رام الله- معا- ألقى الدكتور محمد مصطفى المستشار الاقتصادي لرئيس دولة فلسطين كلمة نيابة عن الرئيس في حفل إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي في فلسطين.
معالي الأخ عزام الشوا، محافظ سلطة النقد
معالي الأخ الدكتور نبيل قسيس، رئيس مجلس إدارة هيئة سوق رأس المال
معالي الدكتور زياد فريز، محافظ البنك المركزي الأردني
سعادة د. الفريد هاننج، الرئيس التنفيذي لمؤسسة التحالف العالمي للشمول المالي
أصحاب المعالي والسعادة الحضور،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
اسْمَحُوا لِي بِدَايَةً أَنْ أَنْقُلَ لِكُمْ تَحِيَّاتِ سِيَادَةِ الرَّئِيسِ مَحْمُود عَبَّاس رَئِيسَ دَوْلَةِ فِلَسْطِين، والَّذِي شَرَّفَنِي بِأَنَّ أَمْثِلَةٌ أَمَامَكُمْ فِي هَذَا المُؤْتَمَرِ.
إِنَّ إِطْلَاقَ الإِسْتِرَاتِيجِيَّةِ الوَطَنِيَّةِ لِلشُّمُولِ المَالِيِّ اليَوْم يَأْتِي كمساهمة أُخرى ضمنَ اِلجُهْدِ الوَطَنِيِّ الشَّامِلِ الهَادِفِ إِلَى تَأْسِيسِ اِقْتِصَادٍ وطنيٍ قَوِي وَقَادِر عَلَى القِيَامِ بِأَعْبَاءِ الدَّوْلَةِ المُسْتَقِلَّةِ الآتِيَةِ لَا مَحَالَة.
لَقَدْ كَانَتْ الإِسْتِرَاتِيجِيَّةُ الوَطَنِيَّةُ العُلْيَا دَائِمًا، وَمَا زَالَتْ، تَتَمَحْوَرُ حَوْلَ النِّضَالِ مِنْ أَجْلِ نَيْلِ الحُرِّيَّةِ وَتَحْقِيقِ الاِسْتِقْلَالِ عَلَى كَافَّةِ الصُّعُد؛ وَمما لَا شَكَّ فيه بِأَنَّ بِنَاءَ الاِقْتِصَادِ الوَطَنِيُّ وَاِسْتِقْلَالَهِ وَتَوْفِيرَ الحَيَاةِ الكَرِيمَةِ لِأبْنَاءٍ شَعْبِنَا الصَّامِد يُشَكِّلُ جُزْءًا رَئِيسِيًّا مِنْ هَذِهِ الإِسْتِرَاتِيجِيَّةِ.
وَكَمَا تَعْلَمُونَ جَمِيعًا، فَقَدْ اِتَّخَذَ المَجْلِسُ المَرْكَزِيُّ لِمُنَظَّمَةِ التَّحْرِيرِ الفِلَسْطِينِيَّةِ مُؤَخَّرًا مَجْمُوعَةً مِن القَرَارَاتِ وَالَّتِي تَشْمُلُ فِيمَا بَيْنَهَا أَهَمِّيَّةُ تَحْقِيقِ الانفكاك الاِقْتِصَادِيِّ عَنْ اِقْتِصَادِ دَوْلَةِ الاِحْتِلَالِ وَزِيَادَةِ الاِعْتِمَادِ عَلَى الذَّاتِ، كخطواتٍ ضرورية لتمكينِ عمليّةِ البناءِ الوطنيّ وتحقيقِ الاستقلال.
وفِي هَذَا الإِطَارِ، فَإِنْ هُنَاكَ إِجْمَاعٌ عَلَى ضَرُورَةِ إِطْلَاقِ بَرْنَامَجٍ وَطَنِيّ للبناء الاِقْتِصَادِيِّ يوصلنا إلى الانفكاك عَن الاِقْتِصَادِ الإِسْرَائِيلِيّ وتحقيقِ الاِعْتِمَادِ عَلَى الذَّاتِ.
