نشر بتاريخ: 24/01/2019 ( آخر تحديث: 25/01/2019 الساعة: 00:29 )
رام الله - معا - طالبت منظمة التحرير الفلسطينية دول العالم بالعمل الجاد والمسؤول على اتخاذ إجراءات فورية لتحميل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، المسؤولية الكاملة عن انتهاكاتها المتواصلة لقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ومحاسبتها على جرائمها ضد الأرض والشعب الفلسطيني خدمة للسلام.
جاء ذلك في اجتماع دبلوماسي عقده أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د.صائب عريقات اليوم في مقر المنظمة لممثلي دول العالم في فلسطين، بحضور وزير شؤون القدس عدنان الحسيني ورئيس دائرة شؤون اللاجئين د.أحمد أبو هولي، وعائلة محمد الصباغ وعائلة عارف حمّاد من العائلات المهددة بالاخلاء القسري، والمحامي حسني أبو حسين رئيس مجموعة المحامين المسؤولة عن متابعة ملف عائلة الصباغ والعائلات الأخرى، وزكريا عودة المدير التنفيذي لاتحاد الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينين في القدس، ومؤسسات المجتمع المدني في القدس. وجرى الاجتماع بهدف إطلاع الدول على الهجمة التي تشنها سلطات الاحتلال على الأرض والحقوق الفلسطينية ومحاولات إخلاء السكان الفلسطينين قسراً من منازلهم، ونية إسرائيل إغلاق مرافق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في القدس.
واستهل عريقات الاجتماع بإطلاع الدبلوماسيين على آخر المستجدات السياسية على الساحة الفلسطينية والدولية، وتحدث عن سياسة إسرائيل المتبعة في عمليات الإخلاء القسري وأثرها على الشعب الفلسطيني في القدس المحتلة بشكل عام، وبشكل خاص في الشيخ جراح في ظل التصعيد الأخير الذي يهدد وجود عائلة الصباغ، وذلك في إطار محاولات تهويد مدينة القدس وفرض المشروع الإسرائيلي "القدس الكبرى". وقال: "على مدى العقود الخمسة الماضية، استهدفت إسرائيل الأحياء الفلسطينية ذات الكثافة السكانية العالية في القدس المحتلة بشكل متواصل لتحقيق هدف استراتيجي لمشروعها الاستعماري في المدينة في خلق أغلبية يهودية على حساب سكانها الفلسطينيين الأصليين، وفصل القدس عن محيطها وعن الضفة الغربية".
وأكد عريقات أن القضاء الإسرائيلي متواطئ في الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية، مشيراً إلى أن حكومة الاحتلال تقوم والمستوطنين، الذين يتلقون الكثير من الدعم المالي من منظمات "خيرية" أوروبية وأمريكية، ببذل جهود مكثفة لإجلاء الفلسطينيين قسراً والاستيلاء على ممتلكاتهم لبناء المزيد من المستوطنات في العاصمة الفلسطينية المحتلة".
وفي هذا الإطار، تحدث وزير شؤون القدس عدنان الحسيني حول واقع مدينة القدس تحت الاحتلال واستهدافها من قبل سلطات الاحتلال بشكل خاص، وتركيز الخطط الاستيطانية الاستعمارية فيها لتفريغها من سكانها الأصليين، واستهداف حي الشيخ جراح تحديداً. وقال: " تحاول إسرائيل خلق حلقة استعمارية تحيط بالبلدة القديمة في القدس المحتلة تفصلها عن الأحياء الفلسطينية في الجزء الشمالي من القدس الشرقية، وتعزلها عن باقي الضفة الغربية، بالإضافة إلى مواصلة مشروعها الإستيطاني الإستعماري على حساب حقوق الفلسطينيين وأراضيهم وحياتهم ومستقبلهم، لطردهم بالقوة وإحلال المستوطنين بدلاً عنهم".
وأضاف: "نجحت سلطات الاحتلال بالفعل في إنشاء العديد من المستوطنات والمنشآت الاستعمارية الإسرائيلية بما في ذلك مقر الشرطة المركزية الإسرائيلية وشرطة الحدود، والعديد من المباني الحكومية الإسرائيلية، والمستوطنة الجديدة. وتقوم خطة إسرائيل الاستعمارية لكرم الجاعوني في الشيخ جراح على تهجير سكانها الفلسطينيين بالقوة، واستبدالهم بالمستوطنين في مستوطنة غير قانونية جديدة أخرى (شمعون هصديق). كما تستهدف خطط الاستيطان الحالية الأخرى في الشيخ جراح كرم المفتي وكوبانية إم هارون وتهدد مصير سكانها الفلسطينيين".
