السبت: 21/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

بعد 30 عاما من الغربة : الحاج عبد الكريم فطيمة يعود إلى غزة و يتمنى الحصول على هوية والصلاة بالاقصى

نشر بتاريخ: 19/02/2008 ( آخر تحديث: 19/02/2008 الساعة: 17:37 )
غزة -معا-ما أجمل أن يبكي الإنسان والبسمة على شفتيه وان يضحك والدمعة في عينيه!!فبعيدا عن أصوات القصف الاسرائيلى وملامح الدمار والقتل والتشريد بحق الفلسطينيين خرجت زفرات محترقة لتصل مذبوحة إلى حواف الحنجرة تلومني وتلومنا جميعا على من أثخنتهم جراحنا قبل جراحهم ونسينا بأنهم شردوا لأجلنا.وهم أهلنا بالغربة.

فخلف فرحة مئات الفلسطينيين الذين حصلوا على حق المواطنة بالحصول على هوية يخرج الحاج عبد الكريم ديب رضوان فطيمه "75" عاما من المغتربين بالمملكة السعودية وقد قدم مؤخرا الى قطاع غزة بعد فتح الحدود مع مصر فيروى قصة حنين الى الوطن ومستقبل مجهول يسرق معه حقه بالمواطنة على أرضه.

وتبدأ الحكاية ..بخبر العودة

بحزن يملأ عينين ترى شوق الوطن يسكن بداخلهما يروي الحاج فطيمه تفاصيل خبر جاء على مسمعه "أحلى من الحلاوة"كما قال فيضيف"رن هاتف جهازي الخلوي قبل صلاة العصر فكان من ابنة أختي بغزة فقبل أن أرد السلام وجدتها بصوت عالي تخبرني كلمات لم استوعبها "معبر, عريش ,فتحت الحدود,بسرعة .. " لم افهم ولكن عندما قالت "أختك بتستناك تعال شوفها "فجمعت الحديث المتناثر منها من كثرة الفرحة فلم اصدق من شدة الفرحة وأنني سأرى أختي الضريرة التي لم أرها منذ 30 عاما وقد فرقتنا الغربة ,

رحلة إلى الوطن

بعد سماعي الخبر السعيد صليت العصر وتركت كل شيء وتوجهت إلى مكتب سفريات وحجزت خروج وعودة من جدة إلى مصر وأنا في رحلة السفر لم يفارقني الدعاء "يا رب دخلني غزة بسلام" وكان معي سلاحي بجيبي القران الكريم والحمد لله تعالى بفضله وصلت العريش عند نقطة العبور وكان مثل الحلم الذى لم اصدق نفسي ساعتها لأني الآن في مسقط رأسي ووطني ودارى وكيف ووطني أنبل وأطهر وطن وارض الرباط والإسراء والمعراج ومهد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام..
.

في أحضان غزة ..

كنت قد نذرت أن أصلى 100 ركعة لله تعالى عند وصولي لغزة وفعلا أول شيء فعلته توجهت للمسجد العمري الكبير وصليت 110 ركعة لوجه الله وحمدا على وصولي ارض غزة وبعدها توجهت إلى اغلي مكان لدى وهو حي" الشجاعية" شرق غزة حيث بيتي الذي تربيت فيه وعشت طفولتي فيه ولم اصدق أن المفاتيح التي كنت اقبلها كل يوم قبل نومي بالسعودية حان الاون أن استخدمها فقبلت الباب وثم فتحته وبدأت أتحسس على كل ركن بالبيت واقبل الأرض وأقول"جيتلك يا فلسطين أنتي أبوي وأمي "..

هنا لم يتمالك الحج فطيمه نفسه وسقطت دموعه وأخذت أواسيه رغم اننى لم أتمالك نفسي أيضا فحاولت إخفاء دموعي وما أن عاد الهدوء قليلا أكمل حديثه ..
باليت زوجتي التي تركتها خلفي بجدة و أبنائي محمد,أحمد,علاء,عبد الرحمن,وبناتي سوسن ,ملكة,منى,سوزان ,أمال يعيشوا هذه اللحظة معي بالإحساس بحب الوطن وغلاته الكبيرة وسرعان ما اتصلت بزوجتي واولادى انقل لهم فرحى وفى صباح اليوم الثاني زرت قبر أمي و أبي وشعرت كأنهم يروني مبتسمين اننى معهم و يالها من لحظة لا توصف اختلاط الفرح بالحزن وقرأت القران على قبرهما ودعوت الله أن ادفن بجوارهما ...

البحث عن الحق بالمواطنة

سألت الحاج فطيمه ماذا ستفعل الآن وقد تركت خلفك زوجتك وأبناءك خلفك فقال"أتمنى الحصول على الهوية حيث اننى احمل وثيقة سفر مصرية ولكنها لا تفيد فانا استطيع الخروج ولكن يعلم الله وحده متى أعود وكذلك لا استطيع الصلاة بالمسجد الاقصي المبارك .

عرضت على الحاج بالذهاب إلى وزارة الشؤون المدنية وفعلا وصلنا إلى مكتب خليل فرج مدير عام التنسيق سابقا كي يضعنا بصورة الوضع لحالة الحج فكان رده :حسب القانون الحاج وغيره المئات دخلوا إلى قطاع غزة بشكل غير قانوني وحتي اللحظة لم يبت بموضوعهم !!!لان المعروض على الجانب الاسرائيلى هم ممن دخلوا الأراضي الفلسطينية بتصاريح زيارة ومازال أيضا موضوعهم محل جدال .أما حسب الوطنية فأهلا بكل فلسطيني و اى عربي على ارض فلسطين بورق أو بدون أوراق ثبوتية ...

خرجنا من وزارة الشؤون المدنية والحاج يتمتم"عرض علي خمس مرات جنسية سعودية ولكنى رفضت لأني فلسطيني وهذه ارضي وحقي أن احصل على الهوية مثل باقي البشر لهم وطن يسكنون به ونحن الوطن بداخلنا أريد أن احضر زوجتي واولادى لنكمل الحياة هنا بغزة وسأترك الحياة بالغربة ويكفيني صحن زيت و زعتر .وختم حديثه "يكفى غربة وحرام نعيش بلا أرض "