الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الطفل تامر أبو شعر حلم ان يكون طبيباً ليساند أخواته السبع.. لكن رصاص الاحتلال كان له بالمرصاد

نشر بتاريخ: 20/02/2008 ( آخر تحديث: 20/02/2008 الساعة: 15:46 )
غزة- معا- خضرة حمدان- "لا أصدق ان ابني مات, اعتقدت انه لا زال على قيد الحياة (..) رغم أنني رأيت دماءه وشاهدته كالذبيحة أمامي ولكنني حينما ودعته مكفنا علمت انه غادرنا".

وتابعت السيدة صباح ابو شعر "42" عاماً قائلة:" كنت اعد ابني تامر ليكون سندي بالحياة وسنداً لأخواته السبع بعد ان توفي زوجي قبل عامين, ولكن الاحتلال أخذه مني وقتله برصاص عيار 800 ملم (..) رصاصات اخترقت قلبي ومستقبلي ومستقبل عائلتي قبل ان تغدر بابني وتخطفه من حياتي".

فطفلها الأكبر تامر ذو العشرة أعوام كان ذكيا ونبيها وحينما سمع إطلاق نار كثيف باتجاه منزلهم الواقع شرقي دير البلح أو بمنطقة مدخل "كيسوفيم" فر من المكان إلى بوابة المنزل الكبيرة الحمراء محاولا الهرب من رصاص عشوائي متطاير وكثيف، ولكن قدماه خانتاه فلم تسرعا بالقدر الذي يأخذه إلى بر الأمان وكانت الرصاصات أسرع منه فاخترقت رأسه من الخلف ومزقت أطرافه السفلى وتركته نازفاً على باب المنزل الكبير.

وتتابع والدته بحرقة: "قلت له دوما لن أقصّر معك وسأقوم بتعليمك الطب لتصبح سنداً قويا لنا ولكنه كان دائم السؤال متى يا امي نسكن في مكان ومنزل آخر ومتى نشعر بالأمان؟".

فمنزلهم الواقع بتماس وعلى بعد امتار فقط من موقع كيسوفيم العسكري الاسرائيلي كان يومياً معرض لخطر التوغل وإطلاق النار بسبب ودون سبب، وتتذكر ام تامر حينما اقتحم جنود الاحتلال منزلها يوم الثلاثاء الماضي فجرا وقاموا بإخراجها مع بناتها وطفليها تامر وموسى في العراء رغم البرد القارس، وعمدوا إلى تفتيش منزلهم بالكامل مستعينين بالكلاب البوليسية وكعادتهم لم يعثروا على شيء فخرجوا وقد قلبوا " الدنيا رأسا على عقب" كما تقول الأم.

الأم الثكلى حاولت مرارا البحث عن مأوى بديل دون جدوى وتقول: حفيت أقدامي من كثرة التردد على وكالة الغوث وحاولت الحصول على منزل أو توفير بدل سكن ايجار مثلا, ولكن لم تنفع استغاثتي ولطالما تمنى ابني السكن بمكان آخر وآمن واليوم فقدت أحد أبنائي وكلنا معرضون للخطر".

أخوه موسى ذو الستة اعوام لم يفقه لماذا قتلوا شقيقه الوحيد ويقول: " كان ينام قربي كل ليلة ويحدثني عن اليهود وإطلاق النار وأننا يوما ما سنسكن في أمان".

أما شقيقته الكبرى تساهيل "19" عاماً فقالت متماسكة وهي بين نسوة يعزين بشقيقها: "لا نشعر بالأمان هنا لا ليل ولا نهار فلو خرجنا امس حين إطلاق النار من غرفنا لكنا جميعا في عداد الموتى".

المنزل المتهالك الذي تعيش فيه ام تامر وكأنه غرفة واحدة قسّم إلى قسمين واحد تفترشته حصيرة متهالكة امامها تلفاز وثلاجة والقسم الاخر يحتوي على حاجيات المنزل وادواته البسيطة وتقول الام الثكلى: "لا املك مالاً لاستئجار بيت آخر كم اود ذلك ولكن ما باليد حيلة".

سبع شقيقات أكبرهن تساهيل وأصغرهن آية كانت تمرح مع الأطفال بالمكان النائي جميعهن يفترشن غرفة الحاجيات والذوات وينمن ليلتهن على امل بصباح اجمل فكان صباحاً حمل معه استشهاد شقيقهن.