نشر بتاريخ: 05/01/2019 ( آخر تحديث: 05/01/2019 الساعة: 15:32 )
بيت لحم- محمد أبو حامد- صرح محافظ بيت لحم كامل حميد أنّه تم حديثاً تشكيل لجنة مختصة بتعزيز صمود المواطنين ومواجهة الاستيطان الذي يحيط بمحافظة بيت لحم على المستوى الدولي والدبلوماسي في المحاكم الدولية، مضيفاً أنّه سيتم زيادة عدد أفراد الشرطة في المحافظة إلى 200 عنصر.
وقال إنه سيتم بناء مستشفى متخصص جديد في المحافظة بدعم هندي، مشدداً على أنّ المحافظة تعمل على تطوير الخدمات الصحية المقدمة.
وللحديث أكثر حول الخدمات والبنية التحتية، وأزمة المياه، والخطة المرورية، وتأثير الاستيطان، ودور السياحة، في المحافظة اجرينا هذا الحوار مع المحافظ حميد.
س: في ظل وجود العديد من المواقع الأثرية والدينية في المدينة، ما هي أهم السياسات والاجراءات المتخذة من قبل المحافظة للحفاظ عليها؟
ج: بيت لحم مدينة سياحية تأتي في المرتبة الثانية من بعد القدس، وبالتالي معظم المواطنين والقطاعات الموجودة تعتمد اعتمادا مباشرا على القطاع السياحي والأماكن الأثرية والتاريخية والدينية، فالحياة في المدينة متكيفة في هذا الاتجاه لذا لا بد من أن تحظى هذه المسألة بالأولوية في كل الخطط والتجارب الموجودة.
نحن نسعى إلى تطوير هذا القطاع ومتابعة الأماكن الأثرية والدينية والتاريخية من خلال وزارة السياحة، ونعمل دائماً على رفع مستوى الخدمات المقدمة سواء خدمات البنية التحتية من كهرباء ومياه ومجاري أو خدمات المواصلات والطرق، بالإضافة إلى الحداثة في تطوير التقنيات للتواصل مع المجتمع الدولي ومع المكاتب السياحية، حيث يتطلب ذلك تجاربا في كافة الاتجاهات وخططا لرفع مستوى الأداء الحكومي والأمني بشكل كبير، وتطوير التعامل مع الأجانب وحمايتهم وتوفير الخدمات المميزة لهم بهدف إعطاء صورة إيجابية عن واقع الشعب الفلسطيني.
إن ما ذكرته له علاقة مباشرة بالثقة الدولية بدولة فلسطين وبأجهزتها الأمنية، فالمدينة تستقبل العديد من رؤساء الدول والبرلمانات والوزراء والدبلوماسيين على مدار العام في العديد من المناسبات الدينية، وهذا يتطلب استمرارية في تطوير الأداء والعمل والبرتوكولات المحلية والتنسيق بين مختلف القطاعات، كما ونعمل أيضاً على تطوير العلاقة مع القطاع الخاص والقطاع الفندقي والمطاعم والصناعات التقليدية، بالإضافة إلى تطوير القاعات والمنتزهات.
كل ذلك بحاجة إلى تطوير وادارة وهذا جزء من الخطة التي وضعت لخلق تنمية محلية على مستوى المحافظة، تنعكس بشكل مباشر على المحافظات الاخرى، ويتطلب هذا تعاون مع تلك المحافظات سواء القدس أو أريحا أو الخليل باعتبارها مدن المربع الذهبي السياحي الفلسطيني، بالإضافة إلى التعامل أيضا مع فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948.
س: ما هو دور المحافظة في مواجهة الاستيطان خاصة في الريفيين الشرقي والغربي؟
ج: يحيط الاستيطان بالمحافظة من الجهات الأربعة بشكل دائري ومكثف، وهذا يعني أن أربعة أضعاف مساحة مناطق "أ" او "ب" مهددة بالاستيطان وبذلك أصبحت معظم أراضي بيت لحم تحت التهديد المباشر، فمعظم الأراضي إما اقيم عليها مستوطنات أو طرق استيطانية أو ممنوع البناء فيها بشكل كبير أو مهددة بالمصادرة، فالسوار الاستيطاني الخطير المحيط في المحافظة منع التمدد العمراني والجغرافي والديموغرافي وحتى الخدماتي، الأمر الذي أدى إلى ضيق شديد في داخل المناطق التي تقع تحت السيطرة الفلسطينية.
