قراءة في اهداف اسرائيل من وراء الاعتقال الاداري
نشر بتاريخ: 14/10/2005 ( آخر تحديث: 14/10/2005 الساعة: 13:45 )
نابلس- معا- يعتبر الاعتقال الإداري سيفا مسلطا على رقاب الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية وهو اعتقال شخص ما دون توجيه أية تهمة محددة إليه بصورة رسمية ودون تقديمه إلى المحاكمة، وتستخدمه سلطات الاحتلال، كإجراء عقابي ضد من لا تثبت إدانتهم أو تفشل في توجيه أي اتهام ضدهم.
ويجري الاعتقال الإداري وفق ما يسمى ( ملف سري ) حيث يمنع الأسير ومحاميه من الإطلاع عليه، كما لا يعرف المعتقل متى سيتحرر ومن الممكن كما حصل مع المئات من المعتقلين التجديد لهم لمرات عدة وأحياناً كثيرة تم التجديد لبعض المعتقلين لحظة الإفراج مما يدلل على لؤم السياسية التي يتم التعامل بها مع الأسرى في السجون الاسرائيلية بهدف قتل الروح المعنوية في نفوسهم وإذلالهم تحت الضغط النفسي الهائل الذي يوضع فيه المعتقل بعد ان يكون قد برمج نفسه على موعد محدد لتنشق هواء الحرية بعد طول معاناة وحزم أمتعته استعداد للعودة الى الحياة خارج السجن وقبل ساعات او ربما في لحظة الإفراج نفسها يبلّغ بفترة اعتقال إدارية جديدة, علماً أن هناك من المعتقلين الفلسطينيين من أمضوا سنوات في الاعتقال الإداري.
هذا وتعاني اسر المعتقلين الإداريين ظروفا مزرية, اذ تتمحور معاناتها في انتظار رب الأسرة ليعود بعد طول غياب من زنازين الاحتلال مع ظروف الحرمان من الزيارات او حتى الاتصال ليفضي انتظارهم وشوقهم العميق إلى الهباء وصدمة جديدة، وجرعة كبيرة من المرارة والالم، وغصة مقيتة بفترة اعتقال جديدة ومعاناة طويلة أخرى لا يعرف مداها. ويواجه مثل هذا الإجراء بردود أفعال مختلفة من قبل الأسرى مثل إعلان الإضراب عن الطعام وبالقرع على الأبواب والتكبير والهتاف .
وتعمل سلطات الاحتلال الاسرائيلي بتقليعة لئيمة جديدة قديمة وهي تعرُّض عدد من الأسرى الإداريين لمحاولات ابتزاز من قبل مصلحة السجون الاسرائيلية، عن طريق تخيير البعض منهم بين الإبعاد إلى الأردن وبين قضاء شهور وسنوات مفتوحة تحت الاعتقال الإداري.
ويوجد الآن في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ما نسبته 15.3 % من إجمالي عدد الأسرى والمعتقلين تحت مسمى الاعتقال الاداري, ولا أحد يحرك ساكنا من اجل إنقاذ اسرانا من عملية الموت البطيء داخل المعتقلات من قبل الجمعيات الحقوقية والإنسانية.
وقد أثيرت أزمة الأسرى على نطاق عالمي, وأدلى القائمون على بعض المؤسسات الإنسانية العالمية بدلوه فيها لتطالب بالإفراج عن الإداريين والأسرى من السجون الاسرائيلي, ولكن كل هذا يحصل وحكومة الاحتلال تضرب بعرض الحائط هذا الاحتجاج العالمي ضد احتجاز الآلاف من الأسرى الفلسطينيين في زنازين وسجون تفتقد لأدنى الظروف الإنسانية، وتضيف إلى ذلك حملات مستمرة في اعتقال المزيد من المواطنين الفلسطينيين، وتشديدا متزايدا على الأسرى في سجونها من خلال استمرار عمليات القمع والعزل والتعذيب.
وقد برزت في الآونة الأخيرة قصة الأسير والمربي الشيخ يوسف العارف "ابي مالك" والبالغ من العمر 56 عاما المعتقل منذ 12/10/2004 بعد كمين نصب له اثناء عودته من مدينة جنين مع عائلته .
ابو مالك القيادي بحركة الجهاد الإسلامي في منطقة نابلس وعضو لجنة التنسيق الفصائلي وممثل حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية كان قد عزل عن مهنة التدريس لعشرة شهور ثم أعيد لها بعد طول مطالبة، كان قد جهز أمتعته في سجن النقب وودع أصدقاءه وفي قلبه ينطلق بحبور فلا يسيطر على انفعالاته من فرط سروره بالفرج الذي انتظره أخيرا وبعد تمديد اعتقال إداري لفترتين ليفاجأ وقبل ست ساعات فقط من ساعة الإفراج عنه بتجديد اعتقاله الإداري للمرة الثالثة على التوالي .
"زهراء" حفيدة أبو مالك استعدت للاحتفال بالإفراج عن جدها فتدربت على الزغاريد على حداثة سنها بأعوامها الثلاث لتجد نفسها محزونة باكية بعد وصول خبر تجديد فترة اعتقال ثانية وليمر شهر رمضان آخر بدونه.
أم مالك تقول:" تعرضنا كلنا كعائلة فلسطينية وكأسرة معقتل مستهدف لأشد نوبات الانتقام فها هو ولدي عاصم يحرم من السفر لاستكمال دورة في مجال تخصصه في ألمانيا ويساوم على البقاء خارج البلاد لأربع سنين او إلغاء السفر بحد ذاته" وتضيف:" تعودنا على لؤم الاحتلال الصهيوني معنا ولن يهزنا مثل هذا الإجراء على الرغم من مرارة الفراق الذي طال بشكل غير متوقع هذه المرة"
اما المعتقل مفيد زلوم والبالغ من العمر 28 عاما وشقيق المعتقل نضال زلوم فقد مدد اعتقاله صبيحة يوم الإفراج للمرة الرابعة على التوالي.
وجدير ذكره ان مفيد وايمن ونضال زلوم هم أشقاء لعائلة واحدة لم يبق من رجالها خارج السجون احد. اضافة الى ان نضال زلوم يقضي حكما بالسجن المؤبد وقد مر على اعتقاله 16 عاما. أما ايمن فهو معتقل ايضا منذ اكثر من عامين. وتقضي والدتهم "ام نضال" وقتها في التحضير لزيارات ابنائها التي غالبا ما تحرم منها .
مفيد الذي ترك ولده وابنته بانتظار عودته ليقدم لهم هدايا عيد الفطر لهذا العام كما كان متوقعا ولكن التجديد الاخير والذي تتفنن به قوات ادارة السجون وتصر من خلاله على سرقة الفرحة من قلوب الأطفال من أبناء الشعب الفلسطيني بإقصاء الآباء خلف القضبان جاء مريرا قاسيا ليمر عيد رابع دون التئام شمل اسرة مفيد .
والدة مفيد "ام نضال" متحاملة على نفسها وتغالب دموعها تقول:" كنا بانتظار الافراج عن مفيد بفارغ الصبر وننتظر قدومه واطلاله علينا وقد اجتمع عندي الأصدقاء وزوجة وأولاد مفيد بفرحة عارمة ولكن آمالنا تبخرت بعد ان انتصف النهار ولم يصل مفيد وانتظرنا حتى المغيب ثم عرفنا ان مفيد قد جدد اعتقاله ثانية"
وتضيف:" حاولت الا ابكي امام الصغار ابناء مفيد ولكنهم اجبروني على ذلك بسؤالهم اللحوح وينتا بييجي بابا؟؟"