نشر بتاريخ: 23/05/2018 ( آخر تحديث: 23/05/2018 الساعة: 18:11 )
رام الله- معا- تسيّر مؤسسة لجان العمل الصحي العديد من العيادات المتنقلة في الضفة الغربية باتجاه المناطق المهمشة والمحرومة بهدف تعزيز صمود وصحة المواطنين فيها لا سيما وأنهم يتعرضون للعديد من المضايقات من قبل الاحتلال الإسرائيلي بهدف تهجيرهم عن أراضيهم للإستيلاء عليها وخاصةً وأنها تقع في المناطق المصنفة "ج" والتي تعادل حوالي 62% من مساحة الضفة الغربية.
ومن هذا المنطلق وضعت المؤسسة منطقة جنوب الضفة الغربية نصب عينيها وعملت جاهدةً على توفير الخدمات الصحية والتنموية من خلال العيادة المتنقلة للمواطنين فيها، وكانت البداية في العام 2002 حيث كانت فلسطين تتعرض لحملات عسكرية إسرائيلية ضخمة قطعت أوصال التجمعات السكنية مع إندلاع إنتفاضة الأقصى، وفي هذه الفترة عانى المواطنون ولاسيما في التجمعات السكنية في محافظتي الخليل وبيت لحم من صعوبات كبيرة في التنقل وفي توفير مستلزمات الحياة اليومية بفعل الإغلاقات والحصار وعلى رأس هذه الاحتياجات الخدمات الصحية.
ومع الإنطلاقة للعيادة المتنقلة في جنوب الضفة الغربية وعلى خطورتها على الطواقم العاملة فيها بفعل الحواجز العسكرية والطرق الوعرة التي كان لا بد من عبورها مع تجريف الشوارع والطرقات من قبل جيش الاحتلال، إستطاعت المؤسسة تقديم الخدمات الطبية والصحية النوعية للقاطنين في هذه المناطق، وكان الأمر يستلزم العمل لساعات وفترات زمنية طويلة بفعل الحاجة المتنامية لمثل هذه الخدمات.
وعملت لجان العمل الصحي على خلق برنامج خاص بتقديم الخدمات الصحية والطبية والتثقيفية والتوعوية في هذه المناطق بالتعاون مع العديد من المؤسسة الدولية وخاصة، Care Ocha, ،Oxfam . وبلغ عدد المواقع التي تغطيها العيادة المتنقلة 17 موقعاً في محافظتي بيت لحم والخليل. ويتكون طاقم العيادة المتنقلة في منطقة الجنوب من (8) موظفين منهم أطباء وممرضين ومثقفين صحيين، ويعملون على مدار الأسبوع ، وفق برنامج محدد ويغطي جميع المناطق في المحافظتين.
وبالنظر إلى مواقع العمل التي تستهدفها العيادة المتنقلة نلحظ أنه لم يتم إختيارها بشكل غير منظم ومدروس وإنما بناءً على حاجة ملحة لسكان تلك التجمعات، ففي محافظة بيت لحم يدور الحديث عن مناطق محاصرة وتنقصها الخدمات الصحية أو توافرها فيها لايلبي الاحتياجات مثل: خلة النعمان، الولجة، واد رحال، وخربة زكريا، وواد النيص، وجورة الشمعة. وفي الخليل تصل أطقم العيادة المتنقلة إلى مناطق وتجمعات: مسافر يطا، مسافر بني نعيم، مسافر السموع، البقعة، واد الغروز، بيت أولا، ديرسامت، بيت كاحل، البيرين، والبلدة القديمة من الخليل وحاراتها المختلفة المصنفة H2 والتي تخضع لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي الكاملة. ويزيد عدد سكان هذه المناطق عن 25450 نسمة يعتمدون بشكل شبه كامل على ما توفره مؤسسة لجان العمل الصحي من خدمات صحية.
عيادة لجان العمل الصحي تقدم للموطنين في المناطق المستهدفة العديد من الخدمات الصحية ومنها خدمات الطب العام والطوارىء، خدمات المختبر بما يشمل كافة الفحوصات والتحاليل الطبية عبر أخذ العينات من قبل الطاقم إلى مختبرات مركز حلحول الصحي التابع للمؤسسة وإعادتها بعد ذلك بنتائجها لأصحابها، كما تقدم العيادة خدمات برنامج صحة المرأة للنساء في التجمعات بما يتضمن متابعة المرأة الحامل، وسير الحمل، وإجراء الفحوصات الخاصة بالأمراض النسائية وفحوصات الكشف المبكر عن الأورام.
وعلى الصعيد التنموي التثقيفي تقوم أطقم العيادة المتنقلة بالعديد من الفعاليات النشاطات التوعوية في مختلف المواضيع الصحية التي تستهدف المواطنين هناك بالإضافة لتوزيع النشرات والكتيبات الإرشادية عليهم.
وتقدم العيادة المتنقلة كذلك خدمات الرصد والحماية عبر متابعة ورصد إعتداءات الاحتلال والمستوطنين على السكان هناك وتوثيقها ورفعها للجهات والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية وخاصةً Ocha.
ورغم الصعوبات والمخاطر على الحياة التي يتعرض لها طاقم العيادة المتنقلة خلال عملهم أو في طريقهم للمناطق التي يخدمونها والمضايقات التي يتعرضون لها إلا أنهم يصرون على أداء واجبهم تجاه أبناء شعبهم ففي خلة النعمان تقوم المؤسسة الدولية Care بتحصيل تصاريح حركة للطاقم حتى يصل وجهته خلف جدار الفصل العنصري بالقرب من مدينة بيت ساحور، وفي كثير من الأحيان يجري تفتيش سيارة العيادة المتنقلة من قبل جنود الاحتلال وإعاقة الطاقم من الحركة نحو تجمعات السكان التي تستهدف بالخدمات، وأحياناً يتم منعهم من إكمال طريقهم كما حدث في مرات عديدة بالقرب من خربة زكريا أو حارات البلدة القديمة من الخليل. ومن صور الاعتداءات الأخرى على العيادة المتنقلة إضطرار طاقمها للبحث عن طرق بديلة بين الجبال والوديان بوعورتها للوصول نحو مسافر يطا حيث غالباً ما تكون هذه المناطق مسرحاً لتدريبات جيش الاحتلال وآلياته الثقيلة، وبالرغم من كل هذه المخاطر يعمل طاقم العيادة المتنقلة بكل جد وجهد لمواصلة رسالته وخدماته بالإستناد لفلسفة ورؤية المؤسسة في الإنحياز للفقراء والمهمشين من أبناء الشعب الفلسطيني وتعزيز صمودهم وبقائهم على أرضهم وفي منازلهم.