الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

لا يكفيها بلفور- أسلحة بريطانية لإسرائيل لقمع مسيرة العودة

نشر بتاريخ: 25/04/2018 ( آخر تحديث: 27/04/2018 الساعة: 09:10 )
لا يكفيها بلفور- أسلحة بريطانية لإسرائيل لقمع مسيرة العودة
القدس - معا - كشف موقع إخباري بريطاني عن استمرار بريطانيا بتزويد إسرائيل بالأسلحة بما فيها تلك التي تستخدم في قمع الاحتلال لمسيرات العودة في غزة والتي أسفرت عن استشهاد عشرات الفلسطينيين منذ انطلاقها في نهاية آذار/مارس الماضي.
ونشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني الثلاثاء تقريرا موسعا –ترجمته "عربي21"، أشار فيه إلى أن المملكة المتحدة "تبيع لإسرائيل أسلحة بقيمة 445 مليون دولار بما في ذلك بنادق القنص"، وفق تعبير الموقع.

وأضاف الموقع أن "بعض مكونات بنادق القنص التي استخدمت لقتل العشرات من الفلسطينيين خلال الأسابيع الأخيرة يتم تصنيعها في بريطانيا"، مضيفا أن "رخص تصدير السلاح إلى إسرائيل ارتفعت إلى ما قيمته 216 مليون جنيه إسترليني".

وزادت قيمة المبيعات عشر مرات بعد حرب عام 2014 على قطاع غزة على الرغم من تحذيرات بأن الأسلحة البريطانية، بما في ذلك الغاز المسيل للدموع وبنادق القنص، قد تستخدم لقتل الفلسطينيين

وتاليا نص التقرير كاملا:

"وافقت بريطانيا منذ عام 2014 على بيع إسرائيل أسلحة بقيمة 445 مليون دولار بما في ذلك قطع لطائرات بدون طيار، ولطائرات ومروحيات مقاتلة بالإضافة إلى قطع غيار لبنادق القنص، وذلك طبقاً لبيانات وأرقام اطلع عليها موقع ميدل إيست آي.

جديد بسبب استخدام الجيش الإسرائيلي لأسلحة بريطانية الصنع في الأراضي المحتلة وسط مخاوف من أن بعض مكونات بنادق القنص التي استخدمت لقتل العشرات من الفلسطينيين خلال الأسابيع الأخيرة يتم تصنيعها في بريطانيا.


وتشير أرقام وزارة التجارة الدولية في بريطانيا بأن رخص تصدير السلاح إلى إسرائيل ارتفعت إلى ما قيمته 216 مليون جنيه إسترليني، أو ما يعادل 300 مليون دولار أمريكي حسب قيمة تبديل العملة الحالية.

وتشتمل هذه المبيعات على رخصة تصدير بقيمة 183 مليون جنيه إسترليني لبيع "تقنية خاصة بالرادارات العسكرية". كما أجاز الوزراء بيع صادرات تشتمل على القنابل اليدوية، والقذائف، والصواريخ، والعربات المصفحة، والبنادق الهجومية، وذخائر الأسلحة الخفيفة، وبنادق القنص وقطع لبنادق القنص.

تضاعفت قيمة الأسلحة التي صدرت الموافقة على بيعها لإسرائيل أكثر من ضعفين العام الماضي منذ مبيعات بقيمة 84 مليون جنيه إسترليني في العام 2016 مما دفع النشطاء إلى التحذير من أنه لا يوجد شك بأن أسلحة مصنوعة في بريطانيا يجري استخدامها في المناطق الفلسطينية المحتلة.

ولقد عبرت حملة معارضة تجارة السلاح، التي أعدت تقريراً تضمن أرقاماً حول قيمة هذه المبيعات، عن قلقها من أن تقنية الرادار المصنعة في بريطانيا ربما كانت تستخدمها الطائرات والمروحيات الإسرائيلية فوق الأراضي المحتلة.

ومع ذلك، فإن حجم مبيعات الأسلحة الخفيفة هو الذي أثار المخاوف بأن مكونات بنادق القنص والمناظير التي تركب عليها تستخدم من قبل الجيش الإسرائيلي المنتشر على الحدود مع قطاع غزة.