خلال العشر سنوات القادمة، سوف تواجه المحافظة أزمة خانقة في التمدد العمراني والخدماتي لأن 90% من المساحات المفتوحة مسيطر وتحت تأثير الاستيطان، وهذا يحرمنا من المناطق الزراعية والرعوية ومن مصادر المياه، باعتبار أن مصادر المياه الرئيسية لبيت لحم والخليل والقدس تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، الأمر الذي يضع تطور المحافظة بشكل مباشر تحت السيطرة الإسرائيلية.
كما أن الاستيطان يمنع ويحول دون عمل مسار سياحي على مستوى المحافظة للوصول إلى العديد من المناطق السياحية التي تقع في مناطق "ج"، ولأن الاستيطان خطر حقيقي قمنا حديثاً بتشكيل لجنة لتعزيز صمود المواطنين ولمواجهة الاستيطان على المستوى الدولي والدبلوماسي في المحاكم الدولية وعلى المستوى القانوني والمحاكم الإسرائيلية، ونعمل أيضاً على تعزيز الصمود من خلال الوزارات وتثبيت المواطنين على أراضيهم في هذه المناطق بعدة طرق مختلفة من خلال رفع القضايا وامتلاك كل الأوراق الثبوتية اللازمة من طابو وغيره، كما ونعمل على كل الاتجاهات لنحافظ على ما يمكن الحفاظ عليه في بيت لحم.
س: ما هي خطة المحافظة الاستراتيجية لمواجهة أزمة المياه والمياه العادمة؟
ج: هناك مشكلة حقيقية في موضوع المياه العادمة، فأقل من 60% من المحافظة مخدومين ببنية تحتية من المدن الرئيسية، أما بقية المحافظة وأجزائها غير مخدومة، والمناطق المخدومة بحاجة لتطوير مضخات وشبكات لنقل المجاري والمياه العادمة، وإنشاء محطة تنقية ومعالجة للمياه العادمة لأن هذه المياه تتسرب بين البيوت وتتدفق وتشكل تلوث بيئي كبير.
كما وأن هناك مشكلة في استكمال البنية التحتية لمحطات وشبكات المجاري ومحطات الضخ وإنشاء محطات تنقية ومعالجة، بالإضافة إلى تسويق إنتاج محطة التنقية للتخلص من الضغوطات الإسرائيلية التي تشترط أيضا إشراك المستوطنات في هذا المشروع، الأمر الذي نرفضه ويؤخر وجود المحطة حتى الآن، ولذلك نسعى إلى ايجاد محطة في مناطق تحت السيطرة الفلسطينية، وهذا يتطلب أموال ومضخات أكثر ويعني أن نخسر الانسيابية في حركة مياه المجاري، لأن الانسيابية تعني إنشاء المحطة في مناطق "ج" غير المسموح البناء فيها بسبب الإجراءات والشروط الإسرائيلية ولذلك نضطر إلى إيجاد بديل، البديل مكلف ويحتاج إلى وقت ومضاعفة في الجهد.
مناطق الريف الشرقي والغربي أيضاً غير مخدومة وبحاجة إلى وضع خطة من أجل استكمال إنشاء شبكات للمجاري والمضخات وهذا يحتاج إلى أموال ضخمة تزيد عن مليون دولار.
فيما يتعلق بمياه الشرب، هناك نقص حاد في كميات المياه الموردة إلى المواطن الفلسطيني وخاصة أننا نتحدث عن مدينة سياحية ذات تدفق سياحي كبير والقطاع الصحي بحاجة أيضاً إلى المياه.
