نشر بتاريخ: 17/11/2018 ( آخر تحديث: 18/11/2018 الساعة: 13:56 )
غزة- معا- تقرير سجى أحمد- لم يكن يتخيل الشاب فادي الغزالي وخطيبته الفتاة السورية النازحة من بلدة "خان شيخون" بمحافظة إدلب في سوريا إلى قطاع غزة بحثاً عن حياةِ أفضل وهرباً من ويلاتِ الحرب ومشاهدِ الموت والدمار، أنّ تلك المشاهد التي عاشتها في بلدتها ستراها أمامها فورَ وُصُولها إلى غزة.
بعد خمسِ سنواتٍ عُجاف من قصةِ حبٍ مُخلِصة أثبتَ فيها "فادي" شهامة ونخوة الشاب الفلسطيني عندما يُحِبْ، وبقيت خطيبته تَعدُ الأيام بِلَياليها ليجمعها اللهُ به، بعد عدة محاولاتِ باءت بالفشل من خروجها للقاءِ خطيبها في قطاع غزة المحاصر.
وعن لقائه بخطيبته يقول فادي الغزالي :"لقد كان مستحيلاَ، لكننا فعلناها ووصلت خطيبتي غزة الأسبوع الماضي واستقبلتُها أنا وعائلتي عبر معبر رفح البري بالزغاريد والتهاليل، كنا في قمة السعادة."
وأضاف فادي: "بعد وصول خطيبتي قمنا على الفور بتجهيز المنزل وشِراء "عفش" وأثاث غرفة النوم، وحددنا موعد الزِفاف في الثامن عشر من هذا الشهر والذي يوافق تاريخ ميلادي، وبقينا ننتظر قدومه بلهفةٍ واشتياق."
من حُلُمٍ سعيد لكابوسٍ لا يُنسى!
لم تكن تلك النهاية السعيدة التي حَلُم بها الخطيبين، فقد عصفت بهذا الحلم طائرات الاحتلال الإسرائيلي المجرمة وأَرْدَته حُطامآ بعد قصفها بالصواريخ بناية "الرحمة" التي يقطن بها فادي وعائلته، وهي بناية وسط حي من أحياء مدينة غزة، يسكن بها مواطنين مدنيين بسطاء، أصبحوا الآن مُشَتتين ومُشردين في بيوت أقاربهم وأصحابهم بعد تدمير بنايتهم.
حيث قام الاحتلال الاسرائيلي ليلة الثلاثاء الماضي بقصفِ منازل للمدنيين ومؤسساتٍ حكومية وإعلامية أسْفرت عن استشهاد ثمانية من المواطنيين العُزّل فيما ُأُصيب العشرات بجراحٍ مختلفة في سلسلة غارات نفذتها على قطاع غزة.
للحُلُمِ بقية..
الجميل في قصة "فادي وخطيبته" هو مُناصَرة أبناء مدينة غزة المكلومين "أيضاً" فقد عمّ الحزنُ قلوبَ مَن سمعوا بقصتهم، وقاموا بإطلاق حملة على مواقع التواصل الإجتماعي –فيسبوك وانستغرام- عبر هاشتاغ #كلناهندعمفادي_الغزالي.
حيث قام الأخوان "حمدي وديمة شعشاعة" وهم أصحاب مشروع صغير عبارة عن أتيليه لبيع الأثاث وتصميم الهدايا، بإطلاق تلك الحملة دعماً لفادي في مصيبته، عبر الفيسبوك.
ولاقت الحملة صدى واسع وانتشار بين رواد ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأت المساعدات من أصحاب المحلات التجارية وقاعات الأفراح وصالونات التجميل واستديوهات التصوير ومطبعة لطباعة بطاقات الأفراح بالمشاركة في الحملة وتقديم كل ما يلزم للعروسين.
كما قام مركز لبيع بُدل الزفاف بتقديم بدلة للعروس كهدية عِوضاً عن البدلة التي تَلِفَت تحت رُكام المنزل، وكَتب المركز عبر صفحته على الفيسبوك: " لأننا ثائرون.. ولأننا ما انهزمنا يوماً وانكسرنا، إنما قمنا وازددنا قوة.. نقدم للعروس بدلة بيضاء كهدية رمزية بسيطة تعبيراً منا عن مواساتنا لهم لِما ألمّ بهم من ظلم."
وقام آخرون بالمساهمة في تنظيف المنزل من الركام وصيانته وترميمه من جديد، حتى تعود الفرحة لقلب الفتاة السورية التي اختارت غزة وطناً لها، تاركةَ خلفها سنواتٍ من الحرب والآلام في بلدتها "ادلب" السورية.
هذه الحملة أتَت ضِمن حَمَلاتٍ كثيرة يقوم بها أبناء قطاع غزة يومياً كنوع من التكافل الإجتماعي ومساعدة الأسر المكلومة والمرضى والجرحى ومَنْ تعرضت منازلهم للقصف الاسرائيلي في غاراته المتواصلة على غزة.
عِلماً بأن أكثر من نصف سكان قطاع غزة يعانون من الفقر و ضيق المعيشة، فقد بلغت نسبة الفقر في غزة 53.0%، والتي تفوق نسبة الفقر في الضفة الغربية بحوالي أربعة أضعاف.
وهذا بسبب الحصار والإجراءات العقابية المفروضة على غزة، إلا أن أبناءها يثبتون دَوما أنهم على قلب رجلٍ واحد.