الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

قرار اسرائيلي يهدد الوجود الفلسطيني في مناطق "ج"

نشر بتاريخ: 04/06/2018 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:10 )
قرار اسرائيلي يهدد الوجود الفلسطيني في مناطق "ج"
القدس - معا - طالبت مؤسسة سانت إيف - المركز الكاثوليكي لحقوق الإنسان، ومركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالإلغاء الفوري لأمر عسكري جديد يمهّد لعمليات هدم جماعية للمباني الفلسطينية في مناطق "ج".
وأكّدت المؤسستان في رسالة رسمية مقدّمة لوزير جيش الاحتلال و"المستشار القضائي للضفة الغربية" أن الأمر العسكري يمثّل خرقاً صارخاً للقانون الدولي العرفي ويتناقض كلّياً وتشريعاتٍ محلّيةً سارية المفعول. ويوسّع الأمر العسكري الذي وقّع عليه القائد العسكري الإسرائيلي في 17 نيسان/أبريل 2018، صلاحيات ما تسمّى بالـ"إدارة المدنيّة" الإسرائيلية التعسّفية في هدم أو إزالة المباني الجديدة المقامة على الأراضي الواقعة في مناطق ج بحجّة البناء غير المرخّص. وتشكّل الأراضي المصنّفة على أنها مناطق ج أكثر من 60% من إجمالي مساحة الضفة الغربية وتخضع بشكل مطلق لسيطرة الاحتلال العسكرية والإدارية.

هذا وترفض "الإدارة المدنية" منذ التوقيع على اتفاقية أوسلو الغالبية الساحقة من الطلبات التي يقدّمها الفلسطينيون للحصول على تراخيص بناء في مناطق ج مّما يضع الفلسطينيين تحت طائلة التهجير القسري المحدق.

ويضاعف الأمر العسكري الجديد خطر التهجير القسري من خلال تخويله مفتّشي وموظّفي "الإدارة المدنيّة" بتنفيذ عمليّات الهدم بعد ست وتسعين ساعةً فقط على إصدار أمر الهدم، كما وينتزع بشكل فعلي حقّ المتضرّرين من أوامر الهدم في اللجوء إلى الهيئات القضائية والاعتراض على أوامر الهدم والطعن بها قانونيّاً. فوفقاً للأمر العسكري الجديد يتعيّن على الذين تصدر أوامر هدم ضد بيوتهم إرفاق اعتراضاتهم بترخيص بناء قانوني، إلّا أن ذلك يكاد يكون من شبه المستحيل نتيجة سياسات التخطيط والتنظيم التمييزية التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيّين.

يحدّد الأمر العسكري استثناءاتٍ قليلةً يمكنها فيما لو توفّر أحدها الحؤول دون الهدم الفوري ومنها مرور ستّة أشهر على اكتمال بناء المنشأة أو أن يكون المنزل مسكوناً لثلاثين يوماً على الأقلّ من يوم إصدار أمر الهدم. كما ويُمكِن للمتضرّرين من أوامر الهدم تفادي الهدم الفوري في حال تمكّنوا من تقديم مخطّط هيكلي مصادق عليه خلال ست وتسعين ساعة على إصدار أمر الهدم.

على الرّغم من هذه الاستثناءات فإنّ الأمر العسكري الذي سيدخل حيّز التنفيض في 17 حزيران/يونيو الجاري يعتبر خطوةً إضافيّة نحو ضمّ الاحتلال لمناطق ج بشكل كامل وترحيل الفلسطينيين منها قسريّاً.

وشدّد مركزالقدس ومؤسسة سانت إيف في رسالتهما على أنّ الأمر العسكري الجديد يخالف بشكل صريح تعليمات معاهدات لاهاي والتي تعتبر جزءاً أساسيّاً من القانون الدولي الإنساني العرفي. تحتّم المادّة 43 من معاهدات لاهاي على سلطة الاحتلال "احترام القوانين السارية في البلاد إلّا في حال الضرورة القصوى التي تحول دون ذلك". لا تنتهك سلطات الاحتلال من خلال الأمر العسكري الجديد التعليماتِ الواردةَ في هذه المادّة فحسب، بل تقوم بهذا الانتهاك بُغية تعجيل تهجير الفلسطينيّن قسرياً، الأمر الذي يرقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية حسب المادّة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

