المرأة في القوانين والتشريعات بين المأمول والواقع
نشر بتاريخ: 03/09/2018 ( آخر تحديث: 03/09/2018 الساعة: 13:46 )
الكاتبة: د.آمال حمد
ان ما تعرض له المجتمع الفلسطيني مؤخرا من جريمة بشعة تهتز لها اركان البناء الاجتماعي من جريمة تعتبر جريمة قتل مع سبق الاصرار والترصد في قضية انتحار نهى عميرة والتي تجعلنا نقف وقفة جادة أمام النظام القانوني والقضائي المعمول به في فلسطين، ففي ظل غياب قانون رادع متخصص فان ذلك يشجع على الجريمة، فالقوانين المطبقة حاليا في دولة فلسطين غير فلسطينية فهي مازالت خليط من قوانين متضاربة من النصوص والمصادر التشريعية من العهد العثماني والانتداب البريطاني والقوانين الاردنية والمصرية فهي قديمة مضى عليها ما يتراوح من 60- 80 فيما يخص قانوني العقوبات والاحوال الشخصية سواء السارية المفعول في الضفة الغربية التي او قطاع غزة.
ومن هنا نرى ان هناك كثير من القوانين اصبحت قديمة وبالية لا تتناسب وروح العصر الحديث، فالمطلوب بشكل سريع وعاجل اقرار رزمة من القوانين مستمده من تشريعات وقوانين عصرية تتناسب مع قيم المجتمع الفلسطيني وتعمل على تحقيق عدالة ومساواة لكافة النساء الفلسطينيات، واكثر تحديدا فيما يخص قوانين لحماية المرأة ومنها مسودات قانوني العقوبات والاحوال الشخصية وقانون حماية الاسرة من العنف والتي طال انتظارها حيث يجب ان تتناسب القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها دولة فلسطين ومن ابرزها اتفاقية سيداو لان ضعف القوانين يؤثر على السلم الاهلي والبناء المتكامل للمجتمع الفلسطيني.
لذلك المطلوب من دولة فلسطين سرعة العمل على مواءمة القوانين المعمول بها في فلسطين وخاصة قانوني الاحوال الشخصية وقانون العقوبات مع مضامين اتفاقية سيداو والتي اكدت المحكمة الدستورية بقرار منها ان الاتفاقيات الدولية تسمو على التشريعات المحلية ، بما لا يتعارض مع الحفاظ على الهوية الوطنية والدينية والثقافية وذلك يقودنا الى تساؤل كبير ، ما هذا التناقض الذي يمارسه صانع القرار الفلسطيني بحق المرأة بالتوقيع على اتفاقية مناهضة كافة اشكال التميز ضد المرأة ولكن عدم تطبيقها ؟ هل يعتبر قرار المحكمة الدستورية مخرج قانوني لعدم تطبيق اتفاقية سيداو فعليا ومما يعزز ذلك عدم نشر الاتفاقية حتى الان بالجريدة الرسمية. فمنذ مصادقة دولة فلسطين على اتفاقية سيداو لم تقم بوضع السياسات واتخاذ التدابير والاجراءات الضرورية للشروع في عملية مواءمة القوانين والتشريعات المحلية المنسجمة مع المصادقة على الاتفاقيات وبنودها المختلفة فحتى الان لم توقع فلسطين على البروتكول الاختياري لاتفاقية سيداو والذى يمكن النساء من الوصول للعدالة .
نحن نسير بحقل ملغوم بالأسئلة كيف نطالب بموائمة تشريعات وقوانين مع الاتفاقيات الدولية ونحن لا يوجد لدينا ايضا قانون فلسطيني خالص يتناسب مع روح المجتمع الفلسطيني ؟وماالجدوى من توقيع على اتفاقية سيداو بقلم يحوي حبرا ابيض لا يرى لونه ولا فعله على ارض الواقع ؟ فالمطلوب اصدار قوانين تتناسب مع ظروف المراة الفلسطينية التي تتعرض لعنف مركب سواء من الاحتلال الاسرائيلي او العنف المجتمعي لذلك يجب تعزيز الثقافة المجتمعية الرافضة للعنف ضد المرأة بإقرار القوانين الرافعة لمكانة المرأة خاصة قوانين الجرائم الالكترونية والعقوبات المخففة في جرائم على خليفة الشرف وتشديد عقوبتها وتطوير هذه القوانين في ظل التحديات الداخلية والخارجية من اجل اقرار القانون الفلسطيني و تأهيل حماية الاسرة التي تعتبر نواة المجتمع الفلسطيني .
لذا يجب ان يكون هناك حراك قوي وفاعل من اجل اقرار قانون حماية الاسرة من العنف وانجاز قانون العقوبات والاحوال الشخصية والتشديد على ان تكون القوانين رادعة لمرتكبي الجرائم ضد المرأة .
فالكل يعلم ان هناك عراقيل وتحديات امام وضع القوانين الخاصة بالمرأة وتطويرها وذلك نتيجة تعطيل عمل المجلس التشريعي في ظل الانقسام السياسي الذي ترك بصماته في عدم اقرار وتوحيد القوانين ذات الصلة الوثيقة بقضايا النساء وخاصة قانوني الاحوال الشخصية والعقوبات ولذا لابد من الضغط من أجل انهاء الانقسام وتوحيد المؤسسة التشريعية والقضائية الى حين ذلك.
فمنذ الانقسام 2007 تم اصدار نحو 770 مرسوم بقوة القانون من قبل الرئيس واغلبها غير ذي صلة بحقوق النساء وهذا مؤشر ان قضايا النساء لا تندرج ضمن اولويات والتزامات دولة فلسطين وهنا يدعونا للتساؤل اين القوانين الخاصة بالمراة وهي نصف المجتمع ، لماذا لا يستخدم الرئيس صلاحياته التي تتيح له اقرار المراسيم بقوة القانون فيما يخص المرأة وحقوقها ؟ لذلك يجب على صانع القرار السياسي الاهتمام بتشريع القوانين الفلسطينية الخالصة لأنها النواة الاساسية لسيادة القانون ومن خطوات ترسيخ الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ويجب اعطاء الاهمية للأسرة والمرأة وتعزيز مشاركتها في بناء المجتمع الفلسطيني .