وهُنَاكَ فِي رَأْيَيْ أَرْبَعَةُ مَحَاوِرَ رَئِيسِيَّةً لِمثُلِ هَذَا البَرْنَامَج:
أَوَّلًا: العَمَلُ عَلَى تَثْبِيتِ حُقُوقِنَا الوَطَنِيَّةِ فِي المَجَالِ الاِقْتِصَادِيّ والمَوَارِدِ الطَّبِيعِيَّةَ، بِالتَّوَازِي مَعَ تَثْبِيتِ حُقُوقِنَا السِّيَاسِيَّة.
ثَانِيًا: دَفْعُ عَمَلِيَّةِ التَّنْمِيَةِ إِلَى الأَمَامِ؛ خَاصَّةً فِي المَنَاطِقِ المُسْتَهْدِفَة وَالمُهَمَّشَة مِثْلَ القُدْسِ وَغَزَّةَ وَالأَغْوَارِ.
ثَالِثًا: تَعْظِيمُ الاِسْتِفَادَةِ مِنْ المَوَارِدِ المَالِيَّةَ العَامَّة، المَحْدُودَةِ أَصْلَاً، وَالَّتِي تَقَلَّصَتْ نَتِيجَةَ تَرَاجُعِ المُسَاعَدَاتِ الخَارِجِيَّةِ، من خلالِ تحفيزِ برنامجٍ قويّ للمستثمرين وضمان حصول الشركات الصغيرة على التمويل اللازم. وَذَلِكَ لِسَدِّ الفَجْوَةِ الاِسْتِثْمَارِيَّةِ الكَبِيرَةِ فِي القِطَاعَاتِ الحَيَوِيَّةَ.
رَابِعًا: العَمَلُ عَلَى تَطْوِيرِ البُنْيَةِ التَّحْتِيَّة الأَسَاسِيَّةِ وَالمَنْظُومَةُ المَالِيَّةِ وَالتِّكْنُولُوجِيَّةِ وَالبَشَرِيَّةِ لِاِقْتِصَادٍ وَطَنِيٍّ مُنَافِسٍ يَقُومُ عَلَى المَعْرَفَةِ وَالإِبْدَاعِ وَيَسْتَفِيدُ مِنْ الطَّاقَاتِ الكَامِنَةُ لَدَى شَبَابِنَا.
أيّها السيّداتُ والسادة،
نَحْنُ نَفْهَمُ بِالطَبْعِ المعيقات الَّتِي تُوَاجِهُ تَنْفِيذَ مِثْلَ هَذَا البرنامج. لَكِنْ نَظْرَتنَا للمعيقات الخَارِجِيَّةُ كَانَتْ دَوْمًا عَلَى أَنَّهَا تَحَدِّيَاتٌ يَجِبُ العَمَلُ بِالرَغْمِ مِنْهَا وَالتَّصَدِّي لَهَا، كما أنّ اهميةَ الهدف تستحقُّ المزيد من الجهد.
حيثُ إِنْ تَطْوِير وَتَنْفِيذ مِثْلَ هَذَا البَرْنَامَجِ الوطنيّ الذي عرضناه كَفِيلٌ بِإِحْدَاثِ التَّحَوُّلِ المَطْلُوبِ فِي اِقْتِصَادِنَا لَيْسَ فَقَطْ لِتَحْقِيقِ الانفكاك المَطْلُوب بَلْ فِي تَحْقِيقِ أَهْدَافٍ أَسَاسِيَّةٍ أُخْرَى مِثْلَ تَسْرِيعِ عَجَلَةِ النُّمُوِّ الاِقْتِصَادِيّ وَتَحْسِينِ مُسْتَوَى حَيَاةِ المُوَاطِنِ وَتَخْفِيضَ نِسْبَةِ البَطَالَةِ وَالفِقَر.
وهَذَا يَقُودُنِي إِلَى مَوْضُوعِ مُؤْتَمَرٍ اليَوْم: وَهُوَ الشُّمُولُ المَالِيّ. فَالشُّمُولُ المَالِيُّ فِي رَأْيِي لَيْسَ مُجَرَّدَ العمل من أجل ضمان امتلاك عَدَدٍ أَكْبَرَ مِنْ المُوَاطِنِينَ وَالشَّرِكَاتِ الصَّغِيرَةَ حِسَابًا بَنْكِيًّا أَوْ بُولِيصَةَ تَأْمِينٍ. إنَّ الأَهَمَّ مِنْ ذَلِكَ هُوَ ضمان اِسْتِخْدَامُ الخِدْمَاتِ المَالِيَّةِ المُخْتَلِفَةِ كَوَسِيلَةٍ رئيسية لتمكين عملية بناء الاقتصاد الوطني وذلك من خلال المساهمة في ِسَدِّ ثَلَاثِ فَجَوَاتٍ يُعَانِي مِنْهَا اِقْتِصَادِنَا وَمُجْتَمَعِنَا:
الأُولَى هِيَ الفَجْوَةُ الاجتماعيةُ وَالحَاجَةُ لِتَخْلِيصٍ شَرِيحَةٌ اجتماعية مُهِمَّةٌ مِنْ الفَقْر.
