السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

"امان" تعقد مؤتمرها السنوي تحت عنوان "من نسائل؟"

نشر بتاريخ: 27/12/2018 ( آخر تحديث: 27/12/2018 الساعة: 14:31 )
"امان" تعقد مؤتمرها السنوي تحت عنوان "من نسائل؟"
غزة- معا- طالب المواطنون وممثلو الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني، والعديد من الشخصيات الأكاديمية والاعتبارية، الجهات الرسمية والمؤسسات الرقابية العامة وعلى رأسها المجلس التشريعي وديوان الرقابة المالية والإدارية والنيابة العامة في قطاع غزة، بإصلاح منظومة المساءلة والرقابة على الشأن والمال العام، من خلال مراجعة إجراءات عملها، واستحداث سياسات تعزز متابعة قضايا الفساد وملاحقة مرتكبي الفساد، وتعكس جدية الجهات الرسمية في مكافحة الفساد على أرض الواقع، وذلك خلال المؤتمر السنوي الذي عقده أمان اليوم في قطاع غزة بعنوان واقع الرقابة والمساءلة على الشأن والمال العام (من نُسائل؟).
واستهلّ عصام يونس، عضو مجلس إدارة أمان، كلمة المؤتمر، موضحاً أن المؤتمر جاء من أجل إشراك الجميع في تقييم أداء المؤسسات العامة في الرقابة على المال والشأن العام، ولإتاحة الفرصة للمساءلة في ظل ما تشهده الساحة من ضبابية حول قنوات المساءلة منذ اتفاق المصالحة الوطنية بنوفمبر 2017، والتي حالت دون تسلم الحكومة الفلسطينية لمهامها كاملة، ما ترك قضايا الشأن العام في حالة من التيه والتخبط، انعكست على حياة المواطن بتراجع عام شهده واقع الخدمات من جهة، ما رفع مستوى العقبات أمام المجتمع المدني وقيد قدرته على المساءلة من جهة أخرى.
وإضافة لذلك استُعرضت أهم نتائج استطلاع رأي المواطنين في قطاع غزة خلال عام 2018، مؤكدا أن أمان سينشر نتائج الاستطلاع كاملة في الفترة المقبلة، وأن القضايا التي يناقشها المؤتمر السنوي استوجبت الإشارة إلى أهم النتائج الخاصة برأي المواطنين في قطاع غزة تجاه جهود المؤسسات الرقابية في مكافحة الفساد، حيث أظهرت نتائج الاستطلاع أن 31% من المبحوثين في قطاع غزة يرون أن دور الجهات التي تتابع قضايا الفساد في القطاع فعال في أداء مهامها، بينما 66% لا يرون ذلك.
الحرب على الفساد أولاً
وافتتح الجلسة الأولى للمؤتمر، مدير المكتب الإقليمي لأمان في غزة السيد وائل بعلوشة، والذي أكد أن الحرب على الفساد تتطلب جهوزية المنظومة التشريعية، بتقلدها دورها الرقابي واصفا إياها برأس المساءلة والبيت الذي يمثل الشعب ويدافع عن حقوقه، ويراقب على الأداء العام من أجل ضمان إصلاح منظومة المؤسسات العامة.
وتم استعراض واقع المساءلة الرسمية وفعالية المجلس التشريعي في الرقابة والمساءلة ومكافحة الفساد، والتي أشارت إلى حالة الضعف العام والترهل الذي يعانيه المجلس التشريعي في ظل تعطل دوره الموحّد للعام الثاني عشر على التوالي، الأمر الذي أدى إلى تعميق حالة الفقدان لأهم أداة رسمية للرقابة والمساءلة بما يشمل المحاسبة على أداء السلطة التنفيذية.
الانقسام السياسي يحدّ من مكافحة الفساد
وفي خضم ما عرض من أوراق في المؤتمر، استنبطت جميعها أن كتلة حركة حماس النيابية في غزة قد خطت في الآونة الأخيرة بعض الخطوات للانفتاح على المواطن وإتاحة المساحة للمساءلة المجتمعية، كإطلاق "دليل العمل البرلماني" الذي يتضمن آليات تقديم الشكاوى من قبل المواطنين، إلا أن الاستجابة الحقيقية لتعزيز مساحة المساءلة المجتمعية تكاد تكون شكلية في ظل تجاهل الاستجابة للمواطنين.
