابن خاله انه عقيد ويقبل متحسرا ان يعيش في هذه الكذبة دون ان ينسى ان يقدم صورة ان الحواجز مازالت قائمة "حسيت والجندي /الاسرائيلي/ بفتشني على الحاجز اني عريان."

يذهب ابو حليمة بعد تقاعده من الخدمة العسكرية مباشرة بجمهوره الى مدينة القدس التي قرر العيش بها بعد ان تمكن من التسلل اليها ليقدم صورة معتمة عن واقع مدينة لا يمكن للفلسطينيين ان يدخلوها الا بتصاريح من الجانب الاسرائيلي.
يقول ابو حليمة "ما قدرتش ارجع على يافا دخلت على القدس تهريب سكنت بيت حسونه «ابن خاله» اللي هاجر لكندا وترك الدار.

ويضيف "شباب صغار بشربوا خمرة وحشيش قلتلهم شو بدوا يقول عنكم سيدنا عمر بن الخطاب وصلاح الدين لو شافوكم من خرم التاريخ قالوا لي وهما محششين بدنا نسكر خرم التاريخ في قطنة."

ويستحضر ابو حليمة في مسرحيته الفلاحات اللواتي يراهن كل من يزور القدس وهن يبعن الخضر الفاكهة على الارصفة ويقول "شفت الفلاحة بتنضرب وعملت حالي مش شايفها. ما بقدر اعملها ايشي."

وقال الممثل اسماعيل الدباغ لرويترز بعد العرض المسرحي "منصة المسرح حراك ثقافي من اجل التغيير والفنان المسرحي يشير الى الخلل ويجب ان تكون هناك جرأة في الطرح."

واضاف "بطلنا نتحمل والمشكلة فينا بالدرجة الاولى الخلل منا رغم مظلة الاحتلال.
لدينا فساد ثقافي وفساد مؤسسات ، وتابع " أرى في كل فلسطيني مسؤولا وهذه المسرحية رسالة موجهة الى كل فلسطيني عنده وفاء.

وبعد عرض الافتتاح في القدس الشهر الماضي تبعها عرضا مسرحيا امس الاول كما سيكون هنالك عرضا اليوم على مسرح القصبة برام الله وسيتبعها مجموعة عروض ستقدم في ابو ديس الاثنين القادم لينطلق ابو حليمة وطاقمه في جولة سريعة الى العواصم العربية."

قال الدباغ انه سيشارك في مسرحيته في ايام عمان المسرحية في العاصمة الاردنية وسيقدم مجموعة من العروض في اوروبا.
وقال مخرج المسرحية الاسباني جاكوب امو لرويترز وقد بدت عليه السعادة بنجاح عروض المسرحية "المسرحية تقدم جانبا انسانيا والذي هو مشترك بغض النظر عن اللغة."
واضاف "اسماعيل يستخدم كل جسده في العرض المسرحي وهذا يساعد بشكل كبير على ايصال الرسالة."

ورأت المخرجة الفلسطينية خديجة ابو علي بعد مشاهدتها العرض المسرحي ان اسماعيل الدباغ قدم فقط الجانب السلبي للحياة الفلسطينية "كل ما تم تقديمه حياة بؤس منذ النكبة الى التحاقه بالجيش الى النكسة الى عودته الى ارض الوطن."
واضافت "لقد قدم اسماعيل عرضا ممتازا وكان اداؤه حلوا ويبدو ان الشعب الفلسطيني يحب ان يرى نقدا لمآسيه وهو يضحك منها.