دورات المياه دورات طويلة جداً حيث أن المواطن احياناً ينتظر فترة طويلة للحصول على حصته من المياه وهذا يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد والمصانع والحركة السياحية، لذلك نحن نسعى من خلال مؤسسات عديدة إلى زيادة كمية المياه، لأنه من غير المسموح لنا أن نحفر الآبار من دون موافقة الجانب الإسرائيلي ومعظم المناطق الموجود فيها المياه هي مناطق "ج" والجانب الإسرائيلي يأخذ كل هذه المياه إلى القدس والمستوطنات بقوة السلاح ويدفع فيها إلى خارج المحافظة. حيث اننا نضطر إلى شراء كميات من المياه من الجانب الإسرائيلي "مكروت" رغم أنها مياهنا وموجودة على أراضينا والجانب الإسرائيلي يرفض حتى زيادة هذه الكميات.
لدينا مشكلة حقيقة في أزمة المياه وهناك خطوات وخطة لزيادة الكمية ولكن تقف عاجزة أمام الإجراءات الإسرائيلية والرفض الإسرائيلي المتكرر لزيادة الكميات أو إيجاد مصادر للمياه.
س: ما هي أبرز المشاكل التي تواجه القطاع الصحي في المحافظة؟ وما هي الخطوات الممكن اتخاذها لتطوير القطاع الصحي ؟
ج: وضع القطاع الصحي جيد في المحافظة، وخاصة في ظل وجود بعض المستشفيات والخدمات الصحية الخاصة بالإضافة إلى المستشفيات الحكومية، ولكن هناك تحد كبير أمام مستشفى بيت جالا الحكومي باعتباره يعنى بمرضى السرطان، وكون هناك تزايد في أعداد المصابين بالسرطان والأمراض المزمنة، وهناك حاجة ماسة إلى تطوير بعض الأقسام في هذا المستشفى مثل قسم الولادة والمختبرات والمطبخ، وتعتمد المحافظة على تحويل أمراض القلب والقسطرة إلى القطاع الخاص (الجمعية العربية) وهذا يشكل عبئاً على السطلة وعلى القطاع الصحي ونحن بحاجة إلى توفير هذه الخدمات وتطويرها في المستشفيات الحكومية.
وتتميز مدينة بيت لحم أيضاً بوجود مستشفى للأمراض النفسية حيث أنه المستشفى الوحيد على مستوى الوطن، الأمر الذي يشكل ضغطا وعبئا على المحافظة، حيث أن هناك حاجة ماسة إلى الكوادر الطبية والبشرية والمستلزمات والأجهزة، كما وتتميز المحافظة بوجود مستشفى عسكري في طور التطوير وتم تقديم مشروع متكامل لرئيس الوزراء والسيد الرئيس من أجل تطوير هذا المستشفى، كونه المستشفى العسكري الوحيد في الجنوب ويخدم كل من بيت لحم والخليل وأريحا والقدس.
إن المحافظة بحاجة إلى إنشاء مخازن طبية وخاصة لعلاجات معينة حتى لا تطول فترة الانتظار لترحيلها من نابلس أو من شمال الضفة، وهناك خطة لوزارة الصحة لإنشاء مستشفى متخصص جديد بدعم هندي، حيث سيضيف هذا المستشفى إضافة نوعية للمحافظة والخدمات الصحية المقدمة، ولكن إجمالاً هناك تحسن كبير على مستوى الخدمات وخاصة ان بعضها تقدم على مستوى الضفة الغربية بالإضافة إلى الخدمات صحية التي تقدم للمسنين والأطفال مع وجود بعض المؤسسات غير الموجودة إلا في بيت لحم.
س: هل يتناسب عدد أفراد الشرطة الحالي مع عدد سكان المحافظة؟
ج: طبعاً لا يتناسب، ولذلك قدمنا منذ 3 شهور أول خطة عمل للمحافظ الا وهي زيادة عدد افراد الشرطة وتطوير عملها وخاصة الشرطة السياحية وشرطة المرور؛ لأن المحافظة بحاجة كبيرة إلى هذه الخدمات حيث أن هناك موافقة من السيد الرئيس لزيادة عدد أفراد الشرطة إلى 200 عنصر، وبعد هذه الزيادة سيكون هناك قدرة أكبر على توفير خدمات شرطية وأمنية وسياحية للمحافظة.