وفي تعقيب لما أثارته الورقة الأولى، أكد النائب يحيى العبادسة أن كتلة حركة حماس النيابية تقوم بدورها في الرقابة والمساءلة، ومراجعة شكاوى المواطنين، إلا أن التحديات الأساسية التي تواجهها تعود إلى استمرار حالة الانقسام السياسي. في حين عقب ممثل الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أن كتلة التغيير والإصلاح تجتمع منفردة، مشيراً أن جهود اللون الواحد لا يمكن أن تكون فاعلة في مكافحة الفساد.
نيابة عامة موحدة في كل من القطاع والضفة الغربية
وفي محور آخر، تم استعراض فعالية النيابة العامة في متابعة قضايا الفساد وملاحقة الفاسدين، والتي أشارت إلى قِدَم الإطار القانوني لمكافحة الفساد في غزة، وعدم تفعيل هيئة الكسب غير المشروع في القطاع، بالإضافة إلى عدم تخصص نيابة مكافحة الفساد وجرائم الأموال بجرائم الفساد فقط. وقد عقبت النيابة العامة في مداخلة لها بأن دورها يتحسن بشكل ملحوظ عن السابق، وأنها بصدد إعداد مدونة سلوك خاصة بأعضائها مع وضع سياسات مرتبطة بإقرارات الذمة المالية فيها، في حين أكدت نقابة المحامين على ضرورة إقرار قوانين جديدة لمكافحة الفساد.
وقد أشير إلى ضرورة الإسراع في حل قضايا موظفي النيابة العامة لتمكينهم من تأدية مهامهم في بيئة عمل تتوافر فيها جميع عوامل التمكين الممكنة، بالإضافة إلى الإسراع في تطوير الإطار القانوني الناظم لمكافحة الفساد، ما يعتبر ضرورة ملحّة لتفعيل دور النيابة العامة في متابعة جرائم الفساد، وأخيرا توحيد الإطار المؤسسي الناظم لعمل النيابة العامة في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، بحيث يشمل الهيكلة نيابة متخصصة لمكافحة جرائم الفساد، تعمل كجهة منتدبة مع هيئة مكافحة الفساد بعد تشكيلها في قطاع غزة، أسوة بمحافظات الضفة الغربية.
وقد ناقش المؤتمر أيضا واقع فعالية المؤسسات الرقابية في قطاع غزة، والتطورات الإيجابية التي طرأت عليه من زيادة عدد حالات الشكاوى خلال العامين الأخيرين، ما يشير إلى زيادة في وعي المواطنين، وزيادة معرفتهم بقضايا الفساد وكيفية الحصول على الحقوق، إضافة إلى إنشاء نيابة مكافحة الفساد ووحدة جرائم الفساد في مكتب مفتش عام الشرطة. ومن جانبه، صرح ديوان الرقابة المالية والإدارية بوجود بعض المخالفات لدى الجهات الرسمية، منوّها قيامه بمراجعتها، بالإضافة إلى غياب وجود جسم رقابي موحد يعالج توصيات تقارير الديوان التي تراجعت منذ عامين.
السلطة الرابعة تراقب على أداء السلطات التنفيذية
ولأهمية تعزيز نهج المساءلة المجتمعية، عرّج المؤتمر في جلسته الثانية على واقع المساءلة المجتمعية، مؤكدا على ضرورة توحيد الجهود والشراكة بين كافة القطاعات لتحسين سبل العيش والقضاء على الفساد، محملا كل من المجتمع المدني والإعلام مسؤولياته لتقلّد دوره على أكمل وجه في الرقابة على الشأن والمال العام، الأمر الذي يرفع من درجة الاستجابة لمتطلبات وتطلعات المواطنين.
