الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

خنساء رفح: والدة الشهيد محمد الشيخ خليل قدمت اربعة من ابنائها شهداء وتربي احفادها على التضحية

نشر بتاريخ: 16/10/2005 ( آخر تحديث: 16/10/2005 الساعة: 04:09 )
غزة- معا- ضريت مثالا يحتذى في التضحية والفداء وسطرت بعزيمتها ملحمة الصبر الجميل
والدة الشهيد القائد محمد الشيخ خليل قدمت اولادها واحدا تلو الاخر في سبيل الوطن .

إنها والدة الشهيد محمد الشيخ خليل قائد سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في جنوب قطاع غزة، والتي كان لنا شرف لقائها لتحكي لنا كيف هي حياتها بعد ان فقدت فلاذات اكبادهاالاربعة

في بيت احتشد فيه الأحفاد وأبناء الأبطال الذين كانوا يلهون حول جدتهم التي رغم سنوات عمرها الستين الا ان قلبها الكبير كان يتسع لهم جميعا وتحتويهم بين ذراعيها .
لقد بدأت تحكي لنا قصتها المليئة بالمحطات الهامة والنوائب الكثيرة التي زادتها قوة وصلابة فقالت: توفي زوجي منذ أكثر من عشرين عاما وكان عندي سبعة أولاد وخمس بنات كانت أصغرهن ماتزال رضيعة وغدت الآن شابة عمرها 23عاما, وكما قالت لنا أم رضوان فقد حاول الكثير من أهل زوجها إقناعها بالمجيء إلى غزة وترك رفح ولكنها أبت أن تترك مخيم رفح قلعة الصمود لتربي في بيتها المتواضع رجالا اشداء قادرين على مواجهة اعباء الحياة والثبات في وجه النوائب فكان الاقمار الاربعة

وبكل فخر قالت" الحمد لله استطعت أن اصنع منهم مقاومين لو أن هناك مائة رجل لما استطاعوا أن يربوهم كما ربيتهم أنا والحمد لله مرة أخرى الذي بلغني هذا وهذا كله بفضل الله سبحانه وتعالى" ،ومع انطلاق شرارة الانتفاضة الاولى عام 87، في اعقاب معركة الشجاعية البطولية تحركت بذور الثورة في نفس ام رضوان ولكنها لم تستطع القيام باي دور في تلك المرحلة، وعوضا عن ذلك شرعت في بذر بذور والمقاومة في نفوس ابنائها ليلتحقوا بعد ذلك بصفوف الفصائل الفلسطينية المقاومة

وبكلمات عادت بنا إلى زمن بعيد راحت أم رضوان تسرد أحداث تلك الفترة: في الانتفاضة الأولى انتشر الجواسيس في كل مكان وأنا لم أرد لأي واحد من أولادي أن يطلق عليه لقب جاسوس قلت لأولادي السبعة أفضل أن تقتلوا ولا أن يقال عن أحدكم عميل.

بداية الطريق

قالت في كثير من الأحيان أن لديها أولاد سبعة نذرت خمسة منهم للمقاومة واثنين للدعوة في سبيل لله فكان لها ما تمنت فقد نال الأربعة من خمسة الشهادة ،"أشرف وشرف ومحمود ومحمد" الشهداء الأربعة الذين ساروا على درب الشهادة ، وعندما سألناها أيهم كان قريبا إلى قلبك قالت: أنهم أعزاء قلبي وليس هناك اعز منهم على إلا الذي خلقهم.

وعن استشهاد أول اثنين قالت أم رضوان "في الانتفاضة الأولى وبعد مطاردة من قوات الاحتلال انتقل الشهداء الأربعة رحمة الله عليهم اجميعن إلى مصر ثم إلى ليبيا ومنها إلى لبنان ، وهناك استشهد شرف أما أشرف فقد تمكن من الدخول إلى الأراضي المحتلة واستشهد في اشتباك مع دورية للاحتلال.،وأضافت: عاد محمد ومحمود بعد أن تدربوا في صفوف رجال المقاومة، ولكن محمد وهو عائد إلى غزة اعتقله المصريين لمدة خمس سنوات، ليخرج بعدها اكثر صلابة وعزيمة وارادة على مواصلة طريق المقاومة...

انتفاضة الاقصى...

