نشر بتاريخ: 22/07/2018 ( آخر تحديث: 24/07/2018 الساعة: 09:18 )
بيت لحم - معا- قالت وسائل الاعلام الاسرائيلية، مساء اليوم الاحد، أن تركيا ومصر قد توقفان عن استيرد الغاز الاسرائيلي في الاشهر المقبلة.
وأشارت دراسة صادرة عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، إلى ظهور عراقيل أمام تصدير إسرائيل للغاز لتركيا ومصر ، في الوقت الذي تستثمر فيه الشركات الإسرائيلية مبالغ طائلةلتطوير حقول الغاز.
وقالت الدراسة إنه طرأ تطوران، في الأسابيع الأخيرة، "يهددان بتقليص ملموس لإمكانية تصدير الغاز الإسرائيلي"، ويتعلق هذا التطوران بتركيا، بعد فوز الرئيس رجب طيب إردوغان بولاية جديدة، وبمصر، في أعقاب أنباء عن كشف حقل غاز جديد قبالة شواطئها.
وأوضحت الدراسة أنه من الناحية الاقتصادية، فإن تركيا هي غاية التصدير الأبسط والأكثر درا للأرباح بالنسبة لشركات الغاز في إسرائيل، متوقعة أن يتزايد طلب الاقتصاد التركي على استيراد الغاز الطبيعي بشكل كبير في السنوات المقبلة، من 55 مليار متر مكعب في العام 2017 إلى 75 مليار متر مكعب في العام 2015. وبحسب الدراسة، فإن روسيا ستوفر ما بين 50% إلى 60% من هذه الكمية، وإيران 20% وأذربيجان حوالي 10%. وتتنافس دول مصدرة للغاز، بينها العراق وتركمانستان وربما إسرائيل على 15% من كمية الغاز التي تحتاجها تركيا سنويا.
وأضافت الدراسة أن التقديرات تشير إلى أن بإمكان إسرائيل أن تزود تركيا بكمية تتراوح ما بين 8 – 16 مليار متر مكعب من الغاز في السنة ولمدة 15 سنة، كما أن تركيا تشكل إمكانية مريحة لنقل الغاز من إسرائيل إلى أوروبا. إذ أن تكلفة مد أنبوب إلى الساحل الجنوبي لتركيا متدنية قياسا بالبديل المتمثل بمد أنبوب مباشر إلى أوروبا عن طريق اليونان، أو إقامة منشأة تسيل (تحويل الغاز إلى سائل) في إسرائيل. "كما أن تركيا مستعدة لأن تدفع مقابل الغاز الإسرائيلي ثمنا أعلى من الذي تدفعه مقابل الغاز الروسي، لأنها معنية بتقليص تعلقها بروسيا. وكل هذه الأمور يفترض أن تجعل تركيا غاية مرغوب بها للغاز الإسرائيلي".
إلا أن الدراسة رأت أنه توجد عقبات سياسية وجغرافية كثيرة أمام الاستثمار في مشروع كهذا بالغ التكلفة. وأول هذه العقبات أن مسار أقصر أنبوب من مخزون الغاز الإسرائيلي إلى الساحل التركي يجب أن يمر عبر المياه الاقتصادية اللبنانية والسورية. ولفتت الدراسة إلى أنه "على الرغم من القانون الدولي لا يمنع مد أنابيب في المياه الاقتصادية لـ’دولة عدو’، إلا أن الخطر الأمني المنوط بهذه الحالة قد يضطر سلاح البحرية الإسرائيلية إلى حماية مسار الأنبوب بطوله كله".
وأضافت الدراسة أن ثمة مسارا آخر محتمل للأنبوب عن طريق المياه الاقتصادية القبرصية، "التي من الناحية النظرية لا تستوجب تسوية للصراع بين تركيا وقبرص. وعمليا، فإن كل طرف يستخدم في السنوات الأخيرة قضية الغاز كأداة مناكفة سياسية ومن المعقول أن الاتفاق لمد أنبوب يستوجب تسوية واسعة لمجمل حقوق التنقيب حول قبرص، الأمر الذي سيصعب من تقدم هذه العملية".
والأهم من ذلك، وفقا للدراسة، هو أن "العلاقات الإقليمية التركية هموما، وعلاقاتها مع إسرائيل خصوصا، لا توفر لشركات الغاز الاستقرار المطلوب من أجل مد أنبوب بين الدول. وتدهور العلاقات الثنائية بين تركيا وإسرائيل، التي بدأت في نهاية العام 2008، توقف مؤقتا في أعقاب ’اتفاق التطبيع’ بين الدولتين، في حزيران/يونيو 2016، لكن هذا التدهور عاد بشكل أكبر في أعقاب الأحداث العنيفة التي وقعت خلال العام الأخير على جبل الهيكل (الحرم القدسي الشريف) وجبهة غزة. وإعادة انتخاب إردوغان رئيسا إنما تزيد المصاعب وحسب في هذا السياق. وقاد إردوغان تركيا، قبل انتخابه، في مسار إشكالي من ناحية شريكاتها التقليدية. واستعداده لتعزيز التعاون مع روسيا وإيران وضعت علامات استفهام لدة أعضاء حلف الناتو، وكذلك كان مفعول سيطرة الجيش التركي على جزء من سمالي سورية".
