نشر بتاريخ: 03/04/2018 ( آخر تحديث: 03/04/2018 الساعة: 15:30 )
جنين- معا- كادت المواطنة أم أحمد من مدينة جنين وزوجها لسنوات طويلة، يفقدا الأمل بالقدرة على الإنجاب، فيما كان حلم المواطن ربيع العتر "40عاما" وزوجته من بلدة اليامون غرب جنين، أن يرزقهما طفلا يجعل لحياتهما معنى، بينما كانت أم سلامة من الخليل، على وشك بيع كل محتويات منزلها من أجل إجراء عملية زراعة لعل الله يرزقها وزوجها البسيط بطفل يملأ عليهما الحياة.
هذه الآمال والأحلام، كانت محط اهتمام هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية، من خلال تنفيذ برنامج "زراعة الأجنة لغير القادرين في فلسطين"، وهو برنامج وصفه مفوض عام الهيئة، أنه من البرامج أهم الواعدة التي تنفذها الهيئة، لتكون عامل دعم وإسناد لتلك العائلات المحرومة من نعمة الإنجاب وتمد يد العون والمساعدة لها من أجل تحقيق أحلامها وأمانيها.
وفي منزل أم أحمد تتناوب تلك السيدة وزوجها على مهمة رعاية طفلتهما إيلياء التي رزقا بها قبل عدة أيام بعد أن حصلا على منحة مالية من هيئة الأعمال الخيرية مكنتهما من إجراء عملية زراعة أجنة في مركز رزان الطبي التخصصي لزراعة الأجنة في مدينة نابلس.
وقالت ام احمد "أصبح للحياة طعم آخر" وهي تحتضن مولودتها إيلياء التي اختارت وزوجها لها هذا الاسم وهو أحد الأسماء التاريخية لمدينة القدس.
وأضافت أم أحمد إنها وزوجها لم يتركا بابا إلا وطرقاه على أمل الحصول على مساعدة تمكنهما من إجراء عملية زراعة الأجنة، بعد أن اضطرا إلى بيع معظم محتويات منزلهما، حتى طرقا باب هيئة الأعمال الخيرية، والتي قالت الأم، إنها لم تتردد في الموافقة على طلبهما لتبدأ رحلة وصفتها بالشاقة في عملية الزراعة.
وبمجرد تأكد الزوجين من ثبات عملية الحمل، حرص الزوج على إلزام زوجته بعدم الحركة الكثيرة، أو حتى القيام بالأعمال المنزلية والتي تولى مهام القيام بها، حتى حان موعد الولادة، حيث رزقهما الله بهذه الطفلة التي جعلت لحياتهما طعما مختلفا، ورسمت البسمة على شفاههما، وجعلت الحياة تدب في هذا البيت.
أوضاع اقتصادية صعبة
ورغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة لعائلة أم أحمد، إلا أنها حرصت على تجهيز غرفة نوم مزودة بكل مستلزماتها لطفلتها التي لا تخرج بها خارج البيت إلا في حالات الطوارئ.
وفي بلدة اليامون، راح المواطن العتر الذي يعاني من إعاقة حركية تلازمه منذ ولادته، يداعب طفلته أميرة التي بلغت من العمر 130 يوما، بعد أن وضعته هيئة الأعمال الخيرية على قائمة المستفيدين من برنامج "زراعة الأجنة لغير القادرين".
وارتسمت ابتسامة عريضة على جبين العتر الذي لم يفقد الأمل يوما بأن يرزقه الله بطفل يعوضه عن حياة الشقاء التي يعيشها جراء إعاقته الحركية، وهو أمل حققته له هيئة الأعمال الخيرية بعد أن استجابت لطلبه بمد يد العون والمساعدة له، من خلال تمكين زوجته من إجراء عملية زراعة أجنة.
باب من السعادة
وقال العتر "الآن بدأت أشعر أن الله فتح بابا جديدة للسعادة لي بعد كل سنوات الشقاء التي عشتها"، وكان يجلس على كرسي متحركة تلازمه منذ الصغر، متحدثا عن حياته التي شهدت تغيرا جوهريا بعد أن من الله عليه في الخامس عشر من نوفمبر الماضي، بطفلته البكر التي أسماها أميرة تيمنا بوالدته.
وحرص العتر، على احتضان طفلته، وضمها إلى صدره، وكان يحاول إيقاف بكائها بكلمات طغت عليها مشاعر الأبوة، حيث رفض الأب الاستجابة لطلب زوجته حمل الطفلة، وأصر على استمرار محاولة إيقاف بكائها حتى نجح أخيرا.
