نشر بتاريخ: 26/02/2008 ( آخر تحديث: 26/02/2008 الساعة: 17:17 )
بيت لحم - معا - احتفت فلسطين بأسرها بضيوف دورة أريحا الشتوية ، من الأشقاء الأردنيين ، الذين شرفوا الوطن ، بعد سنوات من الغياب ، بسبب تعقيدات إجراءات المحتل الإسرائيلي ، الذي يسلط سكينه على رقبة كل مظاهر الإبداع ، في هذا الوطن الغالي !
وفتحت "ست الكل " فلسطين ذراعيها ترحيبا بالفرق الكروية للوحدات والبقعة وأمانة عمان ، وكان العناق حارا ، لم يناقش تفاصيل الزيارة ، ولا نوعية اللاعبين ، أو نتائج المباريات ، لأن حرارة اللقاء الأخوي طغت على كل شيء ، خلال تجوال الفرق الأردنية في الوطن ،من جنين القسام ، إلى خليل الرحمن !
وكالعادة كان شيخ الإعلاميين ، سليم حمدان فاكهة الرحلة ... ولم يمنع البرد القارس ، والثلوج التي بيضت وجه الوطن ، ولا تعقيدات إجراءات الجندي الحبشي ، التي تقطع أوصال الوطن ، صاحب القلم المعتق من الطواف بفلسطينه ، ونثر باقات الورد فيما تيسر له من محافظاتها ، مستمتعا بأكسجينها الكنعاني ، الذي طالما شده العشق إلى عبقه ، في سنوات الغربة ، التي تمشي على مهل !
سليم حمدان ، الذي عرفته يانعا ، ما زال جنديا مجهولا ، يحفر بأظافره حروف المجد الإعلامي ، في ترهات الملاعب العربية ، وكان الرجل عاد إلى فلسطين لأول مرة مطلع التسعينات ، بدعوة من رئيس نادي شباب الخليل - يومها - المهندس خضر القواسمي ، في احتفالية العميد بيوبيله الذهبي ... ولما عاد حمدان إلى الخليل كان العناق الأصيل مع أبي النور واسحق القواسمي وحاتم صلاح ، والمرحوم نمر دنديس ، وغيرهم من الرجال ، الذين رافقوه من الجسر إلى الجسر في رحلة الخلود !
عندما غادرت الوطن سنة سبع وسبعين ، كانت الصفحات الرياضية ، لصحف الرأي والدستور مصدر معلوماتي الخارجية الأولى ، وكانت عيناي تقع على كلمات من البت ، الذي لا لت فيه ، في عمود قصير من كلمات محسوبة ، تختزن فكرا ناضجا ، وتصورا واقعيا ، مع صورة صغيرة كتب تحتها سليم حمدان ... ولما أوصلني البحث إلى هذا الحمدان ، وجدت نفسي أمام رجل يوغل في التواضع ، ويغرق في البساطة ، ويتفانى في الحديث عن فلسطين ، التي غادرها مكرها ، وغادرتها بحثا عن المتاعب الرياضية ، على صفحات الملاعب !
وخلال سنوات شتاتي ، التي زادت عن السبع عشرة سنة ، كنت أحرص كلما مررت بعمان على زيارة الحمدان في بيته الصغير ، الذي لم يغادره بمخيم الوحدات ، وفي بيته الكبير الذي لا يرضى عنه بديلا ، مركز شباب الوحدات ... وكان الحديث مع "أبي السلم" ذا شجون ... واعترف بأن كل كلمة سمعتها من حمدان كانت درسا هاما ، فكان الرجل أستاذي الأول ، إلى جاني الرواد الفلسطينيين أكرم صالح ،وموسى البشوتي ، وجمعة نصار ومحمد جميل عبد القادر ، وغيرهم من الذين قضوا نحبهم ، وأولئك الذين ينتظرون ، من الفلسطينين ، الذين طوقوا عنق الملاعب العربية بالريادة والتميز والإبداع !
سليم حمدان ، الذي يحب كل شيء في فلسطين له من المكارم تجاه معشوقته الكنعانية ما لا يعد ولا يحصى ، وليس أول هذه المكارم ولا آخرها ، حرصه على زيارة رئيس رابطة الصحفيين تيسير جابر في بيته ، متمنيا لأبي حمزة السلامة من الأذى... وليس أول ذلك ولا آخره حرصه على زيارة مسجد فلسطين الأقصى ، ومسجدها الإبراهيمي ، وحرصه على العودة لمخيم بلاطة ، الذي له بين جدرانه ألف حكاية وحكاية !
وإذا كانت فلسطين هي الحب الأول لسليم ، فان مهنة المتاعب لا تقل أهمية في أجندة المتيم الفلسطيني ، الذي يرى أن الإعلام الرياضي انتماء قبل كل شيء ، فاتخذ القلم الرياضي سلاحا ، لرفع اسم فلسطين شامخا ، فسهر الليالي باحثا عن الأمجاد الرياضية الفلسطينية ، وأصبح مرجعا موسوعيا وحده في هذا المجال ، فمن أراد تصفح أمجاد شباب عكا وفريق الدجاني المقدسي ، ومن أراد التعرف على أسرار هزيمة منتخب "الوندررز" البريطاني بأقدام أبناء فلسطين ، ومن أراد ورقة عن النجم جبرا الزرقا ، أو النجم فؤاد أبو غيدا ، أو الحارس مروان كنفاني فليس له إلا سليم حمدان ، الذي يكتنز أسرار المجد الرياضي الفلسطيني ، في ذهنه ن وبين أوراقه المتناثرة في الحجرة المخيمية بوحدات العز !
سليم حمدان ، الذي أحببناه فلسطينيا حتى النخاع ، أتى إلى فلسطين ، للمساهمة في وضع مدماك جديد في صرح الإعلام الرياضي الفلسطيني ، الذي نفاخر به العرب والعجم ، فبايعه الجميع شيخا لإعلاميي فلسطين ، مستذكرين دعوته لحملة القلم الرياضي في فلسطين منذ عشر سنوات " يا أقلام فلسطين ... اتحدوا " وقد اتحد إعلاميو فلسطين لاحقا ، ليتوسع نداء حمدان اليوم ، ويصبح " يا قادة فلسطين ... اتحدوا ! "
والحديث ذو شجون
[email protected]