ترامب: لم يبق في سورية إلا الرمال والموت
نشر بتاريخ: 05/01/2019 ( آخر تحديث: 06/01/2019 الساعة: 00:44 )
بيت لحم-معا- نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، تحليلًا لما اعتبرته أنه رؤية الرئيس دونالد ترامب لعام 2019.
وقالت المجلة في بداية تحليلها الذي نشرته عبر موقعها الإلكتروني إن "الرئيس دونالد ترامب -في تصريحات غير عادية ومرتجلة على ما يبدو- أشار إلى اعتقاده أنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة أن تقاتل في سوريا أو أفغانستان، والتي يبدو أنه ينظر إليها على أنها نزاعات محلية من الأفضل أن يتركها للقوى الإقليمية".
وفي حالة أفغانستان، بحسب المجلة، تجاهل ترامب الحرب التي استمرت عقدين من الزمان ويرى أنه من الأفضل تركها لجيران أفغانستان مثل روسيا وباكستان، وقدّم شهادة غير صحيحة تاريخيًا عن تجربة موسكو في أفغانستان، مقترحًا ألا تتبع الولايات المتحدة مسار الاتحاد السوفييتي السابق باستنزاف مواردها هناك، وفي إشارة إلى الغزو السوفييتي في الفترة من 1979 حتى 1989، قال ترامب: "روسيا كانت قوية فيما سبق في فترة الاتحاد السوفيتي، ومن ثم انهارت وتفككت لتصبح روسيا فقط بسبب إفلاسها بعد محاربتها في أفغانستان".
واستمر ترامب بالقول "إذا نظرت إلى بلدان أخرى، فإن باكستان موجودة هناك. يجب أن تكون هي من تقاتل. السبب في أن روسيا كانت في أفغانستان لأن الإرهابيين كانوا يذهبون إلى روسيا. وكانوا على حق في تواجدهم هناك. ولكن المشكلة أنها كانت معركة صعبة".
وبحسب المجلة، فإن التعليقات التي أدلى بها ترامب وجاءت خلال اجتماع للوزراء بالبيت الأبيض، ألقت الضوء على رؤية ترامب لأفغانستان وشعوره بالإحباط والجمود من ذلك البلد الذي مزقته الحرب، ونفس الشعور مع القادة العسكريين الذين نصحوه بالبقاء والذين من ضمنهم وزير الدفاع المستقيل جيمس ماتيس.
وطلبت الحكومة الأفغانية تفسيرًا بعد تلك التصريحات بشأن غزو الاتحاد السوفيتي السابق لأفغانستان، وقال القصر الرئاسي الأفغاني، إنه تم تقديم طلب التوضيح عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية.
وقال وزير الخارجية الأفغاني صلاح الدين رباني إن الاحتلال السوفيتي كان انتهاكًا خطرًا لسلامة أراضي أفغانستان وسيادتها الوطنية، وإن "أي ادعاء آخر أمر الحقائق التاريخية".
وكشفت تعليقات ترامب أيضًا أن ذاكرة الرئيس التاريخية محدودة وغير متصلة بالواقع، فعلى الرغم من أن الاتحاد السوفيتي السابق قد اُستنزف ماليًا بسبب حملته التي استمرت عشر سنوات في أفغانستان، وانهار بعد عامين فقط، إلا أن هناك العديد من العوامل الأخرى طويلة الأجل التي أدت لزوال الاتحاد السوفييتي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن السوفييتيين لم يقوموا بغزو أفغانستان لأن "الإرهابيين كانوا يذهبون إلى روسيا"، كما قال ترامب، ولكن لأنهم أرادوا دعم الحكومة الدُمية الموالية للشيوعية الموجودة هناك.
والأهم من ذلك، بحسب المجلة، أن الولايات المتحدة غزت أفغانستان بعد هجمات 11 أيلول، لأن الحكومة التي كانت تسيطر عليها طالبان في ذلك الوقت كانت تأوي القاعدة التي هاجمت مركز التجارة العالمي في نيويورك والبنتاغون. وبدأت حركة طالبان الآن في إعادة الانتشار، وخلصت العديد من التقارير الاستخباراتية على مر السنين إلى أن باكستان تدعم حركة طالبان ولا تحاربها.
وتركت تعليقات ترامب أيضًا العديد من المراقبين في واشنطن في حالة فزع، وكتب ديفيد فروم الذي عمل لدى الرئيس جورج دبليو بوش خلال الغزو الأميركي لأفغانستان في أواخر عام 2001: "يبدو الأمر مستحيلًا، لكن هذا صحيح: الرئيس ترامب أيد للتو الغزو السوفييتي لأفغانستان في عام 1979. لمن يعمل ترامب؟".
وتضيف المجلة، أن الرئيس ترامب يبدو أنه ينظر إلى الصراع في سوريا بطريقة مشابهة لأفغانستان، مقترحًا بأن الاستثمار هناك لا يستحق أي دماء أو موارد أميركية. وقال: "سوريا ضاعت منذ زمن ولم يبق فيها إلا الرمال والموت، نحن لا نتحدث عن ثروة طائلة، نحن نتحدث عن الرمال والموت، ولا أريد البقاء في سوريا إلى الأبد".
واقترح ترامب خلال اجتماع مجلس الوزراء -الأربعاء- أنه لن يسحب 2000 جندي أميركي من سوريا على الفور، وقال: "لم أقل أبدًا أننا سنغادر غدًا. نحن ننسحب"، مضيفًا أن ذلك سيحدث "على مدى فترة من الزمن" لأنه يريد حماية المقاتلين الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة في البلاد.
وعلى الرغم من ذلك انتقد ترامب الأكراد، وقال: "إنه أمر مثير للغاية. تركيا لا تحبهم ولكن آخرون يحبونهم، وأنا لم تعجبني حقيقة أنهم يبيعون كمية صغيرة من النفط الخاص بهم إلى إيران، وطلبنا منهم عدم بيعها إلى إيران. الأكراد -المفترض كونهم حلفائنا- يبيعون النفط إلى إيران. نحن لسنا سعداء بذلك. أنا لست سعيدًا بذلك على الإطلاق". وتابع الرئيس الأميركي: "على الرغم من ذلك نريد حماية الأكراد، ولكن لا أريد البقاء في سوريا للأبد".
وانتقد ترامب أيضًا، بحسب المجلة، حلفاءه الأوروبيين لعدم قيامهم بدور أكبر في سوريا والعراق وأفغانستان. وخص بالذكر ألمانيا قائلاً إنها تدفع 1٪" من ناتجها المحلي الإجمالي في النواحي الدفاعية ولكن يجب أن تزيد وتدفع 4٪ وأنه "لا يهتم" بكون الأوروبيين يعارضونه، وشدد على أنه لا يرغب في أن يكون محبوبًا في أوروبا، وأنه "يريد أوروبا أن تدفع" وأنه "لا يهتم بأوروبا".