الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

السفير حساسيان: قمة “القدس” رد عربي على قرار الرئيس ترامب

نشر بتاريخ: 20/04/2018 ( آخر تحديث: 22/04/2018 الساعة: 14:04 )
السفير حساسيان: قمة “القدس” رد عربي على قرار الرئيس ترامب
القدس - معا - الإنسان الفلسطيني هو من أكثر الناس ارتباطاً وتمسكاً بأرضه. هو الوارث، وهو المقاوم، وهو عنصر الوصل، وهو القيّم على الأرض التي خلفها وراءهم الآباء والأجداد الذين عاشوا على تلك الرقعة من الأرض منذ فجر التاريخ.
إن الجهود التي بذلها الأولون هي البذرة الصالحة لكل هذا النبت الشامخ من الأجيال في أرض فلسطين، وفي مناكب الأرض قاطبة.
ولا نكاد نذكر هذا الجيل المناضل حتى تثب الى الذهن صورة شاب فلسطيني، كان تحرير الوطن وما زال بالنسبة له هو الحلم الأبعد والهاجس الأكبر. الوطن فلسطين هو البداية والنهاية.
وقف هذا الشاب يوماً في حديقة الـ”هايد بارك” يتحدث عن حلمه في تحرير وطنه من الاحتلال، وقد بدا معتداً بنفسه من غير تيه ولا غرور. فيه صفات القيادة من شجاعة وإقدام ونضال. سريع الخاطر، قوي الشخصية، ومن خلال هذه الصورة، يمر شريط حافل بالأحداث.
هو من أولئك الذين أتيح لهم التفرد، من حيث تحمّل أعباء المسؤولية العامة، أو التفرد في مجال من مجالات الحياة الخاصة.
كان في بداية حياته العملية يحيا حياة أكاديمية هادئة. وكان في الجامعة من أوسع الناس معرفة بمجريات الأمور في البلاد العربية وغيرها. ومن هذا ندرك أنه كان منصرفاً للسياسية منذ صغره، حتى كان اهتمامه بالقضايا العربية، وخصوصاً القضية الفلسطينية، أعظم من انكبابه على دراسته، ومع ذلك، فقد تولى فيما بعد رئاسة الجامعة.
ثم تولى منصب سفير لبلاده في بريطانيا، ولكنه لم يكن من طراز الموظفين التقليديين، بل إن فكره الوطني والسياسي كان ناشطاً مثلما كان في أيام دراسته الجامعية.
لقد نذر نفسه للدفاع عن قضايا أمته العربية وهو بالنسبة للأكاديمي أو السفير امتحان عسير وعبء لا يقوى على حمله إلا الو العزم من الرجال. كان مانويل حساسيان القبس الحي من شعلة الأجداد الخالدة. لكنها تشتعل اليوم ولا تخبو من شدة الظلم والإضطهاد وكافة أشكال القتل والإرهاب والإعتقال والإستيلاء على الأرض والهدم والتشريد ومنع أصحاب الأرض الأصليين من السكن في بيوتهم أو العمل في أرضهم التي عاشت عليها أسرهم من آلاف السنين.

وكان لنا في “شرق وغرب” مع السفير حساسيان هذا الحوار:

ما هو تعليقك على العدوان الثلاثي على الجمهورية العربية السورية؟

يكفينا فخراً كفلسطينيين، أن الذي اسقط معظم صواريخ العدوان من أصل فلسطيني. فالبطل الفلسطيني حسن بكر الجذف نجح في إسقاط ٩٠٪ من صواريخ العدوان الثلاثي على دمشق. ولا ننسى ما قاله بعد اسقاط الصواريخ: ” كنت أحتسي القهوة وأغني لبلادي، وكبست زر الاعتراض وأهديتها لوطني فلسطين ووطني الثاني سوريا التي تربيت في ربوعها ولم أشعر باللجوء”.

هل تعتقد أن مؤتمر القمة بعنوانه العريض “القدس”، سوف يواجه “صفقة القرن”، بموقف موحد. أم أن هذه الصفقة الظالمة للشعب الفلسطيني وللأمة سوف توحد الشعب الفلسطيني لمواجهتها بكل ثبات؟

نستخلص من عنوان هذه القمة بأن موقف الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل وبنقل السفارة، هي رد على هذا الموقف من قبل كافة العرب بأنهم لن يقبلوا ما قاله الرئيس ترامب من قول وأفعال.

وأضاف: ذهب الرئيس محمود عباس بكل لاءاته إلى الإدارة الأمريكية، ووضع القمة العربية في قلب الحدث الفلسطيني. وكل شيء طلبه الرئيس محمود عباس لمناصرة القدس والقضية كانت الاستجابة بالكامل من مؤتمر القمة العربية. لذا، هذه القمة بقراراتها كانت مشرفة لمساندة القضية الفلسطينية ومساندة الرئيس محمود عباس الذي أصبح الهدف الإسرائيلي والأمريكي لإطاحته لأنه لم يتماش مع صفقة القرن التي تتجلى في فكر الصهيونية والرئيس ترامب..