كما ويوجد حاجة ماسة لنقل مركز الاصلاح والتأهيل الموجود داخل المحافظة، وتم الحصول على موافقة من السيد الرئيس لأن مركز الاصلاح والتأهيل الحالي لا يصلح ونعمل جاهدين أيضاً لإيجاد قطعة أرض بالإضافة إلى بعض المباني الخدماتية لشرطة وأجهزة الأمن بشكل عام، بالإضافة إلى أننا نعكف على إنشاء أول غرفة عمليات مزودة بأحدث الوسائل والكاميرات لتوفير الخدمة المناسبة للسياح والزوار والمواطنين، ومراقبة المسارات السياحية والطبيعية.
س: ما هو الحل الامثل للتخلص من الأزمة المرورية في المدينة؟
ج: الحل الأمثل هو من خلال زيادة عدد أفراد الشرطة وتطبيق خطة المرور التي تم الاتفاق عليها والتي تنقسم إلى قسمين، الأول يتعلق بتكثيف التواجد المروري وحل الإشكالية وتعزيزها من خلال الكاميرات والإشارات الضوئية والمخالفات لغير الملتزمين وإيجاد مواقف للسيارات، هذا بالإضافة إلى ملاحقة السيارات غير القانونية حيث تم إتلاف اكثر من 2000 سيارة خلال الأشهر الأخيرة في المحافظة.
أما القسم الثاني يشمل توسيع الشوارع وإيجاد شوارع التفافية في المدينة وحول المدن الرئيسية، وهناك أيضاً مشروع مدعوم من الحكومة الفرنسية لدعم تطبيق هذه الخطة يحتاج إلى ثلاث سنوات من الآن، حيث تم البدء بعمل الدراسات والتحضيرات اللازمة لتنفيذه.
س: ما هو تقييمك لاداء الاجهزة الامنية خلال فترة اعياد الميلاد ؟
ج: على مدار سنوات عديدة نجحت الأجهزة الأمنية بتأمين وتنظيم هذه الاحتفالات التي كانت تضم العديد من كبار الشخصيات وأعداد ضخمة من المواطنين، كما ونجحت في تنظيم العديد من البرامج الدينية والاستقبالات الرسمية، فبفضل الله كان نجاح كبير ولم يسجل أي اخفاقات أو إشكالات وكانت نسبة النجاح عالية جداً، حيث أنه تم استقبال أكثر من 3 مليون سائح وزائر للمحافظة خلال عام وهذا يعني 10 آلاف زائر ومواطن بسيارات وآليات مختلفة وضمن بروتكولات معينة، الأمر الذي يؤكد أن هناك أداء أمني متقدم ومتميز.
س: ما هي رؤية وتطلعات المحافظة المستقبلية للمدينة؟
ج: يفترض أن تكون المحافظة رافعة للاقتصاد الوطني وللدخل القومي الفلسطيني، فالسياحة اليوم سلعة دولية على مستوى العالم حيث أن الدول تتبارى وتتنافس في استقطاب السياح، ويعتبر هذا معيارا أساسيا لقياس مدى تقدم الدولة وتطورها، وكلما زاد عدد السياح زاد الدخل ونشطت الحركة الاقتصادية، مما يؤثر على زيادة الاعتبار لهذه الدول وإلى أجهزتها.
وبناءً على ذلك، فإن استراتيجياتنا تتركز في المرحلة المقبلة على توفير كل مقومات النجاح للمحافظة كونها ذات طابع ديني وسياحي متميز ومختلف، بحيث أنه لا يوجد لها مثيل على مستوى العالم من ناحية التنوع الديني وتعدد الطوائف، فنحن نسعى دائماً إلى تطوير البنية التحتية وتطوير الخدمات الأمنية والمعلوماتية قدر الامكان.