ويعاني العتر، من إعاقة حركية منذ الولادة شكلت حافزا له لتحقيق النجاح في الحياة، والنجاح في ما فشل الأصحاء جسديا في تحقيقه، فالتحق بالمدرسة، وتقدم لامتحان الثانوية العامة حيث حصل على معدل 4ر85%، والتحق بجامعة بيت لحم التي كانت خياره الأمثل، نظرا لتأهيل مرافقها بما يتناسب واحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، ودرس فيها تخصص علم اجتماع، وتخرج منها بعد نحو أربع سنوات.
بقالة صغيرة
وعندما لم يحالفه الحظ في الحصول على وظيفة في مديرية التربية والتعليم، في ظل وجود أعداد كبيرة من الخريجين المتقدمين للوظائف، قرر العتر فتح بقالة يعتاش منها قرب منزل عائلته، ومن دخلها نجح في بناء منزل الزوجية، قبل البحث عن زوجة صالحة تتفهم حالته الصحية وطبيعة إعاقته.
وعلى مدار أشهر الحمل التسعة، كان العتر ووالدته يحرصان على توفير كل سبل الراحة لزوجته على أمل أن يرزقه الله بطفل، وهو حلم تحقق قبل أكثر من أربعة شهور، وعندما سمع العتر سمع صراخ طفل من داخل غرفة الولادة، أيقن أنه طفله المنتظر، فما كان منه إلا البكاء، وحمل طفلته ودموع الفرح تفيض من عينيه، وأخذ يؤذن في أذنيها.
واعتبر مفوض عام هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية في فلسطين، برنامج "زراعة الأجنة لغير القادرين"، من المشاريع الواعدة التي تنفذها الهيئة منذ نحو خمس سنوات، في محاولة منها لمد يد العون للمتزوجين من الفقراء والذين ليس بإمكان زوجاتهم الإنجاب والحمل بالشكل الطبيعي، وتمكينهن من تحقيق أحلامهن وأزواجهن.
أثر فاعل
ورأى راشد، أن هذا البرنامج من أكثر المشاريع والبرامج تأثيرا في المجتمع لما له من أثر فاعل على حياة كل أسرة تمنت سماع صوت طفل يلعب في بيتها ويدب الحياة فيه.
وقال: "أن يكون لك دور ولو بسيط في تكوين أسرة، فإن هذا إنجاز إنساني من الدرجة الأولى، خصوصا وأنه يسهم في الحفاظ على النسيج الاجتماعي، حيث يلجأ بعض الأزواج إلى الزواج مرة واثنتين أو ثلاثة أملا بالإنجاب".
وأوضح راشد، أن هذا البرنامج يستهدف الحالات الإنسانية المحرومة من الإنجاب، وخاصة المتأخرين عن الإنجاب لسنوات عدة من الفقراء والمهمشين، حيث تجري هيئة الأعمال الخيرية بحثا ميدانيا لضمان الشفافية في العمل والاستفادة لمن هو أحق وبحاجة للبرنامج من غير القادرين ماديا.
وبين، أن العمل في هذا البرنامج يتم بداية من خلال تسجيل وحصر الحالات المتقدمة وإجراء البحث الميداني، ومن ثم مراجعة الطبيب المعالج وفق المراكز الطبية المتعاقد معها لتنفيذه، وتتم آلية تنفيذ البرنامج العلاجي وفق ما يراه الطبيب المعالج الذي يقوم بمتابعة الحالات في المركز ويعمل للحالة جدولا زمنيا للمراجعة والمتابعة الطبية ومتابعة نتائج الفحص والحمل وحتى المرحلة الأخيرة وهي الولادة.
مصاريف علاج
وأكد راشد، أن هذا المشروع يسهم في التخفيف عن كاهل الحالات مصاريف العلاج والزراعة الباهظة والتي لا تتمكن معظم الحالات من دفعها للمراكز المختصة، مؤكدا، أن الهيئة ومن خلال هذا المشروع تحرص على الإسهام في إدخال السعادة إلى حياة المستفيدين من الفقراء والمحتاجين، عدا عن أهمية الاهتمام بالأسر المحرومة من نعمة الإنجاب.
وأشار، إلى أن هيئة الأعمال الخيرية تنفذ هذا البرنامج لهذا العام، في إطار فعاليات "عام زايد 2018"، لتؤكد من جديد وقوف دولة الإمارات العربية المتحدة بكل مؤسساتها وهيئاتها، إلى جانب الشعب الفلسطيني باعتبار ذلك واجبا لا منة.
وبين، أن زراعة الأجنة مكلفة للغاية من الناحية المادية، حيث يضطر الزوجان في حالات كثيرة لإجراء عدة عمليات زراعة حتى تنجح حالة واحدة منها، وهي تكاليف ليس باستطاعة معظم الأسر المستهدفة تحملها، في وقت لا تشتمل فيه محفظة التأمين الوطني تغطية نفقات مثل هذه العمليات.