وتابع يقول: إن معظم القمم العربية من أيام الشقيري إلى اليوم، ومؤتمر اللاءات الثلاثة في الخرطوم كلها كانت تساند القضية الفلسطينية وتعتبرها القضية الأم. ودون حل القضية الفلسطينية لن يكون هنالك أي سلام دائم أو شامل أو آمن في المنطقة بأسرها. هذا ليس فقط موقف العرب، بل موقف العالم بأجمعه. ولقد توحدت القمة العربية بغض النظر عن التشرذمات السياسية الموجودة على الساحة العربية.

واستطرد: هناك قضية القدس التي تجمع العرب ولا تفرقهم. وهذا الموقف موقف نشيد به كفلسطينيين. ليس فقط بالشعارات ولكن بصمودنا على الأرض، بصمود أهلنا في غزة، بصمودنا تحت شعار طريق العودة ، بصمود أهل الضفة الغربية. نحن استطعنا أن ندعم القمة العربية بصمودنا وبموقفنا لاتخاذ هذا الموقف الجريء من القمم العربية بتحدي الولايات المتحدة وإسرائيل والمتآمرين على القضية الفلسطينية بأن يقتبسوا كل ما طلب منهم الرئيس محمود عباس بمساندة القضية الفلسطينية.

ومع ذلك، أقول أن هذا ليس بكافٍ، لأنه في مؤتمرات سابقة كان هنالك مواقف لقمم عربية مواقف اجتماع مجلس الوزراء العرب. هنالك دائماً يوجد وعود لمناهضة الاحتلال عن طريق دعم المقدسيين عن طريق دعمهم المالي والمادي والمؤسساتي ولكن لم تترجم هذه الأقوال إلى أفعال فأنا خوفي بأن هذه الحادثة تكررت في الماضي وممكن أن تتكرر الآن.

هنالك من يردد كثيراً ويقول أن الحكومة الفلسطينية ممكن أن تتنازل عن أراض أو تتبادل مع العدو أراض. هل هذا صحيح ؟ هذا لم يحدث ولن يحدث. وأستطيع أن أؤكد أن الرئيس أبو مازن نفسه يرفض هذا الأمر رفضاً قاطعاً. وقد تجلى ذلك من خلال موقفه في قضية تبادل الأراضي التي كانت جزءا من اتفاقية كامب ديفيد التي لم نتفق عليها. كان الموضوع مطروح بأن يكون هنالك تبادل أراضي بالتساوي وبالقيمة.

الرئيس أبو مازن بغض النظر عن موقفه البراغماتي وعن صموده تجاه الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية لم يتنازل عن شبر واحد من أرض فلسطين. الرئيس أبو مازن لم يتنازل عن أبدية القدس كعاصمة لدولة فلسطين. الرئيس أبو مازن لم يتنازل عن حق العودة. الرئيس أبو مازن لم يتنازل عن حق الأسرى. الرئيس أبو مازن يُعتبر أبو البراغماتية السياسية اليوم. وانتصار الرئيس عباس كان مشرفاً في القمة العربية. وثبت عن هذا الرئيس جدارته بأنه استطاع أن يقنع كل العرب بغض النظر عن مواقفهم الثنائية مع الأميركان والإسرائيليين استطاع أن يقنعهم بهدفه بإخلاصه بوطنيته للقضية الفلسطيينية.

طال الإنقسام الفلسطيني الفلسطيني. إلى متى سيستمر هذا الأمر؟

هنالك مشروعان، المشروع الوطني الفلسطيني الذي تتبناه جميع فصائل منظمة التحرير والذي هو إقامة الدولة على حدود 67 … ودعني أخبرك أن حماس وافقت على هذا المشروع، وهو بناء دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران ، بينما المشروع الحمساوي هو مشروع إيديولوجي لإقامة دولة إسلامية. وهنالك تناقض واضح ما بين الفكر القومي الوطني والفكر الآخر. من اجل ذلك أنا لا أتصور أن تكون هنالك مصالحة. هنالك انعقاد مجلس وطني فلسطيني في نهاية الشهر ولغاية الآن حماس لا تريد المشاركة في هذا المجلس

لماذا لا تريد حماس المشاركة ؟ لاعتبارات هم يعلمون بها أكثر منا. عندما أنت تدخل في انتخابات لمجلس وطني لا يجب أن تقول أنا أريد حصة 40% لي ، هذه ليست انتخابات وأنا أعطيتك مثال واحد فقط.