والثَّانِيَة هِيَ الفَجْوَةُ الجندرية وَالحَاجَةُ لِزِيَادَةِ مُشَارَكَةِ المَرْأَةِ فِي النَّشَاطِ الاِقْتِصَادِيّ.
وَالثَّالِثَة هِي فَجْوَةُ التِّكْنُلُوجِيَا، وَالحَاجَةُ لِتَسْخِيرِ التكنولوجيا المالية (FinTech) كَرَكِيزَةٍ للشمولٍ المالي وَلِلتَّحَوُّلِ لِلاِقْتِصَادِ الرَّقْمِيِّ.
وَبِلَا شَكٍّ فَأَنَّ المَنْظُومَةَ المَالِيَّةُ فِي فِلَسْطِينَ قَدْ قَطَعْتُ أَشْوَاطًا كَبِيرَةً في الإنجاز وعَلَى جَمِيعِ الأَصْعِدَة، بِمَا فِي ذَلِكَ الأُطُرُ القَانُونِيَّةَ وَالتَّشْرِيعِيَّةَ, وَالاِنْتِشَارُ المُبَاشِرُ لِلبُنُوكِ وَقِطَاعِ التَّأْمِين؛ إِلَّا أَنَّنَا بِحَاجَةٍ لِاِسْتِكْمَالِ هَذِهِ الجُهُودِ بِهَدَفِ الوُصُولِ إِلَى مُؤَشِّرَاتٍ أَفْضَل لِلشُّمُولِ المَالِيِّ وَاِسْتِخْدَامٍ أَفْضَلَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَحْقِيقِ البناء الاِقْتِصَادِيِّ الَّذِي نَسْعَى إِلَيْه؛ وَهَذَا بِلَا شَكٍّ هَدَفٌ طَمُوحٌ لُكْنَةٌ قَابِلٌ لِلتَّحْقِيقِ بِتَضَافُرِ الجُهُودِ كَافَّة. لَقَدْ كَانَ وَمَا زَالَ أَهَمَّ عَامِلٍ فِي نَجَاحٍ مِثْلَ هَذَا العَمَلُ هُوَ تَضَافَرَ الجُهُودُ وَإِشْرَاك كَافَّةٌ الجِهَات ذَات العَلَاقَةِ.
السَّيِّدَاتُ وَالسَّادَة.
خِتَامًا لاَ بُدَّ لِي فِي النِّهَايَةِ مِنْ تَوْجِيهِ كَلِمَةِ شُكْرٍ وَتَقْدِيرٍ إِلَى اللَّجْنَةِ الوَطَنِيَّة لِلشُّمُولِ المَالِيِّ فِي فِلَسْطِين مُمَثِّلَةً بِسُلْطَةِ النَّقْدِ وَهَيْئَةِ سُوقِ رَأْسِ المَالِ وَكُلّ المُؤَسَّسَاتِ الوَطَنِيَّةِ المُشَارِكَة فيها.
كَمَا أُوَجِّهُ شُكْرِي لِمُؤَسَّسَةِ التَّحَالُفِ العَالَمِيِّ لِلشُّمُولِ المَالِيِّ، وَكَافَّةُ المُؤَسَّسَاتِ الدُّوَلِيَّةِ الدَّاعِمَةِ وَالمُشَارِكَة.
وأخيراً، أود أن أَوْجُهُ التَّحِيَّةَ وَالتَّقْدِير لِكُلِّ المُؤَسَّسَاتِ المَالِيَّةَ العَامِلَةِ فِي فِلَسْطِينَ على جهودهم المباركة.
أَتَمَنَّى لِكُمْ مُؤْتَمَرًا مُثْمِرًا والسلام عليكم."