من جهته أكد المحامي حسني أبو حسين: " أن المعركة القضائية التي بدأت في الشيخ جراح من الوقت الذي تم فيه تسجيل الأرض للجمعيات الاستطانية منذ عام 1972 لا تزال قائمة ومستمرة على الأرض وتهدد جميع السكان في المنطقة"، مشيراً إلى عدم اعتراف أنقرة بوجود الوثيقة في أرشيفها والتي تدّعي فيها الجمعية الاستيطانية ملكيتها للأرض.
وتابع: "بموجب اتفاقية بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" وحكومة الأردن، قاموا ببناء منازل في كرم الجاعوني لعدة عائلات فلسطينية لاجئة بعد نكبة 1948. وفي أعقاب حرب 1967 والضم غير الشرعي للقدس الشرقية ، سيطر ما يدعى بحارس أملاك الغائبين الإسرائيلي على الشيخ جراح ، بما في ذلك كرم الجاعوني. ومنذ ذلك الحين ، دخلت العائلات في معارك قانونية عقيمة مع السلطات الإسرائيلية ومنظمات المستوطنين.وحتى الآن قامت إسرائيل بإجلاء ثلاث عائلات في كرم الجاعوني، وهي عائلات الكرد والغاوي وحنون.
هذا وتشير أرقام مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "UNOCHA" أن خطر الإخلاء يتهدد 26 عائلة فلسطينية في كرم الجاعوني، بما يشمل 104 أشخاص، منهم 30 طفلاً.
ووجه المواطن المقدسي المهددة عائلته بالإخلاء محمد الصباغ رسالة إلى ممثلي الدول تقضي بضرورة التحرك العاجل من قبل المجتمع الدولي للجم ممارسات الاحتلال العنصرية بحقهم، وقال: "لا نريد أن نصبح لاجئين للمرة الثانية، فقد تهجرنا من يافا وأصبحنا لاجئين المرة الأولى في العام 1948، وهو أمر مؤلم جداً، في هذا المكان تعيش أحلامنا وذكرياتنا وذكريات أطفالنا وأحفادنا، لا يوجد قانون في العالم يجيز خروجنا من المكان الوحيد الذي نعيش فيه منذ 62 عاماً".
في نفس السياق، أكد زكريا عودة أن المطلوب اليوم من المجتمع الدولي يتجاوز البيانات اللفظية وإصدار الإدانات إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لمحاسبة الاحتلال على أفعاله المنافية للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة، مشيراً إلى أن ما يحصل في الشيخ جراح ما هو إلا صورة مصغرة عن الإنتهاكات التي تمارسها سلطة الاحتلال في كل القدس، مضيفاً أن الاحتلال سوف يترسخ في القدس وبقية فلسطين وستتواصل الخطط الاستعمارية طالما يسمح المجتمع الدولي بإفلات إسرائيل من العقاب.
وفي الجزء الآخر من اللقاء، ركز عضو اللجنة التنفيذية أحمد أبو هولي على استهداف سلطات الإحتلال للمنظمة الدولية "الأونروا" وخاصة في القدس تمهيداً لتصفية قضية اللاجئين وإعادة تعريفها بقرار سياسي وضوء أخضر من قبل إدارة ترامب، وفي خضم حملة انتخابية إسرائيلية محمومة. وقال: "قطعت الإدارة الأمريكية الأموال عن وكالة الأونروا والشعب الفلسطيني والمؤسسات الفلسطينية كأداة للابتزاز السياسي، لكن المجتمع الدولي أدرك خطر تدمير الشرعية الدولية ومؤسساتها، وساهم بشكل كبير في سد العجز المالي الذي خلّفته الإدارة الأمريكية وتخفيض العجز من 446 مليون دولار إلى 21 مليون دولار"، وشكر الدول على دعمها للأونروا مؤكداً أن التحدي الأكبر الذي يواجهه المجتمع الدولي اليوم هو استمرارية تفويض الأونروا في أيلول القادم" مطالباً الدول بتقديم الدعم وتجديد التفويض الدولي لها.
وأطلع أبو هولي الممثلين على لقاءاته مع وكالة "الأونروا"، مشدداً أنها لم تتلق أي بلاغ رسمي بإغلاق مرافق الأونروا في القدس، مشيراً إلى الاتفاقية الثنائية الموقعة بين إسرائيل و"الأونروا" التي تقضي بحماية منشآت الأونروا في المناطق ضمن سيطرتها وتسهيل مهمة "الأونروا"، وذكّر بأن إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، هي طرف بمعاهدة امتيازات وحصانة الأمم المتحدة للعام 1946 والتي تحمي حق الأمم المتحدة القيام بمهماتها من دون أي تدخل. وحذر المجتمع الدولي من الآثار التي قد تترتب على القرار الإسرائيلي غير المسؤول، مضيفاً أن إغلاق مرافق الأونروا وتحديداً إخراج أكثر من 500 ألف طالب فلسطيني يدرسون في مدارس الأونروا من مدارسهم سيفتح المنطقة على احتمالات لا ترضي أي طرف من الأطراف.