وما ان اندلعت انتفاضة الاقصى المباركة، حتى تجدد الامل في نفوس من تبقى من ابنائها للعودة الى المقاومة والانخراط في صفوف المقاومين ، وكان لهم ما ارادوا... حيث بدأ الشهيد القائد محمد الشيخ خليل ببناء النواة الاولى لسرايا القدس في مدينة رفح، ولتبدأ بعدها قصة طويلة من المطاردة والملاحقة ادت الى استشهاد شقيقه محمود قبل نحو عام تقريبا في عملية اغتيال استهدفته في رفح، ادت بالاضافة الى ذلك، الى اصابة شقيقه احمد والذي بترت يده حيث يرقد الان في احد المشافي المصرية لتلقي العلاج هناك، في حين اصيب الشهيد القائد محمد ببتر جزء من ساقه لم يحل دون تمكنه من مواصلةالمقاومة

ولم يقف عطاء ام رضوان عند هذا الحد، بل امتد ليطال احفادها وصهرها، حيث استشهد اثنان من ابناء بناتها وهما حسن ابو زيد وخالد غنام، في حين استشهد زوج الثالثة.

تبدوا الحسرة للحظات قصار على وجه أم رضوان ولكن ما تلبث أن تحتل البسمة التي لا تفارق شفاها مكانها وهي تذكر أطفال الشهيدين محمد ومحمود وتقول "محمود الذي استشهد وترك خلفه ابنتين في عمر الأزهار أما محمد فعندما عاد من مصر بعد اعتقاله خمس سنوات تزوج ورزقه الله بثلاث اولاد وبنت.

وأضافت "أما القائد محمد نجح الاحتلال في الوصول إليه بعد أربع محاولات اغتيال الأولى الحمد لله لم يصب فيها أحد بأذى أما المرة الثانية أطلقت طائرة صاروخ فأصيبت عائلة" الكرد" من الجيران بكاملها وفي المرة الثالثة استشهد أخيه محمود وأصيب أحمد، وفي المرة الرابعة تمكنوا فيها من اغتياله برفقة نصر برهوم وذلك في الخامس والعشرين من الشهر الماضي.

الفارس المجهول

"أنا كنت أهيئ نفسي دوما لمثل هذا اليوم فقد نال ما تمنى وما أراد وكنت أهيئ نفسي للشهيد الرابع دوما والله انه عزيز علي ولكن هو الواجب الذي لا بد من تقديمه فداء لهذا الدين والوطن المبارك .." هكذا قالت عندما سألناها عن القائد الشهيد محمد الذي لا تلبث تذكر حسناته ومناقبه مضيفة انه كان يردد دوما غدا ستجمعون أشلائي بعد أن تطلق طائرة علي صاروخ".

وتضيف قائلة: لم أكن أعلم أن له كل هذا القدر وله هذه المحبة في قلوب الكثيرين فقد كان دوما كتوما في يتعلق بالمقاومة ولم أشعر بالحزن لان كل هذا في سبيل الله والوطن أما الانسحاب الذي فرح فيه الكثيرين فقد أزعج القائد محمد الذي ظن ان قطار الشهادة قد فاته، كما قالت لنا والدته فقد كان دوما يقول "يبدوا أني أغضبت ربي كيف يخرج الاحتلال دون أن أنال الشهادة"

اليوم الأخير

وعن الليلة الاخيرة التي سبقت عملية اغتيال الشهيد القائد محمد، حيث بدت ام رضوان قلقة، فسألها الشهيد القائد عن سبب ذلك، فقالت وهي تشير إلى الباب الذي وقف عنده قائلة" لقد كان يقف هناك وسألني لماذا تبكي ألست هنا بخير فما كان مني إلا أن ضممته إلى صدري وقبلته "

وعن عزائه الذي تحول إلى عرس قالت : يوم استشهاد محمد كان بمثابة عيد وفرح وزعت الحلوى وجاء الكثير من الناس من جميع الفصائل للمشاركة في تهنئتي بهذا العرس ، وتحول هذا العزاء إلى عرس فلسطيني وهذا ما صبرني خاصة عندما رأيت كم كان محبوبا،

أمنية ودعوة

قالت لنا وهي تنظر إلى أبناء الشهيد القائد محمد الذين التفوا حولها: أنا أتمنى وأحاول أن أزرع في أحفادي حب المقاومة من الآن وأحوال أن أربيهم كما ربيت أبائهم حتى ينتقموا لهم ويسيروا على ذات النهج المقاوم لنيل حريتنا .

واختتمت ام رضوان "خنساء رفح "أتمنى أن تربي كل نساء فلسطين أبنائهم كما ربيت ابنائي وهذا من فضل الله، لأن هذا تكريم من الله في الدنيا وفي الآخرة إن شاء الله ".
كما دعت أمهات الشهداء أن يحتسبن أولادهن عند الله سبحانه وتعالى وتتمنى أن يشفع لها ولدها الشهيد يوم القيامة.