لكن أما آن الأوان لكي تقوموا بطي صفحة جديدة وتبدؤوا مرحلة جديدة. نحن لا نبحث هنا عن شرائط. القاصي والداني يعلم أن المستفيد الأكبر من هذا الموضوع هو الاحتلال.هذا كلام سهل أن تتحدث به لكن صعب أن يحدث عندما تكون الأجندة الوطنية مسيطر عليها من أجندة إقليمية. فمن الصعب الحديث في هذا الموضوع…

وهل هذه الأجندة الإقليمية تخص حماس فقط …؟

نعم طبعاً

كيف؟

كما قلت، الإخوان المسلمين يريدون أن يقيموا دولة إٍسلامية لكن قبل أن يقيموا دولة إسلامية يجب أن يحرروا فلسطين أولاً. وحتى في أدبيات الإخوان المسلمين يقولون لك يجب علينا أن نحرر فلسطين ثم ننشر الدولة الإسلامية لكل العالم.

ولماذا الدولة الإسلامية أساساً؟ هذا الموقف العقائدي الخاص بهم كما تعلم. ومن أجل أن أختم هذا الموضوع، دعني أقول لك الآتي: يجب أن يكون هنالك اتفاق على مناهضة ودحر الاحتلال. هذا يجب أن يكون هناك مطلب وطني للجميع. الجزء الثاني، أي المرحلة الثانية هي الانتخابات. نريد ان نحتكم إلى الانتخابات وليس إلى الرصاص فقط.

لكن حماس سبق أن نحجت في فترة من الفترات في الانتخابات. أليس ذلك صحيحاً؟ صحيح. نجحت وأخذت غزة. ثم قامت بانقلاب. وقمنا بتشكيل حكومة وحدة وطنية فانقلبوا علينا. وأصبحت غزة إمارة لهم من عام 2007. لم نختلف على ذلك … لكن ما أريد قوله هو: أولاً، حماس ليست بدخيل على الشعب الفلسطيني. حماس تعتبر الشعب الفلسطيني. هي جزء من النسيج الاجتماعي والديموغرافي للشعب الفلسطيني. هم فلسطينيون، وهذه الايديولوجية الخاصة بهم. دعونا نضعها جانباً ولكن كفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي، لا بد أن يكون هنالك موقف واضح وصريح أن لا نعطي الفرصة للاحتلال أن يستفيد من هذا الانقسام. فالوحدة مطلوبة على هذه الجبهة حتى دحر هذا الاحتلال من بعدها. يجب ان نحتكم إلى صناديق الاقتراع. هم فصيل نحترمه. فصيل مناضل لا يوجد هنالك أدنى شك بنضالهم، لكن أسلوب النضال ممكن أن نختلف به وأشكال النضال. فهنالك نضال سلمي وهنالك نضال مسلح ولكل منهما له نتيجته. نحن نقول الانقسام ليس في مصلحة الشعب الفلسطيني. الوحدة هي الأساس في مناهضة الاحتلال وخصوصاً في هجوم أميركا وإسرائيل علينا الآن. إذاً المطلوب هو رص الصفوف الآن، وما بعدها لكل حادث حديث.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا الولايات المتحدة أصبحت ولايات متحدة؟ كانت هناك حرب أهلية بالقرن السابع عشر عام 1776. وكان هناك مليون ونصف نسمة. إنه عدد كبير آنذاك، لكنهم وصلوا إلى نتيجة أنهم نجحوا بتوحيد الولايات المتحدة. نحن الآن نتمنى أن لا نصل لمرحلة الحرب الأهلية لأننا نترفع عن هذه الانقسامات لدرجة أن ننفي بعضنا البعض، وننفي الوجود الفلسطيني. ولكن من الضروري جداً أن نعلم أن هذا الانقسام لا يخدم إلا مصلحة إسرائيل. ومن يشدد على هذا الانقسام، لا يخدم المصلحة الوطنية.

ودعني أتساءل: من دعم حسن البنا؟ البريطانيون، والتاريخ كشف ذلك! عندما نتحدث عن النهضة العربية 1928، فإن من أسس حركة الإخوان المسلمين كان حسن البنا وكانت مواقعهم موجودة في بريطانيا.

هل رسم الجدار العازل حدوداً جديدة؟

الجدار العازل هو موقف سياسي وليس موقف أمني كما تدعي إسرائيل. فهذا الجدار جدار لا نعترف فيه لأنه يعتبر جدار فصل عنصري ولا يرسم الحدود.

هل ما زلتم متمسكين بثوابت الشهيد ياسر عرفات ؟ لم نتنازل عن أي ثابت من الخمس قضايا المهمة : الحدود – المستوطنات – القدس – حق العودة – والمياه. لم نتنازل عن أي من هذه القضايا أبداً، وهذه هي ثوابت الفلسطينيين.

موقف القضية الفلسطينية من قضية العودة …؟ العودة حق مقدس ولن نتنازل عنه. لا الرئيس أبو مازن ولا غيره. هذا خط أحمر، وحق مقدس لشعبنا الفلسطيني الذي دمر وشرد في عام 1948. له الحق في الرجوع إلى بيته وليس إلى الدولة الفلسطينية.
المصدر: موقع "شرق وغرب"