وطالب المشاركون بضرورة سن قانون عصري للصحافة والإعلام، وتعديل عدد من القوانين السارية المفعول، من بينها قانون العقوبات للعام 36، وقانون الجرائم الإلكترونية، لضمان حرية التعبير ومكافحة الفساد، وحماية الصحافيين والمبلغين عنه، والتزام الوزارات وأجهزة الدولة الأمنية بالقانون، إيمانا بالصحفيين وحقهم في ممارسة دورهم، بعيدا عن التمييز على إثر الخلفية السياسية. وقد دعا المؤتمر أيضا إلى اعتبار التحقيقات الاستقصائية مدخلا مهماً، وبمثابة بلاغ رسمي للنائب العام لفتح تحقيق في شبهات الفساد المنشورة فيها. وقد أجمع الإعلاميون أن عدم إقرار قانون الحق في الحصول على المعلومات حتى الآن يحيل دون الوصول إلى محاسبة حقيقية للفاسدين، كما أنه يضعف من ممارسة السلطة الرابعة والصحفيين لدورهم الفعال في المساءلة.
اللجان المحلية عنصر فاعل في المساءلة
خاض المشاركون نقاشا حول فعالية المجتمع المدني في الرقابة والمساءلة، للتغلب على مشكلة عدم فعالية المجلس التشريعي وانخراط مؤسسات القطاع في جهود المساءلة المجتمعية والتي يتم من خلالها تنظيم المجتمعات المحلية، لتصبح ذات مهارة وقدرة عاليتين على مساءلة أصحاب الشأن العام، مخصصين بالذكر دور هيئات الحكم المحلي. كما أثيرت قضية انخراط جهات مجتمعية كاللجان المحلية في المساءلة المجتمعية وانتهاج أشكال عديدة لتحقيق ذلك مثل جلسات الاستماع الفعال، والموازنات التشاركية، والمقروءة، في توجه لتبني نهج التنمية والتخطيط التشاركي، وضرورة الربط بين تدخلات اللجان المحلية للمساءلة المجتمعية وأجندة السياسات الوطنية والخطط الاستراتيجية للوزارات الحكومية والهيئات المحلية لزيادة فاعلية المساءلة المجتمعية.
وخرج المؤتمر بمجموعة من التوصيات على رأسها ضرورة الإسراع في إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية، وضمان دوريتها لتعزيز التعددية السياسية وتحسين فاعلية المساءلة الرسمية والرقابة على أداء السلطة التنفيذية. إضافة إلى ضرورة تفعيل لجنة مواءمة التشريعات والقوانين الفلسطينية مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها دولة فلسطين والتي تم تشكيلها بقرار من رئاسة الوزراء، للمضي قدماً في مواءمة القوانين والتشريعات الفلسطينية لتكون أكثر استجابة لمتطلبات مكافحة الفساد وتعزيز بيئة النزاهة والشفافية والمساءلة في إدارة المال والشأن العام مثل تفعيل قانون مكافحة الفساد في قطاع غزة، وإقرار قانون الحق في الحصول على المعلومات بما يحدد من واجبات المسؤولين والموظفين العامين في تقديم المعلومات والإفصاح عن الاتفاقيات التي توقعها الحكومة، وتطوير القواعد القانونية الناظمة لتضارب المصالح، واستقبال الهدايا والضيافة لموظفين الوظيفة العمومية، بالإضافة إلى العمل بإقرارات الذمة المالية، وتبني سياسات رسمية نحو مأسسة أدوات المشاركة والمساءلة المجتمعية، وتخصيص بند بموازنات البلديات لتبني المبادرات المجتمعية التي تعزز من قدرتها على المساءلة المرتكزة على تحليل تأثير الفساد على إدارة المال والشأن العام والخدمات العامة.
ودعا ائتلاف أمان إلى أهمية توافر الإرادة السياسية والمناخ الديمقراطي الصحيح، ومشاركة المجتمع المدني- بمختلف تخصصاته- وتقوية مؤسساته، والمشاركة الفاعلة لأفراد المجتمع من أجل مكافحة الفساد، وتوعية المجتمع والفئات المستهدفة بمخاطر الفساد وأسبابه وآثاره، مسلطا الضوء على توحيد الجهود للتدقيق الاجتماعي والرصد لممارسات الفساد والتبليغ عنه للجهات المختصة، ومتابعة مدى التزام الجهات الرسمية بملاحقة الفاسدين وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، علاوة على تعزيز استقلال القضاء، واحترام أحكامه وقراراته وتنفيذها دون قيد أو شرط، وإنشاء محاكم خاصة بالفساد.