الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

زوجات وأطفال مبعدي بيت لحم يشعرون بالغربة في غزة ويتمنون استكمال رمضان بين ذويهم

نشر بتاريخ: 15/10/2005 ( آخر تحديث: 15/10/2005 الساعة: 10:30 )
غزة- معا- بين أطفالهم من ولد في غزة وبينهم من جاء من بيت لحم حاملاً معه ذكرى فراق والده وذكريات طريق الآلام عبر الضفة الغربية، عمان العاصمة الأردنية، العريش الطريق الفاصلة بين مصر وفلسطين ومن ثم إلى غزة حيث أّبعد الآباء.

أطفال مبعدى بيت لحم في غزة وزوجاتهم يكادون يعلنون على الملأ عدم رضاهم عما ارتكبته قوات الاحتلال بحق 39 مواطناً أبعدتهم من كنيسة المهد فيما عرف عنه حصار الكنيسة عام 2001 إلى مدينة غزة حتى العام الجاري، ويتساءلون متى العودة؟ وهل تترجم الوعود إلى حقائق على الأرض؟ وهل يشملهم الرجوع إلى بيت لحم كما عاد بعض الأسرى الإداريين الذين أبعدوا إلى غزة خلال انتفاضة الأقصى؟.

وفي شهر رمضان المبارك خاصة والذي يمر على المبعدين للمرة الرابعة على التوالي تكاد الأشواق والذكريات تأخذ المبعدين وزوجاتهم وأطفالهم مسافات إلى حيث يجلس بقية الأهل على موائد الإفطار، فبين أكلات بيت لحم وغزة تكمن الفروق وبين الأحبة تختلف نكهة ومذاق الطعام حتى لو كان حصرما، أما فراق الأمهات ففيه بعض الغصات والآلام التي تنتظر يوماً لتلتئم حتى لو كانت لحظة اللقاء واحدة وبكاء.

أم محمد عبيات زوجة المبعد ناجي عبيات القادمة إلى غزة منذ ثلاث سنوات تؤكد لـ "معا" أنها عانت مشقة وتعباً رهيباً في رحلتها المكوكية من بيت لحم إلى غزة حيث التفت حول الأردن ومصر ومن ثم إلى غزة، مستهجنة ان يكون حاجزاً عسكرياً إسرائيلياً واحداً يفصل شطري الأرض الفلسطينية ويضطر أمامه المواطنون إلى سلوك الصعاب للتواصل اجتماعياً، متسائلة عن دور الاتفاقات الدولية والقوانين الغائبة عن حقيقة الوضع الفلسطيني المعاش.

وتقول:" اليوم أشعر بغربة في غزة وبالنسبة لي رمضان في بيت لحم طبعاً أفضل فهنا في غزة لا أعرف جارتي وهي لا تعرفني، أما أطفالي فأنا ادفعهم دفعاً للعب خارج المنزل بعد عودتهم من المدرسة فهم يمكثون هنا ولا يحبون الخروج للشارع" مشيرة إلى أن ابنها الأصغر أمين يختلف في بعض الطباع عن أشقائه معتقدة أن ذلك عائداً إلى مكان مولده حيث وضعته في مدينة غزة، منوهة إلى انه أكثر راحة وتكيفاً في المدينة رغم صغر سنه.

ورغم مرور ثلاثة أعوام على وجودها في غزة لم تجد أم محمد من تزورها في مستشفى الشفاء إثر نقلها إلى هناك للتشافي من وعكة صحية، فما كان من زوجات المبعدين الآخرين سوى التناوب على زيارتها في بعض الأحيان، وتؤكد أن دموعها تساقطت على خديها وهي تنظر إلى سقف غرفتها دون زائر أو زائرة في حين تعج بقية غرف المشفى بالأهالي والزائرين للمريضات الأخريات، مشيرة إلى أن زوجها لم يوفق في الوقت بين زيارتها والبقاء بالقرب من أطفالهما المعتكفين بالشقة في مدينة غزة.

أما زوجة المبعد حاتم حمود "أم أحمد حمود" والقادمة من جنين بالأساس تؤكد أنها تعيش فراقاً صعباً عن ذويها مثل والدتها وأخواتها، وخاصة بعد ان وضعت مولودها الأخير محمد في غزة فكان أن أطلقت عليه عائلته لقب الغزاوي نسبة إلى المدينة التي ولد فيها، خلافاً مع بقية أشقائه الذين ولدوا في مسقط رأسهم في بين لحم، حيث تشير إلى ان ولادتها له كانت مميزة بعدة ميزات لا سيما من بينها ولادته في نفس تاريخ إبعاد والده إلى غزة في العاشر من مايو 2005.

ولا يروق لأم أحمد وضع السكن في مدينة غزة وطبيعة المساكن والمنازل مؤكدة انها تشعر بالاختناق السكاني في المدينة ولم تعتد حتى الآن على ذلك النمط من السكن رغم مرور قرابة أربعة أعوام على قدومها إلى غزة حيث كانت أول النساء الملتحقات بأزواجهن المبعدين، مشيرة إلى أن طبيعة المساكن في بيت لحم مختلفة حيث اتساع مساحة البيت الواحد وتمتع المواطنين بالهواء النقي والمساحات الخضراء على خلاف الوضع في مدينة غزة حيث الأبراج المرتفعة والشقق الصغيرة، فيما يؤكد زوجها هذا الأمر قائلاً:" لا نأخذ راحتنا بفتح نافذة ما فهناك من تراهم ويرونك وحتى بالشارع لا راحة بالسير في الكثير من الأحيان بالسيارة الخاصة فالازدحام في كثير من الأوقات هو سيد الموقف".

أما أنواع الطعام فتختلف السيدتان مع عطاف كنعان زوجة المبعد فهمي كنعان وهي مدرسة التحقت بالتدريس في مدينة غزة بإحدى مدارسها الثانوية، وتعد المحظوظة بينهن حيث اقتربت أكثر من واقع الحياة في غزة وإيقاعها وتعرفت على العديد من النساء الغزاويات وتبادلت معهن الزيارات والوجبات ووصفات الطعام وعرفت بعض العادات والتقاليد التي تختلف بقدر يسير عن تلك في الضفة الغربية.

وهذه الزوجة التي وضعت ابنتها إسراء في مدينة غزة في تقاسم مشترك مع مثيلاتها من زوجات المبعدين تؤكد انها تعيش حياة جميلة في المدينة الجنوبية لا سيما تكيفها مع التدريس برفقة المدرسات الغزاويات وطالبات مدينة غزة، منوهة إلى أن حلماً مشتركاً بين زوجات المبعدين يجمعهن وهو حلم العودة إلى منازلهن وذويهن في يوم ما، متسائلة هل يمكن ان نعود يوما ما؟.