وتابعت الدراسة أن "وقوف تركيا إلى جانب قطر في النزاع بينها وبين دول عربية أخرى في الخليج زاد من خطورة صورتها الإشكالية بنظرهم. يضاف إلى ذلك نجاح إردوغان بإنشاء نظام رئاسي – استبدادي في تركيا، يمس بصورتها بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي". وشككت الدراسة في إمكانية أن يصادق إردوغان على اتفاق تصدر بموجبه شركات إسرائيلية الغاز الطبيعي إلى تركيا، وأن توافق شركات الغاز نفسها على تحمل مخاطر "عدائية" إردوغان تجاه إسرائيل.
رغم ذلك، أشارت الدراسة إلى أن "لإردوغان اعتبارات اقتصادية – وطنية من شأنها أن تتغلب على الرغبة بالمس بجهات اقتصادية إسرائيلية، ومن هنا فإنه إذا صادقت حكومة تركيا على صفقة لتزويد الغاز الإسرائيلي، فإنه من الجائز أن تخرج إلى حيز التنفيذ. وعلى الرغم من ذلك، فإنه على الأرجح ستطالب الشركات الضالعة في الصفقة بدفع فوائد مرتفعة من أجل تأمين مخاطر التجارة الخارجية، التي ستقلل جدوى الصفقة، إضافة إلى باقي عوامل انعدام اليقين المرتبطة بها".
وأشارت إلى أنه تبقى لشركات الغاز الإسرائيلية، عمليا، بديلا هاما واحدا لتصدير الغاز إليه، وهو مصر ومنشآت التسييل فيها. "فكميات الغاز التي يحتاجها الأردن والفلسطينيين صغيرة نسبيا، وفكرة مد أنبوب تحت سطح البحر ومباشر إلى اليونان يفتقر إلى أي منطق اقتصادي، إضافة إلى المصاعب التقنية المرتبطة بمده".
يذكر أن الشركتين اللتين تديران حقلي الغاز "تمار" و"ليفياتان" وقعتا، في شباط/فبراير الماضي، على اتفاق مع شركة "دولفينوس" المصرية لتزويد مصر بـ64 مليار متر مكعب على مدار عشر سنين. وتعالت أصوات كثير بعد توقيع هذا الاتفاق تتساءل حول مدى حاجة مصر إلى هذه الصفقة. إذ أن حقل ZOHR المصري العملاق، الذي اكتشف قبل ثلاث سنوات، يضخ حاليا 11 مليار متر مكعب سنويا للاقتصاد المصري ويتوقع أن يصل إنتاجه إلى 29 مليار متر مكعب في العام المقبل. كذلك تتحدث تقارير أولية عن اكتشاف حقل أكبر بكثير في مصر، باسم "NOOR". وقالت الدراسة الإسرائيلية إنه إذا لم يكن هذا الحقل يتلاءم مع التوقعات، فإن "الاستيراد من إسرائيل سيساعد في سد فجوة تزويد الغاز الطبيعي لمصر في الأمد القصير، وسوية مع صفقة تصدير الغاز إلى الأردن سيتم ضمان الاستثمار في تطوير حقل ليفياتان. ولكن أي كمية تجارية أخرى ستُكتشف وتُضخ في مصر ستقليل كثيرا جدوى استيراد الغاز من إسرائيل".
وأضافت أن "خطرا آخر يبرز جراء التقارير حول اكتشاف حقل جديد في مصر هو منع إمكانية استخدام منشأة التسييل في الأراضي المصرية. وسيزود الحقل الجديد الطلب المصري للغاز في المستقبل المنظور وسيثير من جديد الرغبة المصرية بالتصدير إلى أوروبا عن طريق المنشآت التي تعمل حاليا بشكل جزئي فقط. وفي هذه الحالة، لن يكون هناك مكانا في هذه المنشآت للغاز الإسرائيلي، وستُلغى إمكانية أن تصدر إسرائيل الغاز المسال إلى أوربا عن طريق مصر".
وخلصت الدراسة إلى أن "الاقتصاد الإسرائيلي لا يمكنه استيعاب كميات كبيرة من الغاز في السنوات القريبة المقبلة من أجل تبرير تطوير حقل ’ليفياتان’. وإذا لم تخرج الصفقة مع مصر إلى حيز التنفيذ، فإن شركات الغاز ستصبح متعلقة بصفقة التصدير الصغيرة نسبيا مع الأردن، الأمر الذي سيشكل خطرا على تطوير هذا الحقل ويبقي إسرائيل من دون دعم كاف لحالة حدوث خلل متواصل في حقل ’تمار’. لذلك، على شركات الغاز أن تدفع باتجاه تطبيق صفقة التصدير مع مصر، طالما النقص المصري بالغاز حاصل، وعلى حكومة إسرائيل أن تساعد بقدر المستطاع من وراء الكواليس".