نشر بتاريخ: 06/01/2019 ( آخر تحديث: 06/01/2019 الساعة: 14:33 )
رام الله - معا - وجه وزير الثقافة ايهاب بسيسو رسالة الى الاديب والكاتب الروائي المناضل عاطف ابو سيف المعتقل في سجون غزة... معنونا الرسالة بـ "الحرية للكاتب الروائي والأديب الوطني التقدمي د.عاطف أبو سيف".
أخي وصديقي عاطف أبو سيف:
هل من يعتقلك اليوم في غزة فكر في قراءة ما كتبت من روايات...؟!
ها نحن نعيد بناء الوقت من روايتنا الخاصة وكم يؤلمني أن نكون قد انزلقنا مع الوقت لنصبح شخصيات مرهقة في رواية المكان، هذا المكان الذي عشقناه حد التشبع، وما زلنا نرويه كما نحبه ونتمناه.
المكان الذي صار روايتنا ونحن الذين نركض على امتداد هذه الخارطة بحثاً عن هوية في المعني ومعنى للهوية.
نعم يا صديقي انزلقنا لنكون روايتنا نحن، نكتب عنا بكل ما نحمله فينا من ألم ورغبة في الخروج من نفق التعب وايدلوجيا الكراهية عل هناك من يقرؤنا فيكتشف معنا حجم الألم والخسارة.
كم هو مؤلم يا صديقي أن تتسلل إلى مساحاتنا اليومية تلك الفكرة في أننا أصبحنا نتقاسم دور الكاتب والشخصيات الروائية في ذات الوقت نكتبنا ونقرؤنا في آن واحد في محاولة للتمرد على حصار الرواية للرواية علنا نزيح العتمة عن صفحات الحكاية نحن الذين اعتدنا أن نبحث في مفردات الزمن عن مقدمات للحكايات فنكتب عنا في الحرب والحصار وفي المنفى وفي البرد والمسافة، وندون قصصنا دون مواربة لنكشف براعة الرواية في أن تكون شاهداً على ما حل بنا وصار احتلالاً ومعاناة.
اليوم يا صديقي نضيف حالة جديدة للرواية، اليوم تنزلق الحكاية يا عاطف لمسار مختلف، ربما هي المفارقة المؤلمة حين نحاول التوازن بين شخصية المؤلف والشخصية في الرواية وأنت الروائي الذي لم يفقد الأمل يوماً بحثاً عن بصيص نجاة ينقذ الرواية من الحريق.
اليوم يا صديقي تتحد شخصيتان في زنزانة، الكاتب والشخصية الروائية. كأنك تحيا المفارقة فيك، وأزعم أنك تفكر كيف يمكن للكاتب أن ينتصر على شخصياته المحتملة لينقذ المدينة من عدم محتمل.
أخي عاطف.
لا كلمات لدي تعبر عن حجم الألم وأنا أتابع عبث الوقت وهو يحيلنا إلى رماد، كأننا نحرق أصابعنا بنا، كأننا نفقدنا في الصخب العدمي.
أخي عاطف.
ونحن تصلنا الأخبار عبر الشاشات من غزة. أتوقف أمام خبر استدعائك أو توقيفك أو اعتقالك - لا تهمني المسميات بقدر ما تؤلمني الفكرة.
هل من يعتقلك اليوم في غزة فكر في قراءة ما كتبت من روايات؟ هل تغلب على ضجر الحارس فيه بقراءة "حياة معلقة" والتي وصلت للقائمة القصيرة النهائية للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) 2015، أو ظلال في الذاكرة وحكاية ليلة سامر وكرة ثلج وحصرم الجنة والحاجة كرستينا؟ ...
وهل يا عاطف تابع ولو بشكل عفوي قراءة مقال من مقالاتك التحليلية في الصحافة؟ ...
ألم أقل لك كم يؤلمني انزلاقنا لنكون شخصيات مرهقة في رواية المكان.
الحرية للصديق الروائي د. عاطف أبو سيف.
(إيهاب بسيسو)
*******
*******
نبذة عن الكاتب الروائي والأديب المناضل د.عاطف أبو سيف وأعماله الأدبية:
-------------------------------
كاتب فلسطيني ولد في مخيم جباليا، غزة، عام 1973 لعائلة هاجرت من مدينة يافا. حصل على بكالوريوس من جامعة بيرزيت وماجستير من جامعة برادفورد في بريطانيا ودكتوراه في العلوم السياسية والاجتماعية من جامعة فلورنسا في إيطاليا. يعمل أستاذاً للعلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة ويرأس تحرير مجلة "سياسات" الصادرة عن معهد السياسات العامة برام الله.
صدر له ست روايات: "ظلال الذاكرة" (1997)، "حكاية ليلة سامر" (1999)، "كرة الثلج" (2000)، "حصرم الجنة" (2003)، "حياة معلقة" (2014) التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية في العام 2015 و"الحاجة كريستينا" (2016). إلى جانب ذلك صدرت له مجموعتان قصصيتان وثلاث مسرحيات ومجموعة من الكتب البحثية في العلوم السياسية. صدرت يومياته خلال العدوان الأخير على غزة 2014 التي كتبها مباشرة باللغة الإنجليزية عن دار نشر كوما في بريطانية بتقديم من الفيلسوف الأمريكي نعوم تشومسكي. روايته "حياة معلقة" قيد الترجمة للإنجليزية والألمانية. يكتب عاطف أبو سيف مقالا أسبوعيا في جريدة الأيام الفلسطينية.
ومؤخرا، حصل الروائي عاطف أبو سيف على جائزة "كتارا" لفئة روايات الفتيان غير المنشورة عن روايته "قارب من يافا"، وذلك في الدورة الرابعة للجائزة في العاصمة القطرية الدوحة،والتي جرت في منتصف تشرين الأول(أكتوبر)الماضي2018.
من جهته، أشار عاطف أبو سيف إلى أن روايته "قارب من يافا" هي أول محاولة له في كتابة رواية للفتيان، لافتاً إلى أن الكاتب يبحث على الدوام عن الشكل المناسب للتعبير عن حكايته، لافتاً في حديثه لـ"أيام الثقافة": من المهم التواجد المستمر للمبدعين الفلسطينيين في المحافل العربية، سواء عبر الفوز بجوائز الرواية العربية المختلفة أو غيرها، وهو ما يعكس ثراء الأدب الفلسطيني، واستمرار نهر هذا الأدب في التدفق، وهذا يعكس أن الحكاية الفلسطينية ما زالت جذابة، خاصة أن على الحكاية الفلسطينية في ظل ازدحام الحكايات العربية ألا تفقد قدرتها بأن تكون ذات معنى بالنسبة للقارئ العربي، كما أن هذا الحضور الثقافي يعكس ثقل البعد الإنساني للحياة في فلسطين .. صحيح أن لدينا في فلسطين قضية وطنية كبرى، لكن قضيتنا بالأساس إنسانية، ومن واجبنا تقديم الحياة الفلسطينية إلى العالم بالقدر الذي نستطيع رغم كل المعيقات، سواء داخل فلسطين أو خارجها .. الأدب الفلسطيني لا يزال يقدم نفسه كل مرة بطريقة متميزة.