الأسلحة البريطانية والقهر الإسرائيلي

في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال النائب العمالي في البرلمان البريطاني ريتشارد بيردن، والذي يشغل منصب رئيس المجموعة البريطانية الفلسطينية داخل البرلمان، إنه بالنظر إلى احتمال أن تكون الأسلحة مستخدمة في "القمع الداخلي" في غزة وفي الضفة الغربية فإنه يشعر "بالذعر بسبب حجم صادرات السلاح البريطاني إلى إسرائيل خلال الأعوام الأخيرة".

وأضاف إنه سيلح على الوزراء حتى يبادروا إلى التحقيق فيما إذا كانت الأسلحة البريطانية تستخدم فعلاً في "العمليات العسكرية الإسرائيلية الحالية على الحدود مع غزة".

يقول المسؤولون الفلسطينيون إن ما لا يقل عن أربعين شخصاً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الإسرائيلية منذ بدء التظاهرات التي تستمر لستة أسابيع احتجاجاً على الاحتلال الإسرائيلي، والتي أطلق عليها في وقت مبكر من هذا الشهر اسم "مسيرة العودة الكبرى".

تسببت عمليات القتل في إثارة سخط دولي بعد أن تبين أن القناصة الإسرائيليين الذين أطلقوا النار على الفلسطينيين كانوا قد اتخذوا لأنفسهم مواقع على امتداد السياج الأمني مع قطاع غزة وصدرت لهم أوامر تسمح لهم بإطلاق النار على الفلسطينيين العزل إذا ما اقتربوا إلى مسافة أدنى من مائة متر من السياج.

وبسبب ذلك العنف دعا زعيم حزب العمال جيريمي كوربين إلى مراجعة بشأن مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل وذلك في رسالة تضمنت إدانة لما وصفه بعمليات القتل غير القانوني وغير الإنساني وكذلك جرح أعداد أكبر بكثير من المتظاهرين الفلسطينيين.

كما دعا كوربين إلى أن تدعم بريطانيا الدعوات المطالبة بإجراء تحقيق مستقل وشفاف من قبل الأمم المتحدة بشأن عمليات إطلاق النار، وطالب بمراجعة لمبيعات الأسلحة المصنعة في بريطانيا والتي قد تستخدم بشكل ينتهك القانون الدولي.

وكان وزراء في الحكومة، وكذلك بعض كبار الشخصيات في حزب العمال بما في ذلك وزيرة خارجية الظل إيميلي ثورنباري، قد أقروا بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها إذا ما تعرضت لعدوان مسلح وفي مواجهة "الهجمات الإرهابية".

يقول الجيش الإسرائيلي إن جنوده لا يطلقون النار إلا دفاعاً عن النفس وأن القوات الإسرائيلية المنتشرة على الحدود مع قطاع غزة كانت "تكتشف محاولات لشن هجمات إرهابية تحت ستار من الشغب"، إلا أن جماعات النشطاء وصفوا عمليات إطلاق النار بالمذبحة.

ولم يستجب الجيش الإسرائيلي لطلب تقدمنا به للحصول على تعليق منه على الموضوع.

وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي قال المتحدث باسم حملة معارضة تجارة السلاح أندرو سميث: "ما من شك في أنه تم استعمال المعدات البريطانية ضد شعب غزة مراراً وتكراراً، إلا أن ذلك لم يحل دون أن تصدر الحكومات البريطانية المتعاقبة تصاريح لتصدير السلاح إلى الجيش الإسرائيلي".


وما المشاهد المؤلمة التي رأيناها خلال الأسابيع الأخيرة إلا مظاهر تذكرنا تارة أخرى بالقمع والانتهاك الذي يتعرض له الفلسطينيون في كل يوم من أيام حياتهم. لم يعمد الإسرائيليون فقط إلى استخدام القوة رداً على الاحتجاجات بل لقد ارتكبوا مجزرة.

ومن خلال استمرارها في تزويد القوات الإسرائيلية بالسلاح فإن بريطانيا لا تعتبر فقط متواطئة فيما ترتكبه هذه القوات من اعتداءات في المستقبل بل إنها تبعث كذلك برسالة دعم وتأييد للعقاب الجماعي الذي يمارس بحق الفلسطينيين. إن الوضع الحالي في غاية البؤس، وينبغي على بريطانيا أن تعمل من أجل التوصل إلى حل سلمي وعادل لا أن تروج لمبيعات السلاح الذي يمكن أن يستخدم لارتكاب انتهاكات لسنوات عديدة قادمة".