"علاوةً على انتهاكه الصريح للقانون الدولي الإنسان، يتناقض الأمر العسكري الجديد مع قانون التنظيم والبناء الأردني المتّبعة آليّاته في الضفّة المحتلّة منذ عقود. ويحقّ للمتضرّرين من أوامر الهدم بموجب المادّة 38 من قانون التنظيم والبناء الأردني تقديم طلب لترخيص المبنى حتّى بعد إصدار أمر الهدم ويتيح القانون للمتضرّرين الحصول على ترخيص بناء بأثر رجعي باعتبار الهدم إجراءً أخيراً وخطيراً ينبغي تجنّبه مع احترام القانون. بيد أن الأمر العسكري الجديد يفرّغ هذه المادّة من غرضها ومحتواها ولا يمكن فهم هذا التناقض إلّا كمحاولة سافرة من قبل سلطات الاحتلال لتغيير المنظومة القانونية القائمة واستبدالها بمنظومة أخرى". بحسب المركز

و"لعلّ من أخطر ما في الأمر العسكري الجديد هو تجريده المتأثّرين بأوامر الهدم من حقّهم بالحصول على إجراء عادل واستنفاذ آليّات الاعتراض القانوني، حيث لا يؤدّي تقديم الاعتراض على أمر الهدم إلى تجميده احترازياً. ناهيك عن أن المهلة التي يمنحها الأمر العسكري للاعتراض على أوامر الهدم (96 ساعة) ليست بالكافية أو المعقولة خاصّة وأنّ الأمر العسكري لا يلزم موظّفي "الإدارة المدنية" بتسليم إخطار الهدم لصاحب المبنى مباشرة، بل ويسمح لهم بالاكتفاء بوضع إخطار قرب المبنى ويكون مفتّشو الإدارة المدنية مخوّلين بهدم أو إزالة المبنى بعد 96 ساعة من وضع الإخطار. يمكن أن ينجم عن ذلك هدم أو إزالة المنزل دون أن يكون صاحبه على دراية بوجود أمر هدم ودون أن يتسنّى له الاعتراض على هذا الأمر".

و"مع أن الأمر العسكري يتطرّق إلى بعض الاستثناءات، والتي قد تحول دون تنفيذ أمر الهدم بشكل فوري، فإن بعض هذه الاستثناءات مُصمّم لِيَصُبّ بشكل حصري في مصلحة المستوطنين الإسرائيليين كالاشتراط على المتضرّرين تقديم خارطة هيكلية يقع المبنى المهدد بالهدم ضمنها. يجدر التنويه هنا إلى أن الفلسطينيين قدّموا للإدارة المدنية أكثر من 120 مقترحاً لإعداد أو توسيع مخططات هكلية غير أن "الإدارة المدنية" لم تصادق سوى على ثلاثة من هذه المخططات، فيما قامت بالمصادقة على مئات المخططات الهيكلية التي قدّمها المستوطنون. وقد جَمَّدت المصادقات على المخططات الهيكلية هدم بؤر استيطانيةً أقيمت حتى بدون ترخيص إسرائيلي، عوضاً أن الكثير من المستوطنات القائمة حالياً بُنيت بواسطة أمر عسكري". قال المركز.

واكدت مؤسّستا سانت إيف ومركز القدس على ضرورة قراءة الأمر العسكري الجديد كخطوة ضمن مشروع شامل ومُمَنهج، تُطبّقه حكومة الاحتلال وتقوده وزيرة القضاء أييلت شاكيد، بُغية إخضاع مناطق "ج" للمنظومة القانونية الإسرائيلية بشكل كامل. يسعى هذا المشروع إلى استكمال الضم الفعلي لمناطق "ج" وإلغاء مكانتها القانونية الخاصة كأراضٍ محتلّة. ولضمان تحقيق هذا الهدف تعمل محكمة الاحتلال العليا بتناغم ملحوظ مع حكومة الاحتلال عبر إصدار قرارات وأحكام قضائية تهدف إلى إضفاء الشرعية على المشروع الاستيطاني والاستحواذ الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية الخاصّة. وبموازاة ذلك تمنح المحكمة العليا سلطات الاحتلال الضوء الأخضر لإبعاد الفلسطينيين وتهجيرهم قسراً، وليس الحكم الذي أصدرته مؤخّراً (بالمصادقة على قرار الجيش بتهجير سكان الخان الأحمر) إلّا غيضاً من فيض من هذا النهج. ويعكس قرار المحكمة العليا في قضية الخان الأحمر دعم المنظومة القضائية الإسرائيلية كلّاً من السلطة التنفيذيّة والعسكرية في السعي نحو ضم مناطق "ج" وترحيل الفلسطينيين منها.