الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

"معاريف" : مصيدة موت في مستنقع رملي بن كاسبيت

نشر بتاريخ: 03/03/2008 ( آخر تحديث: 03/03/2008 الساعة: 21:18 )
باراك ليس مسرورا مما يسمعه طوال الوقت من اولمرت ، فرئيس الوزراء يعارض كل شيء في البداية ويقوم بالتأجيل والتسويف ، ومن ثم ، وبعد ان يمر وقت طويل جدا ، يصادق ويسجل الخطوة باسمه.

باراك يترك اولمرت ليقوم بحيلة ومغامراته وحبكاته إلا انه سيمل المسألة في وقت ما ، في هذا الاسبوع عندما سمع باراك التصريحات الوارده عن بطانة اولمرت رفع حاجبيه استغرابا وقال لاعوانه ان اولمرت احتاج مدة طويلة ليدرك انه في حالة حرب في الصيف الماضي ، والان عندما يصرح اولمرت ان هناك حرب فهذه ليست حربا ، اتباع باراك يقولون ان هذه المسألة تتطلب من الشخص ان يفهم ماذا تعني الحرب.

اولمرت على ما يبدو لا يفهم المسألة على علاتها بعد ، فباراك يقول ان العملية العسكرية قد تحدث رغم ما تطلقه بطانة اولمرت من تصريحات ، ومن يقول ان العملية لن تحدث يفعل ذلك على مسؤوليته ، لأن تواصل التصعيد من قبل حماس يقرب العملية شيئا فشيئا.

هذه العملية تقترب اذن ولكنها لم تصل بعد ، لماذا؟ لأن الجميع تقريبا يعرفون انها لن تجلب الحل الحقيقي ، الوضع مركب ومعطياته موضوعه وهي تنزف دما امام ارجلنا. المجلس الوزاري المصغر لا يجتمع لأنه قد اجتمع وانفض وسمع ورأى وادرك ما هي خطط الجيش في هذا الصدد ، ليس هناك ما يمكن تجديده هنا. لنفترض ان العملية ستحدث ، وأن حماس ستزيد من وتيرة النيران في مراحلها الاولى ، وقدرتها على اطلاق الصواريخ وصلت في هذا الاسبوع الى معدلات "حزبلاوية" ، 50 صاروخ قسام في اليوم ، ولديهم سلاح آخر ذو مدى اطول. الان اصبح مليون اسرائيلي ، بمن فيهم آفي ديختر ، في مدى صواريخ الغراد والكاتيوشا ، فهل يذكركم ذلك بشيء ما؟

اذن ، عندما يكون الجيش الاسرائيلي في مناطق الاطلاق في الشمال وعلى محور فيلادلفيا في الجنوب وتواصل الصواريخ سقوطها سنضطر للتوغل اكثر فأكثر ، هذا ايضا يذكرنا بشيء ما ، بتر القطاع الى ثلاثة اقسام ومحاصرة المطلوبين ووضع اليد على الوسائل القتالية ، وماذا بعد؟ هل سنبقى هناك ام نخرج؟ ليس هناك من يريد البقاء او يقدر عليه ، هذه مصيدة موت في مستنقع رملي من النوع الذي ادى الى انفراط الاتحاد السوفياتي في افغانستان والولايات المتحدة في فيتنام ، واضافة لكل ذلك سنضطر الى اطعامهم ومعالجتهم وتعليمهم وازالة القمامة لمليون ونصف غزاوي ، فمن يحتاج كل ذلك؟ وهل سنخرج من هناك بعد العملية؟ ومن الذي سنسلمه المفاتيح؟

هذا ما يعكف الجيش الاسرائيلي الان على اعداده والتفكير فيه: استراتيجية للخروج ، فالعملية ذاتها اصبحت جاهزة منذ زمن ، فهل سيكون الحل بجلب قوات دولية؟ وهل سينجحون في الامساك بزمام الامور في ظل ما نراه الان في جنوب لبنان؟ اعادة ابو مازن؟ هذه نكته ممتازة ، رجال شرطة فلسطينيون يسيرون نحو رفح تحت حماية بنادق الجيش الاسرائيلي ، باختصار ليس هناك حل.

أخيرا ، وبعد ان ندفن العشرات ، وربما اكثر ، من المقاتلين الشبان سنخرج من هناك مع هذه الوصمة او تلك ، والعملية السياسية ستتوقف وانابوليس ، التي كانت صرعة اعلامية من البداية ، ستذوي وتتلاشى ، ومكانة اسرائيل الدولية ستعود الى الحضيض وسيلقون علينا باللائمة عما يحدث ، وبعد الجنازات والقصف والقذائف العشوائية التي ستقتل عددا لا يحصى من الابرياء ، بعد كل ذلك ستعود صواريخ القسام الى الانهمار بعد ربع ساعة من خروجنا ، بصورة اشد عنفا ونحن في انتظار نتائج لجنة التحقيق.