لقد أخلت إسرائيل باستمرار عبر تاريخها بالضمانات التي تعهد بها وزراؤها من أن الأسلحة المصنعة بريطانياً لن تستخدم داخل المناطق المحتلة.

بل يقول منتقدو تجارة السلاح البريطانية إن بيع الأسلحة لإسرائيل يتناقض تماماً مع تحذيرات صدرت عن وزارة الخارجية في تقريرها السنوي الأخير حول أوضاع حقوق الإنسان ومفادها أن السياسات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي تستمر في انتهاك "حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني".

أشار ذلك التقرير إلى عمليات الهدم العقابية لبيوت تعود إلى عائلات الفلسطينيين الذين يشتبه بقيامهم بهجمات على الإسرائيليين.

وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي قال كريس دويل، مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني (كابو) إنه لأمر "فظيع أن تستمر بريطانيا في بيع مثل هذه الأسلحة إلى دولة تتعامل بازدراء مطلق مع حياة البشر ومع القانون الدولي."

كما حذر النشطاء من أن بعض الأسلحة التي جرت الموافقة على تصديرها، مثل الرادار العسكريوقطع الطائرات النفاثة السريعة والطائرات العمودية، إنما هي من النوع الذي سبق وأن استخدمته القوات الإسرائيلية في غزة وفي الضفة الغربية، بما في ذلك أثناء حرب عام 2014 على قطاع غزة والتي عرفت باسم "عملية الجرف الواقي" وكذلك خلال عدوان عام 2009.

فيما بعد عملية الرصاص المسكوب التي نفذت في عام 2009، أعلنت لجنة مجلس العموم المتنفذة والخاصة بصادرات السلاح بأن صادرات السلاح البريطانية استخدمت "على وجه التأكيد تقريباً" في تنفيذ الهجوم وذلك في انتهاك مباشر وصارخ لسياسة بريطانيا بشأن صادرات السلاح والتي تفيد بعدم جواز استخدامها في الأراضي المحتلة.

رفع القيود البريطانية

حينها أعلن وزير الخارجية دافيد ميليباند بأن المعدات الإسرائيلية التي استخدمت في الهجوم على غزة احتوت "على وجه التأكيد تقريباً" أجزاء مصنعة في بريطانيا، بما في ذلك لوحات العرض في قمرات قيادة طائرات إف 16 المقاتلة أمريكية الصنع وكذلك مكونات في أنظمة التحكم بالنار وبالرادارات، ومعدات ملاحية، وتشكيلات في محركات طائرات أباتشي العمودية الهجومية أمريكية الصنع".

وشهدت تلك الفترة دعوات متجددة لحظر مبيعات السلاح أثناء الصدام في غزة عام 2014، والذي نجم عنه وفاة ما يزيد عن 2200 فلسطيني و76 إسرائيلياً. وتعهد حينها رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون بمراجعة كافة رخص التصدير.

ثم ما لبثت جميع القيود على مبيعات السلاح إلى إسرائيل أن رفعت في عام 2015 بعد مراجعة استمرت اثني عشر شهراً أقرت فيها الحكومة بأن أسلحة بريطانية الصنع قد استخدمت في قصف قطاع غزة في عام 2014.

منذ ذلك الحين، وبحسب ما توفر من معلومات لموقع ميدل إيست آي، لم تقم الحكومة بأي تقييم جديد حول ما إذا كانت الأسلحة المصنعة بريطانياً تستخدم في الأراضي المحتلة، بل وزادت أعداد رخص تصدير السلاح بشكل مضطرد.

صرح متحدث باسم وزارة التجارة الدولية بأن بريطانيا "تتعامل مع مسؤولياتها في ضبط الصادرات بشكل جدي وتطبق واحداً من أشد أنظمة التحكم وضبط الصادرات صرامة في العالم."

وأضاف المتحدث: "نقوم بفحص كل طلب يقدم إلينا بشكل دقيق على حده، ونعرضه على معايير الاتحاد الأوروبي لاستصدار رخص تصدير السلاح للتأكد من خضوعه لها، آخذين بالاعتبار في هذه العملية ما يمكن أن ينجم عن التصدير من احتمالات انتهاك حقوق الإنسان. ولا يمكن أن نصدر رخصة إذا ما كان ذلك مخالفاً لهذه المعايير، بل ونعمد إلى تعليق أو سحب الرخص حينما نرى أن مستوى المخاطر قد طرأت عليه تغييرات".